من الرابط بالصوت
قال سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله :
وقال في رد قول بعض الحنابلة: ويجوز الحل بسحر ضرورة.
والقول الآخر أَنه لا يحل. وهذا الثاني هو الصحيح، وحقيقته أَنه يتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب من ذبح شيء أَو السجود له أَو غير ذلك، فإذا فعل ذلك ساعد الشيطان وجاءَ إلى اخوانه الشياطين الذين عملوا ذلك العمل فيبطل عمله عن المسحور.
وكلام الأَصحاب هنا بين أَنه حرام ولا يجوز الا لضرورة فقط ولكن هذا يحتاج إلى دليل، ولا دليل إلا كلام ابن المسيب. ومعنا حديث جابر في ذلك(174) وقول ابن مسعود(175) وقول الحسن لا يحل السحر إلا ساحر. وهو لا يتوصل إلى حَلِّهِ إلا بسحر، والسحر حرام وكفر. أَفيعمل الكفر لتحيا نفس مريضة أَو مصابة؟ مع أَن الغالب في المسحور أَنه يموت أَو يختل عقله، فالرسول منع وسد الباب ولم يفصل في عمل الشيطان ولا في المسحور. (تقرير)انتهى.
مجموع فتاوى ورسائل سماحة الوالد محمد بن ابراهيم آل الشيخ -رحمة الله عليه-
قال النبي صلى الله عليه وسلم " النشرة من عمل الشيطان " .
قال العلامة الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 611 :
أخرجه أحمد في " المسند " ( 3 / 294 ) و عنه أبو داود في " السنن " ( 3868 ) و من طريقه البيهقي ( 9 / 351 ) : حدثنا عبد الرزاق حدثنا عقيل بن معقل قال :
سمعت وهب بن منبه يحدث عن # جابر بن عبد الله # قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة ? فقال : " هو من عمل الشيطان " . قلت : و هذا إسناد صحيح
رجاله ثقات رجال الشيخين غير عقيل بن معقل و هو ابن منبه اليماني , و هو ثقة اتفاقا , فقول الحافظ فيه : " صدوق " , و بناء عليه اقتصر في " الفتح " ( 10 /
233 ) على تحسين إسناده في هذا الحديث , فهو تقصير لا وجه له عندي , و من المحتمل أن يكون تأثر الحافظ بأمرين : الأول : أن الحديث في " مصنف عبد الرزاق
" ( 11 / 13 / 19762 ) موقوف هكذا : أخبرنا عقيل بن معقل عن همام ( كذا ) بن منبه قال : سئل جابر بن عبد الله عن النشر ? فقال : من عمل الشيطان . قلت : كذا
وقع فيه موقوفا , و قال ( همام بن منبه ) مكان ( وهب بن منبه ) و هما أخوان روى عنهما عقيل , و أنا أظن أن هذا خطأ كالوقف , و أظن أنه من الراوي عن عبد الرزاق
, و هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري الراوي لقسم كبير من ( كتاب الجامع ) من " المصنف " ( انظر ( 10 / 379 ) من " المصنف " ) و هو متكلم فيه ,
فلا يؤثر مثله أبدا في رواية أحمد عن عبد الرزاق مرفوعا . و الآخر : أن البيهقي غمز من صحته فقال عقبه : " و روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا , و هو أصح
" . يشير إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 29 / 3567 ) و البزار ( 3 / 393 - 394 ) من طريق شعبة عن أبي رجاء قال : سألت الحسن عن النشر ? فذكر
لي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هي من عمل الشيطان " . قلت : و هذا مرسل صحيح الإسناد , و قد رواه أبو داود في " المراسيل " , و إليه عزاه الحافظ
, و لعله رواه من طريق ابن أبي شيبة , فإن " المراسيل " المطبوعة محذوفة الأسانيد , و قد جاء فيها قول أبي داود عقب الحديث ( ص 48 ) : " أسند و لا يصح
" . و لست أدري والله وجه هذا النفي , و قد قدمناه برواية شيخه الإمام أحمد بإسناده الصحيح , و هو عنه <1> ? ثم روى ابن أبي شيبة , و الخطابي في " معالم
السنن " ( 5 / 353 ) من طريق أخرى عن الحسن قال : " النشرة من السحر " . و إسناده حسن . و " النشرة " : الرقية . قال الخطابي : " النشرة : ضرب من الرقية
و العلاج , يعالج به من كان يظن به مس الجن " . قلت : يعني الرقى غير المشروعة , و هي ما ليس من القرآن و السنة الصحيحة و هي التي جاء إطلاق لفظ الشرك عليها
