و ممن لا يؤخذ عنه العلم : المجهول!!!!
المجهول هو كل من تصدر لإفادة الناس و لا يعرف حاله من جهة العلم ، قال الخطيب البغدادي : ( المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ، ولا عرفه العلماء به ،و من لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد )1
قال عبد الله : ( إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل ، فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون فيقول الرجل منهم : سمعت رجلا أعرف وجهه و لا أدري ما اسمه يحدث )2 .
قال ملا علي قاري : ( فيه تنبيه على التحري فيما يسمع من الكلام ، و أن يتعرف من القائل أهو صادق يجوز النقل عنه أو هو كاذب يجب الاجتناب عن نقل كلامه )3
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة). قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال: (أما إنه قد كذبك، وسيعود). فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه سيعود). فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أباهريرة ما فعل أسيرك). قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله، قال: (أما إنه كذبك، وسيعود). فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}. حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة). قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: (ما هي). قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}. وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة). قال: لا، قال: (ذاك شيطان).4
ففي هذا الحديث إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة في عدم اعتماده على قول من لا يعرفه حتى يتثبت ، مما يدل أن المجهول لا يؤخذ عنه العلم و لا يقبل قوله إلا بعد التثبت من أهل العلم .
قال الشيخ ابن عثيمين ( الكتيبات كثيرة و كثيرة أيضا من أناس مجهولين لا يعلم عنهم سابق علم ولا سابق فقه فيحصل فيها إذا خالفت الحق ضرر على العامة ، و لهذا أنا لا أنصح ألا يتلقى من هذه الكتيبات إلا من عرف أصحابه ، و أنهم من العلماء الموثوقين ،
بهم دينا و علما حتى لا يضل ، و كما قال بعض السلف : إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ؛ فالمسألة ليست بهينة ، فأرى الإنسان و خصوصا من ليس عنده علم كاف ألا يقتني هذه الكتيبات ، و أن يرجع إلي كتب أهل العلم الموثوق بعلمهم و أمانتهم ) .5
انتهى من كتاب شرح قول ابن سيرين (إن هذا العلم دين ....) للشيخ أحمد باز مول حفظه الله و رعاه .
ط دار الاستقامة صفحة 135 ـ137..
__________________________
1_ الكفاية (8
2 _ أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح (1/12)
3 _ مرقاة المفاتيح (9 /91)
4 _ أخرجه البخاري
5 _ وصايا و توجيهات لطلاب العلم (382) لسليمان أبا الخيل .