حرب أبي الحسن لمنهج السلف ومعارضاته لعلمائه الحلقة الثالثة من "تنبيه المغرور"
حرب أبي الحسن لمنهج السلف ومعارضاته لعلمائه
الحلقة الثالثة مِنْ "تنبيه المغرور إلى ما في مقال أبي الحسن ومنهجه
من الضلال والشرور"
اعتراف أبي الحسن المأربي بأنه يدافع عن سيد قطب والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ من أول يوم التقى فيه بالشيخ ربيع.
11- قال أبو الحسن في مقاله "حقًّا الذي يثير الفتن بين السلفيين هو الشيخ ربيع" في (ص4-5):
" ذكر أنه من أول يوم التقى بي وجدني أدافع عن سيد قطب والإخوان المسلمين والتبيلغ ...الخ".
ثم قال: "والجواب: أن الدفاع بحق ودفع الظلم عن الكافر فضلاً عن المسلم محمود عند العقلاء، وليس بمعيب، وعندما وقفتُ على كلام الشيخ ربيع الصارخ بالغلو، والأحكام الفجّة، ومجانبته هدي كبار العلماء أنكرته، مع إنكاري ما عليه المذكورون من مخالفة للسنة في الأصول والفروع، فهل يلزمني أن أكون مدخليًّا حذو القُذة بالقُذة؟ هل إنكاري على الشيخ ربيع يعني إنكاري منهج السلف؟ فتنة هذا الرجل أنه لا يُفرق بين آرائه وبين السلفية!! فآراؤه هي السلفية، والسلفية هي آراؤه، وكلامه هو المنهج، والمنهج هو ما عليه ربيع، وليس هذا الإعجاب والغرور بغريب على رجل يُسْأل: هناك من يقول: إن الشيخ ربيعًا معصوم في المنهج، ما تقول أنت في هذا؟ قال الشيخ ربيع: لا، لا، أقول: لستُ معصومًا، لستُ معصومًا، ولكن اسمع: لا أعرف لي خطأ في المنهج!!اهـ.
فهو لا يعرف له خطأ في المنهج، وأكثر أهل الباطل – غير الزنادقة والمرضى- لا يعرفون لأنفسهم خطأ فيما هم فيه، والتـزكية تكون من الغير([1]) لا من الشخص لنفسه، وكثير من الناس أقام الحجج والبراهين على خطئك أيها الأستاذ في المنهج والتربية والدعوة، فاعرف أنت أو لا تعرف، فكم من الناس ضلوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولو سلكتَ مسلك الأئمة الذين يقول أحدهم وهو الشافعي - رحمه الله- في مسائل الاجتهاد: قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب؛ لأرحت واسترحت، ثم ما هو المراد بالمنهج الذي لا تعرف لنفسك فيه خطأ؟ أهو أحكامك على الرجال؟ أم قواعد الأئمة في الجرح والتعديل؟ أم حكمك على الكتب والمؤلفات؟ أم قواعد التربية الدعوية؟ فما من واحدة من هذه إلا ولك فيها أخطاء بل بلايا وطوام، وفي "الدفاع عن أهل الاتباع" برهان ذلك ودليله، وفي أشرطتك التي جمعتها بصوتك، والتي لم أنشرها بعد البرهان الساطع على ذلك، وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك، لكن يبدوا أن الأمر كما قيل: على نفسها جنتْ براقش!!".
أقول: هذا اعتراف منه بأنه منذ التقيت به أنه يدافع عن سيد قطب وعن جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ، فهذا داء لا يزول.
وهذا من أوضح الأدلة أنه من أصله من أهل الأهواء، وأنه إنما يلبس السلفية لأهداف خطيرة، منها محاربة السلفية باسم السلفية، ومنها الدفاع عن أهل الضلال باسم السلفية والعدل، الذي لا يوجد إلا في سلفيته المزعومة.
فمن سلفيته وعدله أن من ينتقد سيد قطب في وحدة الوجود والقول بالحلول والقول بخلق القرآن ظالم وغال بل وخارجي([2])، ويرى أن ضلالات سيد قطب ناشئة عن اجتهاد، ولعل اجتهادات أبي الحسن مستمدة من اجتهادات سيد قطب.
وينفي عنه القول بوحدة الوجود والحلول، بل يتجاوز ذلك إلى نفي وحدة الوجود عن متصوفة المصريين القائلين بوحدة الوجود([3]).
ولا يمنعه من الدفاع عن سيد قطب طعنه في نبي الله موسى -عليه السلام- وسخرياته به، وعن طعنه في أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلى رأسهم الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وإسقاط خلافته، والافتراء عليه بأنه تحطمت روح الإسلام في عهده، وتحطمت أسس الإسلام في عهده، وأن منهج الثوار عليه من السبئية والخوارج أقرب إلى روح الإسلام منه، إلى طعنات أخرى كثيرة وتشويه لهذا الخليفة الراشد ولمجتمعه المسلم.
راجع كتاب سيد قطب "العدالة الاجتماعية"، ولعل أبا الحسن يستمد عدله الذي يحارب به السلفيين من سيد قطب.
فمن يرد هذه الضلالات الكبرى بالحق يعتبر غال وظالم في منهج أبي الحسن.
ومن عدل أبي الحسن أن مجرد نقل ضلالات الإخوان المسلمين يعتبر ظلماً وغلواً وتكفيراً، ولو كان النقل بالحرف لأقوال كبارهم بوحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، فنقد ضلالاتهم الكبرى غلو وظلم في منهج هذا الرجل العجيب.
من عدل أبي الفتن الطعن في من ينتقد جماعة التبليغ الذين يبايعون على أربع طرق صوفية، فيها وحدة الوجود والحلول والشركيات والضلالات.
وقد ألّف السلفيون في بيان ضلالهم مؤلفات.
من هذه المؤلفات "القول البليغ في جماعة التبليغ" تأليف الشيخ حمود التويجري، وكتاب "جماعة التبليغ في شبه القارة الهندية" تأليف الدكتور أسامة سيد طالب الرحمن، وتقريظ الشيخ صالح الفوزان، وكتاب للشيخ تقي الدين الهلالي، و"كلمة حق في جماعة التبليغ" تأليف الشيخ خالد بن عبد الرحمن المصري، ولي رسالة فيهم اسمها "أقوال العلماء في جماعة التبليغ"، و"الجواب البليغ عن أسئلة تتعلق بجماعة التبليغ" للشيخ مقبل بن هادي، تضمنت فتوى أربعة عشر عالماً ومنهم ابن باز والألباني وعبد الرزاق عفيفي وغيرهم، وكلهم يرمي هذه الفرقة بالضلالات الكبرى، فهم غلاة وظالمون عند أبي الحسن وفي منهجه.
وقد حكم عليهم وعلى الإخوان المسلمين الإمامان ابن باز والألباني بأنهم من فرق الضلال، وعلى ذلك أهل السنة والحديث في كل أنحاء العالم، فهؤلاء كلهم غلاة وظالمون في منهج أبي الحسن.
إن من عدالة أبي الحسن أنه يعتبر الأحزاب العلمانية: الليبرالية والبعثية والشيوعية المسماة تلبيساً بالاشتراكية والناصرية يعتبر أفرادها وجماعاتها مسلمين، ولا يطعن في إسلام أحد منهم حتى دعاتهم مسلمين، فيقول بعد دفاعه المغلف عن الإخوان المسلمين المتحالفين مع هذه الأحزاب العلمانية والشيوعية: "ولكن عندما نقول إن حزب الإصلاح له صبغة دينية لا يعني أن الأحزاب الأخرى ليس لها صلة بالدين..."([4]).
ومن عدالة أبي الحسن وإنصافه وسعة منهجه أنه يصف من يؤيد مطالب الاشتراكيين الديمقراطية بأنهم منصفون. راجع حوار مع أبي الحسن، نُشر في صحيفة "الناس" وفي موقعه.
وبهذا الأسلوب العادل من أبي الحسن يصبح أفراد الشيوعيين والبعثيين والعلمانيين الآخرين وجماعاتهم يصبحون كلهم مسلمين.
وينسب هذا الحكم إلى أهل السنة، ويرمي من يخالف حكمه بالغلو.
وأهل السنة عنده الإخوان المسلمون وجماعة التبليغ والصوفية على كثرة طرقها الضالة، ولعله يدخل هذه الأحزاب في أهل السنة البعيدين عن الغلو في منهجه الواسع؛ لأن السواد الأعظم عنده سلفيون.
ولو كان هذا الرجل من أهل السنة لبيّن ضلالاتهم بالتفصيل، ولألّف في نقدهم المؤلفات، ولكن لعدله يرى أن الواجب إنما هو تأليف المؤلفات والحرب في عشرات الأشرطة وفي المنتديات على السلفيين الذين يصفهم بالغلاة، وأخيراً يرمي أقوالهم بأنها أولى بالزندقة والمروق، وأنهم أولى بالذم من فِرَق الضلال.
والسلفيون إذا نصروا الحق وذبوا عنه يعتبرهم غلاة وشذاذاً وأذناباً لربيع.
ولا تتسع لهم أصوله العظيمة، ولا سيما المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة في اعتقاده ويسع الأمة كلها، ومنها الطوائف الضالة والأحزاب المذكورة أعلاه.
قوله: "وعندما وقفتُ على كلام الشيخ ربيع الصارخ بالغلو، والأحكام الفجّة، ومجانبته هدي كبار العلماء أنكرته، مع إنكاري ما عليه المذكورون من مخالفة للسنة في الأصول والفروع، فهل يلزمني أن أكون مدخليًّا حذو القُذة بالقُذة؟ هل إنكاري على الشيخ ربيع يعني إنكاري منهج السلف؟ فتنة هذا الرجل أنه لا يُفرق بين آرائه وبين السلفية!! فآراؤه هي السلفية، والسلفية هي آراؤه، وكلامه هو المنهج، والمنهج هو ما عليه ربيع".
أقول: إن كلام ربيع في أهل الضلال لقائم على الحجج والبراهين وعلى هدي كبار العلماء والأئمة السابقين واللاحقين، وإن أحكامه إن كان له أحكام لتأتي دون أحكام العلماء، وليس عنده أي غلو.
ولكنك ترى نقد أهل الباطل بالحجج والبراهين غلواً صارخاً، ولو كان في غاية البعد من الغلو.
وقد عرف السلفيون الصادقون منهج أبي الحسن وأصوله الباطلة من عدد من كتاباته المليئة بالفجور والكبرياء والغرور والمجازفة في الأحكام، وعرف القارئ شيئاً عنه وعن ضلاله مما أسلفته في هذا المقال.
ودعواه أنه ينكر ضلالات من ينتقدهم ربيع والسلفيون كذب، فأين هذا الإنكار؟، وكم كتاباً ألّف في هذا الإنكار؟، بل إن واقعه بعكس هذه الدعوى.
كيف يؤلف في الإنكار عليهم، وهو حامل لواء الدفاع عنهم، وحامل لواء الحرب على من ينتقدهم بحق ونصرة لدين الله؟
فالرجل لا يلحق في الدفاع عن الباطل وأهله، ولا في حرب الحق وأهله مع تشويهه لهم الذي يشبه تشويه الروافض والخوارج لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن سار على نهجهم من أهل السنة والتوحيد.
ومثل تشويه أبي الحسن تشويه أعداء السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية وللإمام محمد ابن عبد الوهاب.
ودعاواهم تشبه دعاواه، وطعونهم تشبه طعونه، بل إنه ليفوقهم.
وربيع ما يقول: منهجي منهجي، وإنما يقول: منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، رداً على سادة أبي الحسن المخالفين لمنهج الأنبياء، وينقل في ذلك الآيات والأحاديث.
ويقول: منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف، وينقل نصوصهم الكثيرة الواضحة في الطعن في أهل البدع بدون موازنات ولا حمل مجمل على مفصل.
ويقول: منهج مسلم في ترتيب صحيحه، ويقيم على ذلك الأدلة من عمل الإمام مسلم، ويرد المطاعن في بعض الأنبياء وفي الصحابة بالأدلة من الكتاب والسنة وبأقوال الأئمة، لا بآرائه.
ويرد الطعون في أهل السنة بالأدلة وبأقوال أئمة الإسلام، لا بآرائه.
وكل ردوده قائمة على الأدلة من الكتاب والسنة وعلى أقوال أئمة السنة.
وأبو الحسن وحزبه الغلاة في الظلم والبغي يهدرون هذا المنهج السديد، ويهدرون الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف الكثيرة التي أنقلها عنهم؛ لتوضيح هذا المنهج ونصرته والذب عن الحق وأهله.
ويجدّون ويجتهدون في قلب الحقائق وتشويهها وتشويه من يبرزها.
وظلمات هذا التشويه من هذا الضال الحقود لربيع وإخوانه من أهل السنة لا يُغَيِّر من الحقائق الناصعة والواقع المشرف المشرق شيئاً، بل لا يزيد هذا الباغي هذا التشويه الظالم المظلم إلا سقوطاً.
وقوله: " وليس هذا الإعجاب والغرور بغريب على رجل يُسْأل: هناك من يقول: إن الشيخ ربيعًا معصوم في المنهج، ما تقول أنت في هذا؟ قال الشيخ ربيع: لا، لا، أقول: لستُ معصومًا، لستُ معصومًا، ولكن اسمع: لا أعرف لي خطأ في المنهج!!اهـ".
أقول: الإعجاب والغرور إنما قتلا أبا الحسن وأمثاله وأوصلاهم إلى حضيض الحضيض تنكيلاً من الله بهم وفضحاً لهم، تلك الفضائح والمخازي التي من جملتها مدح أهل البدع والدفاع عنهم بالأكاذيب، واختراع الأصول للدفاع عنهم، وتحريف الإسلام ومنهج السلف والحرب على أهله؛ الأمور التي أوصلتهم إلى الدفاع عن أهل وحدة الوجود والطاعنين في الصحابة، بل في بعض الأنبياء، وإلى الدفاع عن من يدعو إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، وإلى تلميع الاشتراكيين والليبراليين والبعثيين، واعتبارهم مسلمين أبناء مسلمين بأساليب الديماغوجيين.
