57 فائدة من حديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَبَا عُمَيْر ، مَا فَعَلَ النُّغَيْر "
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (14 ص 406) :
وَفِي هَذَا الْحَدِيث عِدَّة فَوَائِد جَمَعَهَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن أَبِي أَحْمَد الطَّبَرِيُّ الْمَعْرُوف بِابْنِ الْقَاصّ الْفَقِيهِ الشَّافِعِيّ صَاحِبِ التَّصَانِيف فِي جُزْء مُفْرَد . وَذَكَرَ اِبْنِ الْقَاصّ فِي أَوَّلِ كِتَابه أَنَّ بَعْض النَّاس عَابَ عَلَى أَهْل الْحَدِيث أَنَّهُمْ يَرْوُونَ أَشْيَاء لَا فَائِدَة فِيهَا ، وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْر هَذَا قَالَ : وَمَا دَرَى أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ وُجُوه الْفِقْهِ وَفُنُون الْأَدَب وَالْفَائِدَة سِتِّينَ وَجْهًا . ثُمَّ سَاقَهَا مَبْسُوطَة ، فَلَخَّصْتهَا مُسْتَوْفِيًا مَقَاصِده ، ثُمَّ أَتْبَعْته بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الزَّوَائِد عَلَيْهِ فَقَالَ :
1/ فِيهِ اِسْتِحْبَاب التَّأَنِّي فِي الْمَشْي.
2/ زِيَارَة الْإِخْوَان .
3/ جَوَاز زِيَارَة الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّة إِذَا لَمْ تَكُنْ شَابَّة وَأُمِنَتْ الْفِتْنَة .
4/ تَخْصِيص الْإِمَام بَعْض الرَّعِيَّة بِالزِّيَارَةِ.
5/ مُخَالَطَة بَعْض الرَّعِيَّة دُونِ بَعْض.
6/ مَشْي الْحَاكِم وَحْده.
7/ أنَ كَثْرَة الزِّيَارَة لَا تُنْقِص الْمَوَدَّة.
8/ أَنَّ قَوْله " زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا " مَخْصُوص بِمَنْ يَزُور لِطَمَعٍ.
9/ أَنَّ النَّهْي عَنْ كَثْرَة مُخَالَطَة النَّاس مَخْصُوص بِمَنْ يَخْشَى الْفِتْنَة أَوْ الضَّرَر .
10/ فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْمُصَافَحَة لِقَوْلِ أَنَس فِيهِ " مَا مَسِسْت كَفًّا أَلْيَن مِنْ كَفِّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَتَخْصِيص ذَلِكَ بِالرَّجُلِ دُونِ الْمَرْأَة.
11/ أَنَّ الَّذِي مَضَى فِي صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " كَانَ شَثْن الْكَفَّيْنِ " خَاصّ بِعَبَالَةِ الْجِسْم لَا بِخُشُونَةِ اللَّمْس .
12/ فِيهِ اِسْتِحْبَاب صَلَاة الزَّائِر فِي بَيْت الْمَزُور وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الزَّائِر مِمَّنْ يُتَبَرَّك بِهِ .
13/ جَوَاز الصَّلَاة عَلَى الْحَصِير ، وَتَرْك التَّقَزُّز لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ فِي الْبَيْت صَغِيرًا وَصَلَّى مَعَ ذَلِكَ فِي الْبَيْت وَجَلَسَ فِيهِ .
14/ فِيهِ أَنَّ الْأَشْيَاء عَلَى يَقِينِ الطَّهَارَة لِأَنَّ نَضْحهمْ الْبِسَاط إِنَّمَا كَانَ لِلتَّنْظِيفِ .
15/ فِيهِ أَنَّ الِاخْتِيَار لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقُوم عَلَى أَرْوَح الْأَحْوَال وَأَمْكَنهَا ، خِلَافًا لِمَنْ اِسْتَحَبَّ مِنْ الْمُشَدِّدِينَ فِي الْعِبَادَة أَنْ يَقُوم عَلَى أَجْهَدِهَا .
16/ فِيهِ جَوَاز حَمْل الْعَالِم عِلْمه إِلَى مَنْ يَسْتَفِيدهُ مِنْهُ .
17/ فَضِيلَة لِآلِ أَبِي طَلْحَة وَلِبَيْتِهِ إِذْ صَارَ فِي بَيْتهمْ قِبْلَة يَقْطَع بِصِحَّتِهَا .
19/ فِيهِ جَوَاز الْمُمَازَحَة وَتَكْرِير الْمَزْح وَأَنَّهَا إِبَاحَة سُنَّة لَا رُخْصَة .
20/ أَنَّ مُمَازَحَة الصَّبِيّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّز جَائِزَة .
21/ تَكْرِير زِيَارَة الْمَمْزُوحِ مَعَهُ .
22/ فِيهِ تَرْك التَّكَبُّر وَالتَّرَفُّع ، وَالْفَرْق بَيْنَ كَوْن الْكَبِير فِي الطَّرِيق فَيَتَوَافَر أَوْ فِي الْبَيْت فَيَمْزَح .
23/ أَنَّ الَّذِي وَرَدَ فِي صِفَة الْمُنَافِق أَنَّ سِرّه يُخَالِف عَلَانِيَته لَيْسَ عَلَى عُمُومه .
24/ َفِيهِ الْحُكْم عَلَى مَا يَظْهَر مِنْ الْأَمَارَات فِي الْوَجْه مِنْ حُزْنٍ أَوْ غَيْره .
25/ فِيهِ جَوَاز الِاسْتِدْلَال بِالْعَيْنِ عَلَى حَالِ صَاحِبِهَا ، إِذْ اِسْتَدَلَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُزْنِ الظَّاهِر عَلَى الْحُزْن الْكَامِن حَتَّى حَكَمَ بِأَنَّهُ حَزِين فَسَأَلَ أُمّه عَنْ حُزْنِهِ .
26/ فِيهِ التَّلَطُّف بِالصَّدِيقِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ، وَالسُّؤَال عَنْ حَالِهِ.