في غير ما حديث , و قد تقدم بعضها , فانظر مثلا : ( 331 و 1066 ) , و قد يكون الشرك مضمرا في بعض الكلمات المجهولة المعنى , أو مرموزا له بأحرف مقطعة , كما
يرى في بعض الحجب الصادرة من بعض الدجاجلة , و على الرقى المشروعة يحمل ما علقه البخاري عن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب : رجل به طب ( أي سحر ) أو يؤخذ عن امرأته , أيحل عنه أو ينشر ? قال : لا بأس به , إنما يريدون به الإصلاح , فأما ما ينفع فلم ينه عنه . و وصله الحافظ في " الفتح " ( 10 / 233 ) من رواية
الأثرم و غيره من طرق عن قتادة عنه . و رواية قتادة أخرجها ابن أبي شيبة ( 8 / 28 ) بسند صحيح عنه مختصرا . هذا و لا خلاف عندي بين الأثرين , فأثر الحسن يحمل
على الاستعانة بالجن و الشياطين و الوسائل المرضية لهم كالذبح لهم و نحوه , و هو المراد بالحديث , و أثر سعيد على الاستعانة بالرقى و التعاويذ المشروعة
بالكتاب و السنة . و إلى هذا مال البيهقي في " السنن " , و هو المراد بما ذكره الحافظ عن الإمام أحمد أنه سئل عمن يطلق السحر عن المسحور ? فقال : " لا بأس به
" . و أما قول الحافظ : " و يختلف الحكم بالقصد , فمن قصد بها خيرا , و إلا فهو شر " . قلت : هذا لا يكفي في التفريق , لأنه قد يجتمع قصد الخير مع كون الوسيلة
إليه شر , كما قيل في المرأة الفاجرة : ... ... ... ... ... ليتها لم تزن و لم تتصدق . و من هذا القبيل معالجة بعض المتظاهرين بالصلاح للناس بما يسمونه بـ (
الطب الروحاني ) سواء كان ذلك على الطريقة القديمة من اتصاله بقرينة من الجن كما كانوا عليه في الجاهلية , أو بطريقة ما يسمى اليوم باستحضار الأرواح , و
نحوه عندي التنويم المغناطيسي , فإن ذلك كله من الوسائل التي لا تشرع لأن مرجعها إلى الاستعانة بالجن التي كانت من أسباب ضلال المشركين كما جاء في
القرآن الكريم : *( و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )* أي خوفا و إثما . و ادعاء بعض المبتلين بالاستعانة بهم أنهم إنما يستعينون
بالصالحين منهم , دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن - عادة - مخالطتهم و معاشرتهم , التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم , و نحن نعلم بالتجربة أن كثيرا ممن تصاحبهم أشد
المصاحبة من الإنس , يتبين لك أنهم لا يصلحون , قال تعالى : *( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم و أولادكم عدوا لكم فاحذروهم )* هذا في الإنس الظاهر , فما
بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم : *( إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم )* .
-----------------------------------------------------------
[1] ثم طبعت " المراسيل " بأسانيدها , فإذا هو فيه ( 319 / 453 ) من طريق أخرى عن شعبة به , و ليس فيه ما استشكلته من قوله : " أسند و لا يصح " , فالظاهر أنه
كان حاشية من بعضهم , طبع خطأ في الصلب , كما هو خطأ في العلم . اهـ .
قال سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله :
وقال في رد قول بعض الحنابلة: ويجوز الحل بسحر ضرورة.
والقول الآخر أَنه لا يحل. وهذا الثاني هو الصحيح، وحقيقته أَنه يتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب من ذبح شيء أَو السجود له أَو غير ذلك، فإذا فعل ذلك ساعد الشيطان وجاءَ إلى اخوانه الشياطين الذين عملوا ذلك العمل فيبطل عمله عن المسحور.
وكلام الأَصحاب هنا بين أَنه حرام ولا يجوز الا لضرورة فقط ولكن هذا يحتاج إلى دليل، ولا دليل إلا كلام ابن المسيب. ومعنا حديث جابر في ذلك(174) وقول ابن مسعود(175) وقول الحسن لا يحل السحر إلا ساحر. وهو لا يتوصل إلى حَلِّهِ إلا بسحر، والسحر حرام وكفر. أَفيعمل الكفر لتحيا نفس مريضة أَو مصابة؟ مع أَن الغالب في المسحور أَنه يموت أَو يختل عقله، فالرسول منع وسد الباب ولم يفصل في عمل الشيطان ولا في المسحور. (تقرير)انتهى.