فهل من هذا حالهم من أهل العدل والعدالة ومن المتمسكين بمنهج السلف؟
وماذا يريد أبو الحسن بعد إنكاري واستنكاري لهذا الكلام؟
وهل يريد مني أن أقول: إني ضال في المنهج، وأنا على طريقة سيد قطب والبنا والغزالي وعلى طريقة جماعة التبليغ؟
وهل يوجد في السلف من يقول: إني ضال في المنهج.
وهل حكم أحد من علماء السنة أن ربيعاً مخالف للمنهج أو ضال فيه؟
لقد عرف السلفيون ولله الحمد في كثير من البلدان أن ربيعاً على منهج السلف، ولقد أيّد كبار العلماء منهجه ومؤلفاته، فلا يوجد من يعارضه في تقرير منهج السلف وأصوله وأدلته وبراهينه.
ويكفي السلفي الصادق، البعيد عن الهوى قول العلامة الألباني -الناقد البصير-:
"إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور ربيع أنها مفيدة ولا أذكر أني رأيت له خطأ وخروجاً عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه"([5]) .
وقال -رحمه الله-: " إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه"([6]).
ولو وقف على أساليب أبي الحسن وحزبه وأصولهم الفاسدة وفتنهم لدمغهم بأنهم يردون على ربيع بغير علم ولا هدى ولبدَّعهم.
فأيهما يقدم قول هذا الإمام الناقد السلفي وأقوال إخوانه من أهل السنة ومواقفهم الشريفة الأمينة.
أو يقدم قول الأفاكين أذناب أهل البدع والضلال والمستميتين في خدمتهم والذابين عن ضلالاتهم وبدعهم الكبرى من أمثال أبي الفتن ومن على شاكلته؟
الجواب يعرفه كل سلفي صادق.
قوله: " فهو لا يعرف له خطأ في المنهج، وأكثر أهل الباطل - غير الزنادقة والمرضى- لا يعرفون لأنفسهم خطأ فيما هم فيه".
أقول: إني أتكلم بحسب علمي، ولو عرفتُ أن لي خطأ أو أخطاء في المنهج وغيره لرجعت عنها بكل سهولة، ولا أعرف عن نفسي العناد والإصرار على الباطل كما هو حال أبي الحسن وحزبه وأمثالهم من أهل الأهواء المعاندين المكابرين في حقائق واضحة كالشمس.
وها أنت يا أبا الفتن من أشد أهل الباطل، فهل تعترف بضلالك في المنهج وغيره وفي الدفاع عن أنواع أهل الضلال وتزكياتك لهم؟
وهل يعترف حزبك بأنهم مخالفون لمنهج السلف، أو يكابرون ويعاندون، مع أنهم من أبعد الناس عن منهج السلف، وكم عندك وعندهم من الأباطيل المهلكة، فلا ترجعون عنها، ولا تتذكرون، ومن بيته من زجاج لا يرمي بيت غيره بالحجارة.
وقوله: " وكثير من الناس أقام الحجج والبراهين على خطئك أيها الأستاذ في المنهج والتربية والدعوة، فاعرف أنت أو لا تعرف، فكم من الناس ضلوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".
أقول: من هم هؤلاء الناس الكثير، سمهم لي؟، وبيِّن هل هم من العلماء الناصحين العارفين لمنهج السلف والمتمسكين به، أو هم من أمثالك من الأفاكين المرجفين بالباطل والتمويهات الديماغوجية والتحريفات المخزية؟
ثم بيِّن لي حجج هؤلاء الناس الكثر ونصوصهم ومصادرهم.
وقوله: " ولو سلكتَ مسلك الأئمة الذين يقول أحدهم وهو الشافعي - رحمه الله- في مسائل الاجتهاد: قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب؛ لأرحت واسترحت".
أقول: نحن ما نناقش المجتهدين الذين يحق ويسوغ لهم الاجتهاد مع دينهم وإخلاصهم وورعهم، وإنما نناقش أناساً من أهل الأهواء والكذب والخيانات، ومن المتأكلين بدينهم، نناقشهم في الدفاع عن أهل البدع الكبرى التي يُكفِّر بها السلف الصالح ويبدعون بأصغرها، ونناقشهم في أصول باطلة ومنهج فاسد وظلم وبغي، وطوام لا تنقطع، على امتداد عقدين من الزمن.
فلا تُلبِّس على الناس.
ما هو مسلك الأئمة ومنهم الشافعي تجاه أهل البدع والضلالات كالجهمية والمعتزلة والخوارج والمرجئة؟ هل كانوا يختلفون فيهم، وهل كان فيهم أمثال أبي الحسن من يدافع عن هذه الفرق أو بعضها؟ وهل يرون هم والشافعي جواز الاختلاف في أهل الضلال والبدع المذكورة وأن هذا الاختلاف من مسائل الاجتهاد التي يؤجر عليها من يخالف ويدافع عن أهل الضلال؟
بيِّن لنا ذلك بالأدلة والحجج وبنصوص أقوالهم حتى أريح نفسي وأستريح، وأُسلِّم أنا والسلفيون بإمامة أبي الحسن وصحة منهجه وأنه على منهج السلف، فنعذره في الدفاع عن من يقول بوحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، بل في الدفاع عن أهل وحدة الوجود ومن يطعن في الصحابة الطعون الشديدة، بل من يسخر من نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام-، والدفاع عن أهل البدع بحرارة، والحكم الجازم لهم بأنهم من أهل السنة، والحكم على من يُبيِّن ضلالهم بالظلم والغلو.
موقف الإمام الشافعي مِنْ مِثْلِ ممن يدافع عنهم أبو الحسن وحزبه
قال الذهبي في "تأريخ الإسلام" (15/52):
"إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن علية أبو إسحاق الأسدي البصري المتكلم الجهمي .
وقد ناظر الشافعي ، وكان يقول بخلق القرآن ويناظر عليه .
وكان يرد خبر الواحد ، ويقول : الحجة بالإجماع .
فقال له الشافعي في مناظرته : أبإجماع رددت خبر الواحد ، أم بغير إجماع([7]) فانقطع .
وقد ذكره أبو سعيد بن يونس فقال : له مصنفات في الفقه تشبه الجدل([8]) .
روى عنه : بحر بن نصر الخولاني ، وياسين بن زرارة القتباني.
قلت : وكان الإمام أحمد يقول : ضالٌ مضل([9]) .
توفي ابن علية بمصر سنة ثمان عشر ، وكان أبوه من أئمة الإسلام". انتهى.
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/ 24:
"وقد اتَّفَقَتْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ على ذَمِّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبُهُ فِيهِمْ مَعْرُوفٌ عِنْدَ جَمِيعِ أصحابه، وهو أنهم يُضْرَبُونَ وَيُطَافُ بِهِمْ في قَبَائِلِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ: هذا جَزَاءُ من تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وأقبل على الْكَلَامِ.
وقال: لقد اطَّلَعْتُ من أهل الْكَلَامِ على شَيْءٍ ما كنت أظنه، وقال: لَأَنْ يُبتلى الْعَبْدُ بِكُلِّ شَيْءٍ نهى عنه غير الْكُفْرِ أَيْسَرُ من أَنْ يُبتلى بِالْكَلَامِ".
هذا قول الشافعي وحكمه في أهل الكلام.
فهل أبو الحسن يقول مثل هذا الكلام في الاشتراكيين والليبراليين والبعثيين والعلمانيين، وفي القائلين بوحدة الوجود ووحدة الأديان وحرية الأديان، وفيمن يطعن في الصحابة الكرام، بل في بعض الأنبياء العظام؟؟
إن منهج أبي الحسن وأصوله ومنهجه الواسع الأفيح لا تسمح له بأقل وأدنى مما قاله الشافعي، ويؤيده أئمة السنة.
وقال البيهقي في "مناقب الشافعي" (1/407):
"أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت عبد الله بن محمد بن علي بن زياد يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت الربيع يقول: لما كلّم الشافعي –رحمه الله- حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق. قال الشافعي: كفرتَ بالله العظيم"([10]).
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/ 24:
"وقال الْبَيْهَقِيُّ في "مناقبه": "ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ إبْرَاهِيمَ بن إسْمَاعِيلَ بن عُلَيَّةَ، فقال: أنا مُخَالِفٌ له في كل شَيْءٍ، وفي قَوْلِهِ: "لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، لَسْتُ أَقُولُ كما يقول، أنا أَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الذي كَلَّمَ مُوسَى من وَرَاءِ حِجَابٍ، وَذَاكَ يقول: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الذي خَلَقَ كَلَامًا أَسْمَعَهُ مُوسَى من وَرَاءِ حِجَابٍ"([11]).
هذا مع أن إبراهيم بن إسماعيل لم يطعن في نبي الله موسى -عليه السلام- فكيف لو وقف الشافعي على من يسخر من نبي الله موسى، ويعطل صفات الله، ويقول بوحدة الوجود وبوحدة الأديان، فماذا سيقول فيه؟
فهذه بعض أقوال الإمام الشافعي في أهل البدع، فهل وُجد في السلف من يعارضه ويرميه بالغلو والشذوذ كما يفعل ذلك أبو الحسن وحزبه، حيث يرمون من ينتقد أهل البدع الكبرى التي هي أشد من البدع التي يكفر بها الشافعي والسلف الصالح ، ويحاربونهم الحرب الضروس بالأباطيل والخيانات، ويرمونهم بالغلو والشذوذ.
ويوهمون الناس أنهم مجتهدون ومن أهل الورع، وأن السلفيين يتشددون في مسائل من مسارح الاجتهاد، وهذا منهم من أشد أنواع التلبيسات والتمويهات.
فالخلاف بيننا وبينهم في مسائل عقدية ومنهجية، وليس من مسائل الفروع التي يسوغ فيها الخلاف، والتي تتجاذبها الأدلة، ويؤجر فيها المجتهدون المختلفون، للمصيب أجران، وللمخطئ أجر واحد.
وقوله: " ثم ما هو المراد بالمنهج الذي لا تعرف لنفسك فيه خطأ؟ أهو أحكامك على الرجال؟ أم قواعد الأئمة في الجرح والتعديل؟ أم حكمك على الكتب والمؤلفات؟ أم قواعد التربية الدعوية؟ فما من واحدة من هذه إلا ولك فيها أخطاء بل بلايا وطوام، وفي "الدفاع عن أهل الاتباع" برهان ذلك ودليله، وفي أشرطتك التي جمعتها بصوتك، والتي لم أنشرها بعد البرهان الساطع على ذلك، وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك، لكن يبدو أن الأمر كما قيل: على نفسها جنتْ براقش!!".
أقول: من هم الرجال الذين أخطأت عليهم في أحكامي؟ وبيِّن مخالفتي لمنهج السلف في هذه الأحكام بالأدلة والبراهين؟
وهل أنت راض عن السلف وأقوالهم في الرجال، وعن قول ابن معين في تليد بن سليمان: "ليس بشيء"، وقال: "كذاب، يشتم عثمان، وكل من يشتم عثمان أو طلحة أو أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- دجال لا يكتب عنه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"([12]).
فالذي يرمي بالغلو من لا يقول مثل هذا الكلام الشديد من أمثال أبي الحسن يمكن أن يرميهم.
وقول أبي زرعة: "إذا رأيت الرَّجلَ يَنْتَقِصُ أحدًا مِنْ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم؛ فاعْلَمْ أنَّه زِنْدِيقٌ، وذلك أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلَّم عندنا حقٌّ، والقرآنُ حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسُّنَنَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، وإنَّما يريدون أن يُجَرِّحُوا شهودَنا لِيُبْطِلُوا الكتابَ والسُّنَّةَ، والجَرحُ بهم أَوْلَى وهم زَنادِقَة"([13]).
وتداول أهل السنة له بدون ثورات وبدون ضجيج ولا رمي بالغلو، كما يفعل أبو الحسن، بل يتداولونه بكل احترام.
الذي يقارن بين أحكام ربيع وإخوانه وبين أحكام السلف على أهل الأهواء، يجد البون شاسعاً بين السلف وبينهم، فأحكام السلف أشد وأقوى من أحكام ربيع وإخوانه.
ومن يضيق ذرعاً بالأحكام الضعيفة المقصرة فهو بأحكام السلف أشد ضيقاً وتبرماً ورمياً لهم بالغلو.
قال العلامة الألباني -رحمه الله- في من طعن فيه برأيه في مسألة الحجاب:
"فإن هذا التهجم والطعن لا ينالني أنا وحدي؛ بل يصيب أيضاً الذين هم قدوتي وسلفي من الصحابة والتابعين والمفسرين والفقهاء وغيرهم - ممن ذكرناهم في الكتاب - كما سيأتي، وفي المقدمة المشار إليها أيضاً"([14]).
وهل حَكَمَ ربيع على من يطعن في أعداد كبيرة من الصحابة بهذا الحكم أو ما يقاربه؟، وهل حَكَمَ على أمثالك ممن يطعن في أهل السنة والحديث المعاصرين ويقول عنهم: إنهم غلاة وأراذل وأقزام وأصاغر والأصاغر دائماً تحت الأقدام، بل قُلتَ: إن أقوالهم أولى بالزندقة، هل حَكَمَ عليك بمثل حُكم الإمام أحمد الذي قال في شخص يشتم أهل الحديث: "زنديق، زنديق، زنديق"، ولم يعارضه أحد من أهل السنة، ومنهم شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم، أيّدا هذا الكلام وقالا: إنه عرف مغزاه.
هل حكم عليك ربيع أو غيره بمثل هذا الحكم أو ما يقاربه؟، مع أننا نعرف مغزاك من الطعن في السلفيين وشن الحرب عليهم، ومن الدفاع الواسع عن أهل البدع والضلال، ونعرف مغزاك من التأصيلات الكثيرة ومنها المنهج الواسع الأفيح، نعرف هذه الأمور وغيرها وأن مغزاك منها الطعن في المنهج السلفي الأول وأهله وإن تسترت بحرب المعاصرين.
