بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من حقوق المسلم على أخيه إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعا فأجبه أما الحق الثالث فهو إذا استنصحك فانصحه أي إذا طلب منك النصيحة في أمر ديني أو أمر دنيوي وجب عليك أن تبذل له النصيحة وهي أن تحب له ما تحب لنفسك فلا تشير عليه بما لا ترى أنه مصلحة ولا تشير عليه بما ترى أنه مضرة بل عليك أن تشير عليه بما ترى أنه مصلحة والاستنصاح يكون على وجهين: الوجه الأول: أن يقول لك يا أخي: إني أريد كذا وكذا فما نصيحتك؟ فيجب عليك أن تنصحه، الوجه الثاني: أن يعرض لك ولا يصرح فعليك أيضاً أن تنصحه لأن هذا داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"
(6) وكثيرٌ من الناس يتوقف في النصيحة فيما إذا كان الإنسان يريد أن يعامل شخصاً أو يتزوج من امرأة أو امرأة تتزوج من رجل فيقول لا أحب أن أذكر العيوب التي فيه أخشى أن أكون قد قطعت رزقه وهذا غلط بيِّن غلط عظيم يخالف هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل الواجب عليك إذا استنصحك شخص في معاملة آخر وأنت تعلم أن هذا الآخر ليس أهلا للمعاملة لكونه خؤونا أو معتديا فالواجب عليك أن تنصحه وأن تقول لا تبع عليه لا تعامله ولا حرج عليك في هذا إذا أتاك إنسان يستشيرك في شخص خطب ابنته وأنت تعرف أن هذا الشخص ليس كفئاً في دينه ولا خلقه وجب عليك أن تقول له لا تزوجه لأنه ليس أهلا لذلك وليس عليك في هذا حرج بل هذا هو الواجب عليك أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين أتته فاطمة بنت قيس رضي الله عنها تخبره أنه خطبها رجلان معاوية بن أبى سفيان وأبو جهم فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه" أو أنه كثير الأسفار أو أنه كثير الضرب للنساء كما تؤيده الرواية الثانية: "وأما أبو جهم فضراب للنساء" ثم قال لها: "انكحي أسامة بن زيد"
(7) وأسامة بن زيد هو أسامة بن زيد بن حارثة وكان زيد بن حارثة عبداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم أهدته له أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها فأعتقه وكان النبي صلي الله عليه وسلم يعلم أن أسامة كفءٌ في دينه وخلقه فقال لها: "انكحي أسامة" وبين لها عيوب الرجلين اللذين خطباها قالت رضي الله عنها فكرهته أي كرهت أسامة إما لأنه اسود وإما لأنه مولى أو لغير ذلك من الأسباب فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "انكحي أسامة" فنكحت أسامة قالت: فاغتبطت به يعني أنها وجدت فيه خيراً تغبط عليه.
أيها الإخوة يجب عليكم إذا استنصحكم أحد أن تنصحوه وتبينوا الحق ولا يهمنكم أحد وأنتم على خير إذا بينتم العيوب فلكم أجر النصيحة ولكن يبقى مشكلة وهي أنكم إذا سمعتم بشخص خطب من قوم وأنتم تعلمون أن هذا الشخص ليس فيه خير فهل يجب عليكم أن تذهبوا إليهم وتقولوا سمعنا أن فلانا خطب منكم ولكنه ليس بكفء هذا محل ترددعندي هل يجب أو لا يجب فاتقوا الله عباد الله وإذا استنصحكم إخوانكم فانصحوا لهم أحبوا لهم ما تحبون لأنفسكم فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه"( اللهم اجعل منيتنا تأتينا ونحن نؤمن بالله واليوم الآخر يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم يا من بيده ملكوت السماء والأرض توفنا على الإيمان واحشرنا مع النبيين والشهداء والصادقين يا رب العالمين.
أيها الإخوة اعلموا "أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة يعني في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار"
(9) عليكم بالجماعة اجتمعوا على الحق تعاونوا على البر والتقوى تآمروا بالمعروف تناهوا عن المنكر لتكونوا أمة واحدة كما أراد الله أن تكونوا أمة واحدة وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فإن "من صلى عليه مرة واحدة صلى الله بها عليه عشرا"
(10) اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارض عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم ارض عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين الهم ارض عنا معهم اللهم ارض عنا معهم اللهم ارض عنا معهم كما رضيت يا رب العالمين ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] عباد الله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 90-91] فهو يعلم بما تفعلون ويعلم ما في قلوبكم واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه اللهم إنا نسألك أن تجعل بواطننا خيراً من ظواهرنا وأعذنا من النفاق كله دقه وجله يا رب العالمين والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر
http://www.ibnothaimeen.com/all/khot...icle_183.shtml