حوار مهم و هادف
وهذا الحوار يمثل الجانب النظري للسلفين مع خصومهم في نازلة العراق ومايتعلق بها.
قال الأول: هل جهاد الدفع فرض عين على كل مسلم ؟
قال الثاني: نعم ! لكن إذا توفرت شروطه.
قال الأول: وما هي شروطه ؟
قال الثاني : جهاد الدفع معناه : أن ادفع أذية العدو عن الدين والمال والنفس. وهذا لا يكون إلا بالشرط الأول وهو القدرة، والشرط الثاني بان تكون المصالح أعظم من المفاسد. والعدو المحتل الآن عنده من القدرة ما يستطيع بها أن يهدم المدن والقرى كما حصل في مدينة الفلوجة، حيث دمرت المساجد وهدمت البيوت وشردت العوائل فما استطاع المقاتلون أن يوفروا الأمن لأنفسهم وعوائلهم فضلاً عن أن يدفعوا أذية العدو عنهم.
قال الفوزان حفظه الله:(( إذا كان المسلمون تحت ولاية كافرة ولا يستطيعون إزالتها فإنهم يتمسكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفار، لان ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدعوة، أما إذا كانت لهم قوة يستطيعون بها الجهاد فإنهم يجاهدون وفق الضوابط الشرعية. والقوة:هي القوة اليقينية أما القوة المظنونة أو غير المتيقنة فانه لا يجوز المخاطرة بالمسلمين والزج بهم في مخاطرات قد تؤدي بهم إلى النهاية غير الحميدة)) . [ مراجعات في الفقه السياسي ص52 ]
قال الأول: ثبت عن الرسول ق رغب في الدفاع عن النفس حتى الموت.
قال الثاني: جهاد الدفع قد يكون اضطراري لا مناص منه فإما الموت وإما الدفاع وقد يكون العبد مخير من قبل الظالم الكافر بين القتل والإبادة والخراب وبين المهادنة على إعطائه من المال مايسلم به العبد على نفسه وعرضه ودينه. قال الأول: فهل هذا يعني إننا نرضى لأنفسنا الجلوس والتفرج ؟
قال الثاني: قبل التفكير بالعمل أو التفكير بالسعي أو الجلوس. لا بد إن نعرض عملنا على الشريعة. فمن رحمة الله بعباده أن حفظ لنا الدين وسيرة المصطفى ق ولنسأل أنفسنا جميعاً ماذا فعل النبي ق في وقت الضعف؟
مكث النبي ق ثلاث عشرة سنة في مكة، والصحابة يقتلون، ويعذبون، ويحاصرون، وتقتل وتعذب نسائهم، ومع ذلك يأمر أصحابه(بالصبر) والتقوى.لم يأمرهم بحمل السيوف أو الاغتيالات. لماذا ؟ لأنه عليه الصلاة والسلام كان في زمن ضعف. فالمسلم الحقيقي المتبع لرسوله يرضى لنفسه في وقت الضعف ما ارتضاه النبي ق لنفسه وصحابته حتى يحافظ على أرواح المسلمين وأعراضهم وأموالهم. والجلوس قد يكون محموداً كما في الجلوس عند الفتنة.
قال الأول: لكن الله جل وعلا أمر الرسول ق أن يجاهد الكفار ويغلظ عليهم وان يجاهدهم بماله ونفسه وحث المسلمين على ذلك ورغبهم على الجهاد.
قال الثاني: الجهاد في الإسلام ثلاث مراحل. ولكل مرحلة جاءت آيات وأحاديث خاصة بها. والمسلم يعرض نفسه على هذه المراحل حتى يستطيع إن يعرف أي النصوص تتنزل في حقه.
قال الأول: ما هي هذه المراحل ؟
قال الثاني: المرحلة الأولى: مرحلة (الضعف) فلم يشرع الجهاد خوفاً على المسلمين، لا خوفاً على الكفار والمنافقين. وأمرهم بالصبر والتقوى، وهو جهاد النفس، وكذلك سنة الله في المرسلين، كما أمر الله جل وعلا موسى وقومه أن يصبروا على فرعون وأذاه والعاقبة للمتقين. قال تعالى {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}. المرحلة الثانية: (مرحلة العهود والمواثيق) وهذه المرحلة في بداية هجرة النبي ق إلى المدينة، وفيها عقد النبي ق كثير من المعاهدات حتى مع اليهود والمشركين لكي يمهد لبناء دولة قوية تستطيع فيما بعد أن تنشر الإسلام بالسيف والعلم.
المرحلة الثالثة : وهي مرحلة التمكين، حيث فرض جهاد الطلب، وحث الله رسوله والمسلمين عليه، وأمر أن يقاتل الكفاركافة، وأمر بطرد اليهود من جزيرة العرب (بعد نقضهم العهد) وإخضاعهم لسلطان الإسلام ومن رفض الدخول فيه يعطي الجزية وهو راغم الأنف. ونحن الآن في العراق، دخل العدو المحتل الديار وفرض نفسه بالقوة، ومع ذلك. أكثر من نصف البلاد معه تؤيده والقسم الآخر منشغلون بالدنيا والسياسة، فمل بقي إلا القليل. لا يستطيعون أن يأمنوا على أنفسهم من مكر الأعداء والمنافقين. فعلى هذا الواقع. أي مرحلة من المراحل التي مر بها الرسول ق تنطبق علينا ؟ لا شك إنها الأولى. فوجب علينا( الصبر والتقوى).
