ثناء جديد من العلامة اللحيدان على أخيه العلامة ربيع
ومعه الجواب: على من زعم أن الشيخ ربيعاً يقول: كل من تكلم في مسألة العذر بالجهل فهو حدادي متستر.
ومعه الجواب: على من زعم أن الشيخ ربيعاً يقول: كل من تكلم في مسألة العذر بالجهل فهو حدادي متستر.
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد قرأت واستمعت لثناء وذب العلامة الشيخ صالح اللحيدان على أخيه العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي –حفظهما الله –
حيث كان كلام الشيخ صالح اللحيدان إجابة على سؤال أُلقي عليه، وهذا نصه.
[[السائل: الشيخ ربيع يقول كل من تكلم في مسألة العذر بالجهل فهو حدادي متستر
الشيخ صالح اللحيدان :لا يا أخي لا, كل يؤخذ من قوله و يترك, ربيع هادي رجل فيه خير و طيب لكن أي واحد منا كلامه ماهو كلام نبي معصوم ...]]اهـ.
لتحميل المقطع الصوتي لفضيلة الشيخ صالح اللحيدان من هنا:
أقول: جزى الله فضيلة الشيخ العلامة/ صالح اللحيدان خيراً بذبة وثنائه على من هو أهل لذلك من أهل العلم ألا وهو أخيه فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي.
فقد قال الشيخ صالح اللحيدان في ثنائه السابق عن الشيخ ربيع بن هادي:
1_ رجل فيه خير.
2 – طيب.
ثم بين الشيخ صالح اللحيدان أن الشيخ ربيعاً عالم مثله مثل بقية العلماء وليس بمعصوم.
وقد أثنى الشيخ صالح وذب عن أخيه الشيخ ربيع، ورد على الذين يتكلمون فيه وقال: [[لا شك أن هذا ظلم وعدوان. لا نعرف عن الشيخ ربيع مخالفة للشريعة، ولا نعرف أن أحدا من العلماء المعروفين يُحَذِرون .وأما إذا اختلف طالب علم مع طالب علم آخر، فلا يعترض بتحقير أحدهما من الثاني ؛ لأن لا يخلو من أهل العلم من نزاع، يشبه ما يكون بين اثنين، ولا يُقبل قول هذا بهذا، إلا إذا أقيم دليل على المخالفة. وأنا لا أعرف للشيخ ربيع مخالفة للشريعة، أعرف أنه من أهل السنة وأعرف أنه على العقيدة الصحيحة ، هذا الذي يظهر لي، وبلغني عنه .والمجاسرة في انتقاد أهل العلم، والسعي في تجريحهم، والتحذير منهم؛ لا يعود على المسلمين بخير، وإنما يكون من أسباب التفرق والفرقة، وهذا شر لا خير فيه.فنسأل الله أن يهدي الجميع سواء السبيل، وأن يَعمُر القلوب بالتحابب .وقد قال سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - : (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا ) . فنسأل الله أن يعمر قلوبنا جميعا للتحابب!. أهـ ]].
وقال الشيخ صالح –حفظه الله-:[[ الشيخ ربيع صاحب عقيدة سلفية، فعقيدته حسب ما أعرف عقيدته صحيحة، ولا يدافع عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه - إلا من هو أهل لأن يحسن به الظن، الشيخ من المتخرجين من الجامعة الإسلامية بالمدينة، والدارسين فيها في عهد سماحة شيخنا -رحمة الله عليه - الشيخ عبد العزيز بن باز، وهو نشط في الرد على كثير من الناس، فهو من أهل العلم، ومن أهل العقيدة الصحيحة، ومادام أنه يدافع عن شيخ الإسلام هذا الكتاب جدير أن يقرأ ] اهـ . ]].
وقال الشيخ صالح –حفظه الله-:[[وبالنسبة للشيخ ناصر الدين الألباني والشيخ ربيع هادي مدخلي فإنني لا أعرف عنهم إلا أنهم من أهل السنة وليسوا من أهل الإرجاء . . . ]].
