لا مفسدة في الدنيا توازي مفسدة إماتة النفس
ذكر ابن العربي المالكي-رحمه الله-
في(أحكام القران)(4\1912)فقال:
((حضر عندي يوماً في مَحرَس ابن الشَواء-بالثغر موضع تدريسي- عند صلاة الظهر،ودخل المسجد من المحرس المذكور،-الإمام الطرطرشي-فتقدم إلى الصف الأول وأنا في مؤخره قاعد على طاقات البحر أتنسم الريح من شدة الحر،
ومعي في صف واحد أبو ثمنة رئيس البحر وقائده مع نفر من اصحابه ينتظر الصلاة ويتطلع على مراكب المنار،
فلما رفع الشيخ الفهري يديه في الركوع وفي رفع الرأس منه؛
قال أبو ثمنة وأصحابه:
الا ترون إلى هذا المشرقي كيف دخل مسجدنا؟؟
قوموا إليه فاقتلوه وارموا به في البحر فلا يراكم أحد.
فطار قلبي من بين جوانحي،وقلت:
سبحان الله!!
هذا الطُرطُوشي فقيه الوقت!!
فقالوا لي:
ولم يرفعُ يديه؟؟؟
فقلت:
كذلك كان النبي-صلى الله عليه وسلم-يفعل،
وهو مذهب مالك في رواية أهل المدينة عنه
وجعلتُ أسكنهم وأسكتهم
حتى فرغ من صلاته،وقمتُ معه إلى المسكن من المحرس،ورأى تغير وجهي فأنكره،وسألني فاعلمته فضحك وقال:
ومن أين لي أن أقتل على سنة؟؟
فقلتُ له:
ويحل لك هذا؛
فإنك بين قوم إن قُمتَ بها قاموا عليك،وربما ذهب دمك؟؟!!
فقال:دع هذا الكلام وخذ في غيره)).
قال الشاطبي على إثرها:
((فتأملوا هذه القصة ففيها الشفاء،
إذ لا مفسدة في الدنيا توازي مفسدة إماتة النفس،
وقد حصلت النسبة على البدعة،
ولكن الطرطوشي-رحمه الله- لم ير ذلك شيئاً
فكلامه للاتباع اولى من كلام هذا الراد،
إذ بينهما في العلم ما بينهما)).
المصدر:
سبيل الرشاد في هدي خير العباد
(223)الجزء الثالث
الحديدي
تعليق