السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قال البخاري في صحيحه :حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ»
و قال مسلم في صحيحه : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: «أَمَّامَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا، وَمَنْ أَسَاءَ،أُخِذَ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ»
قال ابن حجر في فتح الباري : قَوْلُهُ وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ ظاهِرُهُ خِلَافُ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَاقَبْلَهُ وَقَالَ تَعَالَى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْلَهُمْ مَا قد سلف قَالَ وَوَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا مَضَى فَإِنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ غَايَةَ الْإِسَاءَةِ وَرَكِبَ أَشَدَّ الْمَعَاصِي وَهُوَ مُسْتَمر على الْإِسْلَام فَإِنَّهُ إِنَّمَا يوأخذ بِمَا جَنَاهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَيُبَكَّتُ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْمُكَفّر كَأَنْ يُقَالَ لَهُ أَلَسْتَ فَعَلْتَ كَذَا وَأَنْتَ كَافِرٌ فَهَلَّا مَنَعَكَ إِسْلَامُكَ عَنْ مُعَاوَدَةِ مِثْلِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَوَّلَ الْمُؤَاخَذَةَ فِي الْأَوَّلِ بِالتَّبْكِيتِ وَفِي الْآخِرِ بِالْعُقُوبَةِ وَالْأَوْلَى قَوْلُ غَيْرِهِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسَاءَةِ الْكُفْرُ لِأَنَّهُ غَايَةُ الْإِسَاءَةِ وَأَشَدُّ الْمَعَاصِي فَإِذَا ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى كُفْرِهِ كَانَ كَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ فَيُعَاقَبْ عَلَى جَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ وَ إِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ حَدِيثِ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ وَأَوْرَدَ كُلًّا فِي أَبْوَابِ الْمُرْتَدِّينَ وَنَقَلَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ مَعْنَى حَدِيثِ الْبَابِ مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ بِالتَّمَادِي عَلَى مُحَافَظَتِهِ وَالْقِيَامِ بِشَرَائِطِهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ فِي عَقْدِهِ بِتَرْكِ التَّوْحِيدِ أُخِذَ بِكُلِّ مَا أَسْلَفَهُ قَالَ بن بَطَّالٍ فَعَرَضْتُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَقَالُوا لَا مَعْنَى لِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ هَذَا وَلَا تَكُونُ الْإِسَاءَةُ هُنَا إِلَّا الْكُفْرَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قُلْتُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَنَقَلَ بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ مَعْنَى مَنْ أَحْسَنَ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ أَسَاءَ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَوْنِيِّ مَعْنَى مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ أَسْلَمَ إِسْلَامًا صَحِيحًا لَا نِفَاقَ فِيهِ وَلَا شَكَّ وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ أَسْلَمَ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَبِهَذَا جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَلِغَيْرِهِ مَعْنَى الْإِحْسَانِ الْإِخْلَاصُ حِينَ دَخَلَ فِيهِ وَدَوَامُهُ عَلَيْهِ إِلَى مَوْتِهِ وَالْإِسَاءَةُ بِضِدِّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُخْلِصْ إِسْلَامه كَانَ منافقا فلا ينهدم عَنْهُ مَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيُضَافُ نِفَاقُهُ الْمُتَأَخِّرُ إِلَى كُفْرِهِ الْمَاضِي فَيُعَاقَبُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ قُلْتُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَطَّابِيَّ حَمَلَ قَوْلَهُ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى صِفَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مَاهِيَّةِ الْإِسْلَامِ وَحَمَلَهُ غَيْرُهُ عَلَى صِفَةٍ فِي نَفْسِ الْإِسْلَام وَهُوَ أوجه تنبية حَدِيث بن مَسْعُودٍ هَذَا يُقَابِلُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَاضِيَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مُعَلَّقًا عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ الْمَعَاصِيَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يُكْتَبُ عَلَيْهِ مَا عَمِلَهُ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ الْحَسَنَاتِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يُكْتَبُ لَهُ مَا عَمِلَهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي تَوْجِيهِ الثَّانِي عِنْدَ شَرْحِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ هُنَا بَعْضُمَا ذَكَرَ هُنَاكَ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَى كِتَابَةِ مَا عَمِلَهُ مِنَ الْخَيْرِ فِي الْكُفْرِ أَنَّهُ كَانَ سَبَبًا لِعَمَلِهِ الْخَيْرَ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ لِعَبْدِ الْعَزِيز بن جَعْفَر وَهُوَ من رُؤُوس الْحَنَابِلَة مَا يدْفع دَعْوَة الْخطابِيّ وبن بَطَّالٍ الْإِجْمَاعَ الَّذِي نَقَلَاهُ وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنِ الْمَيْمُونِيِّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إِنَّ مَنْأَسْلَمَ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ رد عَلَيْهِ بِحَدِيث بن مَسْعُودٍ فَفِيهِ أَنَّ الذُّنُوبَ الَّتِي كَانَ الْكَافِرُ يَفْعَلُهَا فِي جَاهِلِيَّتِهِ إِذَا أَصَرَّ عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهَا لِأَنَّهُ بِإِصْرَارِهِ لَا يَكُونُ تَابَ مِنْهَا وَ إِنَّمَا تَابَ مِنَ الْكُفْرِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ ذَنْبُ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ لِإِصْرَارِهِ عَلَيْهَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ قَوْلَهُ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا سَلَفَ مِمَّا انْتَهَوْا عَنْهُ قَالَ وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ هِيَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ مَعَ الْإِقْلَاعِ عَنْهُ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ وَالْكَافِر إِذا تَابَ من الْكفْر وَلم يَعْزِمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى الْفَاحِشَةِ لَا يَكُونُ تَائِبًا مِنْهَا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِإِسْلَامِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَ الْأَخْبَارُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ كَحَدِيثِ أُسَامَةَ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ الَّذِي قَالَ لَاإِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى قَالَ فِي آخِرِهِ حَتَّى تمنيت أنني كنت أسلمت يَوْمئِذٍ ـ
قال النووي في شرحه على مسلم : وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَالصَّحِيحُ فِيهِ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْسَانِ هُنَا الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ جَمِيعًا وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حَقِيقِيًّا فَهَذَا يُغْفَرُ لَهُ مَا سَلَفَ فِي الْكُفْرِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُرَادُ بِالْإِسَاءَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ بِقَلْبِهِ بَلْ يَكُونُ مُنْقَادًا فى الظاهر مظهرا لِلشَّهَادَتَيْنِ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِلْإِسْلَامِ بِقَلْبِهِ فَهَذَا مُنَافِقٌ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَيُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ إِظْهَارِ صُورَةِ الْإِسْلَامِ وَبِمَا عَمِلَ بَعْدَ إِظْهَارِهَا لِأَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى كُفْرِهِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي اسْتِعْمَالِ الشَّرْعِ يَقُولُونَ حَسُنَ إِسْلَامُ فُلَانٍ إِذَا دَخَلَ فِيهِ حَقِيقَةً بِإِخْلَاصٍ وَسَاءَ إِسْلَامُهُ أَوْ لَمْ يَحْسُنُ إِسْلَامُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قال الشوكاني في نيل الاوطار : أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو أَيْضًا بِلَفْظِ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُوخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ» فَهَذَا مُقَيَّدٌ،وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مُطْلَقٌ وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاجِبٌ فَهَدْمُ الْإِسْلَامِ مَا كَانَ قَبْلَهُ مَشْرُوطٌ بِالْإِحْسَانِ.قَوْلُهُ: (يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ) أَيْ يَقْطَعُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُذْهِبُ أَثَرَ الْمَعَاصِي الَّتِي فَارَقَهَا حَالَ كُفْرِهِ. .
وَأَمَّا الطَّاعَاتُ الَّتِي أَسْلَفَهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ فَلَا يَجُبُّهَا لِحَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عِنْد مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. هَلْ لِي فِيهَا مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ» وَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيُّ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَقَرُّبُ الْكَافِرِ فَلَا يُثَابُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ الصَّادِرِ مِنْهُ حَالَ شِرْكِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُتَقَرِّبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمَا تَقَرَّبَ إلَيْهِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَتَابَعَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَلَى تَقْرِيرِ هَذَا الْإِشْكَالِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاسْتَضْعَفَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ: الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ بَلْ بَعْضُهُمْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا فَعَلَ أَفْعَالًا جَمِيلَةً كَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَنَّ ثَوَاب ذَلِكَ يُكْتَبُ لَهُ.
قال النسائي في سننه :أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ يَزِيدَ،قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ:حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا،وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ،وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّعَنْهَا»
[حكم الألباني] صحيح
تعليق