قال ابن القيم رحمه الله
والفرق بين الشح والبخل، أن الشح (هو شدة الحرص على الشيء و الإحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله وجشع النفس عليه)، والبخل (منع إنفاقه بعد حصوله وحبه وإمساكه).
فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله، فالبخل ثمرة الشح، والشح يدعو إلى البخل.
و الشح كامن في النفس، فمن بخل فقد أطاع شحه ومن لم يبخل فقد عصى شحه و وُقي شرَّه، وذلك هو المفلح { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }.
والسخي قريب من الله تعالى ومن خلقه، ومن أهله، وقريب من الجنة وبعيد من النار.
والبخيل بعيد من خلقه، بعيد من الجنة، قريب من النار.
فجود الرجل يحبّبه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده.
ويُظهر عيبَ المرءِ في الناس ... بخلُه ويسترُه عنهم جميعاً خاؤُه
تغطَّ بأثوابِ السخاءِ فإنني ... أَرَى كلَّ عيبٍ فالسخاءُ غِطاؤُه
وقارِنْ إذا قارنت حُراً فإنما ... يزينُ ويزري بالفتى قُرناؤُه
وأقلِل إذا ما استطعت قولاً فإنه ...إذا قلَّ قولُ المرءِ قل خطاؤُه
إذا قلّ مال المرء قل صديقه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لا يدري وإن كان حازما... أقدامه خير له أم وراؤه
إذا المرء لم يختر صديقا لنفسه... فناد به في الناس هذا جزاؤه
تغطَّ بأثوابِ السخاءِ فإنني ... أَرَى كلَّ عيبٍ فالسخاءُ غِطاؤُه
وقارِنْ إذا قارنت حُراً فإنما ... يزينُ ويزري بالفتى قُرناؤُه
وأقلِل إذا ما استطعت قولاً فإنه ...إذا قلَّ قولُ المرءِ قل خطاؤُه
إذا قلّ مال المرء قل صديقه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لا يدري وإن كان حازما... أقدامه خير له أم وراؤه
إذا المرء لم يختر صديقا لنفسه... فناد به في الناس هذا جزاؤه
و حدّ السخاء (بذل ما يحتاج إليه عند الحاجة وأن يوصل ذلك إلى مستحقه بقدر الطاقة).
وليس ـ كما قال البعض ممن نقص علمه ـ حدّ الجودِ بذل الموجود، ولو كان كما قال هذا القائل، لارتفع اسم السَرَف والتبذير، وقد ورد الكتاب بذمهما وجاءت السنة بالنهي عنهما.
و إذا كان السخاء محمودا، فمن وقف على حده سمي [كريما] وكان للحمد مستوجبا.ومن قصّر عنه كان [بخيلا] وكان للذم مستوجبا.
وقد روي في أثر : (إنّ الله عز و جل أقسم بعزته ألا يجاوزه بخيل).
والسخاء نوعان : فأشرفهما (سخاؤك عما بيد غيرك) والثاني (سخاؤك ببذل ما في يدك)
فقد يكون الرجل من أسخى الناس وهو لا يعطيهم شيئا لأنه سخا عما في أيديهم، وهذا معنى قول بعضهم : (السخاء أن تكون بمالك متبرعا وعن مال غيرك متورعا).
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : أوحى الله إلى إبراهيم صلى الله عليه و سلم أتدري لم اتخذتك خليلا ؟ قال : لا. قال (لأني رأيت العطاء أحب إليك من الأخذ).
وهذه صفة من صفات الرب جل جلاله فإنه يُعطي ولا يأخذ، ويُطعِم ولا يُطعَم، وهو أجود الأجودين ،وأكرم الأكرمين، وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات صفاته، فإنه كريم يحب الكريم من عباده، وعالم يحب العلماء وقادر يحب الشجعان، وجميل يحب الجمال.
إلى أن قال رحمه الله...والمقصود: أن الكريم المتصدق يعطيه الله ما لا يعطي البخيل الممسك، و يوسع عليه في ذاته، و خلقه، و رزقه، و نفسه، و أسباب معيشته، جزاء له من جنس عمله.
إلى أن قال رحمه الله...والمقصود: أن الكريم المتصدق يعطيه الله ما لا يعطي البخيل الممسك، و يوسع عليه في ذاته، و خلقه، و رزقه، و نفسه، و أسباب معيشته، جزاء له من جنس عمله.
من [الوابل الصيب و رافع الكلم الطيب]ص(42-44)