قال الأول: أليس هذه المراحل التي تتحدث عنها نسخت بالآيات التي تأمر بالجهاد ؟
قال الثاني: قال العلامة الشيخ العثيمين رحمه الله وهو يتحدث عن حكم الخروج على الحاكم الكافر: (إذا كانوا لا يستطيعون إزالته، فلا يجوز لهم أن يتحرشوا بالظلمة والكفرة لان هذا يعود على المسلمين بالضرر والإبادة، والنبي ق عاش في مكة ثلاث عشرة بعد البعثة والولاية فيها للكفار، ومعه من اسلم من أصحابه ولم ينازلوا الكفار، بل كانوا منهيين عن قتال الكفار في هذه الحقبة، ولم يؤمروا بالقتال إلا بعد ما هاجر ق وصار له دولة وجماعة يستطيع بهم أن يقاتل الكفار. هذا هو منهج الإسلام، فإذا كان المسلمون تحت ولاية كافرة ولا يستطيعون إزالتها، فإنهم يتمسكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفار، لان ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدعوة. أما إذا كانت لهم قوة يستطيعون بها الجهاد فإنهم يجاهدون في سبيل الله على الضوابط الشرعية المعروفة). [مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة].
قال الأول : الم يقل الله جل وعلا:{واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } ؟
قال الثاني: وهل يلزم من هذا إن الإعداد لابد أن يكون خلال سنة أو سنتين أو عشر، نحن نعلم أن أمريكا بقوتها وتطورها الحربي. عشرات السنين وهي تخطط كيف تدخل العراق. ومهدت لذلك كل الطرق واعدت الجواسيس والأعوان. فنحن كمسلمين أمرنا الله بالإعداد وهذا واجب وأعظم الإعداد هو الرجوع إلى الله لأنه هو الذي بيده النصر, وثانياً : تكون هناك خطة (من قبل أهل الحل والعقد) لأهل العراق ولو على مدى طويل يستعدون فيها نفسياً وعسكرياً وسياسياً من اجل طرد المحتل وقد يستمر ذلك عشرات السنين، لكن لابد من خطوات أمامه حتى لا نخسر رأس المال من النفس والمال؟
قال الأول: إذن لماذا لا يتكلم العلماء بذلك؟
قال الثاني: إن من المصائب التي زادت الطين بلة، إن الناس لا يرجعون إلى العلماء في زمن النوازل والفتن التي لا يفتي بها إلا خواص العلماء، وكان عمر رضي الله عنه تعرض له المسألة يجمع لها أهل بدر. والمصيبة إن بعض الشباب هداهم الله يتورع عن أكل تمرة حرام ولا يتورع من الإفتاء في المسائل الكبيرة والنوازل الجسيمة وفي مسائل الدماء، فيجيز لنفسه ولغيره تولي القصاص لأدنى شبهة مع (إن الحدود تدرأ بالشبهات) فكم من رجل قتل وعذب وهو عند الله قد يكون معذوراً بجهله أو تأويله وقد يكون مظلوماً، والعلماء تكلموا .. وبينوا .. ونصحوا .. ولكنهم اتهموا بالعمالة والجبن والمداراة للملوك والسلاطين، ثم تصدر الفتوى ممن ليس لها أهل. ونسي أن المفتي (موقع عن رب العالمين). قال الأول: ما هو موقفنا من الذين تصدروا الفتوى وجروا المسلمين إلى نزيف؟
قال الثاني: نقول لهم من المستفيد الحقيقي من الدماء التي أريقت والأموال التي ضيعت والطاقات التي أهدرت والشباب الذين سجنوا أو قتلوا ؟ المستفيد الأول العدو المحتل، والمستفيد الثاني العدو الداخلي والخصم الذي يتربص لنا من اجل (ضرب عصفورين بحجر واحد كما يقال). إهلاك السنة في العراق وإشغال أمريكا بهم وحتى تفرغ الساحة الداخلية لغيرهم وهذا ما حصل ولكن هؤلاء المفتون عن ذلك غافلون. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نحن نتعبد الله جل وعلا بكلام العلماء. والعلماء بينوا ونصحوا فلماذا هذا الخروج عليهم ؟
قال الأول: وهل الخروج على العلماء يعتبر خطأً منهجياً ؟
قال الثاني: إننا نفهم كلام الله وسنة رسول الله ق ، وفهم الكتاب والسنة يجب أن يكون على فهم السلف ونفهم كلام السلف بفهم العلماء, والخروج على فهم العلماء خروجاً منهجياً, فإذا وافق ذلك طعن ظاهر أو خفي للعلماء, فهذه صفة أهل البدع ومن خرج عن منهج وفهم العلماء فقد وقع في بدعة الخوارج, لان الخوارج خرجوا على العلماء والأمراء.
قال الأول: من يفتي في النوازل الكبيرة ؟
قال الثاني: الذي يتصدى للفتوى في مسائل الجهاد والإمامة وغيرها من المسائل الكبيرة هم خواص أهل العلم, كما بين ذلك شيخ الإسلام وابن القيم رحمهم الله. ذكر ابن القيم في (إعلام الموقعين): إن الاجتهاد مطلق ومقيد, وفي هذين القسمين تجتمع أقسام المجتهدين الأربعة انتهى. فالمجتهد المطلق هو الذي له الحق في الإفتاء في النوازل, وكذلك فان الاجتهاد ينقسم إلى صحيح وفاسد, فالصحيح هو الذي صدر من مجتهد توفرت فيه شروط الاجتهاد والفاسد بعكس ذلك.