مجموع فتاوى ورسائل سماحة الوالد محمد بن ابراهيم آل الشيخ -رحمة الله عليه-
قال النبي صلى الله عليه وسلم " النشرة من عمل الشيطان " .
قال العلامة الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 611 :
أخرجه أحمد في " المسند " ( 3 / 294 ) و عنه أبو داود في " السنن " ( 3868 ) و من طريقه البيهقي ( 9 / 351 ) : حدثنا عبد الرزاق حدثنا عقيل بن معقل قال :
سمعت وهب بن منبه يحدث عن # جابر بن عبد الله # قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة ? فقال : " هو من عمل الشيطان " . قلت : و هذا إسناد صحيح
رجاله ثقات رجال الشيخين غير عقيل بن معقل و هو ابن منبه اليماني , و هو ثقة اتفاقا , فقول الحافظ فيه : " صدوق " , و بناء عليه اقتصر في " الفتح " ( 10 /
233 ) على تحسين إسناده في هذا الحديث , فهو تقصير لا وجه له عندي , و من المحتمل أن يكون تأثر الحافظ بأمرين : الأول : أن الحديث في " مصنف عبد الرزاق
" ( 11 / 13 / 19762 ) موقوف هكذا : أخبرنا عقيل بن معقل عن همام ( كذا ) بن منبه قال : سئل جابر بن عبد الله عن النشر ? فقال : من عمل الشيطان . قلت : كذا
وقع فيه موقوفا , و قال ( همام بن منبه ) مكان ( وهب بن منبه ) و هما أخوان روى عنهما عقيل , و أنا أظن أن هذا خطأ كالوقف , و أظن أنه من الراوي عن عبد الرزاق
, و هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري الراوي لقسم كبير من ( كتاب الجامع ) من " المصنف " ( انظر ( 10 / 379 ) من " المصنف " ) و هو متكلم فيه ,
فلا يؤثر مثله أبدا في رواية أحمد عن عبد الرزاق مرفوعا . و الآخر : أن البيهقي غمز من صحته فقال عقبه : " و روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا , و هو أصح
" . يشير إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 29 / 3567 ) و البزار ( 3 / 393 - 394 ) من طريق شعبة عن أبي رجاء قال : سألت الحسن عن النشر ? فذكر
لي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هي من عمل الشيطان " . قلت : و هذا مرسل صحيح الإسناد , و قد رواه أبو داود في " المراسيل " , و إليه عزاه الحافظ
, و لعله رواه من طريق ابن أبي شيبة , فإن " المراسيل " المطبوعة محذوفة الأسانيد , و قد جاء فيها قول أبي داود عقب الحديث ( ص 48 ) : " أسند و لا يصح
" . و لست أدري والله وجه هذا النفي , و قد قدمناه برواية شيخه الإمام أحمد بإسناده الصحيح , و هو عنه <1> ? ثم روى ابن أبي شيبة , و الخطابي في " معالم
السنن " ( 5 / 353 ) من طريق أخرى عن الحسن قال : " النشرة من السحر " . و إسناده حسن . و " النشرة " : الرقية . قال الخطابي : " النشرة : ضرب من الرقية
و العلاج , يعالج به من كان يظن به مس الجن " . قلت : يعني الرقى غير المشروعة , و هي ما ليس من القرآن و السنة الصحيحة و هي التي جاء إطلاق لفظ الشرك عليها
في غير ما حديث , و قد تقدم بعضها , فانظر مثلا : ( 331 و 1066 ) , و قد يكون الشرك مضمرا في بعض الكلمات المجهولة المعنى , أو مرموزا له بأحرف مقطعة , كما
يرى في بعض الحجب الصادرة من بعض الدجاجلة , و على الرقى المشروعة يحمل ما علقه البخاري عن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب : رجل به طب ( أي سحر ) أو يؤخذ عن امرأته , أيحل عنه أو ينشر ? قال : لا بأس به , إنما يريدون به الإصلاح , فأما ما ينفع فلم ينه عنه . و وصله الحافظ في " الفتح " ( 10 / 233 ) من رواية
الأثرم و غيره من طرق عن قتادة عنه . و رواية قتادة أخرجها ابن أبي شيبة ( 8 / 28 ) بسند صحيح عنه مختصرا . هذا و لا خلاف عندي بين الأثرين , فأثر الحسن يحمل
على الاستعانة بالجن و الشياطين و الوسائل المرضية لهم كالذبح لهم و نحوه , و هو المراد بالحديث , و أثر سعيد على الاستعانة بالرقى و التعاويذ المشروعة
بالكتاب و السنة . و إلى هذا مال البيهقي في " السنن " , و هو المراد بما ذكره الحافظ عن الإمام أحمد أنه سئل عمن يطلق السحر عن المسحور ? فقال : " لا بأس به
