باسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد .. الله سبحانه هو الذي علم ذلك فهو سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين ويعلم أيضا ما تخفي الصدور أي القلوب لأن القلوب في الصدور والقلوب هي التي يكون بها العقل ويكون بها الفهم ويكون بها التدبير كما قال الله { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها }.
وقال { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } سبحان الله كأن هذه الآية تنزل على حال الناس اليوم بل حال الناس في القديم يعني هل العقل في الدماغ أو العقل في القلب ؟ .
هذه مسألة أشكلت على كثير من النظار الذين ينظرون إلى الأمور نظرة مادية لا يرجعون فيها إلى قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وإلا فالحقيقة أن الأمر فيها واضح أن العقل في القلب وأن القلب في الصدر { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها }.
وقال { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } ولم يقل القلوب التي في الأدمغة فالأمر فيه واضح جدا أن العقل يكون في القلب ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" فما بالك بأمر شهد به كتاب الله والله هو الخالق العالم بكل شيء وشهدت به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
إن الواجب علينا إزاء ذلك أن نطرح كل قول يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن نجعله تحت أقدامنا وأن لا نرفع به رأسا ، إذا القلب هو محل العقل ولا شك ولكن الدماغ محل التصور ثم إذا تصورها وجهزها بعث بها إلى القلب ثم القلب يأمر أو ينهى فكأن الدماغ سكرتير يجهز الأشياء ثم يدفعها إلى القلب ثم القلب يأمر أو ينهى وهذا ليس بغريب { وفي أنفسكم أفلا تبصرون }.
وفي هذا الجسم أشياء غريبة تحار فيها العقول وأيضا قلنا هذا لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : إذا صلحت صلح الجسد فلولا أن الأمر للقلب ما كان إذا صلح صلح الجسد وإذا فسد فسد الجسد كله إذا فالقلوب هي محل العقل والتدبير للشخص ولكن لا شك أن لها اتصالا بالدماغ ولهذا إذا اختل الدماغ فسد التفكير وفسد العقل فهذا مرتبط بهذا لكن العقل المدبر في القلب والقلب في الصدر { ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }.
والحمد لله رب العالمين
المصدر: شرح رياض الصالحين – المجلد الأول – باب المراقبة.
منقول من سحاب
__________________________________________________ __
قلت : و مما يؤكد هذا القول - أي أن العقل في القلب - حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم المتفق عليه عندما ذكر الخوارج، حيث قال:
« سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة »
و قال ابن بطال في شرحه "
وفيه: سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ سئل: « هَلْ سَمِعْتَ فِى الْخَوَارِجِ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ الْعِرَاقِ: يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ » ....
فمن تمعن قليلا ظهر له الأمر واضحا جليا أن موضع العقل هو القلب و ليس الدماغ :
*لا يجاوز إيمانهم حناجرهم
*يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ
فالحنجرة موضعها بين الفم و الصدر(موضع القلب) و ليس بين الفم و الرأس (موضع الدماغ)، فلذلك قال الهادي البشير "لا يجاوز إيمانهم حناجرهم" أو في قول سهل بن حنيفة "...يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ" لأن الإيمان أو القرآن لو جاوز حناجرهم لنزل إلى الصدر حيث يوجد بيت الفكر (العقل) الذي هو القلب فيحصل بذلك النور و الرشاد.
أما إذا لم يجاوز القرآن الحنجرة لم يستفد منه من يقرأه، لذلك أمرنا الله تعالى في غير موضع بالتدبر و التفكر في آياته جل في علاه و أن يكون الهم هو أن يعي المرأ مراد ربه.
فالخوارج مع أنهم كانوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ و يبكون في الليل سماهم رسول الله كلاب النار حتى أنه عليه الصلاة و السلام كان ينهي أصحابه و أمته عن تمني لقاء العدو حيث قال (أيها الناس، لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتوهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) أما الخوارج فقال عنهم ([color="rgb(139, 0, 0)"]يمرقون من الإسلام مروق السمن من الرضيع، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد، فإنه أينما لقيتهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم[/color]) . فنسأل الله السلامة و العافية
فالقرآن هو بمثابة الشعلة التي بدونها يتسحيل أن يضييء المصباح، فكذلك القلب إذا لم يصبه نور الله (الوحي)،[إذا لم ينزل فيه] بقي مظلما ، أما إذا نزل نور الله و تمكن استنار القلب فاستنار صاحبه ، وبذلك تعرف أهل الهدى من أهل الضلال. وذلك فضل الله يوتيه من يشاء.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
و الله أعلم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد .. الله سبحانه هو الذي علم ذلك فهو سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين ويعلم أيضا ما تخفي الصدور أي القلوب لأن القلوب في الصدور والقلوب هي التي يكون بها العقل ويكون بها الفهم ويكون بها التدبير كما قال الله { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها }.