وقال الشيخ صالح عن الشيخ ربيع –حفظهما الله-:
[[لا شك أنه من أهل العلم ، وهو من تلامذة الشيخ عبد العزيز - رحمةُ الله عليه شيخنا الشيخ عبد العزيز – في المدينة وكان من الأساتذة في جامعة المدينة، ولا أعرف عنه انحرافاً لا في عقيدة ولا في أخلاق بل ظني فيه حسن، ومن أهل الخير، ومن المكافحين لدعاة الفتنة، ثم إني أنصح الشباب أن يتجنَّبوا الوقيعة في أهل العلم، و يَكُفُّوا ألسنتهم ، وأن يحرصوا على تقويم أنفسهم. ثم إذا رأوا أنَّ في أحد – فيما يظنون عيباً – فليُفتِّشوا أنفسهم، ولينظروا فيها، فما وجدوا من عيوب يَحرصون على إصلاحها . إذا شئت أن تبقى سليما من الأذى *** و دينك موفور وعرضك صيِّنلسانك لا تذكر به عورة امرىء *** هذا إذا وُجدت العورة أما أنْ تُلتَمس للناس عورات ، أو يُسْمَع عنها ثم تُضَخَّم ثم يُدعى إليها فهذا ليس من الإصلاح في البلاد ولا من العمل الصالح .نصيحتي لطلبة العلم عموماً أن لا يكونوا جريئين لا على الحكام ولا على العلماء . وإذا علموا عن أحدٍ بأنَّ فيه عيباً وتأكَّدوا ذلك العيب ، وأنه عيبٌ لا يَحِلُّ حصوله فلْيَتَطوَّعوا ليُبلِّغوا ذلك الشخص ، إذا علموا العيب وعرفوا الدليل الذي يدل على أنَّ ذلك الأمر منكر ...ليتذكَّروا وليقرؤوا سورة النور وما فيها من ذم الذين يخوضون بألسنتهم دون أن يتحقَّقوا العلم" ]]اهـ. [المرجع لهذه النقول عن الشيخ صالح الحيدان/ مقالي المنشور في شبكة سحاب السلفية بعنوان: مجموع دفاع وثناء: فضيلة الشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان -حفظه الله- رئيس مجلس القضاء الأعلى - عضو هيئة كبار العلماء – على الشيخ العلامة/ ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله- رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية سابقاً-].
فأقول: لمن حاول أن يستغل كلام فضيلة الشيخ صالح اللحيدان وأراد أن يجعل من هذا الذب و الثناء طعناً في العلامة ربيع ومنهجه السلفي وحاول أن يشغب عليه وعلى السلفيين بمسألة العذر بالجهل.
أقول له: إن الشيخ ربيعاً يسير في مسألة العذر بالجهل وغيرها من المسائل على طريقة من سبقه من أهل العلم.
فمسألة العذر بالجهل قد سبق القول بما ذكره الشيخ ربيع من تفصيل وحجج وبراهين علماء أجلاء على رأسهم ابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم فالشيخ ربيع يسير في ركبهم وعلى نهجهم ولم يأت بجديد من عنده.
وهذا ما يقرره الشيخ ربيع في كتبه ودروسه لكنه ينصح الشباب أن يتركوا هذه القضية وألا يخوضوا فيها.
بل إن الشيخ ربيعاً عندما سؤل حول العذر بالجهل؟
قال: هذه المسألة ؛مسألة العذر بالجهل أو عدم العذر يركض من ورائها أناس أهل فتنة! ويريدون تفريق السلفيين وضرب بعضهم ببعض!
وعندما اتصل به أحد الإخوة وقال له: إن هنا في الطائف خمسين شاباً كلهم يكفرون الألباني ! لماذا ؟ لأنه لا يكفِّر القبوريين ويعذرهم بالجهل !!