قال الأول : هل يجوز لطالب علم أن يقول:(أنا مجتهد مقيد في مسألة الجهاد ووجب على الجميع اخذ كلامي, والذي يخالف لا يخرج عن كونه جاهلاً أو جباناً أو عميلاً).
قال الثاني: هذا الذي يزعم انه مجتهد مقيد, هل يستطيع أن ينكر إن هناك علماء راسخين مجتهدين اجتهاداً مطلقاً, أفتوا خلاف كلامه, فان أنكر فلا يؤخذ بكلامه, لأنه كالمنكر لوجود الشمس في رابعة النهار وان اقر بذلك فهو يتهمهم بسوء النية وهي الجبن أوالعمالة وهذه لا تخرج من سلفي سليم المنهج, لان الطعن في العلماء صفة أهل البدع، لان لازم قوله إن الذي لا يجاهد يشمل الذي لا يفتي بالجهاد فان المتوقف عن الجهاد توقف لتوقف العلماء عن الفتيا بجوازه, فالطعن بالمتوقف عن الجهاد طعن في العلماء الذين أفتوا بذلك.
قال الأول: المجتهد المقيد إذا عرف عنه انه مجروح العدالة. فهل تقبل منه فتوى ؟
قال الثاني: قال ابن قدامة رحمه الله : (العدالة شرط لجواز الأخذ بقوله, فمن ليس عدلاً لا تقبل فتياه).
قال الأول: ما هي شروط وصفات المفتي ؟
قال الثاني: قال ابن القيم (لم تصح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضي السيرة عدلا في أقواله وأفعاله) وقال الإمام احمد : (لا ينبغي أن ينصب الرجل نفسه للفتيا حتى تكون له نية و يكون له علم وحلم ووقار وسكينة وان يكون قوياً على ما هو عليه وكفايته عن الناس ومعرفة الناس وكذلك أن لا يفتي في مسألة يكفيه غيره إياها).
قال الأول: لماذا تعيبون على المقاتلين ضرب الكافر المتترس بالمسلمين مع إن الفقهاء أجازوا ذلك للمصلحة؟
قال الثاني: ذكر أهل العلم كما في كتاب المصالح المرسلة تحت باب المصلحة الضرورية والقطعية, لان المصلحة منها ما هو ضروري ومنها ما هو من قبيل الحاجيات ومنها من قبيل الكماليات والمصلحة القطعية هي المتأكد حصولها وليست المصلحة المتوهم حصولها. هذا أولاً. وثانياً هي المصلحة العامة التي تشمل كل الناس أو اغلبهم. ومثال ذلك لو تترس الكفار بجماعة من أسرى المسلمين بحيث لو كففنا عنهم لصدمونا وغلبوا على دار الإسلام وقتلوا كافة المسلمين. فالمصلحة الضرورية هي حفظ جميع المسلمين عند التمكن أو أكثرهم عند عدم التمكن مضن حفظ الجميع وهذه المصلحة مأخوذة باعتبار إنها.
1ـ ضرورية 2- قطعية 3- كلية)أ.هـ المستصفى 1/141/ المصلحة المرسلة ص58. فأين هذه المصلحة عند ضرب الكافر الظالم المحتل في سوق شعبي أو مكان سكني يذهب ضحيته من المسلمين الأبرياء إضعاف مايقتل من الكفار بألاضافة إلى مايلحق ذلك من ردة فعل من قبل الظالم الكافر الله اعلم بنتائجها لذلك أصبح أصعب شئ على الناس يوم يضرب عند بيوتهم الكافر لأنهم يدركون ردة الفعل القاسية لذلك أصبح الكثير من الناس يمنع المقاتلين من ضرب العدو من قرب داره والذي لايستطيع أن يمنع فلا أبالغ إذا قلت انه يدع الله أن لايتمكن المقاتلون من هدفهم خشية على نفسه وأهله.
قال الأول:أليس للمقاتلين أهل يخافون عليهم ؟
قال الثاني: أما الذين جاؤا من خارج الحدود فالغالب أنهم لايبالون بمصالح الناس بحجة أن الجهاد لابد له من تضحيات وعلى أساس أنهم تركوا الأوطان والأهل من اجل نصرة العراقيين. وأما المقاتل العراقي فالغالب انه يقاتل بعيد عن بيته وأهله وهذا ألامر معروف عند من يعيش هذه الحرب عن قرب لكنه مجهول لمن يتابع ذلك عن طريق الفضائيات.
