ظنهم إذا قال لهم قائل جزاك الله خيرا أن يلتزم الرد عليهم بقولهم ((وإياك )) بدعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد
فقد انتشرت بين كثير من الناس محدثة في الدين وشر الامور محدثاتها كما أخبر الرسول الامين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم نشأ عليها الصغير وهرم عليها الكبير واتخذوها سنة اذا تركت استوحشت قلوبهم من التارك لها فلكأنما قصر في الكلام وترك سنة واجبة موروث وجوبها او استحبابها عن رسول الرحمن عليه أفضل الصلاة والسلام وهي أن أحدهم إذا قال لبعض من أحسن أليه وقدم له معونة أو قام بعمل حسن له ففرج به همه وكشف غمه باذن الله
جزاك الله خيرا انتظر منه كأنه واجب عليه وجوب تشميت العاطس اذا حمدالله ((وإياك ))
فالتزمها الناس التزاما عظيما فلاتكاد تسمع أحدا يقول لأحد جزاك الله خيرا إلا قال وإياك
والتزام ذلك واعتقاد وجوبه او خصوصية استحبابه محدث لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمر وجوب ولااستحباب وعمل به أو أحد من افاضل الاصحاب كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم اجمعين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشافعي في مسنده عنه مامن خير يقربكم من الله أو من الجنة ويباعدكم من النار إلا دللتكم عليه أو كما قال
فقد دلنا أن من سمع أخاه يعطس ثم يحمد الله أن يقول له يرحمك الله وجعله حق عليه وعلمنا أن من أحسن له أخاه بشيء فقال له جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء ولكن لم يعلمنا أن يرد عليه اذا قال ذلك أن يقول فإذا سمعه يقول له ذلك فليقل واياك ولو كان خيرا لأمره به كما في تشميت العاطس وكثرة انتشار الذكر المحدث والدعاء بين الناس لايعني أن له أصل في سنة رسول رب الارض والسماء فالأصل في الذكر السببي عددا ووصفا وهيئة التوقيف كما روى البخاري عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا ح و حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا فَقَالَ إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَا وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ
فانظر رحمك الله كيف رد عليه قوله برسولك الذي أرسلت بالغم من أن كل رسول نبي قطعا والوصف بالرسالة أبلغ من النبوة وحسب ومع ذلك لم يقبله منه لأن الاصل في الاذكار السببية كالذي في الحديث بسبب النوم التوقيف
فاي عبادة محدثة أو ذكر أو دعاء انعقد سببها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرتب النبي صلى الله عليه وسلم على سببها تلك العبادة فهي بدعة كما ذكر الصنعاني في سبل السلام
ولقد احتاط العلماء من التزام ذكر أو قول بسبب لادليل عليه حتى لايصير سنة شرعية بين الناس فقال صاحب المجموع لايقو ل لمن خرج من الحمام نعيما وبطبيعة الحال الاخر يرد عليه انعم الله عليك فانه اذا التزم بين المسلمين ظنوه سنة فابتدعوا 0
واليوم أقول التزموا أن يقولوا واياك لمن سمعوه يثني عليهم بقوله جزاك الله خيرا حتى صارت ربما من جنس تشميت العاطس والصلاة على النبي إذا ذكر وهذا الالتزام محدث لادليل عليه
قال ابن تيمية أي عبادة لادليل عليها فهي ضلالة وسبحان الله قد كنت كتبت في ذلك قبل عدة سنوات وقال لي في سفرتي هذه الى فرنسا بعض اخواننا من طلاب العلامة صالح الفوزان وهو الأخ عبد الكريم الجزائري أنه سمع العلامة بن عثيمين ينكر التزامها ويذكر انه لادليل عليه فان حفظ فنعما ماقاله رحمه الله
وقد جمعت وقتئذ عدة آثار عن السلف قالوا فيها لأناس أو قيل لهم جزاك الله خيرا فلم يرد بقوله وأياك أو وجزاك ولعلي انقلها
فمن ذلك مارواه البخاري في صحيحه من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا
فانظر رحمك الله لم تقل وأياك ولم تعنف من قبل علماء عصرها أو من قبل النبي صلى الله عليه وسلم لو كان حاضرا وقت الثناء عليها
وما رواه مسلم في صحيحه من طريق ْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ
وَقَالُوا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا
فَقَالَ رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ قَالُوا اسْتَخْلِفْ فَقَالَ أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ
فانظر اسكنك الله الجنة فلم يقل واياك ولم يعنف انه ماقالها
واخيرا فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم جزاك الله خيرا فلم يرى أن يقول واياك وهو الذي وصفه الله بأنه على خلق عظيم
فدل على أن ذكرها سنة تركية
وانظر الى مارواه الترمذي في جامعه عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ جَيِّدٌ غَرِيبٌ
لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا قال له ذلك فليقل واياك
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر في كل خطبة حتى لاتحدث أمته البدع وتصطنع المحدثات بزعم أنها صغار وليس بكبار وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
