الاوزاعي علامة الجماعة
إمام يقتدى به قال عنه الإمام مالك-رحمه الله-(انه يصلح للإمامة)-أي الخلافة-قال عن نفسه-رحمه الله-( كنا قبل اليوم نضحك ونلعب، إما إذا صرنا أئمة يقتدى بنا فلا، نرى إن يسعنا التبسم، وينبغي إن نتحفظ).
اسمه:عبد الرحمن بن محمد الاوزاعي.
مولده:ولد في بعلبك سنة 88 هجرية ونشا في البقاع يتيما في حجر أمه التي كانت تتنقل به من بلد إلى بلد.
نسبه:نسب إلى الاوزاع وهو اسم قبيلة من اليمن، أو قرية بدمشق سميت باسمهم لسكناهم بها.
قالوا في حقه:-
قال العباس ابن المحدث الكبير الوليد ابن مزيد العذري البيروتي الذي روى عنه الاوزاعي:(ما رأيت أبي-الوليد-يتعجب من شيء ما رآه في الدنيا تعجبه من الاوزاعي، كان يقول سبحان الله يفعل ما يشاء..يقول(يابني عجزت الملوك إن تؤدب أنفسها وأولادها أدبه في نفسه ما سمعت منه كلمة قط إلا احتاج مستمعها إلى إثباتها، ولا رايته ضاحكا قط حتى يقهقه.ولقد كان إذا اخذ في ذكر المعاد أقول في نفسي أيرى في المجلس قلب لم يبك؟؟؟؟).
قال عالم الشام الوليد بن مسلم(ما رأيت أحدا اشد اجتهادا من الاوزاعي في العبادة)، فيوما دخلت امرأة من جيرانه على امرأته فرات الحصير التي يصلي عليها بالليل مبلولة فقالت:لها لعل الصبي بال ها هنا؟؟؟فقالت:هذا اثر دموع الشيخ من بكائه في سجوده وقالت هكذا تصبح كل يوم.
وكان الاوزاعي-رحمه الله-من أكرم الناس واسخاهم وانفعهم للناس قال محمد بن عجلان-رحمه الله-(ما رأيت أحدا انصح للمسلمين من الاوزاعي). وقال مالك(كان الاوزاعي إمام أهل زمانه).
حج مرة فدخل مكة وسفيان الثوري-رحمه الله-آخذ بزمام جمله، ومالك-رحمه الله-يسوق به، والثوري يقول:أفسحوا للشيخ، حتى أجلساه عند الكعبة، وجلسا بين يديه يأخذان عنه.
وقال ابن زياد:أفتى الاوزاعي في 70 ألف مسالة بحدثنا واخبرنا.
وجاء في ترجمته في الكاشف للذهبي-رحمه الله-( انه كان رأسا في العلم والعبادة،- ورقم له- انه علامة الجماعة)-يريد انه روى له البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة-.
كان أهل الشام يعملون بمذهبه وقاضي الشام اوزاعي ثم انتقل مذهبه إلى الأندلس ثم اضمحل إمام انتشار المذهبين الشافعي في الشام والمالكي في المغرب.
مواقفه مع المنصور
كتب إليه أبو جعفر المنصور(إما بعد، فقد جعل أمير المؤمنين في عنقك ما جعل الله لرعيته قبلك في عنقه، فاكتب إليه بما رأيت فيه المصلحة)وهذا يدل على الثقة الكبيرة بالإمام ونصحه وعلمه ومكانته، فكتب إليه:(إما بعد، فعليك يا أمير المؤمنين بتقوى الله عز وجل، وتواضع يرفعك الله تعالى يوم يضع المتكبرين في الأرض بغير الحق.واعلم إن قرابتك من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لن تزيد حق الله تعالى عليك إلا وجوبا).
ولما وقع في الأسر الآلاف المسلمين وكان ملك الروم يريد إن يفاديهم والمنصور يأبى فكتب الاوزاعي إليه:(إما بعد، فان الله تعالى استرعاك هذه الأمة، لتكون فيها بالقسط قائما، وبنبيه-صلى الله عليه وسلم-في خفض الجناح والرأفة متشبها، وأسال الله تعالى إن يسكن على أمير المؤمنين دهماء هذه الأمة، ويرزقه رحمتها، فان سائخة المشركين التي غلبت عام أول، وموطئهم حريم المسلمين، واستنزالهم العواتق والذراري من المعاقل والحصون، لا يلقون لهم ناصرا، ولا عنهم مدافعا، كاشفات عن رؤوسهن وأقدامهن، فكان ذلك بمرأى ومسمع.فليتق الله أمير المؤمنين وليبتغ بالمفاداة بهم من الله سبيلا، وليخرج من حجة الله، فان الله تعالى قال لنبيه-صلى الله عليه وسلم-(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان).والله يا أمير المؤمنين مالهم يومئذ فيء موقوف ولا ذمة تؤدى خراجا إلا خاصة أموالهم.
وقد بلغني عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-انه قال:(أني لأسمع بكاء الصبي في الصلاة فأتجوز فيها مخافة إن تفتن أمه) فكيف بتخليتهم يا أمير المؤمنين في أيدي العدو، يمتهنونهم ويتكشفون منهم مالا تستحله إلا بنكاح، وأنت راعي الله، والله تعالى فوقك، ومستوف منك ((يوم نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين)). فلما وصل إليه كتابه أمر بالفداء.
من أقواله الطيبة المأثورة:(إذا أراد الله تعالى بقوم شرا فتح عليهم باب الجدل وسد عنهم باب العلم والعمل).
(ويل للمتفقهين لغير العبادة والمستحلين الحرمات بالشبهات)
توفي هذا الإمام القدوة علما وعملا وأخلاقا وصلاحا وجهادا عام157هجرية.فقيل في حقه رثاء كثير منه:
ضاق الفؤاد بما يغشى من الكرب *** مذ مات شيخ التقى والعلم والأدب.
أخوكم:أبو عبد الله الحديدي
تعليق