وقال { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } سبحان الله كأن هذه الآية تنزل على حال الناس اليوم بل حال الناس في القديم يعني هل العقل في الدماغ أو العقل في القلب ؟ .
هذه مسألة أشكلت على كثير من النظار الذين ينظرون إلى الأمور نظرة مادية لا يرجعون فيها إلى قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وإلا فالحقيقة أن الأمر فيها واضح أن العقل في القلب وأن القلب في الصدر { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها }.
وقال { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } ولم يقل القلوب التي في الأدمغة فالأمر فيه واضح جدا أن العقل يكون في القلب ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" فما بالك بأمر شهد به كتاب الله والله هو الخالق العالم بكل شيء وشهدت به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
إن الواجب علينا إزاء ذلك أن نطرح كل قول يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن نجعله تحت أقدامنا وأن لا نرفع به رأسا ، إذا القلب هو محل العقل ولا شك ولكن الدماغ محل التصور ثم إذا تصورها وجهزها بعث بها إلى القلب ثم القلب يأمر أو ينهى فكأن الدماغ سكرتير يجهز الأشياء ثم يدفعها إلى القلب ثم القلب يأمر أو ينهى وهذا ليس بغريب { وفي أنفسكم أفلا تبصرون }.
وفي هذا الجسم أشياء غريبة تحار فيها العقول وأيضا قلنا هذا لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : إذا صلحت صلح الجسد فلولا أن الأمر للقلب ما كان إذا صلح صلح الجسد وإذا فسد فسد الجسد كله إذا فالقلوب هي محل العقل والتدبير للشخص ولكن لا شك أن لها اتصالا بالدماغ ولهذا إذا اختل الدماغ فسد التفكير وفسد العقل فهذا مرتبط بهذا لكن العقل المدبر في القلب والقلب في الصدر { ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }.
والحمد لله رب العالمين
المصدر: شرح رياض الصالحين – المجلد الأول – باب المراقبة.
منقول من سحاب
__________________________________________________ __
قلت : و مما يؤكد هذا القول - أي أن العقل في القلب - حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم المتفق عليه عندما ذكر الخوارج، حيث قال:
« سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة »
و قال ابن بطال في شرحه "
وفيه: سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ سئل: « هَلْ سَمِعْتَ فِى الْخَوَارِجِ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ الْعِرَاقِ: يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ » ....
فمن تمعن قليلا ظهر له الأمر واضحا جليا أن موضع العقل هو القلب و ليس الدماغ :
*لا يجاوز إيمانهم حناجرهم
*يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ
فالحنجرة موضعها بين الفم و الصدر(موضع القلب) و ليس بين الفم و الرأس (موضع الدماغ)، فلذلك قال الهادي البشير "لا يجاوز إيمانهم حناجرهم" أو في قول سهل بن حنيفة "...يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ" لأن الإيمان أو القرآن لو جاوز حناجرهم لنزل إلى الصدر حيث يوجد بيت الفكر (العقل) الذي هو القلب فيحصل بذلك النور و الرشاد.
أما إذا لم يجاوز القرآن الحنجرة لم يستفد منه من يقرأه، لذلك أمرنا الله تعالى في غير موضع بالتدبر و التفكر في آياته جل في علاه و أن يكون الهم هو أن يعي المرأ مراد ربه.
فالخوارج مع أنهم كانوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ و يبكون في الليل سماهم رسول الله كلاب النار حتى أنه عليه الصلاة و السلام كان ينهي أصحابه و أمته عن تمني لقاء العدو حيث قال (أيها الناس، لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتوهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) أما الخوارج فقال عنهم ([color="rgb(139, 0, 0)"]يمرقون من الإسلام مروق السمن من الرضيع، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد، فإنه أينما لقيتهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم[/color]) . فنسأل الله السلامة و العافية
فالقرآن هو بمثابة الشعلة التي بدونها يتسحيل أن يضييء المصباح، فكذلك القلب إذا لم يصبه نور الله (الوحي)،[إذا لم ينزل فيه] بقي مظلما ، أما إذا نزل نور الله و تمكن استنار القلب فاستنار صاحبه ، وبذلك تعرف أهل الهدى من أهل الضلال. وذلك فضل الله يوتيه من يشاء.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
و الله أعلم
تعليق