فأجابه الشيخ ربيع بما نصه:[[ طيب ,هؤلاء يكفرون ابن تيمية وابن القيم وكثير من السلف؛لأنهم يعذرون بالجهل وعندهم أدلة منها: [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا]،(الإسراء:15)ونصوص أخرى فيها الدلالة الواضحة ,ومنها : [وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا]،(النساء:15).
[وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ]،(التوبة:115). ونصوص أخرى تدل على أنّ المسلم لا يكفر بشيء من الكفر وقع فيه ,نقول : وقع في الكفر ؛هذا كفر وقع فيه عن جهل مثلاً فلا نُكْفِّره حتى نبين له الحجة ونقيم عليه الحجة فإذا عاند كفرناه .
وهذا القول عليه عدد من أئمة العلماء في نجد ، وبعضهم قد يختلف كلامه ، مرة يشترط إقامة الحجة ومرة يقول : لا يعذر بالجهل ! فيتعلق أناس بأقوال من لا يعذر بالجهل ويهمل النصوص الواضحة في اشتراط قيام الحجة وأنه لا يكفَّر المسلم الذي وقع في مكفِّر حتى تقام عليه الحجة ومنهم ما ذكرته لكم عن الإمام الشافعي -رحمه الله- والنصوص التي ذكرتها لكم.
كنت أعرف شيخاً فاضلاً لا يعذر بالجهل, ونحن ندرس في سامطة وزارنا هذا الشيخ ويحمل هذه الفكرة ! لكنه ما كان يثير الفتن ولا يناقش ولا يجادل ولا يضلل من يعذر بالجهل، وعشنا نحن وإياه أصدقاء قرابة أربعين سنة ! وقد مات من عهد قريب رحمه الله .
وجلست مرة في أحد المجالس وواحد يقرر عدم العذر بالجهل ! فذكرت له هذه الأدلة وذكرت له : أن علماء في نجد يعرف بعضهم بعضاً ,بعضهم يعذر بالجهل وبعضهم لا يعذر وهم متآخون ليس هناك خلافات ولا خصومات ولا إشاعات ولا ,ولا ... فسكت ولم يجادل؛ لأنه لا يريد الفتن.
فنحن نعرف أن الخلاف هذا واقع في نجد بين بعض المشايخ وغيرهم لكن لاخصومة ولاتضليل ولا حرب ولا فتن ,وإنما هذه طريقة الحدادية يا إخوان ! الفئة الحدادية الماكرة الضالة أنشئت لإثارة الفتن بين أهل السنة وضرب بعضهم ببعض! وهم تكفيريون متسترون ! وعندهم بلايا أخرى يمكن غير التكفير ويستخدمون أخبث أنواع التقية ستراً على منهجهم الخبيث وأغراضهم الفاسدة .
وأنا رأيت شاباً تأثر بهذا المنهج ! وكان يحمل كتاباً فيه أقوال منتقاة في عدم العذر بالجهل ويتنقل ما بين الرياض والطائف ومكة والمدينة وإلى آخره ! كان عندنا، ويدرس عندنا ثم ما شعرنا إلا وهو يحمل هذا الفكر بهذه الطريقة ! فناقشته مراراً وبينت له منهج شيخ الإسلام ابن تيمية ومنهج السلف والأدلة وهو يجادل ! قلت له : من إمامك ؟ قال : فلان وفلان بحثت فوجدت -والله- عندهم أقوال متضاربة مرة يعذر بالجهل ومرة لا يعذر بالجهل ! قال لي : معي فلان ,قلت له : فلان هذا كلامه -قد أعددته له - هذا فلان هنا يعذر بالجهل ويشترط إقامة الحجة ! قال : لا ,أنا مع ابن القيم ! قلت له : ابن القيم من زمان رفضته أنت ! ابن القيم يشترط إقامة الحجة فبُهت ,لكنه مصر على ضلاله ! فعاند وطرد من هذه البلاد ثم رجع ! وفي مناقشاتي له قلت له : قوم كفار في جزيرة من الجزر ؛في إحدى جزر بريطانيا أو جزر المحيط الهادي أو غيرها ما أتاهم أحد من السلفيين وجاءهم جماعة التبليغ وعلموهم وقالوا : هذا الإسلام ؛فيه خرافات ,فيه بدع، فيه شركيات ، فيه ضلالات ، وفيه وفيه ..، قالوا لهم :هذا الإسلام ,فقبلوه وتقربوا إلى الله ويعبدون الله على هذا الدين الذي يسمى الإسلام , تُكفرهم أنت أو تُبين لهم وتُقيم عليهم الحجة ؟ قال : هم كفار ولا يشترط إقامة الحجة ! قلت له : اذهب إلى الجزائر فأنت أشد من هؤلاء الثوار الآن ! أنت أشد تكفيراً منهم ! اذهب عندهم ليس لك مجال في هذه البلاد .
مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في هذا قائم على الحجج والبراهين وهو مذهب السلف إن شاء الله ,ومن تبنى واقتنع بغير هذا وسكت ما لنا شغل فيه ,لكن يذهب يثير الفتن ويُضلل ويُكفر فلا ,لا -والله- لا يُسكت عنه.
وأنصح الشباب أن يتركوا هذه القضية , لأنها وسيلة من وسائل أهل الشر والفتن يبثونها بين المسلمين!
طيب ,مرّ عليكم دهور من عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى وقتنا هذا ليس هناك صراعات بينهم في القضية هذه أبداً ؛الذي اجتهد ورأى هذا المذهب سكت ومشى, قرره في كتابه ونشره فقط ومشى، والذي يخالفه مشى؛كلهم إخوة ليس بينهم خلافات ولا خصومات ولا أحد يضلل أحداً ولا يكفِّره ,أما هؤلاء يُكفِّرون !
انظروا ! توصلوا به إلى تكفِّير أئمة الإسلام مما يدلك على خبث طواياهم وسوء مقاصدهم.
فأنا أنصح الشباب السلفي ألا يخوضوا في هذا الأمر.
والمذهب الراجح اشتراط قيام الحجة, وإذا ما ترجح له فعليه أن يسكت ويحترم إخوانه الآخرين فلا يضللهم؛ لأنهم عندهم حق وعندهم كتاب الله وعندهم سنة رسول الله وعندهم منهج السلف، والذي يريد أن يُكفِّر يُكفِّر السلف! يُكفِّر ابن تيمية وابن عبد الوهاب أيضاً! الإمام محمد بن عبد الوهاب قال : نحن لا نُكفِّر الذين يطوفون حول القبور ويعبدونها حتى نقيم عليهم الحجة؛ لأنهم لم يجدوا من يبين لهم ]]اهـ. المرجع/[فتاوى فضيلة الشيخ ربيع المجلد الرابع عشر/(الحلقة الثالثة)ص/309إلى ص/312](1).
وهذه أسئلة أخرى حول العذر بالجهل أجاب عليها الشيخ ربيع:
· السؤال: هل يُعذر بالجهل من وقع في ناقض من نواقض الإسلام ؟
[فتاوى في العقيدة والـمنهج (الحـلـقة الأولى]
(موقع الشيخ على الإنترنت (فتوى رقم :44)
· الجواب : إذا كان في بلاد المسلمين والإسلام ظاهر فهذا لا يُعذر ,أما إنسان ما بلغته الدعوة أو يسكن في بلد غلب على أهله الشركيات والبدع فهذا يُعذر بالجهل إلى أن تقام عليه الحجة ويُبيَّن له لأنّ الله عزّ وجلّ قال:[ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ]
(الأنعام:19)، [وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا]،(النساء:15).