27/ أَنَّ الْخَبَر الْوَارِد فِي الزَّجْر عَنْ بُكَاء الصَّبِيّ مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا بَكَى عَنْ سَبَب عَامِدًا وَمِنْ أَذًى بِغَيْرِ حَقٍّ .
28/ َفِيهِ قَبُول خَبَرِ الْوَاحِد لِأَنَّ الَّذِي أَجَابَ عَنْ سَبَب حُزْنِ أَبِي عُمَيْر كَانَ كَذَلِكَ .
29/ فِيهِ جَوَاز تَكْنِيَة مَنْ لَمْ يُولَد لَهُ .
30/ جَوَاز لَعِبِ الصَّغِير بِالطَّيْرِ .
31/ جَوَاز تَرْك الْأَبَوَيْنِ وَلَدهمَا الصَّغِير يَلْعَب بِمَا أُبِيحَ اللَّعِب بِهِ .
32/ جَوَاز إِنْفَاق الْمَال فِيمَا يَتَلَهَّى بِهِ الصَّغِير مِنْ الْمُبَاحَات.
33/ جَوَاز إِمْسَاك الطَّيْر فِي الْقَفَص وَنَحْوِهِ ، وَقَصُّ جَنَاح الطَّيْر إِذْ لَا يَخْلُو حَال طَيْر أَبِي عُمَيْر مِنْ وَاحِد مِنْهُمَا وَأَيّهمَا كَانَ الْوَاقِع اِلْتَحَقَ بِهِ الْآخَر فِي الْحُكْم .
34/ فِيهِ جَوَاز إِدْخَال الصَّيْد مِنْ الْحِلّ إِلَى الْحَرَم وَإِمْسَاكه بَعْد إِدْخَاله ، خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ مِنْ إِمْسَاكه وَقَاسَهُ عَلَى مَنْ صَادَ ثُمَّ أَحْرَمَ فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ الْإِرْسَال .
35/ فِيهِ جَوَاز تَصْغِير الِاسْم وَلَوْ كَانَ لِحَيَوَانٍ .
36/ جَوَاز مُوَاجَهَة الصَّغِير بِالْخِطَابِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ : الْحَكِيم لَا يُوَاجِه بِالْخِطَابِ إِلَّا مَنْ يَعْقِل وَيَفْهَم ، قَالَ : وَالصَّوَاب الْجَوَاز حَيْثُ لَا يَكُونُ هُنَاكَ طَلَب جَوَاب ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُخَاطِبهُ فِي السُّؤَال عَنْ حَالِهِ بَلْ سَأَلَ غَيْره .
37/ فِيهِ مُعَاشَرَة النَّاس عَلَى قَدْر عُقُولهمْ .
38/ فِيهِ جَوَاز قَيْلُولَة الشَّخْص فِي بَيْت غَيْر بَيْت زَوْجَته وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ زَوْجَته .
39/ مَشْرُوعِيَّة الْقَيْلُولَة .
40/ جَوَاز قَيْلُولَة الْحَاكِم فِي بَيْت بَعْض رَعِيَّته وَلَوْ كَانَتْ اِمْرَأَة !!.
41/ جَوَاز دُخُول الرَّجُل بَيْت الْمَرْأَة وَزَوْجهَا غَائِب وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا إِذَا اِنْتَفَتْ الْفِتْنَة .
42/ فِيهِ إِكْرَام الزَّائِر وَأَنَّ التَّنَعُّم الْخَفِيف لَا يُنَافِي السُّنَّة ، وَأَنَّ تَشْيِيع الْمَزُور الزَّائِر لَيْسَ عَلَى الْوُجُوب .
43/ فِيهِ أَنَّ الْكَبِير إِذَا زَارَ قَوْمًا وَاسَى بَيْنَهُمْ ، فَإِنَّهُ صَافَحَ أَنَسًا ، وَمَازَحَ أَبَا عُمَيْر ، وَنَامَ عَلَى فِرَاش أُمِّ سُلَيْمٍ ، وَصَلَّى بِهِمْ فِي بَيْتهمْ حَتَّى نَالُوا كُلّهمْ مِنْ بَرَكَتِهِ.
ثم قال الحافظ بعد بعض الكلام وَقَدْ سَاقَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " مَا ذَكَرَهُ اِبْنِ الْقَاصّ بِتَمَامِهِ ثُمَّ قَالَ : وَمِنْ هَذِهِ الْأَوْجُه مَا هُوَ وَاضِح ، وَمِنْهَا الْخَفِيّ ، وَمِنْهَا الْمُتَعَسِّف . قَالَ : وَالْفَوَائِد الَّتِي ذَكَرَهَا آخِرًا وَأَكْمَلَ بِهَا السِّتِّينَ هِيَ مِنْ فَائِدَة جَمْع طُرُق الْحَدِيث لَا مِنْ خُصُوص هَذَا الْحَدِيث . وَقَدْ بَقِيَ مِنْ فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث أَنَّ :
44/ بَعْض الْمَالِكِيَّة وَالْخَطَّابِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّة اِسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى أَنَّ صَيْد الْمَدِينَة لَا يَحْرُم ، وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ اِبْنِ الْقَاصّ أَنَّهُ صِيدَ فِي الْحِلّ ثُمَّ أُدْخِلَ الْحَرَم فَلِذَلِكَ أُبِيحَ إِمْسَاكه ، وَبِهَذَا أَجَابَ مَالِك فِي " الْمُدَوَّنَة " وَنَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَحْمَد وَالْكُوفِيِّينَ ، وَلَا يَلْزَم مِنْهُ أَنَّ حَرَم الْمَدِينَة لَا يَحْرُم صَيْده . وَأَجَابَ اِبْنِ التِّين بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل تَحْرِيم صَيْد حَرَم الْمَدِينَة ، وَعَكَسَهُ بَعْض الْحَنَفِيَّة فَقَالَ قِصَّة أَبِي عُمَيْر تَدُلّ عَلَى نَسْخِ الْخَبَر الدَّالّ عَلَى تَحْرِيم صَيْد الْمَدِينَة ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مُتَعَقِّب .
