أنقل لكم بعض الأسئلة التي وردت في محاضرة
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله-
والتي كانت بعنوان ( كيف ندعو إلى الله )
أسأل الله أن ينفع بها المسلمين
---------------------------
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله-
والتي كانت بعنوان ( كيف ندعو إلى الله )
أسأل الله أن ينفع بها المسلمين
---------------------------
السؤال الأول : يقول من خلال الحديث عن كيفية الدعوة، هناك مشكلة تواجهني في هذا الجانب وكثير من الناس، وهي كيف أدعو زوجتي إلى الاستقامة إلى الدين، وما أفضل الطرق في ذلك لأني تعبت، ولم أرى تغيرا أرجو إفادتي وغيري بهذا الموضوع المهم ؟
الجواب : التأثير على الزوجة لا شك أنه من المهمات, كذلك تأثير الزوجة على زوجها، وإن كان في الغالب تأثير الزوج على زوجته أكثر قبولا وأكثر واقعيا .
الزوجة إذا كانت محترِمة لزوجها فإن عطاء الزوج لزوجته بمقداره يكون القبول؛ عطاء الزوج لزوجته من حيث الكلمة، من حيث العمل، من حيث المال، من حيث تلبية الرغبات، عندها أشياء مخالفة لا يريدها الزوج، عندها اهتمامات غير محمودة, محرّمة، تفعل أشياء منكرة ، تجادل في أشياء لا يجوز أن تجادل فيها؛ مثل بعض مسائل الحجاب واللباس ونحو ذلك.. لكن نفسية الزوجة رقيقة؛ المرأة رقيقة بطبيعتها, فالزوج يؤثر على زوجته أول الدرجات بأن ينطلق لسانه, وكثير من الأزواج -ويعذرني الإخوان- خاصة المستقيمين لسانه ليس رطبا مع زوجته وفي هذا الزمن أن ترى المرأة أي الزوجة تسمع -نسأل الله العافية- حديث الرجل مع المرأة في الأجهزة المختلفة في التلفزيون أو في الفيديو أو إلى آخره إذا كانوا يرونه، يسمعون حديثا لم تسمع المرأة أن زوجها يخاطبها به, كذلك تسمع من زميلاتها وصديقاتها زوجها فعل معها كذا أو فعل معها كذا أو اهتم بها بهذا النوع من الاهتمام, لاشك أن هذا يولد عندها أشياء في نفسها تجعل هنالك حواجز من قبول لما يقوله الزوج, ومن المهمات أن يكون لسان الزوج منطلقا مع زوجته, يعني لا يحسن أن يكون الزوج مع زوجته صامتا -بل هذا يعد من العيوب- إلا فيما يشتهيه هو؛ إذا اشتهى شيئا تكلم أما الأشياء التي لزوجته لا يتكلم فيها, كيف يكون القبول إذن؟ الزوجة تحتاج إلى مدح, تحتاج إلى ثناء ولو كان طويلا, لا يعد هذا نقص في قيمة الرجل, الرجل له شخصيته لا تؤثر فيه هذه الكلمات, له شخصيته المتزنة يحزم مواضع الحزم, ولكن أيضا يكون لسانه طريا في مواقعه. وكذلك ادعي الإعجاب بالمرأة, المرأة ضعيفة مع الأسف, امرأة وُجِدَت على أمر ليس بحسن -مثلا مكالمة هاتفية- وهي امرأة مستقيمة في الجملة ليست لهذه الأمور, كان سبب دخول هذا الخبيث إلى قلب هذه المرأة كلمة؛ مدحها بكلمتين، أظن بصوتها أو بطريقة كلامها، فظنت أن هذا صادق فيما يقول، وربما يكون هو كاذب فيما قال, لكن هي صدّقت، وهكذا طبيعة المرأة, فإذن لابد أن يكون الرجل مُبدِيا لما في المرأة, المرأة تحتاج إلى ذلك، يعني الكلمة مهمّة لسانك لا ينعقد لسانك بالكلام مع زوجتك، بل من المستحسن أن تكون مبديا لإعجابك بالمرأة في لباسها، في كلامها، في أدائها لمهمّات البيت، في تربيتها للأولاد، ما تعمل, تعمل, تعمل وأنت لا تبدي شيئًا؛ ساكت, فكيف ستقبل؟ لا بد أن يكون منك شيء، وهي بالتالي سيكون منها أشياء هذه نقطة.