قال الأول: هل يجوز مهادنة العدو أو صلح على شرط الأمان على النفس والدار ؟ قال الثاني: قال الشيخ ابن باز رحمه الله حول مشروعية الصلح مع إسرائيل المحتلة : إن قريشاً أخذت أموال المهاجرين ودورهم كما قال سبحانه وتعالى في سورة الحشر {للفقراء والمهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضواناً}الآية ومع ذلك صالح النبي ق قريشاً يوم الحديبية سنة ست من الهجرة ولم يمنع من هذا الصلح ما فعلته قريش من ظلم المهاجرين في دورهم وأموالهم, مراعاة للمصلحة العامة التي رآها النبي ق لجميع المسلمين وكذلك نقول لو إن إنساناً غصب دار إنسان وأخرجه إلى العراء ثم صالحه على بعضها, فان هذا يصح لا شك أن المظلوم إذا رضي ببعض حقه واصطلح مع الظالم في ذلك فلا حرج, لعجزه عن اخذ حقه كله, وما لا يدرك كله لا يترك كله والله جل وعلا يقول {فاتقوا الله ما استطعتم}مجموع فتاوى ابن باز ( 456/1
قال الأول: هل يجوز إقامة الحدود على من يستحق الحد من قبيل الأفراد ؟
قال الثاني: قال الشيخ الفوزان حفظه الله : ( إقامة الحدود من صلاحيات سلطان الأمة, وليس لكل احد أن يقيم الحد لان هذا يلزم منه الفوضى والفساد, فإذا لم يكن هناك في المسلمين سلطان فانه يكتفي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاستطاعة.
قال الأول: ما الفرق بين الساحة الأفغانية الأولى مع الروس والساحة العراقية ؟ولماذا أفتى العلماء في الأولى بمشروعية الجهاد وتوقفوا في الساحة العراقية؟
قال الثاني: الفرق كبير من الناحية الداخلية ومن الناحية الخارجية. فمن الناحية الداخلية كانت الفصائل الأفغانية مع اختلافاتها العقائدية والمنهجية متفقة ضد الروس وهذا بخلاف العراق تماما حيث دخل البلد بحروب مدمرة لا فائدة منها مما جعل أكثر من ثلثي العراق يفرح بقدوم أمريكا وليس عنده استعداد لمحاربتها. وبالتالي شكلت قوة عراقية كبيرة لمحاربة من يحارب أمريكا. ومن الناحية الخارجية: يقول الشيخ عبد العزيز الريس: في شريط خاص لنقد من يفتي بالجهاد في العراق (الحرب الأفغانية الأولى من حيث الظاهر كانت بين الأفغان وروسيا ومن حيث الحقيقة كانت حرب أمريكية – روسية) أنتهى0
لكثرة المساعدات التي تصل إلى المجاهدين الأفغان عبر باكستان من أمريكا وغيرها, حتى إن مستشار الأمن القومي الأمريكي يقوم بزيارات إلى الأفغان من اجل مساعدتهم ضد الروس, ثم من المهم أن نعرف إن أفغانستان الآن تحت الاستعمار الأمريكي مما يؤكد حقيقة الوضع الأول! بينما في العراق فجميع دول الجوار تقاطعك مقاطعة شبه تامة بالإضافة إلى إن المقاومة نفسها ما استطاعت أن تكسب حب الناس فضلا على مساعدتهم, لان قسم كبير منهم لا يبالي بمضرة الناس أو إيذائهم المباشر أو غير المباشر وكذلك دخول كثير من عصابات النهب والقتل باسم المقاومة وكذلك القتل العشوائي وغيرها مما جعل الناس ينظرون إلى المقاومة بأنهم عبارة عن معارضة انفصالية نتيجة لتصرفات كثير منهم الغير مسئولة. وفي الختام لا بد من مراجعة شاملة بعد مرور سنين. ما هي الثمار التي جناها أهل السنة والجماعة من هذه المقاومة عدا السمعة التي ليس لها ميزان في الشرع, لان الأعمال شرطها الإخلاص, فمن الناحية الدعوية تعطلت الدعوة وقيد الدعاة وهظم دورهم وضيق عليهم, ومن الناحية المادية أهدرت مئات الملايين كانت ممكن أن تصرف في الدعوة والعلم ومساعدة الدعاة والمطابع ودور النشر والتوزيع وإقامة إذاعات ومحطات فضائية تعمل على نشر التوحيد والسنة التي هي الغاية الكبرى التي من اجلها نحن نعيش على الأرض, ومن الناحية السياسية لمن همه السياسة. فان اللعبة السياسية كما يقال أصبحت بأيدي أصحابها. فأهل السياسة أصبحوا لا يستطيعون أن يحركوا ساكنا لان الأمر خرج من أيديهم. ومن الناحية العسكرية كان ممكن أن تكون للسنة قوة فاعلة ولها دور وحضور كبير.
ومن الناحية الأمنية: فمناطق أهل السنة والجماعة تعيش حياة أمنية في غاية الخطورة أصبح فيها الرجل لا يستطيع أن يخرج من بيته في أكثر الأحيان مخافة على نفسه وأهله.
والسؤال ما هي الثمار ؟ وإذا كانت هناك ثمار من المستفيد منها ؟
قال الأول: هل يجوز الخروج عن إجماع العلماء ؟
قال الثاني: يقول شيخ الإسلام ج 20/ص10 ):( معنى الإجماع أن يجتمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام, لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم). يقول شيخ الإسلام (ج 20/ص55 ):(ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين). فان كان الاحتلال شر, فالأشر منه أن نعطيه الذريعة حتى يدخلوا البيوت ويستحلوا الحرمات. وقد يقول قائل إنهم يفعلون ذلك ولو لم نعطهم الذريعة أو نقاومهم نقول هذا ظن وعندنا يقين انه لما ضربناهم دخلوا البيوت واعتقلوا وقتلوا وغير ذلك.. فتقديم اليقين المشاهد مقدم على الظن الغائب. ولكن الأهواء قارنت الآراء.
