سلوة المحزون

[أبو عمر صديق الوفا]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله
اللهم اجزي نبيك خير ما جزيت نبيا عن امته
وبعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذه الحياة الدنيا ...
لكل إنسان محب .. غيبت رفاته المنية في .. أطباق الثرى !!
ذهب من غير أن يودعنا .. وراح يصارع هول المطلع ..
ألهته مرارة اللسان ومجابهة الموت وروعة السفر عن الوداع..
تلك الساعة الأولى من الرحيل .. فهنيئا لمن وفقه الله في حياته إلى العمل بمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ووفقه إلى لفظ الشهادتين عند ساعة لقاء الله عز وجل

لا طاقة لنا على تقليل ... مرارة الأسى وحرقة الفؤاد وشدة الشعور بالحزن حينما يفارقنا من نحبه في الله من المشايخ الكرام أصحاب الفضل وخدمة الدين ونشر العقيدة السلفية الصحيحة وخدمة السنة المطهرة رحمهم الله وغفر الله لهم ولوالديهم

وإن تلك الساعة بها يهون أمر الدنيا ولا تكون الدنيا بأسرها بأعظم من مصيبتنا في فقدهم .. فيا لفداعة الهول وشدة الحزن مهما بلغت درجات اليقين والإيمان إلا أن المحزون إذ ذاك تهوله اللحظة ويشتد به الأسى فما يملك إلا أن يستجيب للواعج الحزن ويشتد به المصاب ويهون عليه أمر الدنيا وتثنيه رحلة العلماء عن لذات الدنيا ومغرياتها ..
إن للحزن طعم أليم لا تروق معه الرغائب .. ولا تخففه المواساة لا بد من ساعة حزن تغمره بالألم والفقد ولا بد من تذوق حسرتها.
إلا أننا مع ذلك الحزن في القلب وغزارة دموع العين فإننا لا نقول إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى. تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

مهما بلغ طول تلك الساعة فمنا من تغمره العبرة ساعة ومنا من تغمره يوم وبعضنا لا تكفيه الشهور في الحزن

إلا أن هناك ساعة لا بد أن يلجها المؤمن فتخرجه من ساعة الحزن إلى ساعة الصبر
فليلج المحزون بوابة الصبر فالصبر شطر الإيمان وشطره الثاني الرضا والشكر
كيف يتصبر المحزون .. إلا بالدعاء للميت .. يشرق في محياه الأمل بأنه غدا ملاقيه في جنات النعيم بمقعد صدق مع الأنبياء والمرسلين والصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقا
وبذلك له البشرى أنه يحشر مع من أحب فإنه أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار على هديه في الإعتقاد والعمل بسنته المشرفة
بل كان يذب عنها ويدعو الناس إليها
هي ساعة المنى أن تحدث نفسك بأن هذا الراحل بين يدي أرحم الراحمين
ظننا بربنا كريم أن يجعلهم من الذين تتوفاهم الملائكة طيبين
إن الذين قالو ربنا الله ثم استقامو تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافو ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياةالدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون

ثم تلي ساعة الصبر ساعة الاستعداد إلى لقاء الله على نفس المنهج الصحيح
والمحزون له بكل ما ألم به من حزن وأسى وألم عزاء لنفسه حين يستعد للموت .. فسيتعد ويكثر الزاد ليوم المعاد
لا يتأخر عن الطاعات وجمع الحسنات وترك السيئات ليكون ساعة منيته قريب من مرضاة الله ورحمته وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم

واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس كسبت وهم لا يظلمون

وهمسة الختام إلى ((محزون)) وإلى من يكتب كي يسلي ((محزونا))
تذكر ما تحب أن يقال عنك بعد رحيلك .. فلا تذكر عن الميت إلا مثل ما تحب أن يقال عنك

لا تكن كما يفعل بعض المحبين فيذكرون عن المتوفى كل ما يسمعون
وقد وقع من بعض الناس الغلط فذكروا حوادث لا يحب الميت أن تحكى عنه في حياته ومعظمها ظنية
وقد حكى بعض الناس حكايات ليست من الواقع بل من حبهم ذكروها
وهم ربما أنهم كانوا يعلمون أن الميت لا يحب أن تذكر عنه

فقد يتوارى بعض من تحين آجالهم عن أعين الناس كي لا يراه الناس وهو يعاني وكي لا يصل إلى أسماع محبيه شيء من آلامه رأفة بحالهم
فربما سمع البعض شيئا ولم يروه، وليس بحقيقة فذكره في مجالسهم من باب حب الخير للميت !
والسؤال : كيف سيكون حالهم إذا كتب عنهم مالا يحبون أن يذكر عنهم؟!
لقد قصدت أن يقتصر الإنسان بذكر ما يحب أن يعرف من خير عن المتوفى ويفضل أن لا نكتب كل ما نعرفه ..
مع تحياتي لكم ولآرائكم ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله علي نبينا محمد وآله وسلم