الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الله عز وجل : "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه"
فما هو الميثاق ؟
أقول هذا هو موطن الشاهد فالميثاق أوضحته الآية الأخرى فقد قال الله عز وجل " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ"، وعكس البيان التدليس والغش ومن أظهر صوره السكوت فيحتج به جهلة العوام وأشباههم فيقولوا :" لو كان باطلاً لما سكت عنه فلان " وبهذا يهدم الدين ! وقد اجتمعت دلالة الآيتين في قول الله عز وجل :" إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَابَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ"
واعلم أنه من مسائل الجاهلية الإستدلال بالنعماء على السكوت عن قول الحق فهذا عدو الله فرعون يقول لموسى :" قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ " يحاول أن يثنيه عن قول الحق مستدلاً بما يراه فضلاً منه على موسى _ عليه الصلاة والسلام _
وكان هذا سبب كفر الكثير من المشركين إذ أنهم رأوا أن لآبائهم فضلاً عليهم ولو آمنوا ووحدوا للزم من ذلك تسفيه أحلام آبائهم وما هكذا تجزى النعمة _ زعموا _
واليوم أهل التقليد يسيرون على هذا الدرب فإذا رأوا انتقاداً لشيوخهم بادروا إلى تصيد أخطاء المنتقد فلو وجدوا خطأً املائياً أو نحوياً _ فضلاً عن غيره _لم يألوا جهداً في تكبيره وصرف الأنظار عن نقد شيوخهم ، وإن لم يجدوا انهالوا على المنتقد بالسب والشتم واتهام النيات _ وربما اجتمع الأمران _
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (4/186) :" فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد "
وليشتموا ما شاءوا فقد تصدقت بعرضي ، ولكن المنهج حمى حصين دونه أسود الشرى
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة إن أعطى رضى وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شك فلا انتقش " رواه البخاري
قال شيخ الإسلام _ كما في فتح المجيد ص362_ :" فسماه النبي صلى الله عليه و سلم عبد الدينار والدرهم وعبد القطيفة وعبد الخميصة وذكر فيه ما هو دعاء بلفظ الخبر وهو قوله : تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش وهذه حال من إذا أصابه شر لم يخرج منه ولم يفلح لكونه تعس وانتكس فلا نال المطلوب ولا خلص من المكروه وهذا حال من عبد المال وقد وصف ذلك بأنه : إن أعطى رضى وإن منع سخط كما قال تعالى : ' 8 : 58 ' { ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } فرضاؤهم لغير الله وسخطهم لغير الله وهكذا حال من كان متعلقا منها برياسة أو صورة ونحو ذلك من أهواء نفسه إن حصل له رضى وإن لم يحصل له سخط فهذا عبد ما يهواه من ذلك وهو رقيق له إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته فما استرق القلب واستعبده فهو عبده "
قلت : فمن جعل رضاه وسخطه تبعاً لرضا المشايخ وسخطهم _ لا الحق _ فهو عبد المشايخ فتعس عبيد المشايخ
وإن من البر ورد الفضل نصرة الظالم برده عن ظلمه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" (انصر أخاك ظالما أو مظلوما). قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: (تأخذ فوق يديه) " رواه البخاري
واليوم يراد منا أن نسكت عن التمندل بالعلماء الأخيار ونعتهم بأنهم واقعون في بدع الخوارج _ ولا نعرف فضلهم _
فهم واقعون في بدعة الإمتحان بالأشخاص وهي بدعة خارجية عند القوم
وواقعون في بدعة ( مصطلح التمييع ) ، وهي بدعة قطبية ( والقطبيون خوارج العصر )
وأما إحياء التراث فليس منهجهم بدعياً !! ، فيا لله العجب !!
لم يجرؤ حدادي ولا قطبي ولا منتكس على القول بأن العلماء السلفيين من أمثال الشيخ أحمد النجمي الشيخ ربيع المدخلي والشيخ عبيد الجابري والشيخ محمد بن هادي متأثرون ببدع الخوارج قديماً وحديثاً وأما إحياء التراث فمنهجهم ليس بدعياً كما قال القوم ، وإن لم يكن منهجهم بدعياً فهو سني أو أن عند القوم منزلة بين منزلتين
وإن من العبارات القبيحة المستنكرة التي صدرت من بعض ( المشايخ ) قوله :" ثم اعلم ارشدك الله تعالى لرضوانه إن الله لن يسألك يوم القيامة لماذا لم تكفر فلاناً؟
أو لماذا لم تبدع فلانا؟
واقول: لأن تخطئ بعدم التكفيروالتبديع اهون من أن تخطئ بتكفير أحد أو تبديعه.