جعلنا الله جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
وهذا الحوار يمثل الجانب النظري للسلفين مع خصومهم في نازلة العراق ومايتعلق بها.
قال الأول: هل جهاد الدفع فرض عين على كل مسلم ؟
قال الثاني: نعم ! لكن إذا توفرت شروطه.
قال الأول: وما هي شروطه ؟
قال الثاني : جهاد الدفع معناه : أن ادفع أذية العدو عن الدين والمال والنفس. وهذا لا يكون إلا بالشرط الأول وهو القدرة، والشرط الثاني بان تكون المصالح أعظم من المفاسد. والعدو المحتل الآن عنده من القدرة ما يستطيع بها أن يهدم المدن والقرى كما حصل في مدينة الفلوجة، حيث دمرت المساجد وهدمت البيوت وشردت العوائل فما استطاع المقاتلون أن يوفروا الأمن لأنفسهم وعوائلهم فضلاً عن أن يدفعوا أذية العدو عنهم.
قال الفوزان حفظه الله:(( إذا كان المسلمون تحت ولاية كافرة ولا يستطيعون إزالتها فإنهم يتمسكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفار، لان ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدعوة، أما إذا كانت لهم قوة يستطيعون بها الجهاد فإنهم يجاهدون وفق الضوابط الشرعية. والقوة:هي القوة اليقينية أما القوة المظنونة أو غير المتيقنة فانه لا يجوز المخاطرة بالمسلمين والزج بهم في مخاطرات قد تؤدي بهم إلى النهاية غير الحميدة)) . [ مراجعات في الفقه السياسي ص52 ]
قال الأول: ثبت عن الرسول ق رغب في الدفاع عن النفس حتى الموت.
قال الثاني: جهاد الدفع قد يكون اضطراري لا مناص منه فإما الموت وإما الدفاع وقد يكون العبد مخير من قبل الظالم الكافر بين القتل والإبادة والخراب وبين المهادنة على إعطائه من المال مايسلم به العبد على نفسه وعرضه ودينه. قال الأول: فهل هذا يعني إننا نرضى لأنفسنا الجلوس والتفرج ؟
قال الثاني: قبل التفكير بالعمل أو التفكير بالسعي أو الجلوس. لا بد إن نعرض عملنا على الشريعة. فمن رحمة الله بعباده أن حفظ لنا الدين وسيرة المصطفى ق ولنسأل أنفسنا جميعاً ماذا فعل النبي ق في وقت الضعف؟
مكث النبي ق ثلاث عشرة سنة في مكة، والصحابة يقتلون، ويعذبون، ويحاصرون، وتقتل وتعذب نسائهم، ومع ذلك يأمر أصحابه(بالصبر) والتقوى.لم يأمرهم بحمل السيوف أو الاغتيالات. لماذا ؟ لأنه عليه الصلاة والسلام كان في زمن ضعف. فالمسلم الحقيقي المتبع لرسوله يرضى لنفسه في وقت الضعف ما ارتضاه النبي ق لنفسه وصحابته حتى يحافظ على أرواح المسلمين وأعراضهم وأموالهم. والجلوس قد يكون محموداً كما في الجلوس عند الفتنة.
قال الأول: لكن الله جل وعلا أمر الرسول ق أن يجاهد الكفار ويغلظ عليهم وان يجاهدهم بماله ونفسه وحث المسلمين على ذلك ورغبهم على الجهاد.
قال الثاني: الجهاد في الإسلام ثلاث مراحل. ولكل مرحلة جاءت آيات وأحاديث خاصة بها. والمسلم يعرض نفسه على هذه المراحل حتى يستطيع إن يعرف أي النصوص تتنزل في حقه.
قال الأول: ما هي هذه المراحل ؟
قال الثاني: المرحلة الأولى: مرحلة (الضعف) فلم يشرع الجهاد خوفاً على المسلمين، لا خوفاً على الكفار والمنافقين. وأمرهم بالصبر والتقوى، وهو جهاد النفس، وكذلك سنة الله في المرسلين، كما أمر الله جل وعلا موسى وقومه أن يصبروا على فرعون وأذاه والعاقبة للمتقين. قال تعالى {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}. المرحلة الثانية: (مرحلة العهود والمواثيق) وهذه المرحلة في بداية هجرة النبي ق إلى المدينة، وفيها عقد النبي ق كثير من المعاهدات حتى مع اليهود والمشركين لكي يمهد لبناء دولة قوية تستطيع فيما بعد أن تنشر الإسلام بالسيف والعلم.
المرحلة الثالثة : وهي مرحلة التمكين، حيث فرض جهاد الطلب، وحث الله رسوله والمسلمين عليه، وأمر أن يقاتل الكفاركافة، وأمر بطرد اليهود من جزيرة العرب (بعد نقضهم العهد) وإخضاعهم لسلطان الإسلام ومن رفض الدخول فيه يعطي الجزية وهو راغم الأنف. ونحن الآن في العراق، دخل العدو المحتل الديار وفرض نفسه بالقوة، ومع ذلك. أكثر من نصف البلاد معه تؤيده والقسم الآخر منشغلون بالدنيا والسياسة، فمل بقي إلا القليل. لا يستطيعون أن يأمنوا على أنفسهم من مكر الأعداء والمنافقين. فعلى هذا الواقع. أي مرحلة من المراحل التي مر بها الرسول ق تنطبق علينا ؟ لا شك إنها الأولى. فوجب علينا( الصبر والتقوى).