45/ َمَا أَجَابَ بِهِ اِبْنِ الْقَاصّ مِنْ مُخَاطَبَة مَنْ لَا يُمَيِّز التَّحْقِيق فِيهِ جَوَاز مُوَاجَهَته بِالْخِطَابِ إِذَا فُهِمَ الْخِطَاب وَكَانَ فِي ذَلِكَ فَائِدَة وَلَوْ بِالتَّأْنِيسِ لَهُ ، وَكَذَا فِي تَعْلِيمه الْحُكْم الشَّرْعِيّ عِنْدَ قَصْد تَمْرِينه عَلَيْهِ مِنْ الصِّغَر كَمَا فِي قِصَّة الْحَسَنِ بْن عَلِيّ لَمَّا وَضَعَ التَّمْرَة فِي فِيهِ قَالَ لَهُ " كِخْ كِخْ ، أَمَا عَلِمْت أَنَّا لَا نَأْكُل الصَّدَقَة " كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطه فِي مَوْضِعه ، وَيَجُوز أَيْضًا مُطْلَقًا إِذَا كَانَ الْقَصْد بِذَلِكَ خِطَاب مَنْ حَضَرَ أَوْ اِسْتِفْهَامه مِمَّنْ يَعْقِل ، وَكَثِيرًا مَا يُقَال لِلصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَفْهَم أَصْلًا إِذَا كَانَ ظَاهِر الْوَعْك : كَيْف أَنْتَ ؟ وَالْمُرَاد سُؤَال كَافِلِهِ أَوْ حَامِلِهِ .
46/ وَذَكَرَ اِبْنِ بَطَّال مِنْ فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث أَيْضًا اِسْتِحْبَاب النَّضْح فِيمَا لَمْ يَتَيَقَّنْ طَهَارَته .
47/ وَفِيهِ أَنَّ أَسْمَاء الْأَعْلَام لَا يُقْصَد مَعَانِيهَا ، وَأَنَّ إِطْلَاقهَا عَلَى الْمُسَمَّى لَا يَسْتَلْزِم الْكَذِب ؛ لِأَنَّ الصَّبِيّ لَمْ يَكُنْ أَبًا وَقَدْ دُعِيَ أَبَا عُمَيْر .
48/ وَفِيهِ جَوَاز السَّجْع فِي الْكَلَام إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَكَلَّفًا ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِع مِنْ النَّبِيّ كَمَا اِمْتَنَعَ مِنْهُ إِنْشَاء الشِّعْر .
49/ وَفِيهِ إِتْحَاف الزَّائِر بِصَنِيعٍ مَا يَعْرِف أَنَّهُ يُعْجِبهُ مِنْ مَأْكُول أَوْ غَيْره .
50/ وَفِيهِ جَوَاز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الْقِصَّة وَاحِدَة وَقَدْ جَاءَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَة .
51/ وَفِيهِ جَوَاز الِاقْتِصَار عَلَى بَعْض الْحَدِيث ، وَجَوَاز الْإِتْيَان بِهِ تَارَة مُطَوَّلًا وَتَارَة مُلَخَّصًا ، وَجَمِيع ذَلِكَ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ أَنَس وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِمَّنْ بَعْده ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ بَعْض ذَلِكَ مِنْهُ وَالْكَثِير مِنْهُ مِمَّنْ بَعْده ، وَذَلِكَ يَظْهَر مِنْ اِتِّحَاد الْمَخَارِج وَاخْتِلَافهَا .
52/ وَفِيهِ مَسْح رَأْس الصَّغِير لِلْمُلَاطَفَةِ .
53/ وَفِيهِ دُعَاء الشَّخْص بِتَصْغِيرِ اِسْمِهِ عِنْدَ عَدَم الْإِيذَاء .
54/ وَفِيهِ جَوَاز السُّؤَال عَمَّا السَّائِل بِهِ عَالِم لِقَوْلِهِ " مَا فَعَلَ النُّغَيْر " ؟ بَعْد عِلْمه بِأَنَّهُ مَاتَ .
55/ وَفِيهِ إِكْرَام أَقَارِب الْخَادِم وَإِظْهَار الْمَحَبَّة لَهُمْ ؛ لِأَنَّ جَمِيع مَا ذُكِرَ مِنْ صَنِيع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أُمِّ سُلَيْمٍ وَذَوِيهَا كَانَ غَالِبًا بِوَاسِطَةِ خِدْمَة أَنَس لَهُ . وَقَدْ نُوزِعَ اِبْنِ الْقَاصّ فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى إِطْلَاق جَوَاز لَعِبِ الصَّغِير بِالطَّيْرِ ، فَقَالَ أَبُو عَبْد الْمَلِك : يَجُوز أَنْ يَكُونُ ذَلِكَ مَنْسُوخًا بِالنَّهْيِ عَنْ تَعْذِيب الْحَيَوَان ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْحَقّ أَنْ لَا نَسْخ ، بَلْ الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ لِلصَّبِيِّ إِمْسَاك الطَّيْر لِيَلْتَهِيَ بِهِ ، وَأَمَّا تَمْكِينه مِنْ تَعْذِيبه وَلَا سِيَّمَا حَتَّى يَمُوت فَلَمْ يُبَحْ قَطُّ .