وأقول ولا فخر: إنه قد شهد لي إمام الجرح والتعديل الذي درس كتبي ومنهجي وجرحي وتعديلي، فأدلى بتلك الشهادة الصادقة المؤيدة للحق وأهله، والقامعة لأهل البدع والضلال، ذلك الشاهد العدل هو الإمام الألباني الذي قال صادعاً بالحق:
"وباختصار أقول: إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه وإن كنت أقول دائماً وقلت هذا الكلام له هاتفياً أكثر من مرة أنه لو يتلطف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه ، أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقاً إلا ما أشرت إليه آنفاً من شيء من الشدة في الأسلوب([15]) ، أما أنه لا يوازن فهذا كلام هزيل جداً لا يقوله إلا أحد رجلين : إما رجل جاهل فينبغي أن يتعلم، وإلا رجل مغرض ، وهذا لا سبيل لنا عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط"([16]).
فهذا الكلام من هذا الحِبر المنصف أحرق أكباد الحاقدين الحاسدين المغرضين، ومنهم أبو الحسن وحزبه، وبسببه وغيره انطلقوا إلى المكايد والفتن والحروب سراً وعلانية من ذلك الوقت إلى يومنا هذا.
وقولك: " أم حكمك على الكتب والمؤلفات؟".
أقول: ما هي الكتب والمؤلفات التي حكمت عليها بالباطل أو الخطأ؟
أهي مؤلفات سيد قطب كـ"العدالة الاجتماعية" الذي ضمّنه الاشتراكية الضالة وحرّف لها نصوص الكتاب والسنة، وضمّنه الطعن في الصحابة الكرام بأسوأ أنواع الطعون والأراجيف، وضمّنه تكفير الأمة بدأً بعهد علي ثم مروراً على عهد بني أمية والعباسيين مواصلاً ذلك إلى عهده.
أم كتاب "التصوير الفني" الذي سخر فيه من نبي الله موسى -عليه السلام- حوالي عشر سخريات لاذعة، وعطّل فيه صفات الله بناء على أصوله الجهمية.
وقرر فيه أن القرآن قائم على التصوير الفني، وساق أمثلة كثيرة فيه للتمثيليات، ومنها المضحك، والمسرحيات على طريقة المسرحيات الغربية كما يزعم.
وشهد على نفسه أنه تخلى عن قداسة القرآن عند تأليفه لهذا الكتاب، إلى أقوال رديئة جداً.
أم كتاب "كتب وشخصيات" الذي مدح فيه الفرعونية وعقيدة النيرفانا الهندوكية، التي تتضمن عقيدة وحدة الوجود والحلول والتناسخ، ودافع عن هذه العقيدة وأهلها، ورمى فيه معاوية وعمرو بن العاص –رضي الله عنهما- بالكذب والخيانة وشراء الذمم...الخ.
أم كتاب "في ظلال القرآن" الذي عطّل فيه صفات الله في عدد من المواضع ، وأنكر فيه أن الله يتكلم، وإنما يُوجِد الأشياء بمجرد توجه الإرادة.
وكفّر فيه الأمة في مناسبات كثيرة، حتى يكفر بالجزئية التي يطاع فيها الحاكم، وكفّر حتى من يعلن في الأذان شهادة "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله".
وحرّف معنى "لا إله إلا الله" عن معناها الذي أُرسِل به الأنبياء جميعاً إلى الحاكمية، وأن معنى "لا إله إلا الله" لا حاكم إلا الله، وأن الحاكمية أخص خصائص الألوهية، وقال فيه بعقيدة أزلية الروح، وهي عقيدة النصارى والزنادقة.
وشكك في سماع موسى -عليه السلام- لكلام الله -عزّ وجل- بكلام سيء، ودندن حول إنكار المعجزات.
وقال في كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية"(ص 61):
"ولا بد للإسلام أن يحكم، لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معاً مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافهما جميعاً، ويزيد عليهما بالتناسق والاعتدال".
وما من كتاب من كتبه إلا وهو قائم على الجهل والضلالات.
أم هي مؤلفات الغزالي التي ناقشتها في كتابي "موقف الغزالي من السنة وأهلها"؟
أم أقوال الروافض التي ناقشتُها وناقشتُ كثيراً من ضلالاتهم الكفرية التي أودعوها في مؤلفاتهم مثل "الكافي" للكليني، و"تفسير العياشي" و"تفسير القمي" المليئة بالبدع الكفرية والتحريفات الفاجرة لنصوص كتاب الله، بل والزيادة والنقص في بعض الآيات، وتحريف آيات التوحيد، إلى تأليه الأئمة الأبرياء منهم، إلى ضلالات كبرى؟
بيّنتُ هذه الضلالات الكبرى في كتابي "الانتصار لكتاب العزيز الجبار ولأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأخيار".
أم كتاب حسن المالكي الذي طعن فيه في الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته ومن سار على نهجه النهج السلفي، وشوه كتابه "كشف الشبهات" وألصق بالشيخ محمد جماعات التكفير التي انطلقت من كتب سيد قطب ومنهجه، ومدح فيه الخميني، إلى ضلالات حواها كتابه؟
أم كتب أبي الفتن التي ملأها بالفجور والتحريفات والأصول الباطلة والخيانات، ولا سيما كتابه "الدفاع عن أهل الاتباع"، ويكفيك من شر سماعه، فالذي يقرأ هذا الكتاب بوعي يجد أنه دفاع عن أهل الضلال والابتداع، ومن ذلك الدفاع بالتحريف والخيانات عن دعاة وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان.
وقولك: "أم قواعد التربية الدعوية؟".
أقول: إني والحمد لله لا أُرَبِّي إلا على نصوص الكتاب والسنة ومنهج السلف وقواعدهم، وأحيل الشباب في دروسي على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم السلف الصالح، وأحيلهم على الأمهات الست وغيرها من كتب السنة، وأحيلهم على كتب التفسير السلفية مثل "تفسير ابن جرير" و"تفسير البغوي" و"تفسير ابن كثير" و"تفسير السعدي"، وأحيلهم على مؤلفات شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وعلى كتب الإمام محمد بن عبد الوهاب ومدرسته.
وأحذر من كتب أهل البدع على طريقة السلف.
وأحيلهم على كتب العقائد السلفية، مثل "السنة" لعبد الله بن أحمد و"السنة" للخلال، و"أصول السنة" للإمام أحمد، و"أصول السنة" لأبي زرعة وأبي حاتم، و"الشريعة" للآجري، و"الإبانتين" لابن بطة، و"الحجة" لأبي القاسم الأصبهاني، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة"للالكائي، و"اعتقاد أهل الحديث" للصابوني.
ودرّستُ من هذه الكتب "أصول السنة" للإمام أحمد، و"أصول السنة" لأبي حاتم وأبي زرعة، و"اعتقاد أهل الحديث" للصابوني، و"شرح السنة" للبربهاري، و"الشريعة" للآجري، ، ودرّستُ "صحيح مسلم" مرتين، والكثير من "سبل السلام"، و"فتح المجيد"، وقد طبع بحمد الله بعض هذه الشروح، والباقي تحت الطبع، وكلها إن شاء الله قرة لعيون السلفيين الموحدين، وغيض لقلوب الضالين الحاقدين.
فليس لي قواعد وأصول، وإنما أسير على قواعد وأصول السلف ومنهجهم ودعوتهم، وأذود عن حياضها بقدر ما أستطيع.
أما الذين ضاقوا ذرعاً بأصول السلف وقواعدهم فقد اخترعوا أصولاً مضادة لمنهج السلف، وأصولهم، مثل "نُصحح ولا نُجرح" لحماية أهل البدع، ومثل "لا يلزمني" لرد الحق، ومثل "المنهج الواسع الأفيح" لاستيعاب الفِرَق كلها، ومحاربة السلفيين والمنهج السلفي الذي يسيرون عليه ويدعون إليه، ويذبون عنه، ولو رغمت أنوف خصوم هذا المنهج الذين يحاربونه بشدة باسمه وتحت ستاره.
وقولك: " فما من واحدة من هذه إلا ولك فيها أخطاء بل بلايا وطوام، وفي "الدفاع عن أهل الاتباع" برهان ذلك ودليله، وفي أشرطتك التي جمعتها بصوتك، والتي لم أنشرها بعد البرهان الساطع على ذلك، وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك، لكن يبدوا أن الأمر كما قيل: على نفسها جنتْ براقش!!".
أقول: من أوضح الواضحات عند من عرف هذا الرجل وأصوله ومنهجه الذي يسير عليه أن هذا الرجل من أشد الناس ضلالاً وفجوراً.
وهل يريد العاقل أدلة أوضح من دفاعه في هذا الكتاب بالخيانة والبهتان عن دعاة وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، بل عن من يقول بوحدة الوجود، ويعطل صفات الله، ويطعن في نبي من أنبياء الله، ويطعن في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويدافع فيه عن الإخوان المسلمين الذين يضم تنظيمُهم بين جناحيه الروافض وغلاة الصوفية والخوارج بل والنصارى، ويتحالفون مع الشيوعيين والبعثيين والناصريين، ويحاربون المنهج السلفي وأهله ويسعون في الأرض فساداً.
ومع كل هذا يشهد لهم أبو الفتن بأنهم من أهل السنة.
ويدافع في هذا الكتاب عن جماعة التبليغ التي تبايع على أربع طرق صوفية، منها الحلول ووحدة الوجود والشرك والبدع.
وكل هذا الدفاع عن هذه الأنواع قائم على مضادة منهج السلف وعلى الظلم والحقد والخيانات، وجعلِ الحق باطلاً والباطل حقاً.
ولضلاله وغبائه وجهله وعدم مبالاته بهذه المخازي يتبجح بهذا الكتاب، ويشيد بجهوده الخائبة الخائنة فيه، ويفتخر بتتبع أشرطتي الداعية إلى الحق، والدامغة لأهل الباطل والضلال، فيخون باختطاف بعض الجمل من سياقها وسباقها الدالَّيْنِ أني على الحق الذي أدعو إليه والدامِغَيْن للباطل المضاد للحق.
وهذا منتهى الدناءة والفجور والانحطاط الديني والخلقي.
ويقول: " وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك".
أقول: ما أجرأك على الكذب، فليس ما تدعيه من الحرص على طي ملفي، والواقع العكس، فأنت ما زلت تهذي بالفتن والحرب على ربيع منذ فجرت الفتن عليه وعلى أهل السنة، وتطوي ملف ربيع الصحيح، وتنشر عنه ملفات قائمة على الكذب والخيانات وتعمد التشويهات، وتطوي ملفات أهل الضلالات الكبرى وملفات دعاة وحدة الأديان وأخوة الأديان.
فيقال لك بحق: على نفسها جنت براقش في دينك ودنياك.
ثم متى كنتَ حريصاً على الانشغال بغير ربيع، فمن يُصدِّق هذا الإفك الذي يكذبه منهجك وأصولك وواقعك المعروف به منذ عرفناك ألا وهو الدفاع عن هذا الغير، ومنهم سيد قطب والإخوان المسلمون وجماعة التبليغ، وعلى مر الأيام يتسع صدرك ومنهجك وأصولك لهؤلاء وأسوأ منهم، في الوقت الذي تضيق ذرعاً بالمنهج السلفي وأهله.
12- قال أبو الحسن في (ص5-6): " ألا يستفيد هذا الرجل من منهج الإمام أحمد، ويَفْصِل بين آرائه وبين السلفية والمنهج السلفي؟ فقد جاء في "النبلاء" (11/317) ترجمة الإمام أحمد بن حنبل: عن عبدالله بن محمد الوراق، قال: "كنت في مجلس أحمد بن حنبل، فقال: من أين أقبلتم؟ قلنا: من مجلس أبي كريب – يعني محمد ابن العلاء بن كريب الهمداني- فقال: اكتبوا عنه، فإنه شيخ صالح، فقلنا: إنه يطعن عليك، قال: فأي شيء حيلتي، شيخ صالح قد بُليَ بي" اهـ.
فهذا أحمد إمام أهل السنة حقًّا، لا إمام الجرح والتعطيل في هذا العصر!! يعلم رأي أبي كريب السيئ فيه، ومع ذلك لم يقل: إنه لم يطعن فيّ إلا لكراهيته السنة التي أنا إمامها، بل أثبت له الصلاح، وأمر بالكتابة عنه، واعتذر له بأن الله ابتلاه بالوقوع فيه، فأين الثرى وأين الثريا؟!!".
أقول:
1- مرحباً وأهلاً وسهلاً بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، ومنهم الإمام أحمد، فالله الكريم الرحيم أسأل أن يجعلني من أهل هذا المنهج، ويثبتني وأهل السنة جميعاً عليه.
ومن منهج الإمام أحمد وإخوانه وسلفه الصالح الرد على أهل البدع والضلال والتحذير منهم والأحكام الصارمة عليهم والأمر بهجرانهم.
وهذا نموذج من جرح الإمام أحمد:
قال الخلال في "السنة" (ص493):
" 779 - أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما رآه([17]) على الإسلام. قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس لهم سهم، أو قال: نصيب في الإسلام.
780 - وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب([18]) النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين.
781 - أخبرنا زكريا بن يحيى قال: ثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد الله: الرجل يشتم عثمان؟ فأخبروني أن رجلا تكلم فيه فقال: هذه زندقة.
782 - أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما أراه على الإسلام"([19]).
783 - أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد الله سئل وأخبرني علي بن عبدالصمد قال: سألت أحمد بن حنبل عن جار لنا رافضي يسلم عليَّ أرد عليه؟ قال: لا " اهـ.
ويقول الإمام أحمد فيمن يشتم أهل الحديث: زنديق زنديق.