فكثير من أئمة السلف ومن أجلّهم وأعظمهم ابن تيمية رحمه الله يرى العذر بالجهل
حتى في الشركيات والكفريات إذا كان يجهل ؛وقع في الشرك أو وقع في الكفر وهو يجهل أنّ هذا شرك أو كفر ولم يبلغه من العلم ونصوص الشريعة ما يبين له أنّ هذا شرك أو كفر فهذا يُعذَر .
يعني يترك الصلاة مثلا : هذا عند جمهور الصحابة وجمهور أهل الحديث كافر، وهذا ناقض من نواقض الإسلام ,عند من يُكفر تارك الصلاة، لكن ما بلغته الدعوة بوجوب الصلاة أو بوجوب الصيام أو غيرهما؛ أسلم ولم يبلِّغه أحد ، أحبّ الإسلام ودخل فيه لكن لم يبلغه أنّ هذا ركن من أركان الإسلام وأنّه من الواجبات فهذا يُعذَر ويُبيَّن له الحقّ ، فإن أصرّ على إنكار الصلاة وأنّها ليست من الإسلام فهو كافر مرتدّ.(2).
· السؤال : فضيلة الشيخ : ماهو ضابط العذر بالجهل ؟
[فتاوى في العقيدة والـمنهج (الحـلقة الأولـى]
[موقع الشيخ على الإنترنت (فتوى رقم :45]
· الجواب :
الجاهل هو الذي لم تبلغه الحجّة، إما أن يكون حديث عهد بالإسلام وترك عملاً من الأعمال من أركان الإسلام وغيره؛ لأنه لم يتعلم إلى الآن الإسلام ,هذا مثلا لو أسلم وما اعتقد وجوب الزكاة أو الحج أو ما شاكل ذلك لأنه ما بلغه أيّ نص ولا علمه المسلمون ؛هذا يُعذر بالجهل .
أو كان في بلد ناءٍ عن بلاد العلم والإسلام والعبادة والتوحيد وما شاكل ذلك، يعيش في غابة من الغابات في أوساط إفريقيا أو في بلاد ما وراء الهند ,بلاد الجهل والضياع والضلال ,فهذا قد يُعذر بالجهل في بعض الأشياء التي لم تبلغه ,إذا قصّر فيها لا نكفِّره ، نعلمه ونبين له ؛نقول له : أنت لماذا لا تزكِّي ؟ لماذا لا تحج ؟ يقول : ليس واجب علي نقول له : بلى ,يجب عليك والدليل كذا وكذا ,فهذا قبل أن تبلغه الحجة جاء جاهلا ويُعذَر بجهله .
أما الذي يعيش في ديار الإسلام وفي أوساط أهل العلم والدين والخير ,هذا لا يُعذَر لأنهفي الغالب يكون مُعْرِضًا ؛لا يريد الحقّ.
أهل الفترة والمجانين والصبيان والذين لم تبلغهم الحجّة كلهم معذورون ويمتحنون يوم القيامة ؛لا نُكفرهم ولا يُدْخِلهم الله النار إلاّ بعد أن يبعث إليهم رسولا يختبرهم ,يقول لهم : أدخلوا النار ,فمن استعدّ لدخول النار هذا آمن وصدّق و نجا ,ومن أبى وردّ رسالة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل النار ,ثم يأتي بعد ذلك أهل الفترة فيقولون : ما جاءنا من نذير ويأتي المعتوه يقول : أنا كنت أُقذَف في الشوارع ؛يقذفني الصبيان في الأزقّة ولم أكن أعقل ولم يكن عندي عقل ,هذا لا يكلفه ربنا سبحانه وتعالى.
الصبي هذا ليس عنده عقل أيضاً ولم يبلغ سن التكليف ,هؤلاء يمتحنون يوم القيامة . الذي يموت قبل البلوغ يُمتحن ؛إن استعد لدخول النار طاعةً لهذا الرسول هذا آمن ونجا ,ومن أبى أن يدخل النار هذا كفر وكذّب؛ فيدخل النار.
