تذكير الإخوة والأخوات بالسنة في المكاتبات والتعاليق والمراسلات .
*****************************
أما بعد :
من أبي بكر يوسف لعويسي
إلى إخوانه - في الله - في شبكة سحاب السلفية ، علماء ، وطلبة علم ، وأعضاء ، وزوار ، وفقهم الله جميعا لما يحبه ويرضاه .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ابتدأت مراسلتي هذه ببسم الله الرحمن الرحيم ، اقتداء بالكتاب العزيز ، فإنك أول ما تفتح المصحف تجده يبتدأ بالبسملة ،وهكذا كل السور ما عدا سورة براءة ، وعلى هذا جرى الاتفاق والإجماع في كتابة المصاحف ..
سئل شيخ الإسلام هذا السؤال فأجاب رحمه الله :
هل البسملة هل هي آية من أول كل سورة ؟وَسئلَ أيضًا رَحمَه الله عن [بسم الله الرحمن الرحيم] هل هي آية من أول كل سورة أفتونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله :الحمد الله، اتفق المسلمون على أنها من القرآن في قوله: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30]، وتنازعوا فيها في أوائل السور حيث كتبت على ثلاثة أقوال:
أحدها:أنها ليست من القرآن، وإنما كتبت تبركا بها، وهذا مذهب مالك، وطائفة من الحنفية، ويحكي هذا رواية عن أحمد ولا يصح عنه، وإن كان قولًا في مذهبه.
والثاني: أنها من كل سورة، إما آية، وإما بعض آية، وهذا مذهب الشافعي رضي الله عنه.
والثالث: أنها من القرآن حيث كتبت آية من كتاب الله من أول كل سورة، وليست من السورة.[بمعنى أنها آية من القرأن مستقلة جاءت للفصل بين السور] وهذا مذهب ابن المبارك، وأحمد بن حنبل رضي الله عنه وغيرهما. وذكر الرازي أنه مقتضي مذهب أبي حنيفة عنده، وهذا القول الثالث هو أعدل الأقوال وهو الراجح .ثم ذكر الأدلة على ذلك ، وأطال النفس في سرد الأدلة وترجيح هذا القول .
وكذلكم فعلت ذلك اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ،فقد كان يفتتح رسائله وكتبه إلى الملوك والسلاطين وأهل الكتاب بالبسملة ، فقد روى البخاري في صحيحه [ح07] ومسلم [ح1773] من حديث أبي سفيان رضي الله عنه في قصته مع هرقل لما استدعاه ليسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم :وفيها قال أبو سفيان : فأخرج له كتاب رسول الله فإذا فيه :{{ بسم الله الحمن الرحيم - من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ...}}وفي صحيح البخاري ، وصحيح مسلم [ح1783] واللفظ له :من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه : قال : لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عندالبيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها من قابل فيقيم بها ثلاثا ، ولايدخلها إلا بجلبان السلاح ... وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : {{ أكتب الشرط بيننا .بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ...}}
وكتب صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم فارس ، وكذلك كتب إلى النجاشي ملك الحبشة ، وإلى المقوقس ملك مصر ،وغيرهم ..كلها يفتتحها ب [بسم الله الرحمن الرحيم ].ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابه الفذ زاد المعاد في خير هدي العباد [ج2/94 – 99].
وكذلك فعلت ذلك اقتداء بالأنبياء قبله ، فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز عن نبيه سليمان أنه كتب كتابا إلى الملكة بلقيس يدعوها فيه للإسلام وفيه : {{ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم }}.
وكذلك إقتداء بالسلف الصالح فإن أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لما كَتَبَ إِلَى عامله على الْبَحْرَيْنِ افتتحه ب{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ ...] الحديث صحيح البخاري – [ج 5 / ص 292].
فالسنة في المراسلات والمكاتبات سواء كانت عن طريق البريد العادي ، أو عن طريق أشخاص ،أو البريد الإكتروني ، أو رسائل خاصة على النت ،أو رسائل إلكترونية ،أو إضافة رد ، أو ...فأنها تفتتح بالبسملة .