ويقره أهل السنة على هذا الحكم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال مؤكداً لقول الإمام أحمد بما يأتي:
"وَحَدَّثَنِي : ثِقَةٌ أَنَّهُ تَوَلَّى مَدْرَسَةَ مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ بِمِصْرِ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ رَجُلٌ يُسَمَّى شَمْسَ الدِّينِ الأصبهاني شَيْخَ الأيكي فَأَعْطَوْهُ جُزْءًا مِنْ الرَّبْعَةِ فَقَرَأَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ { المص } حَتَّى قِيلَ لَهُ : أَلِفٌ لَامٌ مِيمٌ صَادٌ .
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْحُكُومَةَ الْعَادِلَةَ لِيَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ الَّذِينَ يَعِيبُونَ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَيَعْدِلُونَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ جَهَلَةٌ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ بِلَا رَيْبٍ . وَلِهَذَا لَمَّا بَلَغَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ " ابْنِ أَبِي قتيلة " أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِمَكَّةَ فَقَالَ : قَوْمُ سَوْءٍ . فَقَامَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهُوَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ وَيَقُولُ : زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ([20]) . وَدَخَلَ بَيْتَهُ . فَإِنَّهُ عَرَفَ مَغْزَاهُ"([21]).
وقال شيخ الإسلام في "بيان تلبيس الجهمية" (1/20-22):
"فصل
ثم قال أبو عبدالله الرازي (الثامن) إن خصومنا لا بد لهم من الاعتراف بوجود شيء على خلاف حكم الحس والخيال؛ لأن خصومنا في هذا الباب: إما الكرامية وإما الحنابلة، أما الكرامية فإنا إذا قلنا لهم لو كان الله مشارا إليه بالحس لكان ذلك الشيء إما أن يكون منقسما فيكون مركباً وأنتم لا تقولون بذلك، وإما أن يكون غير منقسم فيكون في الصغر والحقارة مثل النقطة التي لا تنقسم، ومثل الجزء الذي لا يتجزأ وأنتم لا تقولون بذلك، فعند هذا الكلام قالوا إنه واحد منـزه عن التركيب والتأليف، ومع هذا فإنه ليس بصغير ولا حقير".
قال شيخ الإسلام: "فقوله: "خصومنا في هذا الباب إما الكرمية، وإما الحنابلة" ليس بسديد، لا سيما وهؤلاء الحنابلة الذين وصفهم -إن كان لهم وجود- فهم صنف من الحنابلة الموجودين في وقته أو قبله بأرض خراسان وغيرها، ليسوا من أئمة علماء الحنابلة ولا أفاضلهم، فإن هذه الألفاظ التي حكاها عن الحنابلة لا نعرفها عن أحد منهم كما سنذكره.
وكذلك هؤلاء الكرامية الذين حكى قولهم هم بعض الكرامية وإلا فكثير من الكرامية قد يخالفونه فيما حكاه عنهم، بل خصومه في هذا الباب جميع الأنبياء والمرسلين وجميع الصحابة والتابعين، وجميع أئمة الدين من الأولين والآخرين، وجميع المؤمنين الباقين على الفطرة الصحيحة".
فقول شيخ الإسلام متعقباً كلام الرازي:
"بل خصومه في هذا الباب جميع الأنبياء والمرسلين وجميع الصحابة والتابعين، وجميع أئمة الدين من الأولين والآخرين، وجميع المؤمنين الباقين على الفطرة الصحيحة".
أقول: وكل سلفي لا يعترض على هذا الكلام والحكم؛ لأن عقيدة الرازي هذه تخالف عقائد الأنبياء والمرسلين...الخ
لكن منهج أبي الحسن يرفض هذا الكلام؛ لأنه غلو وشذوذ وتكفير، وهذا المنهج يدين أبا الحسن بأنه على الأقل خصم للصحابة والتابعين والسلف السابقين واللاحقين، ومخالف في أحكامه لهم أجمعين؛ لا سيما دفاعه بالخيانة والبهت عن دعاة وحدة وحرية الأديان وغيرهم من المبتدعين، ولا سيما في كتابه المسمى زوراً بـِ"الدفاع عن أهل الاتباع" الذي هو في حقيقته دفاع عن المبتدعين الضالين.
فهل أنت توافق هذين الإمامين على هذه الأحكام؟، وهل يحتملها أصولك ومنهجك؟، وهل توافق الإمام ابن تيمية في حكمه على الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم؟؟
إنك لترى ما هو دون هذا بكثير غلواً وشذوذاً إذا صدر ممن تحاربهم بغياً وعدواناً، وتحكم عليهم بأنهم تكفيريون.
وهذا يهدم كل ما أرجفتَ به في كتابك "الدفاع عن أهل الاتباع"، الذي تُلزم فيه ربيعاً بالتكفير بمجرد نقله لكلام أهل الضلال، ويهدم رميك ورمي حزبك للسلفيين بأنهم غلاة وشذاذ.
وأنت ضد منهج السلف العظيم وضد أهله، ومن المستبعد أن تسير عليه أو تحتمله نفسك أو تدعو إليه، هذه سيرتك وواقعك ومنهجك وتطبيقاتك، وأصولك واضحة جداً في مناهضة هذا المنهج وأهله إلى أبعد الحدود، واضحة في الغيرة العمياء على أعداء هذا المنهج، والحماس في الذود عنهم، والتبجح بالشهادة لهم بأنهم من أهل السنة غشاً وخيانه وتلاعباً بعقول من يحسن الظن بك من الأغبياء.
2- هذه القصة إنْ صحّت عن الإمام أحمد، فهذا من حلمه على سُني محدث كبير، وأنا أتأسى به وأحلم وأصبر على أناس دون أبي كريب بمراحل، ولا أعرف أنك تحلم على أهل السنة تأسياً بأحمد، بل تحاربهم بضراوة إذا قالوا الحق ونصروا السنة، ونرى خنوعك خاصاً بأهل الضلال، بل أنت أكبر محام عنهم، عكس مواقف الإمام أحمد الذي يبدعهم ويهينهم ويأمر بهجرهم، ولو كانوا دون من تدافع عنهم بمراحل.
3- وأيضاً لو ثبتت هذه القصة عن الإمام أحمد فلا حجة لك فيها؛ لأنه لو بلغ الإمام أحمد أن فلاناً يطعن في أهل الحديث لقال فيه: زنديق زنديق، كما قال ذلك في ابن أبي قتيلة، روى ذلك عنه الحاكم وغيره، وتداول هذا الكلام منه أهل السنة، وتلقوه عنه بالقبول، ومنهم الإمامان ابن تيمية وابن القيم.
ولو بلغته بدعة من أبي كريب أو أنه يكره السنة -وحاشاه- لطعن فيه وحذّر منه، كما هو منهجه ومنهج السلف الصالح.
4- إن صحَّ هذا النقل، فأحمد إنما تنازل عن حق نفسه، لا عن حق الله، فإنه لا هو ولا غيره من السلف يتنازل عن حق الله وما يخالف السنة.
5- إني والحمد لله يبلغني الطعن في شخصي - سابقاً ولاحقاً- من كثير من الناس، فأصبر على هذا الطعن، وقد ألوم من ينقل إليَّ هذا الطعن.
6- قولك عن الإمام أحمد: "إنه إمام أهل السنة حقًّا، لا إمام الجرح والتعطيل في هذا العصر".
يفيد أن الإمام أحمد ضد الجرح والتعديل، فلقد جرّدتَهُ من ميزة عظيمة؛ ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين، ومن ميزة عظيمة وهي الإمامة في الجرح والتعديل، وهو إمام في الجرح والتعديل، وقد نقل عنه الأئمة الثقات الكثير والكثير من أقواله في الجرح والتعديل، وكتب الجرح والتعديل تتحلى بذلك، وكتب العقائد في جرح الإمام أحمد لأهل البدع والتحذير منهم تتحلى بذلك، ونقده واسع، ولأصحابه عنه روايات: رواية ابنه صالح، ورواية ابنه عبد الله، ورواية المروزي، ورواية الميموني.
وقد جمع الإمام ابن عبد الهادي بعض أقوال الإمام أحمد في الجرح والتعديل في كتاب سماه "بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بن حنبل بمدح أو ذم".
حوى هذا الكتاب عشرين وثلاثمائة بعد الألف من التراجم (1320) ترجمة.
أخفى أبو الحسن كل هذا ليشعر الناس أن الإمام أحمد على منهجه، وأنه على منهج الإمام أحمد، وأن ربيعاً إمام الجرح والتعطيل على خلاف منهج الإمام أحمد وعلى خلاف منهج السلف الصالح.
وقد شهد لربيع العلامة الألباني إمام الجرح والتعديل بأنه حامل راية الجرح والتعديل بحق، فيلغي هذا الجهول الظلوم هذه الشهادة الصادقة والواقع الذي قامت عليه هذه الشهادة.
وهكذا تكون الأمانة، وهكذا يكون العدل والإنصاف عند أبي الحسن إمام التعطيل والغلو في التعطيل المضاد لمنهج السلف في الجرح والتعديل وغيره.
هذا وقد ألّف السلف كتباً خاصة في الجرح وحده، فهذا الإمام البخاري يؤلِّف كتاباً سماه بـِ"الضعفاء" وفيه جرح أهل البدع الذين يدافع أبو الحسن عن أقوام أسوأ منهم وفوقهم في الضلال.
وهذا الإمام النسائي يؤلف كتاباً في جرح الضعفاء والمتروكين، وفيهم أهل بدع يدافع أبو الحسن عن أسوأ منهم، ويقيم الدنيا ولا يقعدها على من ينتقدهم.
وهذا ابن حبان يخصص كتاباً خاصاً بالمجروحين، وفيهم أهل بدع يدافع أبو الحسن عن أسوأ منهم، ويحارب من ينتقدهم.
وهذا الدارقطني والحاكم وغيرهما لهم مؤلفات في المجروحين خاصة.
والمؤلفات للأئمة في الجرح والتعديل كثيرة، لا يطيقها أبو الحسن، ولا يحتملها منهجه ولا أصوله، وخاصة أصله "المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة"، وأهل السنة عنده الإخوان المسلمون وجماعة التبليغ.
ويسع الأمة كلها بما فيهم الروافض والخوارج وكل أهل البدع، ويجعل السواد الأعظم سلفيين.
فإن قال: لا أقصد هؤلاء.
قلنا له: هذا كلامك، وهذا واقعك وهذا تطبيقك، وكلها تدينك.
وربيع إن شاء الله مع أئمة الجرح والتعديل الذين تستنكر منهجهم وتسخر منه، فتقول: "لا إمام الجرح والتعطيل"، فواضح من سخريتك وأعمالك ومنهجك أنك لا تطيق منهج هؤلاء الأئمة في الجرح والتعديل.
ولو كنت تطيقه ما دافعت عن أهل البدع الكبرى ولا عن دعاة وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، ولا عن القائلين بوحدة الوجود ومن يطعن في الصحابة، بل من يطعن في بعض أولي العزم من الرسل الكرام.
فليتنبه لصاحب هذا المنهج وأمثاله .
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
20/11/1432هـ
<BR clear=all>[1] - أنت لا تقبل تزكيات كبار العلماء الذين يزكون ربيعاً بحق، ويؤيدون نقده لأهل البدع والضلال، ولا يرون له خطأ في المنهج. ولضلالك ومحاربتك لمنهج السلف ومعارضاتك للعلماء ترى أن ربيعاً يخالف المنهج أي منهج أبي الحسن وحزبه، بل منهج أهل الضلال الذين تدافع عنهم.
[2] - وقد أدان سيد قطب بوحدة الوجود عدد من علماء السنة، على رأسهم الألباني وابن عثيمين والفوزان وغيرهم، فهم في ميزان المأربي ظالمون وغلاة.
[3] - راجع شريطاً لأبي الحسن عنوانه محاضرة في مسجد شيخان في عدن.
[4] - راجع حوار مع أبي الحسن في صحيفة "الناس" وموقع أبي الحسن.
[5] - من شريط "لقاء أبي الحسن مع الألباني".
[6] - من شريط بعنوان "منهج الموازنات"، تسجيلات طيبة بالمدينة النبوية، برقم (86).
[7] - الحلبي يشكك في أخبار الثقات، ويشترط الإجماع في مسائل يخالف فيها السلفيين، ولا سيما في "مسائل الجرح والتعديل" . وابن علية انقطع عن الجدال بالباطل واستخذى أمام الحق، ولكن الحلبي وحزبه السفسطائي لا ينقطعون ولا يفترون عن المكابرة والعناد لأهل الحجج والبراهين، وسؤالنا عن رد أخبار الثقات هو سؤال الإمام الشافعي.
[8] - ولأبي الحسن وحزبه مصنفات في الجدل بالباطل والكذب والخيانات.
[9] - وهو أخف شراً وضلالاً من كثير ممن يدافع عنهم أبو الحسن، ويشهد لهم بأنهم من أهل السنة.
[10] - وانظر أيضاً "سير أعلام النبلاء" (10/30)، و"شرح السنة" للبغوي (1/227) بدون إسناد، وهو قول مشهور عن الشافعي.
[11] - وانظر "الانتقاء في فضائل الثلاثة" (1/79).
[12] - "تأريخ ابن معين" رقم (2670).
[13] - "الكفاية" للخطيب (ص49).
[14] - "الرد المفحم" (ص.
[15] - اتصلتُ على العلامة الألباني هاتفياً وعاتبته على قوله: إن فيَّ شيئاً من الشدة ، فقال لي معتذراً بلطف: هذه وجهة نظر.
[16] - من شريط بعنوان "منهج الموازنات"، تسجيلات طيبة بالمدينة النبوية، برقم (86).
[17] - كذا، ولعله: "ما أراه".
[18] - ومعلوم أن الشاتم غير المكفِّر والمفسِّق؛ إذ جرم هذا أشد وأغلظ.
[19] - هذا حكم من الإمام أحمد على من يشتم واحداً من الصحابة، فما حكم أبي الحسن عليه، الذي يرمي بالغلو من ينتقد من يطعن الأعداد الكثيرة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بدون حكم الإمام أحمد؟
[20] - انظر "معرفة علوم الحديث" للحاكم (ص4).
