السمة الخامسة : السمع والطاعة لولاة الأمر للشيخ صالح ال الشيخ
مما دلّتْ عليه النصوصُ وتظاهرتْ لزومُ السمع والطاعة لوليِّ الأمر المسلم ، لأن السمع والطاعة أمر عظيمٌ ، خَالَفَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ الجاهلية .
مما دلّتْ عليه النصوصُ وتظاهرتْ لزومُ السمع والطاعة لوليِّ الأمر المسلم ، لأن السمع والطاعة أمر عظيمٌ ، خَالَفَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ الجاهلية .
وقد ذكره إمام الدعوة الشيخُ محمدُ بنُ عبدِ الوهاب - رحمه الله - في " مسائل الجاهلية " في أوائل المسائل مع التوحيد . وذكر التوحيد ، والنهي عن الشرك فيما خالف به رسولُ صلى الله عليه وسلم أهلَ الجاهلية . .
وذكرَ الاجتماعَ ، وعدمَ الافتراقِ . .
وذكر الطاعةَ .
وهذا أصل عظيم ، نَقَلَ به النبي صلى الله عليه وسلم الأمةَ عمًا كان عليه أهلُ الجاهليةِ ، ولهذا قال : لا تَرْجِعُوا بعدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بَعْض
وإذا كانت النهاية في أمرٍ ما هو هذا فإنّ سدّ الذرائعِ المُوصِلَةِ له واجبٌ شرعاً ، بل من أعظم الواجبات .
وينبغي على الأمة التسليمُ لوليِّ الأمر في الوفاء بالعهد والميثاق فإذا أخذَ وليُّ الأمر بالعهد والميثاق بينه وبين غير المؤمنين من الكفار ، أو المشركين ؛ فإنه يتحتمُ إمضاؤها ؛ لأن الله - جل وعلا - قال : وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [ الإسراء : 34 ] .
وقال - جل وعلا - : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ [ الأنفال : 72 ] .
وهذا الاستثناء لا يخالف الولاءَ والبراءَ ؛ لأن القرآن حقّ كله .
قال ابن كثير - رحمه لله تعالى - في تفسير هذه الآية : " إن استنصركم هؤلاء الأعرابُ الذين لم يهاجروا في قتالٍ دينيٍّ على عدوٍّ لهم فانصروهم ، فإنه واجب عليكم نصرُهم ، لأنهم إخوانكم في الدين ، إلا أن يستنصروكم على قومٍ من الكفار بينكم وبينهم ميثاق - أي : مهادنة إلى مدَّةٍ - فلا تخفِروا ذمتكم ، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم "
قال ابن كثير : " وهذا مرويّ عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - "
وهذا ما فَعَلَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في صلح الحُدَيْبِيةِ .
كان في الصلح أنّ مَنْ أتى النبي صلى الله عليه وسلم من مكةَ من المسلمين فإنه يُرجعُه إليهم ، ومن ذَهَبَ من المسلمين من المدينة إلى مكةَ فإنَّ المشركين لا يَرُدونَهُ إلى المسلمين
وأمضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذا العهدَ والميثاقَ .
قال عمر رضي عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال :
بلى قال : فعلامَ نقبلُ الدَّنِية في ديننا ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنيِّ رسول ، وأنا واثق بوعدِ الله - عليه الصلاة والسلام - .
ومسائلُ الولاءِ والبراءِ عظيمة ومهمةٌ ، فإذا تكلم فيها أحد من العلماء فإنه يقصد بها ما يشمل عمومَ أحكامها ؛ لأننا نستدل بالقرآن والسنة .
وإن مسائلَ الولاءِ والبراءِ ، والخوضَ في العهودِ والمكاتبات ، وما يحصل من قضايا كبيرةٍ هي لأهلها ، وليس لعامةِ الناس .
وليس من منهج الخطباء وأئمة الدعوة أن يتحدثوا في ذلك مع العامة .
قال الإمامُ الشيخُ عبدُ اللطيفِ بن عبدِ الرحمنِ بنِ حسنِ بنِ محمدِ بن عبدِ الوهابِ : " وخضتم في مسائلَ من هذا الباب ، كالكلام في الموالاة ، والمعاداة ، والمصالحة ، والمكاتبات ، وبذل الأموال والهدايا ، ونحو ذلك ، والحكمُ بغير ما أنزل الله ، عند البَوادي ونحوهم من الجفاة . لا يَتكًلَّمُ فيها إلا العلماءُ من ذوي الألباب ، ومَنْ رُزِقَ الفهْمَ عن الله ، وأوتي الحكمةَ وفصلَ الخطابِ " ا ه
كما قال - رحمه الله - أيضاً بعدها : " والكلامُ في هذا يتوقف على معرفة ما قدمناه ، ومعرفةِ أصولٍ عامَّةٍ كلِّية ، لا يجوز الكلامُ في هذا الباب وفي غيره لمن جهلها وأعرض عنها وعن تفاصيلها .
فإن الإجمالَ والإطلاقَ وعدمَ العلم بمعرفة مواقعِ الخطابِ وتفاصيلهِ يحصُلُ به من اللَّبْسِ والخطأِ وعدم الفقه عن الله ما يفسِدُ الأديانَ ، ويُشتتُّ الأذهانَ ، ويحول بينها وبين فهم القرآن .
قال ابن القيم في كافِيَته :فعليك بالتفصيلِ والتبيينِ فال
إطلاقُ والإجمالُ دونَ بيانِ
قد أفسدا هذا الوجودَ وخَبَّطا ال
أذهان والآراءَ كلَّ زمانِ "
انتهى كلامه - رحمه تعالى - .
إنَّ فهمَ منهج أئمةِ الدعوة متكاملٌ ، والأخذَ به أخذ بما قامتْ به هذه الدعوةُ وقامت به الدولةُ منذ الدولة السعودية الأولى من تحقيقٍ للإسلامِ بفهمٍ شامل للنصوص .
وهذا يتركُ لأهلِ الشأن من ولاةِ الأمرِ ، وأهل العلمِ ؛ لأنّ هذا هو الحقُّ في هذه المسّائل .
والعامةُ لا يمكنهم فهمَ التفصيلِ والتبيينِ في مسائلَ أقلَّ من ذلك فكيفَ في هذه المسائلِ العظيمةِ ؟ ! , ولهذا لم يكن أئمة الدعوةِ في خطبهم الموجودةِ يُفَصِّلُونَ الكلامَ في هذه المسائل ، لأن ذلك - كما قال الشيخُ عبدُ اللطيف - : إنما هو لأهل العلم الذين يفتُونَ بموجبِ ما يعلمون لوليِّ الأمر وللناس