واقول أيضا: إذا كفرت أو بدعت أحدا فإن الله سائلك لامحالة وقد تنجو وقد لا تنجو فتنبه لهذا "
قلت : هذه العبارة باطلة وفيها مصادمة لأصول السنة من وجوه
الأول : أنها مناقضة لظاهر القرآن الكريم فقوله ( لن يسألك لماذا لم تكفر فلاناً ؟) ،( فلان )نكرة في سياق استفهام فتفيد العموم ومثله قوله ( كفرت أحداً ) نكرة في سياق شرط فتفيد العموم ، وعلى هذا الإطلاق فإن الله لن يسألك لم لم تكفر فرعون وهامان وأمية بن خلف وأبا طالب وغيرهم ممن ثبت كفره في الكتاب والسنة
وأيضاً لن يسألك عن تبديع الخوارج الذين تواترت السنة بذمهم
فإن قيل : الشيخ لا يقصد هذا
فأقول : علينا بظاهر اللفظ والشريعة جاءت بإصلاح الألفاظ والمقاصد لا المقاصد فقط
قال الله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تقولواراعنا وقولوا انظرنا "
قال الطبري 1437 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: {ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا} قول كانت تقوله اليهود استهزاء، فزجر الله المؤمنين أن يقولوا كقولهم.
قلت : هذا مع سلامة صدور المؤمنين من كل ما فيه انتقاصٌ للنبي صلى الله عليه وسلم
وقال الإمام مسلم(870)حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله. قالا: حدثنا وكيع عن سفيان، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن تميم بن طرفة، عن عدي بن حاتم ؛
أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد. ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله"
قلت : هذا من ذاك ،وتأمل كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم الشدة مع هذا الصحابي مع كونه لا يعرف الحكم الشرعي في المسألة بياناً منه صلى الله عليه وسلم لعظيم خطر هذه المخالفة ، فإن الشدة تكون نصحاً وبياناً كما أنها تكون تعزيراًوتبكيتاً
فهذا في العبارات الموهمة فكيف بالعبارة التي ظاهرها مناقضة الكتاب والسنة جهاراً نهاراً ونشر ذلك في الجرائد المحلية التي يقرأها العامة أكثر من الخاصة ، فعلى قائل هذا الكلام أن يتوب إلى الله تعالى ويعلن ذلك في بيان يعتذر فيه اعتذراً مشرفاً فالإصرار على مثل الغلط العظيم جد خطير جد خطير جد خطير
وهذا ظاهر كلامه ولسنا نلزمه إلزاماً ولو ألزمناه لجاز ذلك فإن من قال كلاماً يستلزم الباطل نبه لذلك لذلك قال الإمام مالك :" من قال في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمداً قد خان الرسالة "
الثاني : أن هذه العبارة تلتقي تماماً مع قاعدة عدنان عرعور ( نصحح ولا نجرح ) وقاعدته الأخرى ( إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أجرت )
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن بعض قواعد عدنان، ومنها قاعدة " نصحح ولا نجرح "، فأجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بما يهدمها ويستأصل شأفتها.
وإليكم نص الأسئلة:
قال السائل:
1_ما قيل في أخطاء أهل البدع: " نصحح ولا نجرح ".
فأجاب الشيخ رحمه الله: هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق.
2_" من حَكَمَ حُكِمَ عليه ".
فأجاب ـ رحمه الله _: هذه قواعد مداهنة.
وسُئل الشيخ زيد بن هادي المدخلي – حفظه الله - :
قال السائل : القاعدة الأولى : « تقول نصحّح ولا نجرح »
فما قول سماحتكم في هذه القاعدة ؟ .
فأجاب الشيخ – حفظه الله - : هذه القاعدة ليست من قواعد أهل العلم ليست من قواعد العلماءالربانيين الذين يعتدّون بعلمهم وإنما قواعد العلماء سابقاً ولاحقاً : التصحيح لمن يستحق التصحيح والتجريح لمن يستحق التجريح، وعلى هذا مشى أهل السنة والجماعة السلف الصالح وأتباعهم إلى يوم الدين ، وما كتب الجرح والتعديل عن الأذهان ببعيد ، وهذه من المغالطة ، صاحبها إما أن يكون جاهلاً وإما أن يكون ملبّساً ومضللاً للناس فحسبه الله .