قال الأول: أليس هذه المراحل التي تتحدث عنها نسخت بالآيات التي تأمر بالجهاد ؟
قال الثاني: قال العلامة الشيخ العثيمين رحمه الله وهو يتحدث عن حكم الخروج على الحاكم الكافر: (إذا كانوا لا يستطيعون إزالته، فلا يجوز لهم أن يتحرشوا بالظلمة والكفرة لان هذا يعود على المسلمين بالضرر والإبادة، والنبي ق عاش في مكة ثلاث عشرة بعد البعثة والولاية فيها للكفار، ومعه من اسلم من أصحابه ولم ينازلوا الكفار، بل كانوا منهيين عن قتال الكفار في هذه الحقبة، ولم يؤمروا بالقتال إلا بعد ما هاجر ق وصار له دولة وجماعة يستطيع بهم أن يقاتل الكفار. هذا هو منهج الإسلام، فإذا كان المسلمون تحت ولاية كافرة ولا يستطيعون إزالتها، فإنهم يتمسكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفار، لان ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدعوة. أما إذا كانت لهم قوة يستطيعون بها الجهاد فإنهم يجاهدون في سبيل الله على الضوابط الشرعية المعروفة). [مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة].
قال الأول : الم يقل الله جل وعلا:{واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } ؟
قال الثاني: وهل يلزم من هذا إن الإعداد لابد أن يكون خلال سنة أو سنتين أو عشر، نحن نعلم أن أمريكا بقوتها وتطورها الحربي. عشرات السنين وهي تخطط كيف تدخل العراق. ومهدت لذلك كل الطرق واعدت الجواسيس والأعوان. فنحن كمسلمين أمرنا الله بالإعداد وهذا واجب وأعظم الإعداد هو الرجوع إلى الله لأنه هو الذي بيده النصر, وثانياً : تكون هناك خطة (من قبل أهل الحل والعقد) لأهل العراق ولو على مدى طويل يستعدون فيها نفسياً وعسكرياً وسياسياً من اجل طرد المحتل وقد يستمر ذلك عشرات السنين، لكن لابد من خطوات أمامه حتى لا نخسر رأس المال من النفس والمال؟
قال الأول: إذن لماذا لا يتكلم العلماء بذلك؟
قال الثاني: إن من المصائب التي زادت الطين بلة، إن الناس لا يرجعون إلى العلماء في زمن النوازل والفتن التي لا يفتي بها إلا خواص العلماء، وكان عمر رضي الله عنه تعرض له المسألة يجمع لها أهل بدر. والمصيبة إن بعض الشباب هداهم الله يتورع عن أكل تمرة حرام ولا يتورع من الإفتاء في المسائل الكبيرة والنوازل الجسيمة وفي مسائل الدماء، فيجيز لنفسه ولغيره تولي القصاص لأدنى شبهة مع (إن الحدود تدرأ بالشبهات) فكم من رجل قتل وعذب وهو عند الله قد يكون معذوراً بجهله أو تأويله وقد يكون مظلوماً، والعلماء تكلموا .. وبينوا .. ونصحوا .. ولكنهم اتهموا بالعمالة والجبن والمداراة للملوك والسلاطين، ثم تصدر الفتوى ممن ليس لها أهل. ونسي أن المفتي (موقع عن رب العالمين). قال الأول: ما هو موقفنا من الذين تصدروا الفتوى وجروا المسلمين إلى نزيف؟
قال الثاني: نقول لهم من المستفيد الحقيقي من الدماء التي أريقت والأموال التي ضيعت والطاقات التي أهدرت والشباب الذين سجنوا أو قتلوا ؟ المستفيد الأول العدو المحتل، والمستفيد الثاني العدو الداخلي والخصم الذي يتربص لنا من اجل (ضرب عصفورين بحجر واحد كما يقال). إهلاك السنة في العراق وإشغال أمريكا بهم وحتى تفرغ الساحة الداخلية لغيرهم وهذا ما حصل ولكن هؤلاء المفتون عن ذلك غافلون. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نحن نتعبد الله جل وعلا بكلام العلماء. والعلماء بينوا ونصحوا فلماذا هذا الخروج عليهم ؟
قال الأول: وهل الخروج على العلماء يعتبر خطأً منهجياً ؟
قال الثاني: إننا نفهم كلام الله وسنة رسول الله ق ، وفهم الكتاب والسنة يجب أن يكون على فهم السلف ونفهم كلام السلف بفهم العلماء, والخروج على فهم العلماء خروجاً منهجياً, فإذا وافق ذلك طعن ظاهر أو خفي للعلماء, فهذه صفة أهل البدع ومن خرج عن منهج وفهم العلماء فقد وقع في بدعة الخوارج, لان الخوارج خرجوا على العلماء والأمراء.
قال الأول: من يفتي في النوازل الكبيرة ؟
قال الثاني: الذي يتصدى للفتوى في مسائل الجهاد والإمامة وغيرها من المسائل الكبيرة هم خواص أهل العلم, كما بين ذلك شيخ الإسلام وابن القيم رحمهم الله. ذكر ابن القيم في (إعلام الموقعين): إن الاجتهاد مطلق ومقيد, وفي هذين القسمين تجتمع أقسام المجتهدين الأربعة انتهى. فالمجتهد المطلق هو الذي له الحق في الإفتاء في النوازل, وكذلك فان الاجتهاد ينقسم إلى صحيح وفاسد, فالصحيح هو الذي صدر من مجتهد توفرت فيه شروط الاجتهاد والفاسد بعكس ذلك.