ثم قال الحافظ رحمه الله :
وَمَنْ الْفَوَائِد الَّتِي لَمْ يَذْكُرهَا اِبْنِ الْقَاصّ وَلَا غَيْره فِي قِصَّة أَبِي عُمَيْر:
56/ أَنَّ عِنْدَ أَحْمَد فِي آخِر رِوَايَة عِمَارَة بْن زَاذَانَ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس " فَمَرِضَ الصَّبِيّ فَهَلَكَ " فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي قِصَّة مَوْته وَمَا وَقَعَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ كِتْمَان ذَلِكَ عَنْ أَبِي طَلْحَة حَتَّى نَامَ مَعَهَا ، ثُمَّ أَخْبَرَتْهُ لَمَّا أَصْبَحَ فَأَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَدَعَا لَهُمْ فَحَمَلَتْ ثُمَّ وَضَعَتْ غُلَامًا ، فَأَحْضَرَهُ أَنَسٌ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْد اللَّه ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب الْجَنَائِز ، وَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَى بَعْضه فِي " بَابِ الْمَعَارِيض " قَرِيبًا . وَقَدْ جَزَمَ الدِّمْيَاطِيّ فِي " أَنْسَابِ الْخَزْرَج " بِأَنَّ أَبَا عُمَيْر مَاتَ صَغِيرًا وَقَالَ اِبْن الْأَثِير فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الصَّحَابَة : لَعَلَّهُ الْغُلَام الَّذِي جَرَى لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَبِي طَلْحَة فِي أَمْره مَا جَرَى ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِر رِوَايَة عِمَارَة بْن زَاذَانَ الْمُصَرِّحَة بِذَلِكَ فَذَكَرَهُ اِحْتِمَالًا ، وَلَمْ أَرَ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَ أَبَا عُمَيْر فِي الصَّحَابَة لَهُ غَيْر قِصَّة النُّغَيْر ، وَلَا ذَكَرُوا لَهُ اِسْمًا ، بَلْ جَزَمَ بَعْض الشُّرَّاح بِأَنَّ اِسْمه كُنْيَته ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث ، وَهُوَ جَعْل الِاسْم الْمُصَدَّر بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ اِسْمًا عَلَمًا مِنْ غَيْر أَنْ يَكُونُ لَهُ اِسْم غَيْره ، لَكِنْ قَدْ يُؤْخَذ مِنْ قَوْل أَنَس فِي رِوَايَة رِبْعِيّ بْن عَبْد اللَّه " يُكَنَّى أَبَا عُمَيْر " أَنَّ لَهُ اِسْمًا غَيْر كُنْيَته . وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَة هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي عُمَيْر بْن أَنَس بْن مَالِك عَنْ عُمُومَة لَهُ حَدِيثًا ، وَأَبُو عُمَيْر هَذَا ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ أَكْبَر وَلَدِ أَنَس وَذَكَرُوا أَنَّ اِسْمه عَبْد اللَّه كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحَاكِم أَبُو أَحْمَد وَغَيْره ، فَلَعَلَّ أَنَسًا سَمَّاهُ بِاسْمِ أَخِيهِ لِأُمِّهِ وَكَنَّاهُ بِكُنْيَتِهِ ، وَيَكُونُ أَبُو طَلْحَة سَمَّى اِبْنه الَّذِي رَزَقَهُ خَلَفًا مِنْ أَبِي عُمَيْر بِاسْمِ أَبِي عُمَيْر لَكِنَّهُ لَمْ يُكَنِّهِ بِكُنْيَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ثُمَّ وَجَدْت فِي كِتَاب النِّسَاء لِأَبِي الْفَرَج بْن الْجَوْزِيّ قَدْ أَخْرَجَ فِي أَوَاخِره فِي تَرْجَمَة أُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَمْرو وَهُوَ أَبُو سَهْل الْبَصْرِيّ وَفِيهِ مَقَال عَنْ حَفْص بْن عُبَيْد اللَّه عَنْ أَنَس أَنَّ أَبَا طَلْحَة زَوْج أُمِّ سُلَيْمٍ كَانَ لَهُ مِنْهَا اِبْن يُقَال لَهُ حَفْص غُلَام قَدْ تَرَعْرَعَ فَأَصْبَحَ أَبُو طَلْحَة وَهُوَ صَائِم فِي بَعْض شُغْله فَذَكَرَ قِصَّة نَحْو الْقِصَّة الَّتِي فِي الصَّحِيح بِطُولِهَا فِي مَوْت الْغُلَام وَنَوْمهَا مَعَ أَبِي طَلْحَة وَقَوْلهَا " أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعَارَك عَارِيَة إِلَخْ " وَإِعْلَامهمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَدُعَائِهِ لَهُمَا وَوِلَادَتهمَا وَإِرْسَالهَا الْوَلَد إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكهُ . وَفِي الْقِصَّة مُخَالَفَة لِمَا فِي الصَّحِيح : مِنْهَا أَنَّ الْغُلَام كَانَ صَحِيحًا فَمَاتَ بَغْتَة ، وَمِنْهَا أَنَّهُ تَرَعْرَعَ ، وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ . فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ اِسْم أَبِي عُمَيْر حَفْص ، وَهُوَ وَارِد عَلَى مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَة وَفِي الْمُبْهَمَات ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
57/ وَمِنْ النَّوَادِر الَّتِي تَتَعَلَّق بِقِصَّةِ أَبِي عُمَيْر مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي " عُلُوم الْحَدِيث " عَنْ أَبِي حَاتِم الرَّازِيِّ أَنَّهُ قَالَ : حَفِظَ اللَّه أَخَانَا صَالِح بْن مُحَمَّد - يَعْنِي الْحَافِظ الْمُلَقَّب جَزَرَة - فَإِنَّهُ لَا يَزَال يَبْسُطنَا غَائِبًا وَحَاضِرًا ، كَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الذُّهْلِيُّ - يَعْنِي بِنَيْسَابُور - أَجْلَسُوا شَيْخًا لَهُمْ يُقَال لَهُ مَحْمِش فَأَمْلَى عَلَيْهِمْ حَدِيث أَنَس هَذَا فَقَالَ : يَا أَبَا عَمِير مَا فَعَلَ الْبَعِير ؟ قَالَهُ بِفَتْحِ عَيْن عُمَيْر بِوَزْنِ عَظِيم وَقَالَ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَة بَدَل النُّون وَأَهْمَلَ الْعَيْن بِوَزْنِ الْأَوَّل فَصَحَّفَ الِاسْمَيْنِ مَعًا . قُلْت : وَمَحْمِش هَذَا لَقَبٌ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيم الْأُولَى وَكَسْر الثَّانِيَة بَيْنَهُمَا حَاء مُهْمَلَة سَاكِنَة وَآخِره مُعْجَمَة ، وَاسْمه مُحَمَّد بْن يَزِيد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ السُّلَمِيُّ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (14 ص 406) :
وَفِي هَذَا الْحَدِيث عِدَّة فَوَائِد جَمَعَهَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن أَبِي أَحْمَد الطَّبَرِيُّ الْمَعْرُوف بِابْنِ الْقَاصّ الْفَقِيهِ الشَّافِعِيّ صَاحِبِ التَّصَانِيف فِي جُزْء مُفْرَد . وَذَكَرَ اِبْنِ الْقَاصّ فِي أَوَّلِ كِتَابه أَنَّ بَعْض النَّاس عَابَ عَلَى أَهْل الْحَدِيث أَنَّهُمْ يَرْوُونَ أَشْيَاء لَا فَائِدَة فِيهَا ، وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْر هَذَا قَالَ : وَمَا دَرَى أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ وُجُوه الْفِقْهِ وَفُنُون الْأَدَب وَالْفَائِدَة سِتِّينَ وَجْهًا . ثُمَّ سَاقَهَا مَبْسُوطَة ، فَلَخَّصْتهَا مُسْتَوْفِيًا مَقَاصِده ، ثُمَّ أَتْبَعْته بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الزَّوَائِد عَلَيْهِ فَقَالَ :
1/ فِيهِ اِسْتِحْبَاب التَّأَنِّي فِي الْمَشْي.