ونسأل الله أن يهديه ويرده إلى الحق رداً جميلاً .
قال السائل : بالنسبة للقاعدة الثانية تقول : « إذا حكمت حوكمت
وإذا دعوت أجرت » فما هوتعليق سماحتكم على هذا الكلام ؟.
فأجاب – حفظه الله - : وهذا أيضاً ، وهذه قاعدة خاطئة باطلة ، قد يكون المراد منها الترهيب لمن يتصدى لرد الخطأ وبيانه للناس لئلايرتكس فيه من يجهل ، والترهيب لمن ينصر السنة وينشرها ولا يتم نصر السنة ونشرها على الوجه الأكمل إلا بدحض البدع التي تحارب السنن وتريد أن تحلّ محلّها ، فهذه قاعدةأيضاً كسابقتها قاعدة خاطئة لا تصدر إلا من إنسان يريد أن يغالط نفسه ويُخشى عليهأن [ يتلفها ] وكذلك يريد أن يغالط غيره سواءً بعلم أو بجهل فإذاكان بعلم فقد ارتكبمأثماً عظيماً وإن كان بجهل فقد ارتكب أيضاً خطئاً كبيراً لأنه لا يجوز لأحد أن يقول على الله أو على رسوله إلا بعلم مُتَيَقّنْ كالشمس في رابعة السماء ،أمفهومٌ هذا ؟
قال السائل : أثابكم الله
وكذا رد على هذه القواعد الشيخ النجمي والشيخ الفوزان والشيخ الغديان وغيرهم من الأخيار
قلت : واعلم أن العلماء ما اعترضوا على قول عدنان ( إذا دعوت أجرت ) فهذا لا يعترض عليه مسلم وإنما اعترضوا على قوله ( إذا حكمت حوكمت _ أي يحاكمك الله _ ) وقوله هذا يلتقي تماماً مع قول القائل :" إذا بدعت أحداً أو كفرته فسيسألك الله وقد تنجو وقد لا تنجو " ، والعبارتان فيهما الترهيب من الحكم على الأشخاص دون التفريق بين ما قام عليه الدليل وما كان منشؤه المجازفة
ولما تضايق عدنان من رد العلماء عليه حاول تبرير قاعدته بأنها حكاية حال فقط
فرد عليه العلامة الربيع في دفع بغي عدنان ص45 بقوله :"
فاعتراضك على من ينتقد أهل البدع ، وعلى من يحكم عليهم مثلاً بأنهم مبتدعة مثل اعتراضك على من يجاهد بمثل هذه النصوص ، وعلى من يتعلم بمثل هذه النصوص التي ورد فيها مثل هذا الوعيد ، وعلى من يصلي بنصوص من يصلي رياءً .
إذا وضع إنسان قاعدة إذا صليت هلكت ، وراح يشيع هذه القاعدة ،
فإذا سئل يقول : أنا أريد قول الله – تبارك وتعالى - : {فويل المصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} ، وساق نصوصاً فيمن يصلي رياءً .
ولو وضع إنسان قاعدة للمجاهدين ، فقال : إذا جاهدت حوسبت .
إذا وضع إنسان قاعدةً للمتعلمين ، فقال : إذا تعلمت حوكمت ووضع قاعدة للمنفقين أموالهم فيما يبدوا للناس في سبيل الله ، وضع قاعدة وقال : إذا أنفقت هلكت أو حوسبت .