وكذلكم ينبغي أن يهتم بكتابة اسم المرسل ، ثم باسم المرسل إليه ، فقد بوب البخاري في صحيحه [ح6260] باب كيف يكتب إلى أهل الكتاب ، ثم استدل بحديث أبي سفيان المذكور آنفا ، وفيه البسملة أولا ، ثم اسم النبي ثانيا ، ثم ثلث باسم هرقل ، ثم التحية ، وهذا ما درج عليه عمل الصحابة، ومن تبعهم من السلف الصالح ، إلا أن من العلماء من يقدم اسم المرسل إليه على نفسه ، وعلى ذلك بوب البخاري في صحيحه [6261]باب بمن يبدأ في الكتاب وبسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه ذكررجلا من بني اسرائيل ، أخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة من فلان إلى فلان ، في قصة الذي اقترض من إنسان لايعرفه ، وأعطاه موعدا وجعل اللهَ بينهما شاهدا وكفيلا لمّا لم يجد من يوصلها له في الوقت المحدد فعل ذلك ، وقد أوصلها الله إلى صاحبه بآمان .
وفي الأدب المفرد باب كيف يكتب صدر الكتاب [ح1119]وفي الصحيح منه برقم [852] وبسنده إلى عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه ، فكتب إليه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الملك بن مروان ، أمير المؤمنين ، من عبدالله بن عمر : سلام عليكم ..فإني أحمد إليك الله الذي لاإله إلا هو هو ، وأقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله ،فيما استطعت ، زاد البخاري في الصحيح [7205]وإن بنيَّّ قد أقروا بذلك .
وفيه صحيح الأدب المفرد [855/ 1122] عن كبراء آل زيد بن ثابت أن زيدا بن ثابت كتب بهذه الرسالة .
{بسم الله الرحمن الرحيم } لعبد الله معاوية أمير المؤمنين ، من زيد بن ثابت ، سلام عليك ، أمير المؤمنين ورحمة الله ، فغني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو ، أما بعد .
وفيه برقم [856] عن أبي مسعود الجُريري قال: سأل رجل الحسن عن قراءة : بسم الله الرحمن الرحيم ؟ قال : تلك صدور الرسائل .
وفيه أيضا[857/1124] باب بمن يبدأ بالكتب [وبسنده إلى نافع قال كانت لابن عمر حاجة إلى معاوية ،فأراد أن يكتب إليه فقالوا : ابدأ به فلم يزالوا به حتى كتب .
بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى معاوية...أي بدأ بمعاوية قبل ذكر اسمه .
وفيه [858/ 1125] عن أنس بن سيرين قال: كتبت لابن عمر فقال: أكتب { بسم الله الرحمن الرحيم } أما بعد : إلى فلان .فأنت ترى في كل هذه المراسلات والمكاتبات من الصحابة - رضوان الله عليهم - البداءة ب{بسم الله الرحمن الرحمن } وطريقة تصدير الكتاب ،أو المراسلة .
أما باقي شؤونه صلى الله عليه وسلم غير المكاتبات والرسائل فكان يفتتحها بالحمد والثناء على الله، والشهادة لله بالوحدانية ، وللنبي بالرسالة ، وهو المسمى عند الفقهاء والمحدثين بخطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وآله يعلمها أصحابه في كل حاجة ، والحديث أخرجأحمد [3720-4115]وأبو داود [ج1،331] والنسائي [ج1/208] وغيرهم وهو صحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم :<< كل خطبة ليس فيها تشهد في كاليد الجذماء >>صحيح أبي داود –[ 4841] وهو صحيح ، و صحيح الترمذي – [1106]، السلسلة الصحيحة – [169] وصحيح الجامع – [4520].
وهذا جمعابين الأدلة ، فيعمل بالبسملة في المكاتبات والمراسلات ، والتعاليق ، مما فيه كتابة ، ويعمل بالحمد والثناء على الله ، والتشهد ، والصلاة والسلام على رسوله في غير ذلك ،وكذلكم السلام ،فيهما.