قال البربهاري ليس في البدع شيء صغير فصغارها يؤول إلى كبارها
فلاتلتزما فانها سنة تركية ويكفيك ماجاء عن رسول رب البرية صلى الله عليه وسلم القائل عليكم بسنتي 0وقد قال في حديث الافتراق الذي خرجه الترمذي وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل من هي يارسول الله قال من كان على مثل ماأنا عليه وأصحابي
فهاك أحد أصحابه ينهى عن دعاء ذكر الذي انعقد سببه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرتب عليه
ذلك الذكر
فروى الترمذي عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
ولذلك أنكر أهل العلم على الرجل يسمع الرجل يعطس فلايحمد الله فيذكره فيقول ايش تقول لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما عطس عنده انسان فلم يحمد الله لم يذكره ولو كان في تذكيره خيرا لذكره
فروى الترمذي في جامعه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ عَطَسَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدْ اللَّهَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وصار من البدعة أن يشمته أو يذكره وهو لم يحمد الله
وكذلك لو تثاءب فمن البدعة أن يتعوذ بالله من الشيطان أو يذكره أحد بالتعوذ أو يقول له انسان حاضر اعيذك بالله من الشيطان فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك كله فقد روى البخاري في صحيحه من طريق سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ
قال الامام مالك من استحدث في الدين بدعة (أي لم يجري عليها عمل السلف ) يراها حسنة برأيه فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة اقرأوا قول الله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمالم يكن يومئذ دينا فلايكون اليوم دينا
وبهذه المناسبة أنه أنه لاينبغي أن يقول الشاكر للمحسن جزاك الله ألف خير يريد المبالغة في الثناء فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال يعني للمحسن جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء
وقد قال مامن خير يقربكم من الله إلادللتكم عليه وقال مابعث الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على أحسن ماعلم لهم
ولو كان أحسن ماعلم في الشكر ألف خير لدلنا ولكن قال فقال جزاك الله خيرا ولم يقل ألف خير والله أعلم
__________________
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد
فقد انتشرت بين كثير من الناس محدثة في الدين وشر الامور محدثاتها كما أخبر الرسول الامين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم نشأ عليها الصغير وهرم عليها الكبير واتخذوها سنة اذا تركت استوحشت قلوبهم من التارك لها فلكأنما قصر في الكلام وترك سنة واجبة موروث وجوبها او استحبابها عن رسول الرحمن عليه أفضل الصلاة والسلام وهي أن أحدهم إذا قال لبعض من أحسن أليه وقدم له معونة أو قام بعمل حسن له ففرج به همه وكشف غمه باذن الله
جزاك الله خيرا انتظر منه كأنه واجب عليه وجوب تشميت العاطس اذا حمدالله ((وإياك ))
فالتزمها الناس التزاما عظيما فلاتكاد تسمع أحدا يقول لأحد جزاك الله خيرا إلا قال وإياك
والتزام ذلك واعتقاد وجوبه او خصوصية استحبابه محدث لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمر وجوب ولااستحباب وعمل به أو أحد من افاضل الاصحاب كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم اجمعين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشافعي في مسنده عنه مامن خير يقربكم من الله أو من الجنة ويباعدكم من النار إلا دللتكم عليه أو كما قال
فقد دلنا أن من سمع أخاه يعطس ثم يحمد الله أن يقول له يرحمك الله وجعله حق عليه وعلمنا أن من أحسن له أخاه بشيء فقال له جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء ولكن لم يعلمنا أن يرد عليه اذا قال ذلك أن يقول فإذا سمعه يقول له ذلك فليقل واياك ولو كان خيرا لأمره به كما في تشميت العاطس وكثرة انتشار الذكر المحدث والدعاء بين الناس لايعني أن له أصل في سنة رسول رب الارض والسماء فالأصل في الذكر السببي عددا ووصفا وهيئة التوقيف كما روى البخاري عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا ح و حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا فَقَالَ إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَا وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ
فانظر رحمك الله كيف رد عليه قوله برسولك الذي أرسلت بالغم من أن كل رسول نبي قطعا والوصف بالرسالة أبلغ من النبوة وحسب ومع ذلك لم يقبله منه لأن الاصل في الاذكار السببية كالذي في الحديث بسبب النوم التوقيف
