قال ابن القيم رحمه الله
و دلت الآية- أي قوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } - بإشارتها وإيمائها على أنه لا يدرك معانيه ولا يفهمه إلا القلوب الطاهرة، وحرام على القلب المتلوث بنجاسة البدع والمخالفات أن ينال معانيه وأن يفهمه كما ينبغي.
و دلت الآية- أي قوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } - بإشارتها وإيمائها على أنه لا يدرك معانيه ولا يفهمه إلا القلوب الطاهرة، وحرام على القلب المتلوث بنجاسة البدع والمخالفات أن ينال معانيه وأن يفهمه كما ينبغي.
قال البخاري في صحيحه في هذه الآية : (لا يجد طعمه إلا من آمن به).
وهذا أيضا من إشارة الآية وتنبيهها، وهو أنه لا يلتذ به وبقراءته وفهمه وتدبره إلا من شهد أنه كلام الله، تكلم بها حقا، و أنزله على رسوله وحيا، ولا ينال معانيه إلا من لم يكن في قلبه حرج منه بوجه من الوجوه.
فمن لم يؤمن بأنه حق من عند الله، ففي قلبه منه حرج.
ومن لم يؤمن بأن الله سبحانه تكلم به وحيا، وليس مخلوقا من جملة مخلوقاته، ففي قلبه منه حرج.
ومن قال إن له باطنا يخالف ظاهره، وإن له تأويلا يخالف ما يفهم منه ففي قلبه منه حرج.
ومن قال إن له تأويلا لا نفهمه ولا نعلمه وإنما نتلوه متعبدين بألفاظه، ففي قلبه منه حرج.
ومن سلط عليه آراء الآرائيين، وهذيان المتكلمين، وسفسطة المسفسطين، وخيالات المتصوفين، ففي قلبه منه حرج.
ومن جعله تابعا، ومذهبُه وقول من قلده دينَه يُنَّزله على أقواله، ويتكلف حمله عليها ففي قلبه منه حرج.
ومن لم يحكمه ظاهرا وباطنا في أصول الدين وفروعه ويسلّم وينقد لحكمه أين كان ففي قلبه منه حرج.
ومن لم يأتمر بأوامره، وينزجر عن زواجره، ويصدق جميع أخباره، ويحكم أمره ونهيه وخبره، ويَرُد له كلَّ أمر ونهي وخبر خالفه، ففي قلبه منه حرج.
وكل هؤلاء لم تمس قلوبهم معانيه ولا يفهمونه كما ينبغي أن يُفهم ولا يجدون من لذة حلاوته وطعمه ما وجده الصحابة ومن تبعهم.
ومن لم يؤمن بأن الله سبحانه تكلم به وحيا، وليس مخلوقا من جملة مخلوقاته، ففي قلبه منه حرج.
ومن قال إن له باطنا يخالف ظاهره، وإن له تأويلا يخالف ما يفهم منه ففي قلبه منه حرج.
ومن قال إن له تأويلا لا نفهمه ولا نعلمه وإنما نتلوه متعبدين بألفاظه، ففي قلبه منه حرج.
ومن سلط عليه آراء الآرائيين، وهذيان المتكلمين، وسفسطة المسفسطين، وخيالات المتصوفين، ففي قلبه منه حرج.
ومن جعله تابعا، ومذهبُه وقول من قلده دينَه يُنَّزله على أقواله، ويتكلف حمله عليها ففي قلبه منه حرج.
ومن لم يحكمه ظاهرا وباطنا في أصول الدين وفروعه ويسلّم وينقد لحكمه أين كان ففي قلبه منه حرج.
ومن لم يأتمر بأوامره، وينزجر عن زواجره، ويصدق جميع أخباره، ويحكم أمره ونهيه وخبره، ويَرُد له كلَّ أمر ونهي وخبر خالفه، ففي قلبه منه حرج.
وكل هؤلاء لم تمس قلوبهم معانيه ولا يفهمونه كما ينبغي أن يُفهم ولا يجدون من لذة حلاوته وطعمه ما وجده الصحابة ومن تبعهم.
وأنت إذا تأملت قوله { لا يمسه إلا المطهرون } وأعطيت الآية حقها من دلالة اللفظ وإيمائه وإشارته وتنبيهه وقياس الشيء على نظيره واعتباره بمشاكله، وتأملت المشابهة التي عقدها الله سبحانه وربطها بين الظاهر والباطن - فهمت هذه المعاني كلها من الآية وبالله التوفيق.
من [ التبيان في أقسام القرآن - ابن قيم الجوزية ] ص 134