[21] - مجموع الفتاوى" (4/96).
ملفات مرفقة
الحلقة الثالثة مِنْ "تنبيه المغرور إلى ما في مقال أبي الحسن ومنهجه
من الضلال والشرور"
اعتراف أبي الحسن المأربي بأنه يدافع عن سيد قطب والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ من أول يوم التقى فيه بالشيخ ربيع.
11- قال أبو الحسن في مقاله "حقًّا الذي يثير الفتن بين السلفيين هو الشيخ ربيع" في (ص4-5):
" ذكر أنه من أول يوم التقى بي وجدني أدافع عن سيد قطب والإخوان المسلمين والتبيلغ ...الخ".
ثم قال: "والجواب: أن الدفاع بحق ودفع الظلم عن الكافر فضلاً عن المسلم محمود عند العقلاء، وليس بمعيب، وعندما وقفتُ على كلام الشيخ ربيع الصارخ بالغلو، والأحكام الفجّة، ومجانبته هدي كبار العلماء أنكرته، مع إنكاري ما عليه المذكورون من مخالفة للسنة في الأصول والفروع، فهل يلزمني أن أكون مدخليًّا حذو القُذة بالقُذة؟ هل إنكاري على الشيخ ربيع يعني إنكاري منهج السلف؟ فتنة هذا الرجل أنه لا يُفرق بين آرائه وبين السلفية!! فآراؤه هي السلفية، والسلفية هي آراؤه، وكلامه هو المنهج، والمنهج هو ما عليه ربيع، وليس هذا الإعجاب والغرور بغريب على رجل يُسْأل: هناك من يقول: إن الشيخ ربيعًا معصوم في المنهج، ما تقول أنت في هذا؟ قال الشيخ ربيع: لا، لا، أقول: لستُ معصومًا، لستُ معصومًا، ولكن اسمع: لا أعرف لي خطأ في المنهج!!اهـ.
فهو لا يعرف له خطأ في المنهج، وأكثر أهل الباطل – غير الزنادقة والمرضى- لا يعرفون لأنفسهم خطأ فيما هم فيه، والتـزكية تكون من الغير([1]) لا من الشخص لنفسه، وكثير من الناس أقام الحجج والبراهين على خطئك أيها الأستاذ في المنهج والتربية والدعوة، فاعرف أنت أو لا تعرف، فكم من الناس ضلوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولو سلكتَ مسلك الأئمة الذين يقول أحدهم وهو الشافعي - رحمه الله- في مسائل الاجتهاد: قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب؛ لأرحت واسترحت، ثم ما هو المراد بالمنهج الذي لا تعرف لنفسك فيه خطأ؟ أهو أحكامك على الرجال؟ أم قواعد الأئمة في الجرح والتعديل؟ أم حكمك على الكتب والمؤلفات؟ أم قواعد التربية الدعوية؟ فما من واحدة من هذه إلا ولك فيها أخطاء بل بلايا وطوام، وفي "الدفاع عن أهل الاتباع" برهان ذلك ودليله، وفي أشرطتك التي جمعتها بصوتك، والتي لم أنشرها بعد البرهان الساطع على ذلك، وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك، لكن يبدوا أن الأمر كما قيل: على نفسها جنتْ براقش!!".
أقول: هذا اعتراف منه بأنه منذ التقيت به أنه يدافع عن سيد قطب وعن جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ، فهذا داء لا يزول.
وهذا من أوضح الأدلة أنه من أصله من أهل الأهواء، وأنه إنما يلبس السلفية لأهداف خطيرة، منها محاربة السلفية باسم السلفية، ومنها الدفاع عن أهل الضلال باسم السلفية والعدل، الذي لا يوجد إلا في سلفيته المزعومة.
فمن سلفيته وعدله أن من ينتقد سيد قطب في وحدة الوجود والقول بالحلول والقول بخلق القرآن ظالم وغال بل وخارجي([2])، ويرى أن ضلالات سيد قطب ناشئة عن اجتهاد، ولعل اجتهادات أبي الحسن مستمدة من اجتهادات سيد قطب.
وينفي عنه القول بوحدة الوجود والحلول، بل يتجاوز ذلك إلى نفي وحدة الوجود عن متصوفة المصريين القائلين بوحدة الوجود([3]).
ولا يمنعه من الدفاع عن سيد قطب طعنه في نبي الله موسى -عليه السلام- وسخرياته به، وعن طعنه في أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلى رأسهم الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وإسقاط خلافته، والافتراء عليه بأنه تحطمت روح الإسلام في عهده، وتحطمت أسس الإسلام في عهده، وأن منهج الثوار عليه من السبئية والخوارج أقرب إلى روح الإسلام منه، إلى طعنات أخرى كثيرة وتشويه لهذا الخليفة الراشد ولمجتمعه المسلم.
راجع كتاب سيد قطب "العدالة الاجتماعية"، ولعل أبا الحسن يستمد عدله الذي يحارب به السلفيين من سيد قطب.
فمن يرد هذه الضلالات الكبرى بالحق يعتبر غال وظالم في منهج أبي الحسن.
ومن عدل أبي الحسن أن مجرد نقل ضلالات الإخوان المسلمين يعتبر ظلماً وغلواً وتكفيراً، ولو كان النقل بالحرف لأقوال كبارهم بوحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، فنقد ضلالاتهم الكبرى غلو وظلم في منهج هذا الرجل العجيب.
من عدل أبي الفتن الطعن في من ينتقد جماعة التبليغ الذين يبايعون على أربع طرق صوفية، فيها وحدة الوجود والحلول والشركيات والضلالات.
وقد ألّف السلفيون في بيان ضلالهم مؤلفات.
من هذه المؤلفات "القول البليغ في جماعة التبليغ" تأليف الشيخ حمود التويجري، وكتاب "جماعة التبليغ في شبه القارة الهندية" تأليف الدكتور أسامة سيد طالب الرحمن، وتقريظ الشيخ صالح الفوزان، وكتاب للشيخ تقي الدين الهلالي، و"كلمة حق في جماعة التبليغ" تأليف الشيخ خالد بن عبد الرحمن المصري، ولي رسالة فيهم اسمها "أقوال العلماء في جماعة التبليغ"، و"الجواب البليغ عن أسئلة تتعلق بجماعة التبليغ" للشيخ مقبل بن هادي، تضمنت فتوى أربعة عشر عالماً ومنهم ابن باز والألباني وعبد الرزاق عفيفي وغيرهم، وكلهم يرمي هذه الفرقة بالضلالات الكبرى، فهم غلاة وظالمون عند أبي الحسن وفي منهجه.
وقد حكم عليهم وعلى الإخوان المسلمين الإمامان ابن باز والألباني بأنهم من فرق الضلال، وعلى ذلك أهل السنة والحديث في كل أنحاء العالم، فهؤلاء كلهم غلاة وظالمون في منهج أبي الحسن.
إن من عدالة أبي الحسن أنه يعتبر الأحزاب العلمانية: الليبرالية والبعثية والشيوعية المسماة تلبيساً بالاشتراكية والناصرية يعتبر أفرادها وجماعاتها مسلمين، ولا يطعن في إسلام أحد منهم حتى دعاتهم مسلمين، فيقول بعد دفاعه المغلف عن الإخوان المسلمين المتحالفين مع هذه الأحزاب العلمانية والشيوعية: "ولكن عندما نقول إن حزب الإصلاح له صبغة دينية لا يعني أن الأحزاب الأخرى ليس لها صلة بالدين..."([4]).
ومن عدالة أبي الحسن وإنصافه وسعة منهجه أنه يصف من يؤيد مطالب الاشتراكيين الديمقراطية بأنهم منصفون. راجع حوار مع أبي الحسن، نُشر في صحيفة "الناس" وفي موقعه.
وبهذا الأسلوب العادل من أبي الحسن يصبح أفراد الشيوعيين والبعثيين والعلمانيين الآخرين وجماعاتهم يصبحون كلهم مسلمين.
وينسب هذا الحكم إلى أهل السنة، ويرمي من يخالف حكمه بالغلو.
وأهل السنة عنده الإخوان المسلمون وجماعة التبليغ والصوفية على كثرة طرقها الضالة، ولعله يدخل هذه الأحزاب في أهل السنة البعيدين عن الغلو في منهجه الواسع؛ لأن السواد الأعظم عنده سلفيون.
ولو كان هذا الرجل من أهل السنة لبيّن ضلالاتهم بالتفصيل، ولألّف في نقدهم المؤلفات، ولكن لعدله يرى أن الواجب إنما هو تأليف المؤلفات والحرب في عشرات الأشرطة وفي المنتديات على السلفيين الذين يصفهم بالغلاة، وأخيراً يرمي أقوالهم بأنها أولى بالزندقة والمروق، وأنهم أولى بالذم من فِرَق الضلال.
والسلفيون إذا نصروا الحق وذبوا عنه يعتبرهم غلاة وشذاذاً وأذناباً لربيع.
ولا تتسع لهم أصوله العظيمة، ولا سيما المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة في اعتقاده ويسع الأمة كلها، ومنها الطوائف الضالة والأحزاب المذكورة أعلاه.
قوله: "وعندما وقفتُ على كلام الشيخ ربيع الصارخ بالغلو، والأحكام الفجّة، ومجانبته هدي كبار العلماء أنكرته، مع إنكاري ما عليه المذكورون من مخالفة للسنة في الأصول والفروع، فهل يلزمني أن أكون مدخليًّا حذو القُذة بالقُذة؟ هل إنكاري على الشيخ ربيع يعني إنكاري منهج السلف؟ فتنة هذا الرجل أنه لا يُفرق بين آرائه وبين السلفية!! فآراؤه هي السلفية، والسلفية هي آراؤه، وكلامه هو المنهج، والمنهج هو ما عليه ربيع".
أقول: إن كلام ربيع في أهل الضلال لقائم على الحجج والبراهين وعلى هدي كبار العلماء والأئمة السابقين واللاحقين، وإن أحكامه إن كان له أحكام لتأتي دون أحكام العلماء، وليس عنده أي غلو.
ولكنك ترى نقد أهل الباطل بالحجج والبراهين غلواً صارخاً، ولو كان في غاية البعد من الغلو.
وقد عرف السلفيون الصادقون منهج أبي الحسن وأصوله الباطلة من عدد من كتاباته المليئة بالفجور والكبرياء والغرور والمجازفة في الأحكام، وعرف القارئ شيئاً عنه وعن ضلاله مما أسلفته في هذا المقال.
ودعواه أنه ينكر ضلالات من ينتقدهم ربيع والسلفيون كذب، فأين هذا الإنكار؟، وكم كتاباً ألّف في هذا الإنكار؟، بل إن واقعه بعكس هذه الدعوى.
كيف يؤلف في الإنكار عليهم، وهو حامل لواء الدفاع عنهم، وحامل لواء الحرب على من ينتقدهم بحق ونصرة لدين الله؟
فالرجل لا يلحق في الدفاع عن الباطل وأهله، ولا في حرب الحق وأهله مع تشويهه لهم الذي يشبه تشويه الروافض والخوارج لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن سار على نهجهم من أهل السنة والتوحيد.
ومثل تشويه أبي الحسن تشويه أعداء السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية وللإمام محمد ابن عبد الوهاب.
ودعاواهم تشبه دعاواه، وطعونهم تشبه طعونه، بل إنه ليفوقهم.
وربيع ما يقول: منهجي منهجي، وإنما يقول: منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، رداً على سادة أبي الحسن المخالفين لمنهج الأنبياء، وينقل في ذلك الآيات والأحاديث.
ويقول: منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف، وينقل نصوصهم الكثيرة الواضحة في الطعن في أهل البدع بدون موازنات ولا حمل مجمل على مفصل.
ويقول: منهج مسلم في ترتيب صحيحه، ويقيم على ذلك الأدلة من عمل الإمام مسلم، ويرد المطاعن في بعض الأنبياء وفي الصحابة بالأدلة من الكتاب والسنة وبأقوال الأئمة، لا بآرائه.
ويرد الطعون في أهل السنة بالأدلة وبأقوال أئمة الإسلام، لا بآرائه.
وكل ردوده قائمة على الأدلة من الكتاب والسنة وعلى أقوال أئمة السنة.
وأبو الحسن وحزبه الغلاة في الظلم والبغي يهدرون هذا المنهج السديد، ويهدرون الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف الكثيرة التي أنقلها عنهم؛ لتوضيح هذا المنهج ونصرته والذب عن الحق وأهله.
ويجدّون ويجتهدون في قلب الحقائق وتشويهها وتشويه من يبرزها.
وظلمات هذا التشويه من هذا الضال الحقود لربيع وإخوانه من أهل السنة لا يُغَيِّر من الحقائق الناصعة والواقع المشرف المشرق شيئاً، بل لا يزيد هذا الباغي هذا التشويه الظالم المظلم إلا سقوطاً.
وقوله: " وليس هذا الإعجاب والغرور بغريب على رجل يُسْأل: هناك من يقول: إن الشيخ ربيعًا معصوم في المنهج، ما تقول أنت في هذا؟ قال الشيخ ربيع: لا، لا، أقول: لستُ معصومًا، لستُ معصومًا، ولكن اسمع: لا أعرف لي خطأ في المنهج!!اهـ".
أقول: الإعجاب والغرور إنما قتلا أبا الحسن وأمثاله وأوصلاهم إلى حضيض الحضيض تنكيلاً من الله بهم وفضحاً لهم، تلك الفضائح والمخازي التي من جملتها مدح أهل البدع والدفاع عنهم بالأكاذيب، واختراع الأصول للدفاع عنهم، وتحريف الإسلام ومنهج السلف والحرب على أهله؛ الأمور التي أوصلتهم إلى الدفاع عن أهل وحدة الوجود والطاعنين في الصحابة، بل في بعض الأنبياء، وإلى الدفاع عن من يدعو إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، وإلى تلميع الاشتراكيين والليبراليين والبعثيين، واعتبارهم مسلمين أبناء مسلمين بأساليب الديماغوجيين.
