فائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد:فهذه فائدة أنقلها لكم بعد قرائتي لها من كتاب " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" للعلامة المفسر محمد الآمين الشنقيطي رحمه الله .
قال رحمه الله في تفسير قوله جل وعز {قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي (94) }.
قال :ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن هارون قال لأخيه موسى { يابنؤم لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } وذلك يدل على أنه لشدة غضبه أراد أن يمسك برأسه ولحيته . وقد بين تعالى في "الأعراف » أنه أخذ برأسه يجره إليه ؛ وذلك في قوله : { وَأَلْقَى الألواح وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } [ الأعراف : 150 ] . وقوله : { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } من بقية كلام هارون؛ أي خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ، وأن تقول لي لم ترقب قولي! أي لم تعمل بوصيتي وتمتثل أمري .
تنبيه
هذه الآية الكريمة بضميمة آية " الأنعام » إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية ، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها . وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى : { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وموسى وَهَارُونَ } [ الأنعام : 84 ] الآية . ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } [ الأنعام : 90 ] فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم ، وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك أمر لنا . لأن أمر القدوة أمر لأتباعه! كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية في هذا الكتاب المبارك في سورة " المائدة » وقد قدمنا هناك : أنه ثبت في صحيح البخاري : أن مجاهداً سأل ابن عباس : من أين أخذت السجدة في " ص » قال : أو ما تقرأ { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ } [ الأنعام : 84 ] { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } [ الأنعام : 90 ] فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في سورة " الأنعام » ، وعلمت أن أمره أمر لنا ؛لأن لنا فيه الأسوة الحسنة ، وعلمت أن هارون كان موفراً شعر لحيته بدليل قلوه لأخيه : { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي } لأنه لو كان حالقاً لما أراد أخوه الأخذ بلحيته تبين لك من ذلك بإيضاح : أن إعفاء اللحية من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم ، وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم . والعجب من الذين مضخت ضمائرهم ، واضمحل ذوقهم ، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية ، وشرف الرجولة ، إلى خنوثة الأنوثة ، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم ، ويتشبهون بالنساء حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوارق الحسية بين الذكر والأنثى وهو اللحية 1 . وقد كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية ، وهو أجمل الخلق وأحسنهم صورة . والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر ، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها : ليس فيهم حالق . نرجو الله أن يرينا وإخواننا المؤمنين الحق حقاً ، ويرزقنا اتباعه ، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
أما الأحاديث النبوة الدالة على إعفاء اللحية ، فلسنا بحاجة إلى ذكرها لشهرتها بين الناس ، وكثرة الرسائل المؤلفة في ذلك .
وقصدنا هنا أن نبين دليل ذلك من القرآن . وإنما قال هارون لأخيه { قَالَ يابنؤم } لأن قرابة الأم أشد عطفاً وحناناً من قرابة الأب . وأصله . يا بنؤمي بالإضافة إلى ياء المتكلم ، ويطرد حذف الياء وإبدالها ألفاً وحذف الألف المبدلة منها كما هنا ، وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله :
وفتح أو كسر وحذف اليا استمر ... في يا بنؤم يا بن عم لا مفر
وأما ثبوت ياء المتكلم في قول حرملة بن المنذر :
يا بنؤمي ويا شقيق نفسي ... أنت خليتني لدهر شديد
فلغة قليلة . وقال بعضهم : هو لضرورة الشعر . وقوله " يا بنؤم » قرأه ابن عامر وشعبة عن عاصم وحمزة والكسائي بكسر الميم . وقرأه الباقون بفتحها . وكذلك قوله في « الأعراف » : { قَالَ ابن أُمَّ إِنَّ القوم } [ الأعراف : 150 ] الآية اهــ1
والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد:فهذه فائدة أنقلها لكم بعد قرائتي لها من كتاب " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" للعلامة المفسر محمد الآمين الشنقيطي رحمه الله .
قال رحمه الله في تفسير قوله جل وعز {قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي (94) }.
قال :ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن هارون قال لأخيه موسى { يابنؤم لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } وذلك يدل على أنه لشدة غضبه أراد أن يمسك برأسه ولحيته . وقد بين تعالى في "الأعراف » أنه أخذ برأسه يجره إليه ؛ وذلك في قوله : { وَأَلْقَى الألواح وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } [ الأعراف : 150 ] . وقوله : { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } من بقية كلام هارون؛ أي خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ، وأن تقول لي لم ترقب قولي! أي لم تعمل بوصيتي وتمتثل أمري .
تنبيه
هذه الآية الكريمة بضميمة آية " الأنعام » إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية ، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها . وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى : { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وموسى وَهَارُونَ } [ الأنعام : 84 ] الآية . ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } [ الأنعام : 90 ] فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم ، وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك أمر لنا . لأن أمر القدوة أمر لأتباعه! كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية في هذا الكتاب المبارك في سورة " المائدة » وقد قدمنا هناك : أنه ثبت في صحيح البخاري : أن مجاهداً سأل ابن عباس : من أين أخذت السجدة في " ص » قال : أو ما تقرأ { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ } [ الأنعام : 84 ] { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } [ الأنعام : 90 ] فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في سورة " الأنعام » ، وعلمت أن أمره أمر لنا ؛لأن لنا فيه الأسوة الحسنة ، وعلمت أن هارون كان موفراً شعر لحيته بدليل قلوه لأخيه : { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي } لأنه لو كان حالقاً لما أراد أخوه الأخذ بلحيته تبين لك من ذلك بإيضاح : أن إعفاء اللحية من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم ، وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم . والعجب من الذين مضخت ضمائرهم ، واضمحل ذوقهم ، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية ، وشرف الرجولة ، إلى خنوثة الأنوثة ، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم ، ويتشبهون بالنساء حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوارق الحسية بين الذكر والأنثى وهو اللحية 1 . وقد كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية ، وهو أجمل الخلق وأحسنهم صورة . والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر ، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها : ليس فيهم حالق . نرجو الله أن يرينا وإخواننا المؤمنين الحق حقاً ، ويرزقنا اتباعه ، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
أما الأحاديث النبوة الدالة على إعفاء اللحية ، فلسنا بحاجة إلى ذكرها لشهرتها بين الناس ، وكثرة الرسائل المؤلفة في ذلك .
وقصدنا هنا أن نبين دليل ذلك من القرآن . وإنما قال هارون لأخيه { قَالَ يابنؤم } لأن قرابة الأم أشد عطفاً وحناناً من قرابة الأب . وأصله . يا بنؤمي بالإضافة إلى ياء المتكلم ، ويطرد حذف الياء وإبدالها ألفاً وحذف الألف المبدلة منها كما هنا ، وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله :
وفتح أو كسر وحذف اليا استمر ... في يا بنؤم يا بن عم لا مفر
وأما ثبوت ياء المتكلم في قول حرملة بن المنذر :
يا بنؤمي ويا شقيق نفسي ... أنت خليتني لدهر شديد
فلغة قليلة . وقال بعضهم : هو لضرورة الشعر . وقوله " يا بنؤم » قرأه ابن عامر وشعبة عن عاصم وحمزة والكسائي بكسر الميم . وقرأه الباقون بفتحها . وكذلك قوله في « الأعراف » : { قَالَ ابن أُمَّ إِنَّ القوم } [ الأعراف : 150 ] الآية اهــ1
والحمد لله رب العالمين
1:قلت ربيع بن علي :وعجبت لمن يدعوا الناس لحلق اللحية ويقول "مصلحة الدعوة " والله المستعان .
2:"أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"[382/4]ط/دار الكتب العلمية.
2:"أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"[382/4]ط/دار الكتب العلمية.