فصل حقيقة زهد العلماء
تأملت التحاسد بين العلماء فرأيت منشأه من حب الدنيا فإن علماء الآخرة يتوادون ولا يتحاسدون كما قال عز وجل: " وَلاَ يَجدُون في صُدُورِهِمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا ".
وقال تعالى: " والّذِيْنَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ: رَبَّنَا أغْفِرْ لَنَا ولإِخْوَانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِْيمَانِ"
وقد كان أبو الدرداء: يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه.
وقال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي: أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر.
والأمر الفارق بين الفئتين: أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها ويحبون كثرة الجمع والثناء.
وعلماء الآخرة بمعزل من إيثار ذلك وقد كانوا يتخوفونه ويرحمون من بلي به.
وكان النخعي: لا يستند إلى سارية.
وقال علقمة: أكره أن يوطأ عقبي.
وكان بعضهم: إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام عنهم.
وكانوا يتدافعون الفتوى ويحبون الخمول مثل القوم كمثل راكب البحر وقد خب فعنده إلى أن يوقن بالنجاة.
وإنما كان بعضهم يدعو لبعض ويستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا فالأيام والليالي مراحلهم إلى سفر الجنة.
من أحب تصفية الأحوال فليجتهد في تصفية الأعمال.
قال الله عز وجل: " وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً ".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل: لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولم أسمعهم صوت الرعد.
وقال صلى الله عليه وسلم: البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا ينام وكما تدين تدان.
وقال أبو سليمان الداراني: من صفى صفي له ومن كدر كدر عليه ومن أحسن في ليله كوفىء في نهاره ومن أحسن في نهاره كوفىء في ليله.
وكان شيخ يدور في المجالس ويقول: من سره أن تدوم له العافية فليتق الله عز وجل.
وكان الفضيل بن عياض يقول: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي.
واعلم - وفقك الله - أنه لا يحس بضربة مبنج وإنما يعرف الزيادة من النقصان المحاسب لنفسه.
ومتى رأيت تكديراً في حال فاذكر نعمة ما شُكرت أو زلة قد فُعلت واحذر من نفار النعم ومفاجأة النقم ولا تغتبت بسعة بساط الحلم فربما عجل انقباضه.
وقد قال الله عز وجل: " إِنَّ اللّه لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم ". ...
-----------------------
صيد الخاطر لإبن الجوزي
--------------------
أقول : و هدا هوحال علمائنا في هدا الزمان متحابون في الله متناصحون فيما بينهم متواصلون يثني بعضهم على بعض و لا يرى أحدهم على غيره فضل، يقل بعضهم عثرة بعض و يدعون بالخير فيما بينهم لا يتحاسدون و لا يتباغضون و لا يتدابرون بل إخوان جمعتهم دعوة واحدة قلب واحد في أجساد متفرقة لا يعرف فضلهم إلا كريم و لا يحاول الوقيعة بهم باللمز و الهمز و التهميش أو التنفير إلا لئيم ليس له من الخير حض و لا تراه إلا و قد تأبط شرا و ركب موج هلاك فلا خير فيه بالمرة...
تأملت التحاسد بين العلماء فرأيت منشأه من حب الدنيا فإن علماء الآخرة يتوادون ولا يتحاسدون كما قال عز وجل: " وَلاَ يَجدُون في صُدُورِهِمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا ".
وقال تعالى: " والّذِيْنَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ: رَبَّنَا أغْفِرْ لَنَا ولإِخْوَانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِْيمَانِ"
وقد كان أبو الدرداء: يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه.
وقال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي: أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر.
والأمر الفارق بين الفئتين: أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها ويحبون كثرة الجمع والثناء.
وعلماء الآخرة بمعزل من إيثار ذلك وقد كانوا يتخوفونه ويرحمون من بلي به.
وكان النخعي: لا يستند إلى سارية.
وقال علقمة: أكره أن يوطأ عقبي.
وكان بعضهم: إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام عنهم.
وكانوا يتدافعون الفتوى ويحبون الخمول مثل القوم كمثل راكب البحر وقد خب فعنده إلى أن يوقن بالنجاة.
وإنما كان بعضهم يدعو لبعض ويستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا فالأيام والليالي مراحلهم إلى سفر الجنة.
من أحب تصفية الأحوال فليجتهد في تصفية الأعمال.
قال الله عز وجل: " وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً ".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل: لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولم أسمعهم صوت الرعد.
وقال صلى الله عليه وسلم: البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا ينام وكما تدين تدان.
وقال أبو سليمان الداراني: من صفى صفي له ومن كدر كدر عليه ومن أحسن في ليله كوفىء في نهاره ومن أحسن في نهاره كوفىء في ليله.
وكان شيخ يدور في المجالس ويقول: من سره أن تدوم له العافية فليتق الله عز وجل.
وكان الفضيل بن عياض يقول: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي.
واعلم - وفقك الله - أنه لا يحس بضربة مبنج وإنما يعرف الزيادة من النقصان المحاسب لنفسه.
ومتى رأيت تكديراً في حال فاذكر نعمة ما شُكرت أو زلة قد فُعلت واحذر من نفار النعم ومفاجأة النقم ولا تغتبت بسعة بساط الحلم فربما عجل انقباضه.
وقد قال الله عز وجل: " إِنَّ اللّه لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم ". ...
-----------------------
صيد الخاطر لإبن الجوزي
--------------------
أقول : و هدا هوحال علمائنا في هدا الزمان متحابون في الله متناصحون فيما بينهم متواصلون يثني بعضهم على بعض و لا يرى أحدهم على غيره فضل، يقل بعضهم عثرة بعض و يدعون بالخير فيما بينهم لا يتحاسدون و لا يتباغضون و لا يتدابرون بل إخوان جمعتهم دعوة واحدة قلب واحد في أجساد متفرقة لا يعرف فضلهم إلا كريم و لا يحاول الوقيعة بهم باللمز و الهمز و التهميش أو التنفير إلا لئيم ليس له من الخير حض و لا تراه إلا و قد تأبط شرا و ركب موج هلاك فلا خير فيه بالمرة...
تعليق