" . و أما قول الحافظ : " و يختلف الحكم بالقصد , فمن قصد بها خيرا , و إلا فهو شر " . قلت : هذا لا يكفي في التفريق , لأنه قد يجتمع قصد الخير مع كون الوسيلة
إليه شر , كما قيل في المرأة الفاجرة : ... ... ... ... ... ليتها لم تزن و لم تتصدق . و من هذا القبيل معالجة بعض المتظاهرين بالصلاح للناس بما يسمونه بـ (
الطب الروحاني ) سواء كان ذلك على الطريقة القديمة من اتصاله بقرينة من الجن كما كانوا عليه في الجاهلية , أو بطريقة ما يسمى اليوم باستحضار الأرواح , و
نحوه عندي التنويم المغناطيسي , فإن ذلك كله من الوسائل التي لا تشرع لأن مرجعها إلى الاستعانة بالجن التي كانت من أسباب ضلال المشركين كما جاء في
القرآن الكريم : *( و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )* أي خوفا و إثما . و ادعاء بعض المبتلين بالاستعانة بهم أنهم إنما يستعينون
بالصالحين منهم , دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن - عادة - مخالطتهم و معاشرتهم , التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم , و نحن نعلم بالتجربة أن كثيرا ممن تصاحبهم أشد
المصاحبة من الإنس , يتبين لك أنهم لا يصلحون , قال تعالى : *( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم و أولادكم عدوا لكم فاحذروهم )* هذا في الإنس الظاهر , فما
بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم : *( إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم )* .
-----------------------------------------------------------
[1] ثم طبعت " المراسيل " بأسانيدها , فإذا هو فيه ( 319 / 453 ) من طريق أخرى عن شعبة به , و ليس فيه ما استشكلته من قوله : " أسند و لا يصح " , فالظاهر أنه
كان حاشية من بعضهم , طبع خطأ في الصلب , كما هو خطأ في العلم . اهـ .
المجلد التاسع لفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين: فتاوى العقيدة
باب ما جاء في النشرة
عن جابر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن النشرة ؟ فقال:
ــــــــــــ
* تعريف النشرة:
في اللغة؛ بضم النون: فعلة من النشر، وهو التفريق.
وفي الاصطلاح: حل السحر عن المسحور.
لأن هذا الذي يحل السحر عن المسحور: يرفعه، ويزيله، ويفرقه.
أما حكمها؛ فهو يتبين مما قاله المؤلف رحمه الله، وهو من أحسن البيانات.
ولا ريب أن حل السحر عن المسحور من باب الدواء والمعالجة، وفيه فضل كبير لمن ابتغى به وجه الله، لكن في القسم المباح منها.
لأن السحر له تأثير على بدن المسحور وعقله ونفسه وضيق الصدر، حيث لا يأنس إلا بمن استعطف عليه.
وأحياناً يكون أمراضاً نفسية بالعكس، تنفر هذا المسحور عمن تنفره عنه من الناس، وأحياناً يكون أمراضاً عقلية؛ فالسحر له تأثير إما على البدن، أو العقل، أو النفس.
* * *
قوله في (عن النشرة). أل للعهد الذهني؛ أي: المعروفة في الجاهلية التي كانوا يستعملونها في الجاهلية، وذلك عن طريق من طرق حل السحر، وهي على نوعين:
الأول: أن تكون باستخدام الشياطين ، فإن كان لا يصل إلى حاجته منهم
(هي من عمل الشيطان). رواه أحمد بسند جيد، وأبو داود ، وقال: (سُئل أحمد عنها ؟ فقال: ابن مسعود يكره هذا كله).
ـــــــــــــ
إلا بالشرك؛ كانت شركاً، وإن كان يتوصل لذلك بمعصية دون الشرك؛ كان لها حكم تلك المعصية.
الثاني: أن تكون بالسحر؛ كالأدوية والرقى والعقد والنفث وما أشبه ذلك؛ فهذا له حكم السحر على ما سبق.
ومن ذلك ما يفعله بعض الناس، أنهم يضعون فوق رأس المسحور طشتاً فيه ماء ويصبون عليه رصاصاً ويزعمون أن الساحر يظهر وجهه في هذا الرصاص؛ فيستدل بذلك على من سحره، وقد سئل الإمام أحمد عن النشرة، فقال: إن بعض الناس أجازها، فقيل له: إنهم يجعلون ماء في طشت، وإنه يغوص فيه، وإنه يبدو وجهه، فنفض يده وقال: ما أدري ما هذا ؟ ما أدري ما هذا ؟ فكأنه رحمه الله توقف في الأمر وكره الخوض فيه.
