س1- هل من توجيه لطلاب العلم بالاهتمام بالتوحيد والدعوة إليه وأن أغلب طلاب العلم مهتمون بالمواعظ والقصص التي قد تكون غير صحيحة ويحتج بعضهم بأن الناس موحدون وأن التوحيد يفرق الناس؟
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله تعالى- :
ج/ هذا سؤال مهم جدا، وهو أن طالب العلم أول ما يبدأ به ويهتم به بعلم العقيدة الصحيحة لأنها الأساس، والرسل أول ما يدعون الناس إلى التوحيد وإلى عبادة الله وحده لا شريك له فلابد من تعلم العقيدة أولا والنبي – صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: " إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"(1)، يبدأ بالعقيدة، النبي - صلى الله عليه وسلم - لبث في مكة ثلاث عشرة سنة بعد البعثة يدعو إلى التوحيد وإلى العقيدة وينهى عن الشرك، فأمر العقيدة له الصدارة في التعلم والاهتمام به والدعوة إليه؛ لأن أكثر الناس يجهلون العقيد ويخلون بها ويعبدون الله ويتقربون إليه بالبدع والمحدثات والشركيات التي تبعدهم عن الله عزوجل، فلابد من تعلم العقيدة أولا والدعوة إليها وبيانها للناس؛ لأنها هي الأساس وأول ما يبدأ طالب العلم بالعقيدة يفهمها ويتفهمها.
وأما قولهم إن الناس مسلمون، نعم الناس مسلمون ولكن يقع منهم خلل يقع منهم جهل وقد يقع منهم نواقض من نواقض الإسلام وهم لا يعلمون يتوارثونها فلابد من علماء يبينون لهم ويدعونهم إلى التوحيد وينهونهم عن الشرك ولابد من ذلك، ولا يكفي أنهم مسلمون النبي -صلى الله عليه وسلم - لما أعطى الراية لعلي بن أبي طالب-رضي الله عنه- في غزوة خيبر وأمره أن يتقدم إلى الحصن وأن يحاصره قال له: " ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه"(2)، ما قال ادعهم إلى الإسلام فقط بل قال"وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه" فيبين لهم الإسلام.
أما قوله أنا مسلم وهو لا يفهم الإسلام، فهذا لا يفيده شيئا، كثيرا من الناس يقول أنا مسلم لكن لو تسأله ما هو الإسلام، فإنه لا يدري ولا يفهمه؛ لأنه لم يدرسه ولم يبين له، لابد من بيان ماهو الإسلام وما هو حق الله جل وعلا على عباده.
وأما قولهم: إن الدعوة إلى التوحيد تفرق الناس، نعم الذي لا يريد العقيدة لا حياه الله ولا نرحب به وإن افترق عنا فنحن نسر بذلك، نحن لا نجمع الناس على ضلال وعلى جهل وإنما نجمعهم على التوحيد وعلى العقيدة الصافية وعلى دين الله سبحانه وتعالى، وليس القصد الجمع بدون تأسيس صحيح، وإنما القصد هو الإجتماع على الحق ولو كان المجتمعون قليلا إذا كانو على حق فهم خير من الكثير الذي على ضلال وعلى جهل ولو تسموا بالمسلمين، ولا يخفى عليكم ما يقع فيه الناس من عقائد فاسدة وشركيات ومن بدع ومحدثات ومن شرور ومن جهل بدينهم ، فهم بحاجة إلى التبصير وإلى التعليم وإلى التوضيح حتى يكونوا على بصيرة، ولا يأخذوا الدين تقليدا لغيرهم بدون تروٍ ومعرفة فهذا إنما يكون تقليدا أعمى على جهل وضلال، فنحن لا ننظر إلى الكثرة وإنما ننظر إلى النوعية، فالقلة وإن كانت قليلة إذا كانت على حق خير من الكثرة التي على ضلال وعلى بدع ومحدثات وشرور.
المصدر: مسائل علمية وفتاوى شرعية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، وأصلها لقاءات مفتوحة أقيمت بمسجد طيبة بحي الوادي بمدينة الرياض، اعتنى بها: إمام المسجد/ محمد بن فهد الفريح، ص 62.
_________________________
(1) . البخاري رقم (130 ، ومسلم رقم (27).
(2) . البخاري رقم (2724)، ومسلم رقم (4423).