وأما الحديث الذي يروى في البدء بالبسملة وهو :[ كل أمر ذي بال لايبدأفيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر ]] وفي الرواية الأخرى [[ لايبدأ فيه بالحمدفهو أقطع ]] فهو ضعيف جدا راجع له الإرواء [ج1/ 29] لمحدث الشام ومجدد العصر الشيخ الألباني رحمه الله .
أما في التأليف والمصنفات فالجمع بينهما أي بين البسملة والحمد والثناء على الله ثم الصلاة والسلام على رسوله فهو أفضل ،حتى يشمل التبرك باسماء الله ، ويكون الكاتب حامدا لله ومصليا على نبيه ، وهذا ما عليه كثير من المؤلفين ، وعلى رأسهم البخاري رحمه الله فقد افتتح كتابه الصحيح بالسملة ، ثم ثنى بالحمد ، وراجع مقدمة الفتح وتوجيه العلماء رحمهم الله لذلك .
وإن المكاتبات في النت ، سواء كانت مواضيع منزلة أو رسائل خاصة ليست بمنأى عن حكم الشرع ، والتحاكم إليه ، فالسني السلفي هو أسعد الناس بتوظيف ما استطاع من الآثار كل فيما ورد من غير تفريط ولا إفراط ، وهذا من تمام فضل منهج السلف على غيره ، وكما قال ابن سرين رحمه الله إذا استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل ، فإن أدب تعامل المسلمين مع بعضهم البعض، يقوم على التحلي والتخلق بالآداب التي كان عليها نبينا عليه الصلاة والسلام وصحابته ،والتي كدنا أن نفتقدها ، وهذا المنهج في المكاتبات ، والمراسلات بيننا فيه من حسن الأدب والتأليف ،ما يعصم من الظنون ، والشكوك في الآخرين ، الله المستعان ، وخاصة من يخاطبك او يكاتبك ولا تجد في مكاتبته أو مخاطبته أدنى آداب التعامل من السلام وغير ذلك ...
و الله أعلم . وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد .
وكتبه : أبو بكر يوسف لعويسي الجزائري الخطابي
*****************************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحبه الغر الميامين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد :
من أبي بكر يوسف لعويسي
إلى إخوانه - في الله - في شبكة سحاب السلفية ، علماء ، وطلبة علم ، وأعضاء ، وزوار ، وفقهم الله جميعا لما يحبه ويرضاه .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ابتدأت مراسلتي هذه ببسم الله الرحمن الرحيم ، اقتداء بالكتاب العزيز ، فإنك أول ما تفتح المصحف تجده يبتدأ بالبسملة ،وهكذا كل السور ما عدا سورة براءة ، وعلى هذا جرى الاتفاق والإجماع في كتابة المصاحف ..
سئل شيخ الإسلام هذا السؤال فأجاب رحمه الله :
هل البسملة هل هي آية من أول كل سورة ؟وَسئلَ أيضًا رَحمَه الله عن [بسم الله الرحمن الرحيم] هل هي آية من أول كل سورة أفتونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله :الحمد الله، اتفق المسلمون على أنها من القرآن في قوله: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30]، وتنازعوا فيها في أوائل السور حيث كتبت على ثلاثة أقوال:
أحدها:أنها ليست من القرآن، وإنما كتبت تبركا بها، وهذا مذهب مالك، وطائفة من الحنفية، ويحكي هذا رواية عن أحمد ولا يصح عنه، وإن كان قولًا في مذهبه.
والثاني: أنها من كل سورة، إما آية، وإما بعض آية، وهذا مذهب الشافعي رضي الله عنه.
والثالث: أنها من القرآن حيث كتبت آية من كتاب الله من أول كل سورة، وليست من السورة.[بمعنى أنها آية من القرأن مستقلة جاءت للفصل بين السور] وهذا مذهب ابن المبارك، وأحمد بن حنبل رضي الله عنه وغيرهما. وذكر الرازي أنه مقتضي مذهب أبي حنيفة عنده، وهذا القول الثالث هو أعدل الأقوال وهو الراجح .ثم ذكر الأدلة على ذلك ، وأطال النفس في سرد الأدلة وترجيح هذا القول .
وكذلكم فعلت ذلك اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ،فقد كان يفتتح رسائله وكتبه إلى الملوك والسلاطين وأهل الكتاب بالبسملة ، فقد روى البخاري في صحيحه [ح07] ومسلم [ح1773] من حديث أبي سفيان رضي الله عنه في قصته مع هرقل لما استدعاه ليسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم :وفيها قال أبو سفيان : فأخرج له كتاب رسول الله فإذا فيه :{{ بسم الله الحمن الرحيم - من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ...}}وفي صحيح البخاري ، وصحيح مسلم [ح1783] واللفظ له :من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه : قال : لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عندالبيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها من قابل فيقيم بها ثلاثا ، ولايدخلها إلا بجلبان السلاح ... وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : {{ أكتب الشرط بيننا .بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ...}}
وكتب صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم فارس ، وكذلك كتب إلى النجاشي ملك الحبشة ، وإلى المقوقس ملك مصر ،وغيرهم ..كلها يفتتحها ب [بسم الله الرحمن الرحيم ].ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابه الفذ زاد المعاد في خير هدي العباد [ج2/94 – 99].
وكذلك فعلت ذلك اقتداء بالأنبياء قبله ، فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز عن نبيه سليمان أنه كتب كتابا إلى الملكة بلقيس يدعوها فيه للإسلام وفيه : {{ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم }}.
وكذلك إقتداء بالسلف الصالح فإن أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لما كَتَبَ إِلَى عامله على الْبَحْرَيْنِ افتتحه ب{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ ...] الحديث صحيح البخاري – [ج 5 / ص 292].
فالسنة في المراسلات والمكاتبات سواء كانت عن طريق البريد العادي ، أو عن طريق أشخاص ،أو البريد الإكتروني ، أو رسائل خاصة على النت ،أو رسائل إلكترونية ،أو إضافة رد ، أو ...فأنها تفتتح بالبسملة .
وكذلكم ينبغي أن يهتم بكتابة اسم المرسل ، ثم باسم المرسل إليه ، فقد بوب البخاري في صحيحه [ح6260] باب كيف يكتب إلى أهل الكتاب ، ثم استدل بحديث أبي سفيان المذكور آنفا ، وفيه البسملة أولا ، ثم اسم النبي ثانيا ، ثم ثلث باسم هرقل ، ثم التحية ، وهذا ما درج عليه عمل الصحابة، ومن تبعهم من السلف الصالح ، إلا أن من العلماء من يقدم اسم المرسل إليه على نفسه ، وعلى ذلك بوب البخاري في صحيحه [6261]باب بمن يبدأ في الكتاب وبسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه ذكررجلا من بني اسرائيل ، أخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة من فلان إلى فلان ، في قصة الذي اقترض من إنسان لايعرفه ، وأعطاه موعدا وجعل اللهَ بينهما شاهدا وكفيلا لمّا لم يجد من يوصلها له في الوقت المحدد فعل ذلك ، وقد أوصلها الله إلى صاحبه بآمان .
وفي الأدب المفرد باب كيف يكتب صدر الكتاب [ح1119]وفي الصحيح منه برقم [852] وبسنده إلى عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه ، فكتب إليه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الملك بن مروان ، أمير المؤمنين ، من عبدالله بن عمر : سلام عليكم ..فإني أحمد إليك الله الذي لاإله إلا هو هو ، وأقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله ،فيما استطعت ، زاد البخاري في الصحيح [7205]وإن بنيَّّ قد أقروا بذلك .
وفيه صحيح الأدب المفرد [855/ 1122] عن كبراء آل زيد بن ثابت أن زيدا بن ثابت كتب بهذه الرسالة .
{بسم الله الرحمن الرحيم } لعبد الله معاوية أمير المؤمنين ، من زيد بن ثابت ، سلام عليك ، أمير المؤمنين ورحمة الله ، فغني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو ، أما بعد .
وفيه برقم [856] عن أبي مسعود الجُريري قال: سأل رجل الحسن عن قراءة : بسم الله الرحمن الرحيم ؟ قال : تلك صدور الرسائل .
وفيه أيضا[857/1124] باب بمن يبدأ بالكتب [وبسنده إلى نافع قال كانت لابن عمر حاجة إلى معاوية ،فأراد أن يكتب إليه فقالوا : ابدأ به فلم يزالوا به حتى كتب .
بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى معاوية...أي بدأ بمعاوية قبل ذكر اسمه .
وفيه [858/ 1125] عن أنس بن سيرين قال: كتبت لابن عمر فقال: أكتب { بسم الله الرحمن الرحيم } أما بعد : إلى فلان .فأنت ترى في كل هذه المراسلات والمكاتبات من الصحابة - رضوان الله عليهم - البداءة ب{بسم الله الرحمن الرحمن } وطريقة تصدير الكتاب ،أو المراسلة .
أما باقي شؤونه صلى الله عليه وسلم غير المكاتبات والرسائل فكان يفتتحها بالحمد والثناء على الله، والشهادة لله بالوحدانية ، وللنبي بالرسالة ، وهو المسمى عند الفقهاء والمحدثين بخطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وآله يعلمها أصحابه في كل حاجة ، والحديث أخرجأحمد [3720-4115]وأبو داود [ج1،331] والنسائي [ج1/208] وغيرهم وهو صحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم :<< كل خطبة ليس فيها تشهد في كاليد الجذماء >>صحيح أبي داود –[ 4841] وهو صحيح ، و صحيح الترمذي – [1106]، السلسلة الصحيحة – [169] وصحيح الجامع – [4520].
وهذا جمعابين الأدلة ، فيعمل بالبسملة في المكاتبات والمراسلات ، والتعاليق ، مما فيه كتابة ، ويعمل بالحمد والثناء على الله ، والتشهد ، والصلاة والسلام على رسوله في غير ذلك ،وكذلكم السلام ،فيهما.
وأما الحديث الذي يروى في البدء بالبسملة وهو :[ كل أمر ذي بال لايبدأفيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر ]] وفي الرواية الأخرى [[ لايبدأ فيه بالحمدفهو أقطع ]] فهو ضعيف جدا راجع له الإرواء [ج1/ 29] لمحدث الشام ومجدد العصر الشيخ الألباني رحمه الله .
أما في التأليف والمصنفات فالجمع بينهما أي بين البسملة والحمد والثناء على الله ثم الصلاة والسلام على رسوله فهو أفضل ،حتى يشمل التبرك باسماء الله ، ويكون الكاتب حامدا لله ومصليا على نبيه ، وهذا ما عليه كثير من المؤلفين ، وعلى رأسهم البخاري رحمه الله فقد افتتح كتابه الصحيح بالسملة ، ثم ثنى بالحمد ، وراجع مقدمة الفتح وتوجيه العلماء رحمهم الله لذلك .
وإن المكاتبات في النت ، سواء كانت مواضيع منزلة أو رسائل خاصة ليست بمنأى عن حكم الشرع ، والتحاكم إليه ، فالسني السلفي هو أسعد الناس بتوظيف ما استطاع من الآثار كل فيما ورد من غير تفريط ولا إفراط ، وهذا من تمام فضل منهج السلف على غيره ، وكما قال ابن سرين رحمه الله إذا استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل ، فإن أدب تعامل المسلمين مع بعضهم البعض، يقوم على التحلي والتخلق بالآداب التي كان عليها نبينا عليه الصلاة والسلام وصحابته ،والتي كدنا أن نفتقدها ، وهذا المنهج في المكاتبات ، والمراسلات بيننا فيه من حسن الأدب والتأليف ،ما يعصم من الظنون ، والشكوك في الآخرين ، الله المستعان ، وخاصة من يخاطبك او يكاتبك ولا تجد في مكاتبته أو مخاطبته أدنى آداب التعامل من السلام وغير ذلك ...
و الله أعلم . وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد .
وكتبه : أبو بكر يوسف لعويسي الجزائري الخطابي