فهل من هذا حالهم من أهل العدل والعدالة ومن المتمسكين بمنهج السلف؟
وماذا يريد أبو الحسن بعد إنكاري واستنكاري لهذا الكلام؟
وهل يريد مني أن أقول: إني ضال في المنهج، وأنا على طريقة سيد قطب والبنا والغزالي وعلى طريقة جماعة التبليغ؟
وهل يوجد في السلف من يقول: إني ضال في المنهج.
وهل حكم أحد من علماء السنة أن ربيعاً مخالف للمنهج أو ضال فيه؟
لقد عرف السلفيون ولله الحمد في كثير من البلدان أن ربيعاً على منهج السلف، ولقد أيّد كبار العلماء منهجه ومؤلفاته، فلا يوجد من يعارضه في تقرير منهج السلف وأصوله وأدلته وبراهينه.
ويكفي السلفي الصادق، البعيد عن الهوى قول العلامة الألباني -الناقد البصير-:
"إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور ربيع أنها مفيدة ولا أذكر أني رأيت له خطأ وخروجاً عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه"([5]) .
وقال -رحمه الله-: " إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه"([6]).
ولو وقف على أساليب أبي الحسن وحزبه وأصولهم الفاسدة وفتنهم لدمغهم بأنهم يردون على ربيع بغير علم ولا هدى ولبدَّعهم.
فأيهما يقدم قول هذا الإمام الناقد السلفي وأقوال إخوانه من أهل السنة ومواقفهم الشريفة الأمينة.
أو يقدم قول الأفاكين أذناب أهل البدع والضلال والمستميتين في خدمتهم والذابين عن ضلالاتهم وبدعهم الكبرى من أمثال أبي الفتن ومن على شاكلته؟
الجواب يعرفه كل سلفي صادق.
قوله: " فهو لا يعرف له خطأ في المنهج، وأكثر أهل الباطل - غير الزنادقة والمرضى- لا يعرفون لأنفسهم خطأ فيما هم فيه".
أقول: إني أتكلم بحسب علمي، ولو عرفتُ أن لي خطأ أو أخطاء في المنهج وغيره لرجعت عنها بكل سهولة، ولا أعرف عن نفسي العناد والإصرار على الباطل كما هو حال أبي الحسن وحزبه وأمثالهم من أهل الأهواء المعاندين المكابرين في حقائق واضحة كالشمس.
وها أنت يا أبا الفتن من أشد أهل الباطل، فهل تعترف بضلالك في المنهج وغيره وفي الدفاع عن أنواع أهل الضلال وتزكياتك لهم؟
وهل يعترف حزبك بأنهم مخالفون لمنهج السلف، أو يكابرون ويعاندون، مع أنهم من أبعد الناس عن منهج السلف، وكم عندك وعندهم من الأباطيل المهلكة، فلا ترجعون عنها، ولا تتذكرون، ومن بيته من زجاج لا يرمي بيت غيره بالحجارة.
وقوله: " وكثير من الناس أقام الحجج والبراهين على خطئك أيها الأستاذ في المنهج والتربية والدعوة، فاعرف أنت أو لا تعرف، فكم من الناس ضلوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".
أقول: من هم هؤلاء الناس الكثير، سمهم لي؟، وبيِّن هل هم من العلماء الناصحين العارفين لمنهج السلف والمتمسكين به، أو هم من أمثالك من الأفاكين المرجفين بالباطل والتمويهات الديماغوجية والتحريفات المخزية؟
ثم بيِّن لي حجج هؤلاء الناس الكثر ونصوصهم ومصادرهم.
وقوله: " ولو سلكتَ مسلك الأئمة الذين يقول أحدهم وهو الشافعي - رحمه الله- في مسائل الاجتهاد: قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب؛ لأرحت واسترحت".
أقول: نحن ما نناقش المجتهدين الذين يحق ويسوغ لهم الاجتهاد مع دينهم وإخلاصهم وورعهم، وإنما نناقش أناساً من أهل الأهواء والكذب والخيانات، ومن المتأكلين بدينهم، نناقشهم في الدفاع عن أهل البدع الكبرى التي يُكفِّر بها السلف الصالح ويبدعون بأصغرها، ونناقشهم في أصول باطلة ومنهج فاسد وظلم وبغي، وطوام لا تنقطع، على امتداد عقدين من الزمن.
فلا تُلبِّس على الناس.
ما هو مسلك الأئمة ومنهم الشافعي تجاه أهل البدع والضلالات كالجهمية والمعتزلة والخوارج والمرجئة؟ هل كانوا يختلفون فيهم، وهل كان فيهم أمثال أبي الحسن من يدافع عن هذه الفرق أو بعضها؟ وهل يرون هم والشافعي جواز الاختلاف في أهل الضلال والبدع المذكورة وأن هذا الاختلاف من مسائل الاجتهاد التي يؤجر عليها من يخالف ويدافع عن أهل الضلال؟
بيِّن لنا ذلك بالأدلة والحجج وبنصوص أقوالهم حتى أريح نفسي وأستريح، وأُسلِّم أنا والسلفيون بإمامة أبي الحسن وصحة منهجه وأنه على منهج السلف، فنعذره في الدفاع عن من يقول بوحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، بل في الدفاع عن أهل وحدة الوجود ومن يطعن في الصحابة الطعون الشديدة، بل من يسخر من نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام-، والدفاع عن أهل البدع بحرارة، والحكم الجازم لهم بأنهم من أهل السنة، والحكم على من يُبيِّن ضلالهم بالظلم والغلو.
موقف الإمام الشافعي مِنْ مِثْلِ ممن يدافع عنهم أبو الحسن وحزبه
قال الذهبي في "تأريخ الإسلام" (15/52):
"إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن علية أبو إسحاق الأسدي البصري المتكلم الجهمي .
وقد ناظر الشافعي ، وكان يقول بخلق القرآن ويناظر عليه .
وكان يرد خبر الواحد ، ويقول : الحجة بالإجماع .
فقال له الشافعي في مناظرته : أبإجماع رددت خبر الواحد ، أم بغير إجماع([7]) فانقطع .
وقد ذكره أبو سعيد بن يونس فقال : له مصنفات في الفقه تشبه الجدل([8]) .
روى عنه : بحر بن نصر الخولاني ، وياسين بن زرارة القتباني.
قلت : وكان الإمام أحمد يقول : ضالٌ مضل([9]) .
توفي ابن علية بمصر سنة ثمان عشر ، وكان أبوه من أئمة الإسلام". انتهى.
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/ 24:
"وقد اتَّفَقَتْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ على ذَمِّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبُهُ فِيهِمْ مَعْرُوفٌ عِنْدَ جَمِيعِ أصحابه، وهو أنهم يُضْرَبُونَ وَيُطَافُ بِهِمْ في قَبَائِلِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ: هذا جَزَاءُ من تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وأقبل على الْكَلَامِ.
وقال: لقد اطَّلَعْتُ من أهل الْكَلَامِ على شَيْءٍ ما كنت أظنه، وقال: لَأَنْ يُبتلى الْعَبْدُ بِكُلِّ شَيْءٍ نهى عنه غير الْكُفْرِ أَيْسَرُ من أَنْ يُبتلى بِالْكَلَامِ".
هذا قول الشافعي وحكمه في أهل الكلام.
فهل أبو الحسن يقول مثل هذا الكلام في الاشتراكيين والليبراليين والبعثيين والعلمانيين، وفي القائلين بوحدة الوجود ووحدة الأديان وحرية الأديان، وفيمن يطعن في الصحابة الكرام، بل في بعض الأنبياء العظام؟؟
إن منهج أبي الحسن وأصوله ومنهجه الواسع الأفيح لا تسمح له بأقل وأدنى مما قاله الشافعي، ويؤيده أئمة السنة.
وقال البيهقي في "مناقب الشافعي" (1/407):
"أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت عبد الله بن محمد بن علي بن زياد يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت الربيع يقول: لما كلّم الشافعي –رحمه الله- حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق. قال الشافعي: كفرتَ بالله العظيم"([10]).
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/ 24:
"وقال الْبَيْهَقِيُّ في "مناقبه": "ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ إبْرَاهِيمَ بن إسْمَاعِيلَ بن عُلَيَّةَ، فقال: أنا مُخَالِفٌ له في كل شَيْءٍ، وفي قَوْلِهِ: "لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، لَسْتُ أَقُولُ كما يقول، أنا أَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الذي كَلَّمَ مُوسَى من وَرَاءِ حِجَابٍ، وَذَاكَ يقول: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الذي خَلَقَ كَلَامًا أَسْمَعَهُ مُوسَى من وَرَاءِ حِجَابٍ"([11]).
هذا مع أن إبراهيم بن إسماعيل لم يطعن في نبي الله موسى -عليه السلام- فكيف لو وقف الشافعي على من يسخر من نبي الله موسى، ويعطل صفات الله، ويقول بوحدة الوجود وبوحدة الأديان، فماذا سيقول فيه؟
فهذه بعض أقوال الإمام الشافعي في أهل البدع، فهل وُجد في السلف من يعارضه ويرميه بالغلو والشذوذ كما يفعل ذلك أبو الحسن وحزبه، حيث يرمون من ينتقد أهل البدع الكبرى التي هي أشد من البدع التي يكفر بها الشافعي والسلف الصالح ، ويحاربونهم الحرب الضروس بالأباطيل والخيانات، ويرمونهم بالغلو والشذوذ.
ويوهمون الناس أنهم مجتهدون ومن أهل الورع، وأن السلفيين يتشددون في مسائل من مسارح الاجتهاد، وهذا منهم من أشد أنواع التلبيسات والتمويهات.
فالخلاف بيننا وبينهم في مسائل عقدية ومنهجية، وليس من مسائل الفروع التي يسوغ فيها الخلاف، والتي تتجاذبها الأدلة، ويؤجر فيها المجتهدون المختلفون، للمصيب أجران، وللمخطئ أجر واحد.
وقوله: " ثم ما هو المراد بالمنهج الذي لا تعرف لنفسك فيه خطأ؟ أهو أحكامك على الرجال؟ أم قواعد الأئمة في الجرح والتعديل؟ أم حكمك على الكتب والمؤلفات؟ أم قواعد التربية الدعوية؟ فما من واحدة من هذه إلا ولك فيها أخطاء بل بلايا وطوام، وفي "الدفاع عن أهل الاتباع" برهان ذلك ودليله، وفي أشرطتك التي جمعتها بصوتك، والتي لم أنشرها بعد البرهان الساطع على ذلك، وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك، لكن يبدو أن الأمر كما قيل: على نفسها جنتْ براقش!!".
أقول: من هم الرجال الذين أخطأت عليهم في أحكامي؟ وبيِّن مخالفتي لمنهج السلف في هذه الأحكام بالأدلة والبراهين؟
وهل أنت راض عن السلف وأقوالهم في الرجال، وعن قول ابن معين في تليد بن سليمان: "ليس بشيء"، وقال: "كذاب، يشتم عثمان، وكل من يشتم عثمان أو طلحة أو أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- دجال لا يكتب عنه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"([12]).
فالذي يرمي بالغلو من لا يقول مثل هذا الكلام الشديد من أمثال أبي الحسن يمكن أن يرميهم.
وقول أبي زرعة: "إذا رأيت الرَّجلَ يَنْتَقِصُ أحدًا مِنْ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم؛ فاعْلَمْ أنَّه زِنْدِيقٌ، وذلك أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلَّم عندنا حقٌّ، والقرآنُ حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسُّنَنَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، وإنَّما يريدون أن يُجَرِّحُوا شهودَنا لِيُبْطِلُوا الكتابَ والسُّنَّةَ، والجَرحُ بهم أَوْلَى وهم زَنادِقَة"([13]).
وتداول أهل السنة له بدون ثورات وبدون ضجيج ولا رمي بالغلو، كما يفعل أبو الحسن، بل يتداولونه بكل احترام.
الذي يقارن بين أحكام ربيع وإخوانه وبين أحكام السلف على أهل الأهواء، يجد البون شاسعاً بين السلف وبينهم، فأحكام السلف أشد وأقوى من أحكام ربيع وإخوانه.
ومن يضيق ذرعاً بالأحكام الضعيفة المقصرة فهو بأحكام السلف أشد ضيقاً وتبرماً ورمياً لهم بالغلو.
قال العلامة الألباني -رحمه الله- في من طعن فيه برأيه في مسألة الحجاب:
"فإن هذا التهجم والطعن لا ينالني أنا وحدي؛ بل يصيب أيضاً الذين هم قدوتي وسلفي من الصحابة والتابعين والمفسرين والفقهاء وغيرهم - ممن ذكرناهم في الكتاب - كما سيأتي، وفي المقدمة المشار إليها أيضاً"([14]).
وهل حَكَمَ ربيع على من يطعن في أعداد كبيرة من الصحابة بهذا الحكم أو ما يقاربه؟، وهل حَكَمَ على أمثالك ممن يطعن في أهل السنة والحديث المعاصرين ويقول عنهم: إنهم غلاة وأراذل وأقزام وأصاغر والأصاغر دائماً تحت الأقدام، بل قُلتَ: إن أقوالهم أولى بالزندقة، هل حَكَمَ عليك بمثل حُكم الإمام أحمد الذي قال في شخص يشتم أهل الحديث: "زنديق، زنديق، زنديق"، ولم يعارضه أحد من أهل السنة، ومنهم شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم، أيّدا هذا الكلام وقالا: إنه عرف مغزاه.
هل حكم عليك ربيع أو غيره بمثل هذا الحكم أو ما يقاربه؟، مع أننا نعرف مغزاك من الطعن في السلفيين وشن الحرب عليهم، ومن الدفاع الواسع عن أهل البدع والضلال، ونعرف مغزاك من التأصيلات الكثيرة ومنها المنهج الواسع الأفيح، نعرف هذه الأمور وغيرها وأن مغزاك منها الطعن في المنهج السلفي الأول وأهله وإن تسترت بحرب المعاصرين.