2/ زِيَارَة الْإِخْوَان .
3/ جَوَاز زِيَارَة الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّة إِذَا لَمْ تَكُنْ شَابَّة وَأُمِنَتْ الْفِتْنَة .
4/ تَخْصِيص الْإِمَام بَعْض الرَّعِيَّة بِالزِّيَارَةِ.
5/ مُخَالَطَة بَعْض الرَّعِيَّة دُونِ بَعْض.
6/ مَشْي الْحَاكِم وَحْده.
7/ أنَ كَثْرَة الزِّيَارَة لَا تُنْقِص الْمَوَدَّة.
8/ أَنَّ قَوْله " زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا " مَخْصُوص بِمَنْ يَزُور لِطَمَعٍ.
9/ أَنَّ النَّهْي عَنْ كَثْرَة مُخَالَطَة النَّاس مَخْصُوص بِمَنْ يَخْشَى الْفِتْنَة أَوْ الضَّرَر .
10/ فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْمُصَافَحَة لِقَوْلِ أَنَس فِيهِ " مَا مَسِسْت كَفًّا أَلْيَن مِنْ كَفِّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَتَخْصِيص ذَلِكَ بِالرَّجُلِ دُونِ الْمَرْأَة.
11/ أَنَّ الَّذِي مَضَى فِي صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " كَانَ شَثْن الْكَفَّيْنِ " خَاصّ بِعَبَالَةِ الْجِسْم لَا بِخُشُونَةِ اللَّمْس .
12/ فِيهِ اِسْتِحْبَاب صَلَاة الزَّائِر فِي بَيْت الْمَزُور وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الزَّائِر مِمَّنْ يُتَبَرَّك بِهِ .
13/ جَوَاز الصَّلَاة عَلَى الْحَصِير ، وَتَرْك التَّقَزُّز لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ فِي الْبَيْت صَغِيرًا وَصَلَّى مَعَ ذَلِكَ فِي الْبَيْت وَجَلَسَ فِيهِ .
14/ فِيهِ أَنَّ الْأَشْيَاء عَلَى يَقِينِ الطَّهَارَة لِأَنَّ نَضْحهمْ الْبِسَاط إِنَّمَا كَانَ لِلتَّنْظِيفِ .
15/ فِيهِ أَنَّ الِاخْتِيَار لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقُوم عَلَى أَرْوَح الْأَحْوَال وَأَمْكَنهَا ، خِلَافًا لِمَنْ اِسْتَحَبَّ مِنْ الْمُشَدِّدِينَ فِي الْعِبَادَة أَنْ يَقُوم عَلَى أَجْهَدِهَا .
16/ فِيهِ جَوَاز حَمْل الْعَالِم عِلْمه إِلَى مَنْ يَسْتَفِيدهُ مِنْهُ .
17/ فَضِيلَة لِآلِ أَبِي طَلْحَة وَلِبَيْتِهِ إِذْ صَارَ فِي بَيْتهمْ قِبْلَة يَقْطَع بِصِحَّتِهَا .
19/ فِيهِ جَوَاز الْمُمَازَحَة وَتَكْرِير الْمَزْح وَأَنَّهَا إِبَاحَة سُنَّة لَا رُخْصَة .
20/ أَنَّ مُمَازَحَة الصَّبِيّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّز جَائِزَة .
21/ تَكْرِير زِيَارَة الْمَمْزُوحِ مَعَهُ .
22/ فِيهِ تَرْك التَّكَبُّر وَالتَّرَفُّع ، وَالْفَرْق بَيْنَ كَوْن الْكَبِير فِي الطَّرِيق فَيَتَوَافَر أَوْ فِي الْبَيْت فَيَمْزَح .
23/ أَنَّ الَّذِي وَرَدَ فِي صِفَة الْمُنَافِق أَنَّ سِرّه يُخَالِف عَلَانِيَته لَيْسَ عَلَى عُمُومه .
24/ َفِيهِ الْحُكْم عَلَى مَا يَظْهَر مِنْ الْأَمَارَات فِي الْوَجْه مِنْ حُزْنٍ أَوْ غَيْره .
25/ فِيهِ جَوَاز الِاسْتِدْلَال بِالْعَيْنِ عَلَى حَالِ صَاحِبِهَا ، إِذْ اِسْتَدَلَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُزْنِ الظَّاهِر عَلَى الْحُزْن الْكَامِن حَتَّى حَكَمَ بِأَنَّهُ حَزِين فَسَأَلَ أُمّه عَنْ حُزْنِهِ .
26/ فِيهِ التَّلَطُّف بِالصَّدِيقِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ، وَالسُّؤَال عَنْ حَالِهِ.