قوله: (من عمل الشيطان)؛ أي: من العمل الذي يأمر به الشيطان ويوحي به؛ لأن الشيطان يأمر بالفحشاء ويوحي إلى أوليائه بالمنكر، وهذا يغني عن قوله: إنها حرام ، بل هو أشد ؛ لأن نسبتها للشيطان أبلغ في تقبيحها والتنفير منها، ودلالة النصوص على التحريم لا تنحصر في لفظ التحريم أو نفي الجـواز ،
ـــــــــــ
بل إذا رتبت العقوبات على الفعل كان دليلاً على تحريمه.
قوله: (رواه أحمد بسند جيد وأبو داود). سند أبي داود إلى أحمد متصل؛ لأنه قد حدثه وأدركه.
قوله: (فقال: ابن مسعود يكره هذا كله). أجاب رحمه الله بقول الصحابي، وكأنه ليس عنده أثر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وإلا لاستدل به.
والمشار إليه في قوله: (يكره هذا كله) كل أنواع النشرة، وظاهره: ولو كانت على الوجه المباح على ما يأتي، لكنه غير مراد؛ لأن النشرة بالقرآن والتعوذات المشروعة لم يقل أحد بكراهته، وسبق أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره تعليق التمائم من القرآن وغير القرآن.
وعلى هذا؛ فالكلية في قول أحمد: (يكره هذا كله) يراد بها النشرة التي من عمل الشيطان، وهي النشرة بالسحر والنشرة التي من التمائم.
وقوله: (يكره). الكراهة عند المتقدمين يراد بها التحريم غالباً ، ولا تخرج عنه إلا بقرينة، وعند المتأخرين خلاف الأولى؛ فلا تظن أن لفظ المكروه في عرف المتقدمين أو كلامهم مثله في كلام المتأخرين، بل هو يختلف، انظر إلى قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً … )(الاسراء: من الآية23)، إلى أن قال بعد أن ذكر أشياء محرمة: (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) (الاسراء:3، ولا شك أن المراد بالكراهة هنا التحريم.
* * *
وفي (البخاري) عن قتادة: (قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته؛ أيحل عنه أو ينشر ؟ قال: لا بأس به؛ إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع؛ فلم ينه عنه) .
ـــــــــــــ
قوله: (رجل به طب) . أي: سحر، ومن المعلوم أن الطب هو علاج المرض، لكن سمي السحر طباً من باب التفاؤل، كما سمي اللديغ سليماً والكسير جبيراً.
قوله: (أو يؤخذ عن امرأته). أي: يحبس عن زوجته؛ فلا يتمكن من جماعها، وهو ليس به بأس، وهذا نوع من السحر.
والعجيب أنه مشتهر عند الناس أنه إذا كان عند العقد، وعقد أحد عقده عند العقد؛ فإنه يحصل حبسه عن امرأته، وبالغ بعضهم؛ فقال: إذا شبك أحدهم بين أصابعه عند العقد حبس الزوج عن أهله، وهذا لا أعرف له أصلاً.
ولكن كثيراً ما يقع حبس الزوج عن زوجته ويطلبون العلاج.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن من العلاج أن يطلقها، ثم يراجعها؛ فينفك السحر.
لكن لا أدري هل هذا يصح أم لا ؟ فإذا صح؛ فالطلاق هنا جائز؛ لأنه طلاق للاستبقاء، فيطلق كعلاج، ونحن لا نفتي بشيء من هذا، بل نقول: لا نعرف عنه شيئاً.
ــــــــــــ
و (أو) في قوله: (أو يؤخذ) يحتمل أنها للشك من الراوي: هل قال قتادة (به طب) أو قال: (يؤخذ عن امرأته) ؟
أي: أو قلت: يؤخذ ، ويحتمل أن تكون للتنويع، أي أنه سأله عن أمرين: عن المسحور، وعن الذي يؤخذ عن امرأته.
قوله: (أيحل عنه أو ينشر) . لا شك أن (أو) هنا للشك؛ لأن الحل هو النشرة.
قوله: (لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح). كأن ابن المسيب رحمه الله قسم السحر إلى قسمين: ضار، ونافع.
فالضار محرم، قال تعالى: (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ)(البقرة: من الآية102)، والنافع لا بأس به، وهذا ظاهر ما روي عنه، وبهذا أخذ أصحابنا الفقهاء، فقالوا: يجوز حل السحر بالسحر للضرورة ، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يجوز حل السحر بالسحر، وحملوا ما روي عن ابن المسيب بأن المراد به ما لا يعلم عن حاله: هل هو سحر، أم غير سحر ؟ أما إذا علم أنه سحر؛ فلا يحل ، والله أعلم.