وأقول ولا فخر: إنه قد شهد لي إمام الجرح والتعديل الذي درس كتبي ومنهجي وجرحي وتعديلي، فأدلى بتلك الشهادة الصادقة المؤيدة للحق وأهله، والقامعة لأهل البدع والضلال، ذلك الشاهد العدل هو الإمام الألباني الذي قال صادعاً بالحق:
"وباختصار أقول: إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه وإن كنت أقول دائماً وقلت هذا الكلام له هاتفياً أكثر من مرة أنه لو يتلطف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه ، أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقاً إلا ما أشرت إليه آنفاً من شيء من الشدة في الأسلوب([15]) ، أما أنه لا يوازن فهذا كلام هزيل جداً لا يقوله إلا أحد رجلين : إما رجل جاهل فينبغي أن يتعلم، وإلا رجل مغرض ، وهذا لا سبيل لنا عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط"([16]).
فهذا الكلام من هذا الحِبر المنصف أحرق أكباد الحاقدين الحاسدين المغرضين، ومنهم أبو الحسن وحزبه، وبسببه وغيره انطلقوا إلى المكايد والفتن والحروب سراً وعلانية من ذلك الوقت إلى يومنا هذا.
وقولك: " أم حكمك على الكتب والمؤلفات؟".
أقول: ما هي الكتب والمؤلفات التي حكمت عليها بالباطل أو الخطأ؟
أهي مؤلفات سيد قطب كـ"العدالة الاجتماعية" الذي ضمّنه الاشتراكية الضالة وحرّف لها نصوص الكتاب والسنة، وضمّنه الطعن في الصحابة الكرام بأسوأ أنواع الطعون والأراجيف، وضمّنه تكفير الأمة بدأً بعهد علي ثم مروراً على عهد بني أمية والعباسيين مواصلاً ذلك إلى عهده.
أم كتاب "التصوير الفني" الذي سخر فيه من نبي الله موسى -عليه السلام- حوالي عشر سخريات لاذعة، وعطّل فيه صفات الله بناء على أصوله الجهمية.
وقرر فيه أن القرآن قائم على التصوير الفني، وساق أمثلة كثيرة فيه للتمثيليات، ومنها المضحك، والمسرحيات على طريقة المسرحيات الغربية كما يزعم.
وشهد على نفسه أنه تخلى عن قداسة القرآن عند تأليفه لهذا الكتاب، إلى أقوال رديئة جداً.
أم كتاب "كتب وشخصيات" الذي مدح فيه الفرعونية وعقيدة النيرفانا الهندوكية، التي تتضمن عقيدة وحدة الوجود والحلول والتناسخ، ودافع عن هذه العقيدة وأهلها، ورمى فيه معاوية وعمرو بن العاص –رضي الله عنهما- بالكذب والخيانة وشراء الذمم...الخ.
أم كتاب "في ظلال القرآن" الذي عطّل فيه صفات الله في عدد من المواضع ، وأنكر فيه أن الله يتكلم، وإنما يُوجِد الأشياء بمجرد توجه الإرادة.
وكفّر فيه الأمة في مناسبات كثيرة، حتى يكفر بالجزئية التي يطاع فيها الحاكم، وكفّر حتى من يعلن في الأذان شهادة "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله".
وحرّف معنى "لا إله إلا الله" عن معناها الذي أُرسِل به الأنبياء جميعاً إلى الحاكمية، وأن معنى "لا إله إلا الله" لا حاكم إلا الله، وأن الحاكمية أخص خصائص الألوهية، وقال فيه بعقيدة أزلية الروح، وهي عقيدة النصارى والزنادقة.
وشكك في سماع موسى -عليه السلام- لكلام الله -عزّ وجل- بكلام سيء، ودندن حول إنكار المعجزات.
وقال في كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية"(ص 61):
"ولا بد للإسلام أن يحكم، لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معاً مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافهما جميعاً، ويزيد عليهما بالتناسق والاعتدال".
وما من كتاب من كتبه إلا وهو قائم على الجهل والضلالات.
أم هي مؤلفات الغزالي التي ناقشتها في كتابي "موقف الغزالي من السنة وأهلها"؟
أم أقوال الروافض التي ناقشتُها وناقشتُ كثيراً من ضلالاتهم الكفرية التي أودعوها في مؤلفاتهم مثل "الكافي" للكليني، و"تفسير العياشي" و"تفسير القمي" المليئة بالبدع الكفرية والتحريفات الفاجرة لنصوص كتاب الله، بل والزيادة والنقص في بعض الآيات، وتحريف آيات التوحيد، إلى تأليه الأئمة الأبرياء منهم، إلى ضلالات كبرى؟
بيّنتُ هذه الضلالات الكبرى في كتابي "الانتصار لكتاب العزيز الجبار ولأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأخيار".
أم كتاب حسن المالكي الذي طعن فيه في الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته ومن سار على نهجه النهج السلفي، وشوه كتابه "كشف الشبهات" وألصق بالشيخ محمد جماعات التكفير التي انطلقت من كتب سيد قطب ومنهجه، ومدح فيه الخميني، إلى ضلالات حواها كتابه؟
أم كتب أبي الفتن التي ملأها بالفجور والتحريفات والأصول الباطلة والخيانات، ولا سيما كتابه "الدفاع عن أهل الاتباع"، ويكفيك من شر سماعه، فالذي يقرأ هذا الكتاب بوعي يجد أنه دفاع عن أهل الضلال والابتداع، ومن ذلك الدفاع بالتحريف والخيانات عن دعاة وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان.
وقولك: "أم قواعد التربية الدعوية؟".
أقول: إني والحمد لله لا أُرَبِّي إلا على نصوص الكتاب والسنة ومنهج السلف وقواعدهم، وأحيل الشباب في دروسي على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم السلف الصالح، وأحيلهم على الأمهات الست وغيرها من كتب السنة، وأحيلهم على كتب التفسير السلفية مثل "تفسير ابن جرير" و"تفسير البغوي" و"تفسير ابن كثير" و"تفسير السعدي"، وأحيلهم على مؤلفات شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وعلى كتب الإمام محمد بن عبد الوهاب ومدرسته.
وأحذر من كتب أهل البدع على طريقة السلف.
وأحيلهم على كتب العقائد السلفية، مثل "السنة" لعبد الله بن أحمد و"السنة" للخلال، و"أصول السنة" للإمام أحمد، و"أصول السنة" لأبي زرعة وأبي حاتم، و"الشريعة" للآجري، و"الإبانتين" لابن بطة، و"الحجة" لأبي القاسم الأصبهاني، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة"للالكائي، و"اعتقاد أهل الحديث" للصابوني.
ودرّستُ من هذه الكتب "أصول السنة" للإمام أحمد، و"أصول السنة" لأبي حاتم وأبي زرعة، و"اعتقاد أهل الحديث" للصابوني، و"شرح السنة" للبربهاري، و"الشريعة" للآجري، ، ودرّستُ "صحيح مسلم" مرتين، والكثير من "سبل السلام"، و"فتح المجيد"، وقد طبع بحمد الله بعض هذه الشروح، والباقي تحت الطبع، وكلها إن شاء الله قرة لعيون السلفيين الموحدين، وغيض لقلوب الضالين الحاقدين.
فليس لي قواعد وأصول، وإنما أسير على قواعد وأصول السلف ومنهجهم ودعوتهم، وأذود عن حياضها بقدر ما أستطيع.
أما الذين ضاقوا ذرعاً بأصول السلف وقواعدهم فقد اخترعوا أصولاً مضادة لمنهج السلف، وأصولهم، مثل "نُصحح ولا نُجرح" لحماية أهل البدع، ومثل "لا يلزمني" لرد الحق، ومثل "المنهج الواسع الأفيح" لاستيعاب الفِرَق كلها، ومحاربة السلفيين والمنهج السلفي الذي يسيرون عليه ويدعون إليه، ويذبون عنه، ولو رغمت أنوف خصوم هذا المنهج الذين يحاربونه بشدة باسمه وتحت ستاره.
وقولك: " فما من واحدة من هذه إلا ولك فيها أخطاء بل بلايا وطوام، وفي "الدفاع عن أهل الاتباع" برهان ذلك ودليله، وفي أشرطتك التي جمعتها بصوتك، والتي لم أنشرها بعد البرهان الساطع على ذلك، وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك، لكن يبدوا أن الأمر كما قيل: على نفسها جنتْ براقش!!".
أقول: من أوضح الواضحات عند من عرف هذا الرجل وأصوله ومنهجه الذي يسير عليه أن هذا الرجل من أشد الناس ضلالاً وفجوراً.
وهل يريد العاقل أدلة أوضح من دفاعه في هذا الكتاب بالخيانة والبهتان عن دعاة وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، بل عن من يقول بوحدة الوجود، ويعطل صفات الله، ويطعن في نبي من أنبياء الله، ويطعن في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويدافع فيه عن الإخوان المسلمين الذين يضم تنظيمُهم بين جناحيه الروافض وغلاة الصوفية والخوارج بل والنصارى، ويتحالفون مع الشيوعيين والبعثيين والناصريين، ويحاربون المنهج السلفي وأهله ويسعون في الأرض فساداً.
ومع كل هذا يشهد لهم أبو الفتن بأنهم من أهل السنة.
ويدافع في هذا الكتاب عن جماعة التبليغ التي تبايع على أربع طرق صوفية، منها الحلول ووحدة الوجود والشرك والبدع.
وكل هذا الدفاع عن هذه الأنواع قائم على مضادة منهج السلف وعلى الظلم والحقد والخيانات، وجعلِ الحق باطلاً والباطل حقاً.
ولضلاله وغبائه وجهله وعدم مبالاته بهذه المخازي يتبجح بهذا الكتاب، ويشيد بجهوده الخائبة الخائنة فيه، ويفتخر بتتبع أشرطتي الداعية إلى الحق، والدامغة لأهل الباطل والضلال، فيخون باختطاف بعض الجمل من سياقها وسباقها الدالَّيْنِ أني على الحق الذي أدعو إليه والدامِغَيْن للباطل المضاد للحق.
وهذا منتهى الدناءة والفجور والانحطاط الديني والخلقي.
ويقول: " وكم حرصْنا على طَيّ ملفِّك، والانشغال بغيرك".
أقول: ما أجرأك على الكذب، فليس ما تدعيه من الحرص على طي ملفي، والواقع العكس، فأنت ما زلت تهذي بالفتن والحرب على ربيع منذ فجرت الفتن عليه وعلى أهل السنة، وتطوي ملف ربيع الصحيح، وتنشر عنه ملفات قائمة على الكذب والخيانات وتعمد التشويهات، وتطوي ملفات أهل الضلالات الكبرى وملفات دعاة وحدة الأديان وأخوة الأديان.
فيقال لك بحق: على نفسها جنت براقش في دينك ودنياك.
ثم متى كنتَ حريصاً على الانشغال بغير ربيع، فمن يُصدِّق هذا الإفك الذي يكذبه منهجك وأصولك وواقعك المعروف به منذ عرفناك ألا وهو الدفاع عن هذا الغير، ومنهم سيد قطب والإخوان المسلمون وجماعة التبليغ، وعلى مر الأيام يتسع صدرك ومنهجك وأصولك لهؤلاء وأسوأ منهم، في الوقت الذي تضيق ذرعاً بالمنهج السلفي وأهله.
12- قال أبو الحسن في (ص5-6): " ألا يستفيد هذا الرجل من منهج الإمام أحمد، ويَفْصِل بين آرائه وبين السلفية والمنهج السلفي؟ فقد جاء في "النبلاء" (11/317) ترجمة الإمام أحمد بن حنبل: عن عبدالله بن محمد الوراق، قال: "كنت في مجلس أحمد بن حنبل، فقال: من أين أقبلتم؟ قلنا: من مجلس أبي كريب – يعني محمد ابن العلاء بن كريب الهمداني- فقال: اكتبوا عنه، فإنه شيخ صالح، فقلنا: إنه يطعن عليك، قال: فأي شيء حيلتي، شيخ صالح قد بُليَ بي" اهـ.
فهذا أحمد إمام أهل السنة حقًّا، لا إمام الجرح والتعطيل في هذا العصر!! يعلم رأي أبي كريب السيئ فيه، ومع ذلك لم يقل: إنه لم يطعن فيّ إلا لكراهيته السنة التي أنا إمامها، بل أثبت له الصلاح، وأمر بالكتابة عنه، واعتذر له بأن الله ابتلاه بالوقوع فيه، فأين الثرى وأين الثريا؟!!".
أقول:
1- مرحباً وأهلاً وسهلاً بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، ومنهم الإمام أحمد، فالله الكريم الرحيم أسأل أن يجعلني من أهل هذا المنهج، ويثبتني وأهل السنة جميعاً عليه.
ومن منهج الإمام أحمد وإخوانه وسلفه الصالح الرد على أهل البدع والضلال والتحذير منهم والأحكام الصارمة عليهم والأمر بهجرانهم.
وهذا نموذج من جرح الإمام أحمد:
قال الخلال في "السنة" (ص493):
" 779 - أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما رآه([17]) على الإسلام. قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس لهم سهم، أو قال: نصيب في الإسلام.
780 - وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب([18]) النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين.
781 - أخبرنا زكريا بن يحيى قال: ثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد الله: الرجل يشتم عثمان؟ فأخبروني أن رجلا تكلم فيه فقال: هذه زندقة.
782 - أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما أراه على الإسلام"([19]).
783 - أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد الله سئل وأخبرني علي بن عبدالصمد قال: سألت أحمد بن حنبل عن جار لنا رافضي يسلم عليَّ أرد عليه؟ قال: لا " اهـ.
ويقول الإمام أحمد فيمن يشتم أهل الحديث: زنديق زنديق.