27/ أَنَّ الْخَبَر الْوَارِد فِي الزَّجْر عَنْ بُكَاء الصَّبِيّ مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا بَكَى عَنْ سَبَب عَامِدًا وَمِنْ أَذًى بِغَيْرِ حَقٍّ .
28/ َفِيهِ قَبُول خَبَرِ الْوَاحِد لِأَنَّ الَّذِي أَجَابَ عَنْ سَبَب حُزْنِ أَبِي عُمَيْر كَانَ كَذَلِكَ .
29/ فِيهِ جَوَاز تَكْنِيَة مَنْ لَمْ يُولَد لَهُ .
30/ جَوَاز لَعِبِ الصَّغِير بِالطَّيْرِ .
31/ جَوَاز تَرْك الْأَبَوَيْنِ وَلَدهمَا الصَّغِير يَلْعَب بِمَا أُبِيحَ اللَّعِب بِهِ .
32/ جَوَاز إِنْفَاق الْمَال فِيمَا يَتَلَهَّى بِهِ الصَّغِير مِنْ الْمُبَاحَات.
33/ جَوَاز إِمْسَاك الطَّيْر فِي الْقَفَص وَنَحْوِهِ ، وَقَصُّ جَنَاح الطَّيْر إِذْ لَا يَخْلُو حَال طَيْر أَبِي عُمَيْر مِنْ وَاحِد مِنْهُمَا وَأَيّهمَا كَانَ الْوَاقِع اِلْتَحَقَ بِهِ الْآخَر فِي الْحُكْم .
34/ فِيهِ جَوَاز إِدْخَال الصَّيْد مِنْ الْحِلّ إِلَى الْحَرَم وَإِمْسَاكه بَعْد إِدْخَاله ، خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ مِنْ إِمْسَاكه وَقَاسَهُ عَلَى مَنْ صَادَ ثُمَّ أَحْرَمَ فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ الْإِرْسَال .
35/ فِيهِ جَوَاز تَصْغِير الِاسْم وَلَوْ كَانَ لِحَيَوَانٍ .
36/ جَوَاز مُوَاجَهَة الصَّغِير بِالْخِطَابِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ : الْحَكِيم لَا يُوَاجِه بِالْخِطَابِ إِلَّا مَنْ يَعْقِل وَيَفْهَم ، قَالَ : وَالصَّوَاب الْجَوَاز حَيْثُ لَا يَكُونُ هُنَاكَ طَلَب جَوَاب ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُخَاطِبهُ فِي السُّؤَال عَنْ حَالِهِ بَلْ سَأَلَ غَيْره .
37/ فِيهِ مُعَاشَرَة النَّاس عَلَى قَدْر عُقُولهمْ .
38/ فِيهِ جَوَاز قَيْلُولَة الشَّخْص فِي بَيْت غَيْر بَيْت زَوْجَته وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ زَوْجَته .
39/ مَشْرُوعِيَّة الْقَيْلُولَة .
40/ جَوَاز قَيْلُولَة الْحَاكِم فِي بَيْت بَعْض رَعِيَّته وَلَوْ كَانَتْ اِمْرَأَة !!.
41/ جَوَاز دُخُول الرَّجُل بَيْت الْمَرْأَة وَزَوْجهَا غَائِب وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا إِذَا اِنْتَفَتْ الْفِتْنَة .
42/ فِيهِ إِكْرَام الزَّائِر وَأَنَّ التَّنَعُّم الْخَفِيف لَا يُنَافِي السُّنَّة ، وَأَنَّ تَشْيِيع الْمَزُور الزَّائِر لَيْسَ عَلَى الْوُجُوب .
43/ فِيهِ أَنَّ الْكَبِير إِذَا زَارَ قَوْمًا وَاسَى بَيْنَهُمْ ، فَإِنَّهُ صَافَحَ أَنَسًا ، وَمَازَحَ أَبَا عُمَيْر ، وَنَامَ عَلَى فِرَاش أُمِّ سُلَيْمٍ ، وَصَلَّى بِهِمْ فِي بَيْتهمْ حَتَّى نَالُوا كُلّهمْ مِنْ بَرَكَتِهِ.
ثم قال الحافظ بعد بعض الكلام وَقَدْ سَاقَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " مَا ذَكَرَهُ اِبْنِ الْقَاصّ بِتَمَامِهِ ثُمَّ قَالَ : وَمِنْ هَذِهِ الْأَوْجُه مَا هُوَ وَاضِح ، وَمِنْهَا الْخَفِيّ ، وَمِنْهَا الْمُتَعَسِّف . قَالَ : وَالْفَوَائِد الَّتِي ذَكَرَهَا آخِرًا وَأَكْمَلَ بِهَا السِّتِّينَ هِيَ مِنْ فَائِدَة جَمْع طُرُق الْحَدِيث لَا مِنْ خُصُوص هَذَا الْحَدِيث . وَقَدْ بَقِيَ مِنْ فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث أَنَّ :
44/ بَعْض الْمَالِكِيَّة وَالْخَطَّابِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّة اِسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى أَنَّ صَيْد الْمَدِينَة لَا يَحْرُم ، وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ اِبْنِ الْقَاصّ أَنَّهُ صِيدَ فِي الْحِلّ ثُمَّ أُدْخِلَ الْحَرَم فَلِذَلِكَ أُبِيحَ إِمْسَاكه ، وَبِهَذَا أَجَابَ مَالِك فِي " الْمُدَوَّنَة " وَنَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَحْمَد وَالْكُوفِيِّينَ ، وَلَا يَلْزَم مِنْهُ أَنَّ حَرَم الْمَدِينَة لَا يَحْرُم صَيْده . وَأَجَابَ اِبْنِ التِّين بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل تَحْرِيم صَيْد حَرَم الْمَدِينَة ، وَعَكَسَهُ بَعْض الْحَنَفِيَّة فَقَالَ قِصَّة أَبِي عُمَيْر تَدُلّ عَلَى نَسْخِ الْخَبَر الدَّالّ عَلَى تَحْرِيم صَيْد الْمَدِينَة ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مُتَعَقِّب .
