لا تجزع
أخي ؛ أختي:
هل أيقنت أنّ كل شيء في هذه الدنيا إنّما هو بتقدير الله سبحانه؛ وأنه لا يخرج عن قضائه وقدره شيء؟
إنّك حين تعتقد بذلك؛ فإنّ ذلك يورثك برداً من اليقين تجد حلاوته في قلبك وتحس به كالنور الذي يضيء لك المسير .
فمما تخاف وأنت تعلم أنَّ الذي يملك النفع والضرّ هو الله؛ فإن شاء الله سبحانه ألان لك قلوب الأعداء؛ وجعل نصرك على يد أعتى خلقه .
ومما تخاف وأنت تعلم أن الأجل بيد الله تعالى؛ فإن شاء أطال في مهلة العبد على رغم ما يعتريه من الحوادث، ومن ترجو من دونه وأنت تعلم أنّ الرزق بيده ومقاليد الأمور بيديه .
أليس هو الذي جاء بك عارياً فكساك؟ وظمآناً فسقاك ؟ وجائعاً فأطعمك وضالاً فهداك؟
فكيف بقلب واعٍ أن يلتفت إلى سواه وكل ما سواه تحت قهره وسلطانه؟
أين أنت من قوله تعالى: ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير )؟.
وأين أنت من قول النبيr:«إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته»([1]) .
ألست توقن بقوله r:«واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء؛ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك؛ ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام وجفت الصحف»([2]) . فكيف لك بعد ذلك أن تخاف من عدو؛ أو تضجر من استبطاء رزق؛ أو تتململ لابتلاء حلَّ بك .
وعليك إن أردت الخير كله أن تتوكل على الله حقَّ توكله؛ وتعلم أنَّ ما كُتِب في اللوح المحفوظ لن يُبَدَّل ولن يغيَّر؛ وعليك بلزوم الصبر على ما ابتليت به؛ ولزوم حمد الله على ما أنعم عليك به .
([1]) رواه ابن مردويه؛ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 2866.
([2]) رواه الترمذي (2516)؛ وصححه الألباني في مشكاة المصابيح 5302.
منقول من موقع الشيخ سالم العجمي
http://www.salemalajmi.com/main/