قال الأول : هل يجوز لطالب علم أن يقول:(أنا مجتهد مقيد في مسألة الجهاد ووجب على الجميع اخذ كلامي, والذي يخالف لا يخرج عن كونه جاهلاً أو جباناً أو عميلاً).
قال الثاني: هذا الذي يزعم انه مجتهد مقيد, هل يستطيع أن ينكر إن هناك علماء راسخين مجتهدين اجتهاداً مطلقاً, أفتوا خلاف كلامه, فان أنكر فلا يؤخذ بكلامه, لأنه كالمنكر لوجود الشمس في رابعة النهار وان اقر بذلك فهو يتهمهم بسوء النية وهي الجبن أوالعمالة وهذه لا تخرج من سلفي سليم المنهج, لان الطعن في العلماء صفة أهل البدع، لان لازم قوله إن الذي لا يجاهد يشمل الذي لا يفتي بالجهاد فان المتوقف عن الجهاد توقف لتوقف العلماء عن الفتيا بجوازه, فالطعن بالمتوقف عن الجهاد طعن في العلماء الذين أفتوا بذلك.
قال الأول: المجتهد المقيد إذا عرف عنه انه مجروح العدالة. فهل تقبل منه فتوى ؟
قال الثاني: قال ابن قدامة رحمه الله : (العدالة شرط لجواز الأخذ بقوله, فمن ليس عدلاً لا تقبل فتياه).
قال الأول: ما هي شروط وصفات المفتي ؟
قال الثاني: قال ابن القيم (لم تصح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضي السيرة عدلا في أقواله وأفعاله) وقال الإمام احمد : (لا ينبغي أن ينصب الرجل نفسه للفتيا حتى تكون له نية و يكون له علم وحلم ووقار وسكينة وان يكون قوياً على ما هو عليه وكفايته عن الناس ومعرفة الناس وكذلك أن لا يفتي في مسألة يكفيه غيره إياها).
قال الأول: لماذا تعيبون على المقاتلين ضرب الكافر المتترس بالمسلمين مع إن الفقهاء أجازوا ذلك للمصلحة؟
قال الثاني: ذكر أهل العلم كما في كتاب المصالح المرسلة تحت باب المصلحة الضرورية والقطعية, لان المصلحة منها ما هو ضروري ومنها ما هو من قبيل الحاجيات ومنها من قبيل الكماليات والمصلحة القطعية هي المتأكد حصولها وليست المصلحة المتوهم حصولها. هذا أولاً. وثانياً هي المصلحة العامة التي تشمل كل الناس أو اغلبهم. ومثال ذلك لو تترس الكفار بجماعة من أسرى المسلمين بحيث لو كففنا عنهم لصدمونا وغلبوا على دار الإسلام وقتلوا كافة المسلمين. فالمصلحة الضرورية هي حفظ جميع المسلمين عند التمكن أو أكثرهم عند عدم التمكن مضن حفظ الجميع وهذه المصلحة مأخوذة باعتبار إنها.
1ـ ضرورية 2- قطعية 3- كلية)أ.هـ المستصفى 1/141/ المصلحة المرسلة ص58. فأين هذه المصلحة عند ضرب الكافر الظالم المحتل في سوق شعبي أو مكان سكني يذهب ضحيته من المسلمين الأبرياء إضعاف مايقتل من الكفار بألاضافة إلى مايلحق ذلك من ردة فعل من قبل الظالم الكافر الله اعلم بنتائجها لذلك أصبح أصعب شئ على الناس يوم يضرب عند بيوتهم الكافر لأنهم يدركون ردة الفعل القاسية لذلك أصبح الكثير من الناس يمنع المقاتلين من ضرب العدو من قرب داره والذي لايستطيع أن يمنع فلا أبالغ إذا قلت انه يدع الله أن لايتمكن المقاتلون من هدفهم خشية على نفسه وأهله.
قال الأول:أليس للمقاتلين أهل يخافون عليهم ؟
قال الثاني: أما الذين جاؤا من خارج الحدود فالغالب أنهم لايبالون بمصالح الناس بحجة أن الجهاد لابد له من تضحيات وعلى أساس أنهم تركوا الأوطان والأهل من اجل نصرة العراقيين. وأما المقاتل العراقي فالغالب انه يقاتل بعيد عن بيته وأهله وهذا ألامر معروف عند من يعيش هذه الحرب عن قرب لكنه مجهول لمن يتابع ذلك عن طريق الفضائيات.
