كيف نكون خير امة ؟؟
واليوم ماذا ينقصنا ؟
أو مالذي أبعدنا عن موارد الخيرية؟؟؟
الذي أبعدنا هو تقصيرنا بقطب الدين الأعظم مهنة الأنبياء ووظيفتهم التي بعثوا من اجلها فبقدر تقصيرنا فيه تقل الخيرية ويظهر ويكثر الفساد فيضمحل ويندرس الدين فتخرب البلاد ويضيع العباد.
وقطب الدين الأعظم الذي قصرنا فيه وفرطنا هو :( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) هذا الركن المنسي والفريضة الغائبة عن واقع المسلمين، حتى صار فيمفهوم الناس انه لايقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا العلماء ويحتجون بهذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أية 105 سورة المائدة.
وقد سال أبي أمية الشعباني-رحمه الله- عنها أبا ثعلبة ألخشني –رحمه الله-فقال له: إما والله لقد سالت عنها خبيرا، سالت عنها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال) بل أتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام فان من ورائكم أيام الصبر الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهم مثل اجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ) رواه أصحاب السنن.
فانظر إلى سلفنا الصالح-رضوان الله عليهم- كيف امتثلوا أمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فعرفوا أهميته هذا الواجب فعظموه وقاموا بحقه خير قيام فنالوا الخير والفخر كله بشهادة ربهم –عز وجل- وتزكية رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حين قال فيهم:( انتم توفون سبعين امة انتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل ).
ونحن اليومفي هذا الزمان الذي اشتد أمره وعظم خطره بانتشار الشرك والبدع وظهور المعاصي وكثرة دعاة الباطل وقلة دعاة الخير فسد المجتمع وانحطت أخلاقه ففقدنا مكانتناف مقدمة أهل الخير، لأننا جعلنا هذه الفريضة الكبيرة مسؤولية أفراد معينين لا وظيفة الأمة كلها رجالها ونسائها كلا حسب إمكانيته وسلطته وقدرته وعلمه.
هذا الركن إذا لم نعطه أهميته ومن أهميته إن الله تعالى قرنه بالأيمان بل قدمه عليه لعظم مكانته فقال)) كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )). بل قدمه الله –عز وجل- على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال:(( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)){71}التوبة.
فالرحمة والخير لا تنالان إلا بطاعة الله-عز وجل- وطاعة رسوله-صلى الله عليه وسلم- وملاك ذلك كله الأمر بالمعروف وأوله وأفضله واجله وأعلاه التوحيد، والنهي عن المنكر واشره واخبثه وانكره الشرك.
فهذا الركن المهم من ديننا إذا تركناه جاءنا الهلاك والشر، فها هي أمنا أم المؤمنين زينب بنت جحش-رضي الله عنها- تقول كما في الصحيحين:[[ إن النبي-صلى الله عليه وسلم- دخل عليها فزعا يقول لا اله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم ياجوج وماجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها فقالت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث ]], وهذا مصداق قوله تعالى))واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )), وحديث حذيفة –رضي الله عنه-المتفق عليه:قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- (( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله إن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)).
واليوم أصبح غالب المسلمين بلا مناعة علمية شرعية، صاروا بتخليهم عن مورد عزهم وخيرهم إمعات يتبعون كل ناعق حتى صدق فيهم قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم- (( لتركبن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)).متفق عليه. والذين من قبلنا هم أهل الكتاب وحالهم معنا وموقفهم منا كما قال تعالى:(( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم)).وقوله:(( الم تر إلى الذين أتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون إن تضلوا السبيل)).
كيف كان حالهم ومصيرهم عندما تركوا العمل بهذا الأمر العظيم؟؟ قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}.{79}المائدة.
فالمسلمون مع الأسف يتبعون أثارهم حذو القذة بالقذة حتى ف الأمر الذي لعنوا لأجل تركه وهلكوا بسببه!! ولانخاف لعنة الله تعالى وقد توعدنا الله بذلك على لسان رسوله الكريم-صلى الله عليه وسلم- إن تركنا هذا الواجب الكبير فقال: -صلى الله عليه وسلم-(( والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتاطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم)) رواه أبو داود.
ففعل المنكر وعدم التناهي يؤدي إلى اختلاف القلوب المؤدي إلى اختلاف الأبدان بالتدابر المنهي عنه ثم يتبعه لعنا وطردا من رحمة الله تعالى إذا لم نتب من هذا المنكر ونصلح عمل المفسدين وما أفسدنا ب { الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر }.
بعد هذا إن أردنا الصلاح والفلاح والخير والتمكينفي الأرض ما علينا إلا القيام بهذا الواجب الكبير لكي تصلح امتنا ويكثر فيها الخير ويقل فيها الشر والمنكر، عاملين بقول المصطفى-صلى الله عليه وسلم-(( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الأيمان )).
فهذا الواجب من ابرز صفات المؤمنين الذين لاتاخذهم ف الله لومة لائم كما قال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }التوبة112.
فالقيام بهذا الواجب سبب لتحقيق الخيرية والتمكينفي الأرض والمحافظة على ذلك وضمان استمراره كما وعد ربنا تبارك وتعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41.
اخوك في الله: أبو عبد الله الحديدي
تعليق