ويقره أهل السنة على هذا الحكم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال مؤكداً لقول الإمام أحمد بما يأتي:
"وَحَدَّثَنِي : ثِقَةٌ أَنَّهُ تَوَلَّى مَدْرَسَةَ مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ بِمِصْرِ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ رَجُلٌ يُسَمَّى شَمْسَ الدِّينِ الأصبهاني شَيْخَ الأيكي فَأَعْطَوْهُ جُزْءًا مِنْ الرَّبْعَةِ فَقَرَأَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ { المص } حَتَّى قِيلَ لَهُ : أَلِفٌ لَامٌ مِيمٌ صَادٌ .
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْحُكُومَةَ الْعَادِلَةَ لِيَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ الَّذِينَ يَعِيبُونَ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَيَعْدِلُونَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ جَهَلَةٌ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ بِلَا رَيْبٍ . وَلِهَذَا لَمَّا بَلَغَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ " ابْنِ أَبِي قتيلة " أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِمَكَّةَ فَقَالَ : قَوْمُ سَوْءٍ . فَقَامَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهُوَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ وَيَقُولُ : زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ([20]) . وَدَخَلَ بَيْتَهُ . فَإِنَّهُ عَرَفَ مَغْزَاهُ"([21]).
وقال شيخ الإسلام في "بيان تلبيس الجهمية" (1/20-22):
"فصل
ثم قال أبو عبدالله الرازي (الثامن) إن خصومنا لا بد لهم من الاعتراف بوجود شيء على خلاف حكم الحس والخيال؛ لأن خصومنا في هذا الباب: إما الكرامية وإما الحنابلة، أما الكرامية فإنا إذا قلنا لهم لو كان الله مشارا إليه بالحس لكان ذلك الشيء إما أن يكون منقسما فيكون مركباً وأنتم لا تقولون بذلك، وإما أن يكون غير منقسم فيكون في الصغر والحقارة مثل النقطة التي لا تنقسم، ومثل الجزء الذي لا يتجزأ وأنتم لا تقولون بذلك، فعند هذا الكلام قالوا إنه واحد منـزه عن التركيب والتأليف، ومع هذا فإنه ليس بصغير ولا حقير".
قال شيخ الإسلام: "فقوله: "خصومنا في هذا الباب إما الكرمية، وإما الحنابلة" ليس بسديد، لا سيما وهؤلاء الحنابلة الذين وصفهم -إن كان لهم وجود- فهم صنف من الحنابلة الموجودين في وقته أو قبله بأرض خراسان وغيرها، ليسوا من أئمة علماء الحنابلة ولا أفاضلهم، فإن هذه الألفاظ التي حكاها عن الحنابلة لا نعرفها عن أحد منهم كما سنذكره.
وكذلك هؤلاء الكرامية الذين حكى قولهم هم بعض الكرامية وإلا فكثير من الكرامية قد يخالفونه فيما حكاه عنهم، بل خصومه في هذا الباب جميع الأنبياء والمرسلين وجميع الصحابة والتابعين، وجميع أئمة الدين من الأولين والآخرين، وجميع المؤمنين الباقين على الفطرة الصحيحة".
فقول شيخ الإسلام متعقباً كلام الرازي:
"بل خصومه في هذا الباب جميع الأنبياء والمرسلين وجميع الصحابة والتابعين، وجميع أئمة الدين من الأولين والآخرين، وجميع المؤمنين الباقين على الفطرة الصحيحة".
أقول: وكل سلفي لا يعترض على هذا الكلام والحكم؛ لأن عقيدة الرازي هذه تخالف عقائد الأنبياء والمرسلين...الخ
لكن منهج أبي الحسن يرفض هذا الكلام؛ لأنه غلو وشذوذ وتكفير، وهذا المنهج يدين أبا الحسن بأنه على الأقل خصم للصحابة والتابعين والسلف السابقين واللاحقين، ومخالف في أحكامه لهم أجمعين؛ لا سيما دفاعه بالخيانة والبهت عن دعاة وحدة وحرية الأديان وغيرهم من المبتدعين، ولا سيما في كتابه المسمى زوراً بـِ"الدفاع عن أهل الاتباع" الذي هو في حقيقته دفاع عن المبتدعين الضالين.
فهل أنت توافق هذين الإمامين على هذه الأحكام؟، وهل يحتملها أصولك ومنهجك؟، وهل توافق الإمام ابن تيمية في حكمه على الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم؟؟
إنك لترى ما هو دون هذا بكثير غلواً وشذوذاً إذا صدر ممن تحاربهم بغياً وعدواناً، وتحكم عليهم بأنهم تكفيريون.
وهذا يهدم كل ما أرجفتَ به في كتابك "الدفاع عن أهل الاتباع"، الذي تُلزم فيه ربيعاً بالتكفير بمجرد نقله لكلام أهل الضلال، ويهدم رميك ورمي حزبك للسلفيين بأنهم غلاة وشذاذ.
وأنت ضد منهج السلف العظيم وضد أهله، ومن المستبعد أن تسير عليه أو تحتمله نفسك أو تدعو إليه، هذه سيرتك وواقعك ومنهجك وتطبيقاتك، وأصولك واضحة جداً في مناهضة هذا المنهج وأهله إلى أبعد الحدود، واضحة في الغيرة العمياء على أعداء هذا المنهج، والحماس في الذود عنهم، والتبجح بالشهادة لهم بأنهم من أهل السنة غشاً وخيانه وتلاعباً بعقول من يحسن الظن بك من الأغبياء.
2- هذه القصة إنْ صحّت عن الإمام أحمد، فهذا من حلمه على سُني محدث كبير، وأنا أتأسى به وأحلم وأصبر على أناس دون أبي كريب بمراحل، ولا أعرف أنك تحلم على أهل السنة تأسياً بأحمد، بل تحاربهم بضراوة إذا قالوا الحق ونصروا السنة، ونرى خنوعك خاصاً بأهل الضلال، بل أنت أكبر محام عنهم، عكس مواقف الإمام أحمد الذي يبدعهم ويهينهم ويأمر بهجرهم، ولو كانوا دون من تدافع عنهم بمراحل.
3- وأيضاً لو ثبتت هذه القصة عن الإمام أحمد فلا حجة لك فيها؛ لأنه لو بلغ الإمام أحمد أن فلاناً يطعن في أهل الحديث لقال فيه: زنديق زنديق، كما قال ذلك في ابن أبي قتيلة، روى ذلك عنه الحاكم وغيره، وتداول هذا الكلام منه أهل السنة، وتلقوه عنه بالقبول، ومنهم الإمامان ابن تيمية وابن القيم.
ولو بلغته بدعة من أبي كريب أو أنه يكره السنة -وحاشاه- لطعن فيه وحذّر منه، كما هو منهجه ومنهج السلف الصالح.
4- إن صحَّ هذا النقل، فأحمد إنما تنازل عن حق نفسه، لا عن حق الله، فإنه لا هو ولا غيره من السلف يتنازل عن حق الله وما يخالف السنة.
5- إني والحمد لله يبلغني الطعن في شخصي - سابقاً ولاحقاً- من كثير من الناس، فأصبر على هذا الطعن، وقد ألوم من ينقل إليَّ هذا الطعن.
6- قولك عن الإمام أحمد: "إنه إمام أهل السنة حقًّا، لا إمام الجرح والتعطيل في هذا العصر".
يفيد أن الإمام أحمد ضد الجرح والتعديل، فلقد جرّدتَهُ من ميزة عظيمة؛ ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين، ومن ميزة عظيمة وهي الإمامة في الجرح والتعديل، وهو إمام في الجرح والتعديل، وقد نقل عنه الأئمة الثقات الكثير والكثير من أقواله في الجرح والتعديل، وكتب الجرح والتعديل تتحلى بذلك، وكتب العقائد في جرح الإمام أحمد لأهل البدع والتحذير منهم تتحلى بذلك، ونقده واسع، ولأصحابه عنه روايات: رواية ابنه صالح، ورواية ابنه عبد الله، ورواية المروزي، ورواية الميموني.
وقد جمع الإمام ابن عبد الهادي بعض أقوال الإمام أحمد في الجرح والتعديل في كتاب سماه "بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بن حنبل بمدح أو ذم".
حوى هذا الكتاب عشرين وثلاثمائة بعد الألف من التراجم (1320) ترجمة.
أخفى أبو الحسن كل هذا ليشعر الناس أن الإمام أحمد على منهجه، وأنه على منهج الإمام أحمد، وأن ربيعاً إمام الجرح والتعطيل على خلاف منهج الإمام أحمد وعلى خلاف منهج السلف الصالح.
وقد شهد لربيع العلامة الألباني إمام الجرح والتعديل بأنه حامل راية الجرح والتعديل بحق، فيلغي هذا الجهول الظلوم هذه الشهادة الصادقة والواقع الذي قامت عليه هذه الشهادة.
وهكذا تكون الأمانة، وهكذا يكون العدل والإنصاف عند أبي الحسن إمام التعطيل والغلو في التعطيل المضاد لمنهج السلف في الجرح والتعديل وغيره.
هذا وقد ألّف السلف كتباً خاصة في الجرح وحده، فهذا الإمام البخاري يؤلِّف كتاباً سماه بـِ"الضعفاء" وفيه جرح أهل البدع الذين يدافع أبو الحسن عن أقوام أسوأ منهم وفوقهم في الضلال.
وهذا الإمام النسائي يؤلف كتاباً في جرح الضعفاء والمتروكين، وفيهم أهل بدع يدافع أبو الحسن عن أسوأ منهم، ويقيم الدنيا ولا يقعدها على من ينتقدهم.
وهذا ابن حبان يخصص كتاباً خاصاً بالمجروحين، وفيهم أهل بدع يدافع أبو الحسن عن أسوأ منهم، ويحارب من ينتقدهم.
وهذا الدارقطني والحاكم وغيرهما لهم مؤلفات في المجروحين خاصة.
والمؤلفات للأئمة في الجرح والتعديل كثيرة، لا يطيقها أبو الحسن، ولا يحتملها منهجه ولا أصوله، وخاصة أصله "المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة"، وأهل السنة عنده الإخوان المسلمون وجماعة التبليغ.
ويسع الأمة كلها بما فيهم الروافض والخوارج وكل أهل البدع، ويجعل السواد الأعظم سلفيين.
فإن قال: لا أقصد هؤلاء.
قلنا له: هذا كلامك، وهذا واقعك وهذا تطبيقك، وكلها تدينك.
وربيع إن شاء الله مع أئمة الجرح والتعديل الذين تستنكر منهجهم وتسخر منه، فتقول: "لا إمام الجرح والتعطيل"، فواضح من سخريتك وأعمالك ومنهجك أنك لا تطيق منهج هؤلاء الأئمة في الجرح والتعديل.
ولو كنت تطيقه ما دافعت عن أهل البدع الكبرى ولا عن دعاة وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، ولا عن القائلين بوحدة الوجود ومن يطعن في الصحابة، بل من يطعن في بعض أولي العزم من الرسل الكرام.
فليتنبه لصاحب هذا المنهج وأمثاله .
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
20/11/1432هـ
<BR clear=all>[1] - أنت لا تقبل تزكيات كبار العلماء الذين يزكون ربيعاً بحق، ويؤيدون نقده لأهل البدع والضلال، ولا يرون له خطأ في المنهج. ولضلالك ومحاربتك لمنهج السلف ومعارضاتك للعلماء ترى أن ربيعاً يخالف المنهج أي منهج أبي الحسن وحزبه، بل منهج أهل الضلال الذين تدافع عنهم.
[2] - وقد أدان سيد قطب بوحدة الوجود عدد من علماء السنة، على رأسهم الألباني وابن عثيمين والفوزان وغيرهم، فهم في ميزان المأربي ظالمون وغلاة.
[3] - راجع شريطاً لأبي الحسن عنوانه محاضرة في مسجد شيخان في عدن.
[4] - راجع حوار مع أبي الحسن في صحيفة "الناس" وموقع أبي الحسن.
[5] - من شريط "لقاء أبي الحسن مع الألباني".
[6] - من شريط بعنوان "منهج الموازنات"، تسجيلات طيبة بالمدينة النبوية، برقم (86).
[7] - الحلبي يشكك في أخبار الثقات، ويشترط الإجماع في مسائل يخالف فيها السلفيين، ولا سيما في "مسائل الجرح والتعديل" . وابن علية انقطع عن الجدال بالباطل واستخذى أمام الحق، ولكن الحلبي وحزبه السفسطائي لا ينقطعون ولا يفترون عن المكابرة والعناد لأهل الحجج والبراهين، وسؤالنا عن رد أخبار الثقات هو سؤال الإمام الشافعي.
[8] - ولأبي الحسن وحزبه مصنفات في الجدل بالباطل والكذب والخيانات.
[9] - وهو أخف شراً وضلالاً من كثير ممن يدافع عنهم أبو الحسن، ويشهد لهم بأنهم من أهل السنة.
[10] - وانظر أيضاً "سير أعلام النبلاء" (10/30)، و"شرح السنة" للبغوي (1/227) بدون إسناد، وهو قول مشهور عن الشافعي.
[11] - وانظر "الانتقاء في فضائل الثلاثة" (1/79).
[12] - "تأريخ ابن معين" رقم (2670).
[13] - "الكفاية" للخطيب (ص49).
[14] - "الرد المفحم" (ص.
[15] - اتصلتُ على العلامة الألباني هاتفياً وعاتبته على قوله: إن فيَّ شيئاً من الشدة ، فقال لي معتذراً بلطف: هذه وجهة نظر.
[16] - من شريط بعنوان "منهج الموازنات"، تسجيلات طيبة بالمدينة النبوية، برقم (86).
[17] - كذا، ولعله: "ما أراه".
[18] - ومعلوم أن الشاتم غير المكفِّر والمفسِّق؛ إذ جرم هذا أشد وأغلظ.
[19] - هذا حكم من الإمام أحمد على من يشتم واحداً من الصحابة، فما حكم أبي الحسن عليه، الذي يرمي بالغلو من ينتقد من يطعن الأعداد الكثيرة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بدون حكم الإمام أحمد؟
[20] - انظر "معرفة علوم الحديث" للحاكم (ص4).
[21] - مجموع الفتاوى" (4/96).
ملفات مرفقة