فاي عبادة محدثة أو ذكر أو دعاء انعقد سببها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرتب النبي صلى الله عليه وسلم على سببها تلك العبادة فهي بدعة كما ذكر الصنعاني في سبل السلام
ولقد احتاط العلماء من التزام ذكر أو قول بسبب لادليل عليه حتى لايصير سنة شرعية بين الناس فقال صاحب المجموع لايقو ل لمن خرج من الحمام نعيما وبطبيعة الحال الاخر يرد عليه انعم الله عليك فانه اذا التزم بين المسلمين ظنوه سنة فابتدعوا 0
واليوم أقول التزموا أن يقولوا واياك لمن سمعوه يثني عليهم بقوله جزاك الله خيرا حتى صارت ربما من جنس تشميت العاطس والصلاة على النبي إذا ذكر وهذا الالتزام محدث لادليل عليه
قال ابن تيمية أي عبادة لادليل عليها فهي ضلالة وسبحان الله قد كنت كتبت في ذلك قبل عدة سنوات وقال لي في سفرتي هذه الى فرنسا بعض اخواننا من طلاب العلامة صالح الفوزان وهو الأخ عبد الكريم الجزائري أنه سمع العلامة بن عثيمين ينكر التزامها ويذكر انه لادليل عليه فان حفظ فنعما ماقاله رحمه الله
وقد جمعت وقتئذ عدة آثار عن السلف قالوا فيها لأناس أو قيل لهم جزاك الله خيرا فلم يرد بقوله وأياك أو وجزاك ولعلي انقلها
فمن ذلك مارواه البخاري في صحيحه من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا
فانظر رحمك الله لم تقل وأياك ولم تعنف من قبل علماء عصرها أو من قبل النبي صلى الله عليه وسلم لو كان حاضرا وقت الثناء عليها
وما رواه مسلم في صحيحه من طريق ْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ
وَقَالُوا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا
فَقَالَ رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ قَالُوا اسْتَخْلِفْ فَقَالَ أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ
فانظر اسكنك الله الجنة فلم يقل واياك ولم يعنف انه ماقالها
واخيرا فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم جزاك الله خيرا فلم يرى أن يقول واياك وهو الذي وصفه الله بأنه على خلق عظيم
فدل على أن ذكرها سنة تركية
وانظر الى مارواه الترمذي في جامعه عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ جَيِّدٌ غَرِيبٌ
لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا قال له ذلك فليقل واياك
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر في كل خطبة حتى لاتحدث أمته البدع وتصطنع المحدثات بزعم أنها صغار وليس بكبار وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
قال البربهاري ليس في البدع شيء صغير فصغارها يؤول إلى كبارها
فلاتلتزما فانها سنة تركية ويكفيك ماجاء عن رسول رب البرية صلى الله عليه وسلم القائل عليكم بسنتي 0وقد قال في حديث الافتراق الذي خرجه الترمذي وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل من هي يارسول الله قال من كان على مثل ماأنا عليه وأصحابي
فهاك أحد أصحابه ينهى عن دعاء ذكر الذي انعقد سببه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرتب عليه
ذلك الذكر
فروى الترمذي عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
ولذلك أنكر أهل العلم على الرجل يسمع الرجل يعطس فلايحمد الله فيذكره فيقول ايش تقول لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما عطس عنده انسان فلم يحمد الله لم يذكره ولو كان في تذكيره خيرا لذكره
فروى الترمذي في جامعه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ عَطَسَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدْ اللَّهَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وصار من البدعة أن يشمته أو يذكره وهو لم يحمد الله
وكذلك لو تثاءب فمن البدعة أن يتعوذ بالله من الشيطان أو يذكره أحد بالتعوذ أو يقول له انسان حاضر اعيذك بالله من الشيطان فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك كله فقد روى البخاري في صحيحه من طريق سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ
قال الامام مالك من استحدث في الدين بدعة (أي لم يجري عليها عمل السلف ) يراها حسنة برأيه فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة اقرأوا قول الله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمالم يكن يومئذ دينا فلايكون اليوم دينا
وبهذه المناسبة أنه أنه لاينبغي أن يقول الشاكر للمحسن جزاك الله ألف خير يريد المبالغة في الثناء فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال يعني للمحسن جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء
وقد قال مامن خير يقربكم من الله إلادللتكم عليه وقال مابعث الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على أحسن ماعلم لهم
ولو كان أحسن ماعلم في الشكر ألف خير لدلنا ولكن قال فقال جزاك الله خيرا ولم يقل ألف خير والله أعلم
__________________
تعليق