ما المقصود ب(الجماعة)التي يأثم المسلم بتركها؟؟؟
((هل المقصود(التنظيمات) الموجودة في عصرنا،والموزعة في أرجاء الأرض؟؟؟
أو أن المقصود(جماعة المسلمين) المجتمعين على بيعة سلطان مسلم؟؟؟
والذي يظهر من النصوص بقوة:إن المعنى المتعين ل(الجماعة التي يأثم المسلم بمفارقتها)هو(جماعة المسلمين الذين على رأسهم إمام مسلم).
وإبراز هذا المعنى ضروري في هذه الأيام؛لأن النظر إلى(التنظيم)على أنه المقصود ب(الجماعة)الواردة في النصوص،يسيطر-عملياً-على مواقف ومشاعر الكثرة الكاثرة من الذين يتحركون في إطار التنظيمات الإسلامية المعاصرة!!..
ويظهر هذا الفهم الخاطيء في أجلى صورة حين يترك فرد أو مجموعة،تنظيماً من التنظيمات القائمة...
وهذا يؤدي إلى مآسٍ نفسية وأخلاقية مدمرة.
لذلك...فإننا نؤكد أن كل تنظيم من التنظيمات،أو حركة من الحركات،أو جماعة من الجماعات.
إنما هي جماعة من المسلمين،وليسوا-متفرقين أو مجتمعين-جماعة المسلمين.
كما أن الذي لا ينتسب إلى تنظيم إسلامي،أو حركة إسلامية...
فإنه لا يكون مفارقاً للجماعة،
وإذا مات لم تكن ميتته جاهلية،بل إن المتعصبين للأسماء والشارات واللافتات والأسماء هم في جاهلية،فقد قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (أجاهلية وأنا بين ظهرانيكم)فكل من يعقد سلطان الحب والبغض والولاء والبراء على أسماء دون حقائق الأشياء فهو في جاهلية!!!
وأخيراً..يدعونا انتشار الفهم الخاطيء لمعنى الجماعة التي يأثم المسلم بمفارقتها إلى التأكيد على أن الأخوة بين المسلمين،إنما هي بأصل الإيمان(إنما المؤمنون إخوة)وليسوا إخوة لانتمائهم لتنظيم ما أو حركة من الحركات.
ومما يؤكد هذا:ما قاله الإمام الشافعي في(الرسالة)(ص475): (إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان فلا يقدر أحد أن يلزم جماعة أبدانِ قومٍ متفرقين،
وقد وجدت أبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفجار.
فلم يكن في لزوم الأبدان معنى؛لأنه لا يمكن،ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئاً،فلم يكن للزوم جماعتهم معنىً،
إلا ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما).
وكلامه-رحمه الله- جيد متين،جدير بالتأمل،وهو موافق لما سنذكره:إن أي جماعة من الجماعات إنما هي من المسلمين،لا جماعة المسلمين.
ينشأ عن هذا...أنه يجب أن يعامل معاملة المؤمن،كل من تشهد له نصوص الإسلام،أنه من المسلمين،سواء كان في تنظيم أم كان غير منظم.
وحينها يتجاوز العمل الإسلامي عتبات الحزبية،ويكون العاملون ملتزمين في عملهم بمنهج الإسلام،ولا يكون الالتزام بالأشخاص أو التنظيمات أو الجماعات،
التي هي دائما محل للخطأ والصواب،
والكارثة والخلل والأمراض والعلل تتسلل إلى صفوف العاملين من خلال العدول عن هذا المقياس،فالذي ندعو إليه أن نتمسك بدين الوحي من النصوص وليس بآراء وأفكار تبلورت وقدمت لظروف وملابسات الله أعلم بها.
وحينئذٍ تخلع العصمة الكاذبة عن بعض الأشخاص،والمسوغات المضحكة التي توضع لتصرفاتهم واخطائهم.
وحينها تزول العصبية لفئة أو شخص،التي لا تظهر إلا في حالة الانهزام العقلي،وعدم الإبصار الصحيح،او في حالة عدم وجود العزمة الكيدة على الالتزام بهذا الدين.
وحينها توضع الأمور في نصابها،وينظر إلى العاملين،على أنهم بشر،
فلا يفسقهم التلاميذ والمحبون،
ولا يبدعهم الشانئون والمبغضون.
وحينها لا تعتبر عملية النقد والمناصحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
اضطراب في العمل أو تشويش وتهويش وتمزيق للصف.
وحينها نبتعد عن التشرذم والطائفيات الجديدة،التي تتمزق على أرضها رقعة التفكير،وتنمو الجزئيات،وتغيب الكليات،ويضطرب سلم الأولويات.
وحينها تتغلب دراسة أسباب التقصير،على عملية صناعة التسويغ.
وحينها تغيب كثير من المصطلحات السيئة.
التي تطلق على من فارق حزباً ما،لخلافٍ فكري معتمدٍ،من مثل: (سقط على الطريق) أو(انحرف)أو(انهزم)أو(ارتكس)....
وحينها لا تتداخل الوسائل بالغايات،ولا يتوقف العمل المنتج،ولا تتمحور الصورة الإسلامية حول أشخاص،لا ترى القضية الإسلامية إلا من خلالهم.
وحينها لا يكون مجال للمصلحة!! ولا للباقة!! ولا للكياسة!! ولا للسياسة!! ولا للمهارة!! ولا للدهان!! ولا للتمويه!!
في إخفاء ما يحرج،وتغطية ما يسوء!!!)).
المصدر:
من تعليقات العلامة الشيخ مشهور-حفظه المولى-على كتاب العلامة الجليل الهلالي-رحمه الله-
(سبيل الرشاد)(94-95)الجزء الرابع.
الحديدي
تعليق