45/ َمَا أَجَابَ بِهِ اِبْنِ الْقَاصّ مِنْ مُخَاطَبَة مَنْ لَا يُمَيِّز التَّحْقِيق فِيهِ جَوَاز مُوَاجَهَته بِالْخِطَابِ إِذَا فُهِمَ الْخِطَاب وَكَانَ فِي ذَلِكَ فَائِدَة وَلَوْ بِالتَّأْنِيسِ لَهُ ، وَكَذَا فِي تَعْلِيمه الْحُكْم الشَّرْعِيّ عِنْدَ قَصْد تَمْرِينه عَلَيْهِ مِنْ الصِّغَر كَمَا فِي قِصَّة الْحَسَنِ بْن عَلِيّ لَمَّا وَضَعَ التَّمْرَة فِي فِيهِ قَالَ لَهُ " كِخْ كِخْ ، أَمَا عَلِمْت أَنَّا لَا نَأْكُل الصَّدَقَة " كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطه فِي مَوْضِعه ، وَيَجُوز أَيْضًا مُطْلَقًا إِذَا كَانَ الْقَصْد بِذَلِكَ خِطَاب مَنْ حَضَرَ أَوْ اِسْتِفْهَامه مِمَّنْ يَعْقِل ، وَكَثِيرًا مَا يُقَال لِلصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَفْهَم أَصْلًا إِذَا كَانَ ظَاهِر الْوَعْك : كَيْف أَنْتَ ؟ وَالْمُرَاد سُؤَال كَافِلِهِ أَوْ حَامِلِهِ .
46/ وَذَكَرَ اِبْنِ بَطَّال مِنْ فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث أَيْضًا اِسْتِحْبَاب النَّضْح فِيمَا لَمْ يَتَيَقَّنْ طَهَارَته .
47/ وَفِيهِ أَنَّ أَسْمَاء الْأَعْلَام لَا يُقْصَد مَعَانِيهَا ، وَأَنَّ إِطْلَاقهَا عَلَى الْمُسَمَّى لَا يَسْتَلْزِم الْكَذِب ؛ لِأَنَّ الصَّبِيّ لَمْ يَكُنْ أَبًا وَقَدْ دُعِيَ أَبَا عُمَيْر .
48/ وَفِيهِ جَوَاز السَّجْع فِي الْكَلَام إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَكَلَّفًا ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِع مِنْ النَّبِيّ كَمَا اِمْتَنَعَ مِنْهُ إِنْشَاء الشِّعْر .
49/ وَفِيهِ إِتْحَاف الزَّائِر بِصَنِيعٍ مَا يَعْرِف أَنَّهُ يُعْجِبهُ مِنْ مَأْكُول أَوْ غَيْره .
50/ وَفِيهِ جَوَاز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الْقِصَّة وَاحِدَة وَقَدْ جَاءَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَة .
51/ وَفِيهِ جَوَاز الِاقْتِصَار عَلَى بَعْض الْحَدِيث ، وَجَوَاز الْإِتْيَان بِهِ تَارَة مُطَوَّلًا وَتَارَة مُلَخَّصًا ، وَجَمِيع ذَلِكَ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ أَنَس وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِمَّنْ بَعْده ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ بَعْض ذَلِكَ مِنْهُ وَالْكَثِير مِنْهُ مِمَّنْ بَعْده ، وَذَلِكَ يَظْهَر مِنْ اِتِّحَاد الْمَخَارِج وَاخْتِلَافهَا .
52/ وَفِيهِ مَسْح رَأْس الصَّغِير لِلْمُلَاطَفَةِ .
53/ وَفِيهِ دُعَاء الشَّخْص بِتَصْغِيرِ اِسْمِهِ عِنْدَ عَدَم الْإِيذَاء .
54/ وَفِيهِ جَوَاز السُّؤَال عَمَّا السَّائِل بِهِ عَالِم لِقَوْلِهِ " مَا فَعَلَ النُّغَيْر " ؟ بَعْد عِلْمه بِأَنَّهُ مَاتَ .
55/ وَفِيهِ إِكْرَام أَقَارِب الْخَادِم وَإِظْهَار الْمَحَبَّة لَهُمْ ؛ لِأَنَّ جَمِيع مَا ذُكِرَ مِنْ صَنِيع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أُمِّ سُلَيْمٍ وَذَوِيهَا كَانَ غَالِبًا بِوَاسِطَةِ خِدْمَة أَنَس لَهُ . وَقَدْ نُوزِعَ اِبْنِ الْقَاصّ فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى إِطْلَاق جَوَاز لَعِبِ الصَّغِير بِالطَّيْرِ ، فَقَالَ أَبُو عَبْد الْمَلِك : يَجُوز أَنْ يَكُونُ ذَلِكَ مَنْسُوخًا بِالنَّهْيِ عَنْ تَعْذِيب الْحَيَوَان ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْحَقّ أَنْ لَا نَسْخ ، بَلْ الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ لِلصَّبِيِّ إِمْسَاك الطَّيْر لِيَلْتَهِيَ بِهِ ، وَأَمَّا تَمْكِينه مِنْ تَعْذِيبه وَلَا سِيَّمَا حَتَّى يَمُوت فَلَمْ يُبَحْ قَطُّ .