والدليل : مارواه الإمام أحمد من طريق قتادة قَتَادَةَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرَمٌ ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ ، وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ، فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا".(3)
وقال أحمد رحمه الله : ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَ هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ-: "فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا".
الشاهد : أن الراجح عند أهل السنة والجماعة على أنّ الجاهل معذور حتّى تقوم عليه الحجّة ,وأهل الفترة معذورون لا يدخلون النار إلاّ بإقامة الحجّة عليهم في الآخرة .
والراجح عند أهل السنة أنّ الذيوقع في مكفِّر ,لا يُكفَّر حتى تقام عليه الحجّة ,وقد وقع بعض الصحابة في شرب الخمر؛شربوه واستحلوه وهذا من المكفرات فأجمع الصحابة : عمر بن الخطاب وعلي ابن أبي طالبوعثمان وغيرهم من الصحابة قالوا : ائتوا بهم ؛إن اعترفوا بتحريم الخمر أُقيم عليهمالحدّ ,وإن استباحوه واستحلّوه يُقتلون مرتدّين فتابوا وأنابوا ورجعوا فأقامواعليهم الحدّ (3).
· السؤال: أحسن الله إليكم وجزاكم الله خيرا ,يقول السائل : هل الناس الذين يقعون في الشرك الأكبر في بعض بلاد الإسلام يُعذَرون بالجهل أم أنّ الحجّة قد قامت عليهم لانتشار الكتب والشرائط العلمية والمجالس العلمية في الفضائيات التي تُبين التوحيد للناس؟
· الجواب : من عَرَفْتَ أنه فَهِم وقامت عليه الحجة فلك أن تكفِّره ,وكثير من الناس لا يفهمون ! وكثير من الناس لا يسمعون ! خاصة الأعاجم ,وكثير من العرب الآن في مستوى العجم ! يقرأ القرآن ويسمع الحديث لكن لا يفهمه ,فلابدّ من الصبر وعدم التعجل في الحكم على الناس .وقد أجبت على هذا السؤال قبل أن تسأل وسقت الآيات الدالة على أنه لابدّ من أن يفهم الضال ويفهم منك الحجج؛ قد يكون عنده كفر وعنده ضلال فلا تتعجل في تكفيره حتى تقيم عليه الحجة وقد ذكرنا لكم مذهب ابن تيمية وذكرنا لكم الأدلة. )اهـ(5).
وكتب:
سلطان بن محمد الجهني
5/12/1432هـ.
................
حواشي:
(1)، (2)، (4)، (5).
المرجع: للنقول السابقة من أسئلة وفتاوى للشيخ ربيع هو: المجلد الرابع عشر من مجموع كتب ورسائل وفتاوى فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي (من ص 309 إلى ص 317)تحت عنوان العذر بالجهل،طبعة دار الإمام أحمد،(الطبعة الشرعية الوحيدة بإذن المؤلف).
[3] - أخرجه أحمد(4/24)، وأبونعيم في أخبار أصبهان (2/255)، والضياء المقدسي في لمختارة/(1454)، وإسحاق بن راهويه في مسنده/(41) ، وابن حبان/(7357)، والطبراني في الكبير/(841)،كلهم من حديث معاذ بن هشام قال : حدثني أبي عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود بن سريع وأخرجه أحمد في الموضع السابق عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعاً .
وأخرجه إسحاق/(514)، والضياء في المختارة/(1455)، من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أبي رافع به، وله شاهد بمعناه من حديث أنس رضي الله عنه رواه البزار في مسنده (14/104-105) حديث/(7594)، وأبويعلى في مسنده حديث/ (4224)، وفي إسناده عندهما ليث بن أبي سليم وهو ضعيف لكنه صالح للإستشهاد به، وصححه الألباني في الصحيحة رقم/(1434).