أو قل ما تشاء من عبارات التنفير والتحذير "
سئل الشيخ سليمان الرحيلي ما رأيكم فيمن يقول :إنه لن يُسأل الشخص يوم القيامة هل فلان مبتدع أو هل حذرت منه؟
الجواب :هذا خلل -يا إخوة- في الفهم ،يجب أن يُعلم أنّا لا نتحدث في فلان مثلا لكونه فلانا ،وإنما لأن البدعة حدث في الدين والسكوت عن فاعلها ينشرها ،وتنتشر ويغتر الناس بها ،ولذلك لواستتر المبتدع ببدعته ولم نعلم عنه ولم يظهرها بين الناس لم نبحث نتقصى عنه هل هويفعل بدع أو لا يفعل بدعا ،ولهذا مثل هذا السؤال لا يقال إلا من شخص ما فقه لِـمَنتحدث ، فأنت ستُسأل يوم القيامة عن المنكر الذي قدرت على تغييره فلم تغيره ومن ذلك انتشار البدع بأصحابها أو بفعلها من بعض الناس ،نعم." اهـ من شريط عمل السلف في اليوم والليلة للشيخ الفاضل سليمان بن سليم الله الرحيلي
قلت : ولا يتم إنكارها على الوجه الأكمل إلا بالتحذير من أهلها كما أجمع عليه السلف ودلت عليه النصوص ، ولا تحذير إلا بعد تصنيفهم في أهل البدع وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
الثالث : أن في هذه العبارة تعطيلاً لعدد من الأحكام الشرعية المبنية على تكفير من استحق الكفر وتبديع من استحق التبديع
فإذا لم نصنف الناس إلى سني ومبتدع فلن نتمكن من تطبيق أحكام البراءة من الهجروالتحذير والمنافرة لأهل البدع
بل إن في إسقاط الأحكام على الأشخاص إسقاط للعديد من الأحكام الشرعية في باب الكفاءة في النكاح _ فالفاسق والمبتدع لا يصلحان للسنية _
وباب الشهادات _ فشهادةالفاسق لا تقبل وكذا شهادات الدعاة من أهل البدع عند عامة السلف _
بل إن الحكم على الأشخاص يدخل في أبواب الطهارة فلو رأى شخصٌ ماءً ولم يعرف ما حكمه فأخبره فاسق بأن هذا الماء نجس أو طهور فما الحكم ؟!!
قال الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمـن الصابوني – رحمه الله - حاكياً مذهب السلف أهل الحديث: " واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم،وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عزوجل بمجانبتهم ومهاجرتهم." عقيدة السلف وأصحاب الحديث ( ص : 123)
وقالأيضاً: " ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولايصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولايناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرّت وجـرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت، وفيه أنزل الله عز وجلقوله: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره} "(عقيدة السلف وأصحاب الحديث ( ص : 114-115)
فكيف يجزم _ والحال هذه _ أن الله عز وجل لن يسألك عن التحذير منهم _ والتحذير متفرع عن التصنيف فكيف لن يسألنا الله عنه _ ؟
وما زال علماء السلف يقولون :" إذا رأيت الرجل يقول كذا فهو مبتدع " و " إذا رأيت الرجل يحب فلاناً فاعلم أنه مبتدع " ، وما قالوا ذلك ليتم تعطيل هذا المنهج المبارك بدعوى إيثار السلامة
روى البغوي في الجعديات 2052 – عن علي بن الجعد حدثنا محمود بن غيلان نا أبو نعيم قال : ذكر الحسن بن صالح عند سفيان الثوريفقال ذاك رجل يرى السيف على أمة محمد فذكرت ذلك للحسن قال فأين الورع فأين الورع؟
قلت : فانظر رحمني الله وإياك إلى هذا الخارجييريد إسكات سفيان الثوري بداعي الورع والسلامة ، وما علم المسكين أن السلامة في تحذير الناس منه إذ لا يسع العالم السكوت وإلا لضل الناس وكان عليه تبعتهم إذ لم يبذل لهم النصح
الرابع : أن مآل هذا إلى التسوية بين السني والبدعي وذلك أننا إذا لم نصنف الناس إلى سني وبدعي وقلنا في البدع ( أخطاء ) أدى ذلك إلى التسوية بين الجميع إذ كل الناس عندهم أخطاء !!
الخامس : أن هذا الإطلاق معناه أن الله لن يسألنا عن تكفير من أنكر معلوماً من الدين بالضرورة وكفره العلماء فلو لم يكفر شخصٌ غلام ميرزا القادياني فلن يسأله الله عز وجل عن ذلك !!
السادس : أن قائل هذا الكلام رهب من الجرح فقط ، ولم يرهب من التعديل بغير حق فالمثنى على أهل البدع منهم كما قال الإمام ابن باز _ رحمه الله _ في شرح فضل الإسلام
السابع : أن ظاهر هذه العبارة أنه لا يلزم أحدٌ تكفير أحد أو تبديعه ولو أجمع العلماء على ذلك ، وهذا ما لم يجرؤ على التصريح به ، ووجه دلالة العبارة السابقة على هذا المعنى أنه نفى سؤال الله عز وجل عن ذلك ، ولو كان واجباً لسأل الله عز وجل عنه !