ولكن على كل حال حتى ولو كان ابن المسيب ومن فوق ابن المسيب ممن ليس قوله حجة يرى أنه جائز؛ فلا يلزم من ذلك أن يكون جائزاً في حكم الله حتى يعرض على الكتاب والسنة، وقد سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن النشرة ؟ فقال: (هي من عمل الشيطان) 0
وروي عن الحسن؛ أنه قال: ( لا يحل السحر إلا ساحر) .
قال ابن القيم: ( النشرة : حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور. والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة؛ فهذا جائز) .
ـــــــــــــ
قوله: (وروي عن الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر). هذا الأثر إن صح؛ فمراد الحسن الحل المعروف غالباً ، وأنه لا يقع إلا من السحرة.
قوله: (قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور … ) إلخ.
هذا الكلام جيد ولا مزيد عليه.
* * *
* فيه مسائل :
الأولى: النهي عن النشرة.
الثانية: الفرق بين المنهي عنه والمرخص فيه مما يزيل الإشكال.
ـــــــــــــ
فيه مسائل:
* الأولى: النهي عن النشرة. تؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (هي من عمل الشيطان)، وهنا ليس فيه صيغة نهي، لكن فيه ما يدل على النهي؛ لأن طرق إثبات النهي ليست الصيغة فقط، بل ذم فاعله ونحوه، وتقبيح الشيء وما أشبه ذلك يدل على النهي.
* الثانية: الفرق بين المنهي عنه والمرخص فيه. تؤخذ من كلام ابن القيم رحمه الله وتفصيله.
* إشكال وجوابه :
ما الجمع بين قول الفقهاء رحمهم الله يجوز حل السحر بالسحر، وبين قولهم يجب قتل الساحر ؟
الجمع أن مرادهم بقتل الساحر من يضر بسحره دون من ينفع؛ فلا يقتل، أو أن مرادهم بيان حكم حل السحر بالسحر للضرورة، وأما الإبقاء على الساحر؛ فله نظر آخر ، والله أعلم .
(253) وسئل : عن حكم حل السحر عن المسحور "النشرة" ؟
فأجاب بقوله قائلاً : حل السحر عن المسحور "النشرة" الأصح فيها أنها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون بالقرآن الكريم ، والأدعية الشرعية ، والأدوية المباحة فهذه لا بأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة ، بل ربما تكون مطلوبة ؛ لأنها مصلحة بلا مضرة.
القسم الثاني : إذا كانت النشرة بشيء محرم كنقض السحر بسحر مثله فهذا موضع خلاف بين أهل العلم:
فمن العلماء من أجازه للضرورة.
ومنهم من منعه لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن النشرة فقال : " هي من عمل الشيطان" . وإسناده جيد رواه أبو داود ، وعلى هذا يكون حل السحر بالسحر محرماً ، وعلى المرء أن يلجأ إلى الله – سبحانه وتعالى – بالدعاء والتضرع لإزالة ضرره ، والله – سبحانه وتعالى – يقول : : ]وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان[ .
ويقول : الله – تعالى - : ] أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون[ . والله الموفق .
عن جابر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن النشرة ؟ فقال:
ــــــــــــ
* تعريف النشرة:
في اللغة؛ بضم النون: فعلة من النشر، وهو التفريق.
وفي الاصطلاح: حل السحر عن المسحور.
لأن هذا الذي يحل السحر عن المسحور: يرفعه، ويزيله، ويفرقه.
أما حكمها؛ فهو يتبين مما قاله المؤلف رحمه الله، وهو من أحسن البيانات.
ولا ريب أن حل السحر عن المسحور من باب الدواء والمعالجة، وفيه فضل كبير لمن ابتغى به وجه الله، لكن في القسم المباح منها.
لأن السحر له تأثير على بدن المسحور وعقله ونفسه وضيق الصدر، حيث لا يأنس إلا بمن استعطف عليه.
وأحياناً يكون أمراضاً نفسية بالعكس، تنفر هذا المسحور عمن تنفره عنه من الناس، وأحياناً يكون أمراضاً عقلية؛ فالسحر له تأثير إما على البدن، أو العقل، أو النفس.
* * *
قوله في (عن النشرة). أل للعهد الذهني؛ أي: المعروفة في الجاهلية التي كانوا يستعملونها في الجاهلية، وذلك عن طريق من طرق حل السحر، وهي على نوعين:
الأول: أن تكون باستخدام الشياطين ، فإن كان لا يصل إلى حاجته منهم
(هي من عمل الشيطان). رواه أحمد بسند جيد، وأبو داود ، وقال: (سُئل أحمد عنها ؟ فقال: ابن مسعود يكره هذا كله).
ـــــــــــــ
إلا بالشرك؛ كانت شركاً، وإن كان يتوصل لذلك بمعصية دون الشرك؛ كان لها حكم تلك المعصية.
الثاني: أن تكون بالسحر؛ كالأدوية والرقى والعقد والنفث وما أشبه ذلك؛ فهذا له حكم السحر على ما سبق.
ومن ذلك ما يفعله بعض الناس، أنهم يضعون فوق رأس المسحور طشتاً فيه ماء ويصبون عليه رصاصاً ويزعمون أن الساحر يظهر وجهه في هذا الرصاص؛ فيستدل بذلك على من سحره، وقد سئل الإمام أحمد عن النشرة، فقال: إن بعض الناس أجازها، فقيل له: إنهم يجعلون ماء في طشت، وإنه يغوص فيه، وإنه يبدو وجهه، فنفض يده وقال: ما أدري ما هذا ؟ ما أدري ما هذا ؟ فكأنه رحمه الله توقف في الأمر وكره الخوض فيه.
قوله: (من عمل الشيطان)؛ أي: من العمل الذي يأمر به الشيطان ويوحي به؛ لأن الشيطان يأمر بالفحشاء ويوحي إلى أوليائه بالمنكر، وهذا يغني عن قوله: إنها حرام ، بل هو أشد ؛ لأن نسبتها للشيطان أبلغ في تقبيحها والتنفير منها، ودلالة النصوص على التحريم لا تنحصر في لفظ التحريم أو نفي الجـواز ،
ـــــــــــ
بل إذا رتبت العقوبات على الفعل كان دليلاً على تحريمه.
قوله: (رواه أحمد بسند جيد وأبو داود). سند أبي داود إلى أحمد متصل؛ لأنه قد حدثه وأدركه.
قوله: (فقال: ابن مسعود يكره هذا كله). أجاب رحمه الله بقول الصحابي، وكأنه ليس عنده أثر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وإلا لاستدل به.
والمشار إليه في قوله: (يكره هذا كله) كل أنواع النشرة، وظاهره: ولو كانت على الوجه المباح على ما يأتي، لكنه غير مراد؛ لأن النشرة بالقرآن والتعوذات المشروعة لم يقل أحد بكراهته، وسبق أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره تعليق التمائم من القرآن وغير القرآن.
وعلى هذا؛ فالكلية في قول أحمد: (يكره هذا كله) يراد بها النشرة التي من عمل الشيطان، وهي النشرة بالسحر والنشرة التي من التمائم.
وقوله: (يكره). الكراهة عند المتقدمين يراد بها التحريم غالباً ، ولا تخرج عنه إلا بقرينة، وعند المتأخرين خلاف الأولى؛ فلا تظن أن لفظ المكروه في عرف المتقدمين أو كلامهم مثله في كلام المتأخرين، بل هو يختلف، انظر إلى قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً … )(الاسراء: من الآية23)، إلى أن قال بعد أن ذكر أشياء محرمة: (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) (الاسراء:3، ولا شك أن المراد بالكراهة هنا التحريم.
* * *
وفي (البخاري) عن قتادة: (قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته؛ أيحل عنه أو ينشر ؟ قال: لا بأس به؛ إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع؛ فلم ينه عنه) .
ـــــــــــــ
قوله: (رجل به طب) . أي: سحر، ومن المعلوم أن الطب هو علاج المرض، لكن سمي السحر طباً من باب التفاؤل، كما سمي اللديغ سليماً والكسير جبيراً.
قوله: (أو يؤخذ عن امرأته). أي: يحبس عن زوجته؛ فلا يتمكن من جماعها، وهو ليس به بأس، وهذا نوع من السحر.
والعجيب أنه مشتهر عند الناس أنه إذا كان عند العقد، وعقد أحد عقده عند العقد؛ فإنه يحصل حبسه عن امرأته، وبالغ بعضهم؛ فقال: إذا شبك أحدهم بين أصابعه عند العقد حبس الزوج عن أهله، وهذا لا أعرف له أصلاً.
ولكن كثيراً ما يقع حبس الزوج عن زوجته ويطلبون العلاج.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن من العلاج أن يطلقها، ثم يراجعها؛ فينفك السحر.
لكن لا أدري هل هذا يصح أم لا ؟ فإذا صح؛ فالطلاق هنا جائز؛ لأنه طلاق للاستبقاء، فيطلق كعلاج، ونحن لا نفتي بشيء من هذا، بل نقول: لا نعرف عنه شيئاً.
ــــــــــــ
و (أو) في قوله: (أو يؤخذ) يحتمل أنها للشك من الراوي: هل قال قتادة (به طب) أو قال: (يؤخذ عن امرأته) ؟
أي: أو قلت: يؤخذ ، ويحتمل أن تكون للتنويع، أي أنه سأله عن أمرين: عن المسحور، وعن الذي يؤخذ عن امرأته.
قوله: (أيحل عنه أو ينشر) . لا شك أن (أو) هنا للشك؛ لأن الحل هو النشرة.
قوله: (لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح). كأن ابن المسيب رحمه الله قسم السحر إلى قسمين: ضار، ونافع.
فالضار محرم، قال تعالى: (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ)(البقرة: من الآية102)، والنافع لا بأس به، وهذا ظاهر ما روي عنه، وبهذا أخذ أصحابنا الفقهاء، فقالوا: يجوز حل السحر بالسحر للضرورة ، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يجوز حل السحر بالسحر، وحملوا ما روي عن ابن المسيب بأن المراد به ما لا يعلم عن حاله: هل هو سحر، أم غير سحر ؟ أما إذا علم أنه سحر؛ فلا يحل ، والله أعلم.
ولكن على كل حال حتى ولو كان ابن المسيب ومن فوق ابن المسيب ممن ليس قوله حجة يرى أنه جائز؛ فلا يلزم من ذلك أن يكون جائزاً في حكم الله حتى يعرض على الكتاب والسنة، وقد سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن النشرة ؟ فقال: (هي من عمل الشيطان) 0
وروي عن الحسن؛ أنه قال: ( لا يحل السحر إلا ساحر) .
قال ابن القيم: ( النشرة : حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور. والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة؛ فهذا جائز) .
ـــــــــــــ
قوله: (وروي عن الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر). هذا الأثر إن صح؛ فمراد الحسن الحل المعروف غالباً ، وأنه لا يقع إلا من السحرة.
قوله: (قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور … ) إلخ.
هذا الكلام جيد ولا مزيد عليه.
* * *
* فيه مسائل :
الأولى: النهي عن النشرة.
الثانية: الفرق بين المنهي عنه والمرخص فيه مما يزيل الإشكال.
ـــــــــــــ
فيه مسائل:
* الأولى: النهي عن النشرة. تؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (هي من عمل الشيطان)، وهنا ليس فيه صيغة نهي، لكن فيه ما يدل على النهي؛ لأن طرق إثبات النهي ليست الصيغة فقط، بل ذم فاعله ونحوه، وتقبيح الشيء وما أشبه ذلك يدل على النهي.
* الثانية: الفرق بين المنهي عنه والمرخص فيه. تؤخذ من كلام ابن القيم رحمه الله وتفصيله.
* إشكال وجوابه :
ما الجمع بين قول الفقهاء رحمهم الله يجوز حل السحر بالسحر، وبين قولهم يجب قتل الساحر ؟
الجمع أن مرادهم بقتل الساحر من يضر بسحره دون من ينفع؛ فلا يقتل، أو أن مرادهم بيان حكم حل السحر بالسحر للضرورة، وأما الإبقاء على الساحر؛ فله نظر آخر ، والله أعلم .
(253) وسئل : عن حكم حل السحر عن المسحور "النشرة" ؟
فأجاب بقوله قائلاً : حل السحر عن المسحور "النشرة" الأصح فيها أنها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون بالقرآن الكريم ، والأدعية الشرعية ، والأدوية المباحة فهذه لا بأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة ، بل ربما تكون مطلوبة ؛ لأنها مصلحة بلا مضرة.
القسم الثاني : إذا كانت النشرة بشيء محرم كنقض السحر بسحر مثله فهذا موضع خلاف بين أهل العلم:
فمن العلماء من أجازه للضرورة.
ومنهم من منعه لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن النشرة فقال : " هي من عمل الشيطان" . وإسناده جيد رواه أبو داود ، وعلى هذا يكون حل السحر بالسحر محرماً ، وعلى المرء أن يلجأ إلى الله – سبحانه وتعالى – بالدعاء والتضرع لإزالة ضرره ، والله – سبحانه وتعالى – يقول : : ]وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان[ .
ويقول : الله – تعالى - : ] أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون[ . والله الموفق .