ثم قال الحافظ رحمه الله :
وَمَنْ الْفَوَائِد الَّتِي لَمْ يَذْكُرهَا اِبْنِ الْقَاصّ وَلَا غَيْره فِي قِصَّة أَبِي عُمَيْر:
56/ أَنَّ عِنْدَ أَحْمَد فِي آخِر رِوَايَة عِمَارَة بْن زَاذَانَ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس " فَمَرِضَ الصَّبِيّ فَهَلَكَ " فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي قِصَّة مَوْته وَمَا وَقَعَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ كِتْمَان ذَلِكَ عَنْ أَبِي طَلْحَة حَتَّى نَامَ مَعَهَا ، ثُمَّ أَخْبَرَتْهُ لَمَّا أَصْبَحَ فَأَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَدَعَا لَهُمْ فَحَمَلَتْ ثُمَّ وَضَعَتْ غُلَامًا ، فَأَحْضَرَهُ أَنَسٌ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْد اللَّه ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب الْجَنَائِز ، وَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَى بَعْضه فِي " بَابِ الْمَعَارِيض " قَرِيبًا . وَقَدْ جَزَمَ الدِّمْيَاطِيّ فِي " أَنْسَابِ الْخَزْرَج " بِأَنَّ أَبَا عُمَيْر مَاتَ صَغِيرًا وَقَالَ اِبْن الْأَثِير فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الصَّحَابَة : لَعَلَّهُ الْغُلَام الَّذِي جَرَى لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَبِي طَلْحَة فِي أَمْره مَا جَرَى ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِر رِوَايَة عِمَارَة بْن زَاذَانَ الْمُصَرِّحَة بِذَلِكَ فَذَكَرَهُ اِحْتِمَالًا ، وَلَمْ أَرَ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَ أَبَا عُمَيْر فِي الصَّحَابَة لَهُ غَيْر قِصَّة النُّغَيْر ، وَلَا ذَكَرُوا لَهُ اِسْمًا ، بَلْ جَزَمَ بَعْض الشُّرَّاح بِأَنَّ اِسْمه كُنْيَته ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث ، وَهُوَ جَعْل الِاسْم الْمُصَدَّر بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ اِسْمًا عَلَمًا مِنْ غَيْر أَنْ يَكُونُ لَهُ اِسْم غَيْره ، لَكِنْ قَدْ يُؤْخَذ مِنْ قَوْل أَنَس فِي رِوَايَة رِبْعِيّ بْن عَبْد اللَّه " يُكَنَّى أَبَا عُمَيْر " أَنَّ لَهُ اِسْمًا غَيْر كُنْيَته . وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَة هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي عُمَيْر بْن أَنَس بْن مَالِك عَنْ عُمُومَة لَهُ حَدِيثًا ، وَأَبُو عُمَيْر هَذَا ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ أَكْبَر وَلَدِ أَنَس وَذَكَرُوا أَنَّ اِسْمه عَبْد اللَّه كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحَاكِم أَبُو أَحْمَد وَغَيْره ، فَلَعَلَّ أَنَسًا سَمَّاهُ بِاسْمِ أَخِيهِ لِأُمِّهِ وَكَنَّاهُ بِكُنْيَتِهِ ، وَيَكُونُ أَبُو طَلْحَة سَمَّى اِبْنه الَّذِي رَزَقَهُ خَلَفًا مِنْ أَبِي عُمَيْر بِاسْمِ أَبِي عُمَيْر لَكِنَّهُ لَمْ يُكَنِّهِ بِكُنْيَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ثُمَّ وَجَدْت فِي كِتَاب النِّسَاء لِأَبِي الْفَرَج بْن الْجَوْزِيّ قَدْ أَخْرَجَ فِي أَوَاخِره فِي تَرْجَمَة أُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَمْرو وَهُوَ أَبُو سَهْل الْبَصْرِيّ وَفِيهِ مَقَال عَنْ حَفْص بْن عُبَيْد اللَّه عَنْ أَنَس أَنَّ أَبَا طَلْحَة زَوْج أُمِّ سُلَيْمٍ كَانَ لَهُ مِنْهَا اِبْن يُقَال لَهُ حَفْص غُلَام قَدْ تَرَعْرَعَ فَأَصْبَحَ أَبُو طَلْحَة وَهُوَ صَائِم فِي بَعْض شُغْله فَذَكَرَ قِصَّة نَحْو الْقِصَّة الَّتِي فِي الصَّحِيح بِطُولِهَا فِي مَوْت الْغُلَام وَنَوْمهَا مَعَ أَبِي طَلْحَة وَقَوْلهَا " أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعَارَك عَارِيَة إِلَخْ " وَإِعْلَامهمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَدُعَائِهِ لَهُمَا وَوِلَادَتهمَا وَإِرْسَالهَا الْوَلَد إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكهُ . وَفِي الْقِصَّة مُخَالَفَة لِمَا فِي الصَّحِيح : مِنْهَا أَنَّ الْغُلَام كَانَ صَحِيحًا فَمَاتَ بَغْتَة ، وَمِنْهَا أَنَّهُ تَرَعْرَعَ ، وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ . فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ اِسْم أَبِي عُمَيْر حَفْص ، وَهُوَ وَارِد عَلَى مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَة وَفِي الْمُبْهَمَات ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
57/ وَمِنْ النَّوَادِر الَّتِي تَتَعَلَّق بِقِصَّةِ أَبِي عُمَيْر مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي " عُلُوم الْحَدِيث " عَنْ أَبِي حَاتِم الرَّازِيِّ أَنَّهُ قَالَ : حَفِظَ اللَّه أَخَانَا صَالِح بْن مُحَمَّد - يَعْنِي الْحَافِظ الْمُلَقَّب جَزَرَة - فَإِنَّهُ لَا يَزَال يَبْسُطنَا غَائِبًا وَحَاضِرًا ، كَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الذُّهْلِيُّ - يَعْنِي بِنَيْسَابُور - أَجْلَسُوا شَيْخًا لَهُمْ يُقَال لَهُ مَحْمِش فَأَمْلَى عَلَيْهِمْ حَدِيث أَنَس هَذَا فَقَالَ : يَا أَبَا عَمِير مَا فَعَلَ الْبَعِير ؟ قَالَهُ بِفَتْحِ عَيْن عُمَيْر بِوَزْنِ عَظِيم وَقَالَ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَة بَدَل النُّون وَأَهْمَلَ الْعَيْن بِوَزْنِ الْأَوَّل فَصَحَّفَ الِاسْمَيْنِ مَعًا . قُلْت : وَمَحْمِش هَذَا لَقَبٌ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيم الْأُولَى وَكَسْر الثَّانِيَة بَيْنَهُمَا حَاء مُهْمَلَة سَاكِنَة وَآخِره مُعْجَمَة ، وَاسْمه مُحَمَّد بْن يَزِيد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ السُّلَمِيُّ.