قال الأول: هل يجوز مهادنة العدو أو صلح على شرط الأمان على النفس والدار ؟ قال الثاني: قال الشيخ ابن باز رحمه الله حول مشروعية الصلح مع إسرائيل المحتلة : إن قريشاً أخذت أموال المهاجرين ودورهم كما قال سبحانه وتعالى في سورة الحشر {للفقراء والمهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضواناً}الآية ومع ذلك صالح النبي ق قريشاً يوم الحديبية سنة ست من الهجرة ولم يمنع من هذا الصلح ما فعلته قريش من ظلم المهاجرين في دورهم وأموالهم, مراعاة للمصلحة العامة التي رآها النبي ق لجميع المسلمين وكذلك نقول لو إن إنساناً غصب دار إنسان وأخرجه إلى العراء ثم صالحه على بعضها, فان هذا يصح لا شك أن المظلوم إذا رضي ببعض حقه واصطلح مع الظالم في ذلك فلا حرج, لعجزه عن اخذ حقه كله, وما لا يدرك كله لا يترك كله والله جل وعلا يقول {فاتقوا الله ما استطعتم}مجموع فتاوى ابن باز ( 456/1
قال الأول: هل يجوز إقامة الحدود على من يستحق الحد من قبيل الأفراد ؟
قال الثاني: قال الشيخ الفوزان حفظه الله : ( إقامة الحدود من صلاحيات سلطان الأمة, وليس لكل احد أن يقيم الحد لان هذا يلزم منه الفوضى والفساد, فإذا لم يكن هناك في المسلمين سلطان فانه يكتفي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاستطاعة.
قال الأول: ما الفرق بين الساحة الأفغانية الأولى مع الروس والساحة العراقية ؟ولماذا أفتى العلماء في الأولى بمشروعية الجهاد وتوقفوا في الساحة العراقية؟
قال الثاني: الفرق كبير من الناحية الداخلية ومن الناحية الخارجية. فمن الناحية الداخلية كانت الفصائل الأفغانية مع اختلافاتها العقائدية والمنهجية متفقة ضد الروس وهذا بخلاف العراق تماما حيث دخل البلد بحروب مدمرة لا فائدة منها مما جعل أكثر من ثلثي العراق يفرح بقدوم أمريكا وليس عنده استعداد لمحاربتها. وبالتالي شكلت قوة عراقية كبيرة لمحاربة من يحارب أمريكا. ومن الناحية الخارجية: يقول الشيخ عبد العزيز الريس: في شريط خاص لنقد من يفتي بالجهاد في العراق (الحرب الأفغانية الأولى من حيث الظاهر كانت بين الأفغان وروسيا ومن حيث الحقيقة كانت حرب أمريكية – روسية) أنتهى0
لكثرة المساعدات التي تصل إلى المجاهدين الأفغان عبر باكستان من أمريكا وغيرها, حتى إن مستشار الأمن القومي الأمريكي يقوم بزيارات إلى الأفغان من اجل مساعدتهم ضد الروس, ثم من المهم أن نعرف إن أفغانستان الآن تحت الاستعمار الأمريكي مما يؤكد حقيقة الوضع الأول! بينما في العراق فجميع دول الجوار تقاطعك مقاطعة شبه تامة بالإضافة إلى إن المقاومة نفسها ما استطاعت أن تكسب حب الناس فضلا على مساعدتهم, لان قسم كبير منهم لا يبالي بمضرة الناس أو إيذائهم المباشر أو غير المباشر وكذلك دخول كثير من عصابات النهب والقتل باسم المقاومة وكذلك القتل العشوائي وغيرها مما جعل الناس ينظرون إلى المقاومة بأنهم عبارة عن معارضة انفصالية نتيجة لتصرفات كثير منهم الغير مسئولة. وفي الختام لا بد من مراجعة شاملة بعد مرور سنين. ما هي الثمار التي جناها أهل السنة والجماعة من هذه المقاومة عدا السمعة التي ليس لها ميزان في الشرع, لان الأعمال شرطها الإخلاص, فمن الناحية الدعوية تعطلت الدعوة وقيد الدعاة وهظم دورهم وضيق عليهم, ومن الناحية المادية أهدرت مئات الملايين كانت ممكن أن تصرف في الدعوة والعلم ومساعدة الدعاة والمطابع ودور النشر والتوزيع وإقامة إذاعات ومحطات فضائية تعمل على نشر التوحيد والسنة التي هي الغاية الكبرى التي من اجلها نحن نعيش على الأرض, ومن الناحية السياسية لمن همه السياسة. فان اللعبة السياسية كما يقال أصبحت بأيدي أصحابها. فأهل السياسة أصبحوا لا يستطيعون أن يحركوا ساكنا لان الأمر خرج من أيديهم. ومن الناحية العسكرية كان ممكن أن تكون للسنة قوة فاعلة ولها دور وحضور كبير.
ومن الناحية الأمنية: فمناطق أهل السنة والجماعة تعيش حياة أمنية في غاية الخطورة أصبح فيها الرجل لا يستطيع أن يخرج من بيته في أكثر الأحيان مخافة على نفسه وأهله.
والسؤال ما هي الثمار ؟ وإذا كانت هناك ثمار من المستفيد منها ؟
قال الأول: هل يجوز الخروج عن إجماع العلماء ؟
قال الثاني: يقول شيخ الإسلام ج 20/ص10 ):( معنى الإجماع أن يجتمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام, لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم). يقول شيخ الإسلام (ج 20/ص55 ):(ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين). فان كان الاحتلال شر, فالأشر منه أن نعطيه الذريعة حتى يدخلوا البيوت ويستحلوا الحرمات. وقد يقول قائل إنهم يفعلون ذلك ولو لم نعطهم الذريعة أو نقاومهم نقول هذا ظن وعندنا يقين انه لما ضربناهم دخلوا البيوت واعتقلوا وقتلوا وغير ذلك.. فتقديم اليقين المشاهد مقدم على الظن الغائب. ولكن الأهواء قارنت الآراء.
جعلنا الله جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.