والعجيب أن قائل هذه العبارة قد كتب عدة مقالات في إثبات كفر صدام بن حسين _ فجزاه الله خيراً _ على ذبه عن السنة ولكن هل تلتقي هذه المقالات النافعة مع هذا التأصيل :" لن يسألك عن تكفير أحد " ؟
ولنسأل أليس هناك كافر أصلي لا عذر لمسلمٍ في تكفيره ولا يشترط في ذلك إقامة حجة ؟
فإن قيل : بلى
قلنا : إذا كان هناك كافر أصلي يجب تكفيره ولا يشترط في ذلك قيام حجة والتكفير هو أخطر من التبديع ، أفلا يوجد مبتدع أصلي ( رافضي أو خارجي أو مرجيء أو ناصبي أو إخواني ) يجب الحكم بتبديعه ولا يشترط في ذلك قيام حجة وحكم التبديع أهون من التكفير ؟
يجيبك العلامة الربيع
قال الشيخ في جواب له في مسألة التبديع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد:
فالمشهور عن أهل السنة أنه من وقع في أمر مكفر لا يكفر حتى تقام عليهالحجة.
أما من وقع في بدعة فعلى أقسام:
القسم الأول: أهل البدع كالروافض والخوارج والجهمية والقدريةوالمعتزلة والصوفية القبورية والمرجئة ومن يلحق بهم كالإخوان والتبليغ وأمثالهم فهؤلاء لم يشترط السلف إقامة الحجة من أجل الحكم عليهم بالبدعة فالرافضي يقال عنه: مبتدع والخارجي يقال عنه: مبتدع وهكذا، سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا.
ولنسأل المتورع على الحكم على منهج الجمعية بالبدعة ، ما يقول في منهج الإخوان والتبليغ ؟
فإن قال : ليس بدعياً فقد ضل !
وإن قال : هو بدعي ، قلنا وكذلك منهج الجمعية الذين ساروا على ( خطا الإخوان المسلمين ) والأدلة والبراهين على ذلك كثيرة جداً جمع طرفاً منها الأخ أبو حسين الفيلكاوي في مذكرته :" بيان أن إحياء التراث وعبد الرحمن بن عبد الخالق وجهان لعملة واحدة "
ولا يلزم من الحكم على المنهج بالبدعية ، الحكم على الأعيان بذلك كما لا يخفى
وقائل هذا الكلام قد أغفل أمراً مهماً وهو أنك إذا حكمت على شخص بالكفر أو البدعة خطأً فليس من لازم ذلك وقوع العقوبة عليك لأنك قد متأولاً
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/283) :" وإذا كان المسلم متأولا في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك كما قال عمر بن الخطاب لحاطب بن أبي بلتعة يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد شهد بدرا وما يدريك أن الله قد اطلع أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وهذا في الصحيحين وفيها أيضا من حديث الإفك أن أسيد بن الحضير قال لسعد بن عبادة أنك منافق تجادل عن المنافقين واختصم الفريقان فأصلح النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فهؤلاء البدريون فيهم من قال لآخر منهم إنك منافق ولم يكفر النبي لا هذا ولا هذا بل شهد للجميع بالجنة "
قلت : ويشهد لهذا المعنى حديث :" إذا اجتهد الحاكم ..."
ولم يقل أحدٌ أن العلماء الذين كفروا تاركي الصلاة والخوارج آثمون أو متعرضون للعقوبة بحكمهم هذا مع مخالفة من خالفهم
ولسنا ندعو إلى فتح هذا الباب على مصراعيه بل لا بد من الرجوع للعلماء والإستضاءة بتأصيلاتهم وأحكامهم في باب التكفير وباب التبديع فكما دعونا لقول الشيخ ابن باز في صدام بن حسين وألزمنا به وناظرنا عليه وهو في حكم التكفير الخطير فكذلك نلزم بتبديع من بدعه العلماء وأقاموا الأدلة على ابتداعه وضلاله
هذا ما بدا لي في نقد هذا التأصيل الفاسد ، ولعل بعض طلبة العلم لو دققوا النظر فيه لوجدوا وجوهاً أخرى للنقد
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم