مسألة 117: وسئل عن رجل تزوج بامرأة وشرطت عليه أن لا يتزوج
عليها ولا ينقلها من منزلها وأن تكون عند أمها فدخل على ذلك فهل
يلزمه الوفاء وإذا خالف هذه الشروط فهل للزوجة الفسخ أم لا؟
الجواب: الحمد لله. نعم تصح هذه الشروط وما في معناها في مذهب
الإمام أحمد وغيره من الصحابة والتابعين كعمر بن الخطاب وعمرو بن
العاص وشريح القاضي والأوزعي وإسحق ومذهب مالك إذا شرط لها
إذا تزوج عليها أو تسرى أن يكون أمرها بيدها أو رأيها ونحو ذلك صح هذا
الشرط أيضاً وملكت المرأة الفرقة به وهو في المعنى نحو مذهب أحمد
وذلك لما خرجاه في "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"
وقال عمر بن الخطاب: مقاطع الحقوق عند الشروط فجعل
النبي صلى الله عليه وسلم ما تستحل به الفروج التي هي من
الشروط أحق بالوفاء من غيرها وهذا نص مثل هذه الشروط
ليس هناك شرط يوفي به الإجماع غير الصداق والكلام في هذه
الشروط معروف وأمّا شرط مقام ولدها عندها ونفقته عليه فهذا
مثل الزيادة في الصداق والصداق يحتمل من الجهالة فيه من
النصوص عن أحمد ومذهب أبي حنيفة ومالك ما لا يحتمل في
الثمن والأُجرة إذ يصح مهر المثل فكل جهالة تنقص عن جهالة
المثل تكون أحق بالجواز لا سيما مثل هذا في الإجارة ونحوها
ومذهب أحمد وغيره له أن يستأجر الأجير بطعامه وكسوته
ويرجع في ذلك إلى العرف. وكذلك اشتراط النفقة على ولدها
يرجع فيه إلى العرف بطريق الأولى ومتى لم يقبل الشروط
فتزوج أو تسرى فلها فسخ النكاح لكن في توقف ذلك على
الحاكم نزاع لكونه صار مجتهداً فيه كخيار العنة والعيوب إذ فيه
خلاف أو يقال لا يحتاج إلى اجتهاد في ثبوته وإن وقع نزاع في
الفسخ به كخيار المتعة يثبت في مواضع الخلاف عند القائلين بلا
حكم حاكم مثل أن يفسخ على التراخي فإنّ هذا فيه خلاف
وأصل ذلك أن يوقف الفسخ على الاجتهاد في ثبوت الحكم أيضاً
ولأن الفروج يحتاط لها فتناط بأمر حاكم بخلاف الفسوخ في البيع
والأقوى أن الفسخ المختلف فيه لا يفتقر إلى حكم لكن إن رفع
إلى حاكم يرى إمضاءه أو أمضاه وإن رأى إبطاله أبطله و الله
أعلم.
-------------------------------------------------
الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام إبن تيمية المجلد الثالث
عليها ولا ينقلها من منزلها وأن تكون عند أمها فدخل على ذلك فهل
يلزمه الوفاء وإذا خالف هذه الشروط فهل للزوجة الفسخ أم لا؟
الجواب: الحمد لله. نعم تصح هذه الشروط وما في معناها في مذهب
الإمام أحمد وغيره من الصحابة والتابعين كعمر بن الخطاب وعمرو بن
العاص وشريح القاضي والأوزعي وإسحق ومذهب مالك إذا شرط لها
إذا تزوج عليها أو تسرى أن يكون أمرها بيدها أو رأيها ونحو ذلك صح هذا
الشرط أيضاً وملكت المرأة الفرقة به وهو في المعنى نحو مذهب أحمد
وذلك لما خرجاه في "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"
وقال عمر بن الخطاب: مقاطع الحقوق عند الشروط فجعل
النبي صلى الله عليه وسلم ما تستحل به الفروج التي هي من
الشروط أحق بالوفاء من غيرها وهذا نص مثل هذه الشروط
ليس هناك شرط يوفي به الإجماع غير الصداق والكلام في هذه
الشروط معروف وأمّا شرط مقام ولدها عندها ونفقته عليه فهذا
مثل الزيادة في الصداق والصداق يحتمل من الجهالة فيه من
النصوص عن أحمد ومذهب أبي حنيفة ومالك ما لا يحتمل في
الثمن والأُجرة إذ يصح مهر المثل فكل جهالة تنقص عن جهالة
المثل تكون أحق بالجواز لا سيما مثل هذا في الإجارة ونحوها
ومذهب أحمد وغيره له أن يستأجر الأجير بطعامه وكسوته
ويرجع في ذلك إلى العرف. وكذلك اشتراط النفقة على ولدها
يرجع فيه إلى العرف بطريق الأولى ومتى لم يقبل الشروط
فتزوج أو تسرى فلها فسخ النكاح لكن في توقف ذلك على
الحاكم نزاع لكونه صار مجتهداً فيه كخيار العنة والعيوب إذ فيه
خلاف أو يقال لا يحتاج إلى اجتهاد في ثبوته وإن وقع نزاع في
الفسخ به كخيار المتعة يثبت في مواضع الخلاف عند القائلين بلا
حكم حاكم مثل أن يفسخ على التراخي فإنّ هذا فيه خلاف
وأصل ذلك أن يوقف الفسخ على الاجتهاد في ثبوت الحكم أيضاً
ولأن الفروج يحتاط لها فتناط بأمر حاكم بخلاف الفسوخ في البيع
والأقوى أن الفسخ المختلف فيه لا يفتقر إلى حكم لكن إن رفع
إلى حاكم يرى إمضاءه أو أمضاه وإن رأى إبطاله أبطله و الله
أعلم.
-------------------------------------------------
الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام إبن تيمية المجلد الثالث
تعليق