( فمن أعرض عن الله بالكليَّة أعرض الله عنهُ بالكليّة ، ومَن أعرضَ الله عنه لزمه الشقاءُو البؤس و البخس فىأحواله و أعماله ، وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله ، فإن الربَّتعالى إذا أعرض عن جهة ؛ دارت بها النُّحُوس ، وأظلمت أرجاؤها ، وانكسفت أنوارها ، وظهرت عليهاوحشة الإعراض ، وصارت مأْوى للشياطين ، وهدفاً للشرور ، ومصبّاً للبلاء.
فالمحروم ُكُلُّ المحروم من عَرَف طريقاً إليه ثم أَعرض عنها ، أو وجد بارقةً من حبه ثم سُلبها، ولم ينفذ إلى ربه منها ، خصوصا إذا مال بتلك الإرادة إلى شيء من اللذات ، أو انصرف بجملته إلى تحصيل الأغراض و الشهوات ، عاكفًا على ذلك ليله ونهاره وغدوه ورواحه ، هابطا من الأوج الأعلى إلى الحضيض الأدنى ، قد مضت عليه برهة من أوقاته و كان همه الله و بغيته قربه و رضاه و إيثاره على كل ما سواه ، على ذلك يصبح و يمسى و يظل و يضحى ، و كان الله فى تلك الحال وليه ، لأنه ولى من ولاه و حبيب من أحبه ووالاه ، فأصبح فى سجن الهوى ثاويا ، و فى أسر العدو مقيما ، و فى بئر المعصية ساقطا ، و فى أودية الحيرة و التفرق هائما ، معرضا عن المطالب العالية إلى الأغراض الخسيسة الفانية ، كان قلبه يحوم حول العرش ؛ فأصبح محبوسا فى أسفل الحش ... )
و يقول أيضا رحمه الله
(مَن أراد صفاء قلبه فليؤثِر اللهَ على شهواته ، القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها ، القلوب آنية الله فى أرضه ، فأحبُّها إليه أرقُها و أصلبها و أصفاها ، شغلوا قلوبهم بالدنيا ، و لو شغلوها بالله و الدار الآخرة لجالت فى معانى كلامه و آياته المشهودة ، و رجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم و أطراف الفوائد ، إذا غُذى القلب بالتذكر و سُقى بالتفكر و نُقِّى من الدَّغَل ؛ رأى العجائب و أُلهم الحكمة ، ليس كل من تحلى بالمعرفة و الحكمة و انتحلها كان من أهلها ؛ بل أهل المعرفة و الحكمة الذين أحيوا قلوبهم بقتل الهوى ، و أما من قتل قلبه فأحيى الهوى ؛ فالمعرفة و الحكمة عارية على لسانه ... )
( .... فتوكل عليه وحده ، و عامله وحده ، و آثر رضاه وحده ، و اجعل حبه و مرضاته هو كعبة قلبك التى لا تزال بها طائفا ، مستسلما لأركانها ، واقفا بملتزمها ، فيا فوزك و يا سعادتك إن اطلع سبحانه على ذلك من قلبك .. )
"طريق الهجرتين و باب السعادتين"
لتحميل هذا الكتاب الفريد من نوعه إليكم الرابط من المرفقات
تنبيه : لا تغير من إسمي الملفين و ضعهما في مجلد واحد .