النقطة الثانية البذل من جهة المال؛ يعني بعض النساء يكون عندها حاجة لأشياء، تريد أن يكون ملبسها على نحوٍ ما، أو وضعها في بيتها على نحوٍ ما، أو وضعها فيما تعمل في البيت على نحوٍ ما ونحو ذلك.. فيكون الرجل متسلطاً في أن لا يأتي بهذه الأشياء، إتيانه بهذه الأشياء، والموافقة على طلبات المرأة يُسبب لينًا عندها؛ لأنها إذا وجدت أنك تنفِّذ أو أنّك تأتي لها بما تبغي تقبل منك, على الأقل في البداية خشية أن تخسر ما تبذل، هي تفكر تقول هو بذل لي أخشى أن أعانده أو لا أوافقه بعده أخسر بعض الأشياء، فهي توفِّق حتى يكون لها الخير؛ طبيعةً وجِبِلّة.
الجهة الثالثة أن المرأة تحتاج إلى الخروج مثلا من المنزل، ليس النساء على مرتبة واحدة، بعض النساء ممكن أن تجلس يوم، يومين، ثلاثة، أسبوع ما تخرج، ما عندها إشكال, بعض النساء لا؛ تعوّدت قبل أن تأتي للزوج في وضع في بيتها، قبل أن تأتي إلى هذا الزوج في وضع، مثلا في اشتراء بعض الملابس والأشياء، فإذا أتى الزوج وحملها على غيره وأراد منها أن تتخلص من أشياء كانت تمارسها في بيت أهلها مثلا، أو نحو ذلك من الأشياء غير المحمودة، فإنها لن تقبل، أو يكون هنالك شيء من عدم القَبول.
فإذن المقصود من ذلك أن يكون هنالك توازن في شخصية الزوج، فبذله للمرأة وتحليله لنفسيتها من كل الجهات ومعالجة تلك النفسية, هذا سبب من أكبر الأسباب في علاجها واهتدائها إن شاء الله.
السؤال الثاني : إن لي أخا صغيرا لا يطيع أوامري ويشرب الدخان لأنه مُتَيَقِّن أني لن أخبر والدي .
الجواب : الدخان أمر ليس حَلُّه في يوم وليلة، ولكن مع الزمن، وترغيبا في الخير وحضوره الجماعات والصلوات، وكثرة التحديث، وكثرة تلاوة القرآن له، سماع القرآن, يبدأ يستحي على الأقل في البداية من شرب الدخان، ثم يستتر به، ثم يتركه إن شاء الله تعالى .
السؤال الثالث : ذكرتَ في درس الأصول الشرعية في التعامل مع الناس، تعامل المرء مع نفسه ومجاهدتها، وهذا عنصر مهم يعيشه كثير من الشباب وهو ضعف الشخصية أمام الوالدين، والإخوان، والزملاء، بحيث أن الشخص قد يرى المنكر أمامه ولا يستطيع أن يفعل أي شيء خوفا من والده أو أحد آخر، ما هو علاج لهذا الموضوع ؟
الجواب : هذا أمر نفسي؛ يعني يخاف أن يتكلم، يخاف أن يُبدي ما عنده، هذا أمر نفسي علاجه لا بد أن يكون المرء منتبهًا لنفسه. أولا أن يُجَرِّئ نفسه على الحق, الحق ما فيه المجاملة، لكن الحق ينبغي أن يؤديه بالطريقة الصحيحة، ليس بطريقة الاستعلاء، بطريقة المحبة والإرشاد والترغيب في بداية الأمر، أما إذا كنت في بيتك الذي تعوله، وأنت رب ذلك البيت - يعني أنت صاحبه ولك فيه الأمر والنهي- أنت لست معذور على وجود منكرات فيه، إلا إذا كان هناك ترتيب في بعض المصالح في أشياء معينة من المنكرات، لكن إذا كان في بيت الوالد أو معك الإخوان -إخوانك أو نحو ذلك في البيت- هذا يحتاج منك أن تكون مرشدا محببا متوددا شيئا فشيئا، الخوف يكون غالبا في الإنكار، لكن إذا ابتدأت أن تكون داعيا غير منكرٍ يعني مرشدا تُبَيِّن للناس الخير، تحثهم على الخير, لكن لا تنكر عليهم الشر؛ في البداية ينطلق لسانك، ثم بعد ذلك تبدأ تقول الجهتين؛ ما يرغِّبهم في الخير وما يبعِّدهم عن الشر.
هذه كلها توجيهات, من جهة الواقع العملي، أمَّا لو كانت فتاوى, فلكل واحد حالة تخُصُّه, معلوم أن الفتوى العامة غير الفتوى الخاصة.
السؤال الرابع : هل ترون أن تخرج المرأة إلى دُور العلم لحفظ كتاب الله، وقد قلتَ يجب على المرأة ألا تخرج إلا قليلا ؟
الجواب : أنّ الأصل أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة ماسّة, هذا الأصل من جهة الاستحباب, يعني أن لا تخرج إلا إذا احتاجت لشيء تشتريه لشيء تحتاجه في بيتها، لأمر ليس لها منه بد ونحو ذلك، هذا الأصل، قد قال جل وعلا﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾[الأحزاب:33],فالقرار في البيوت هذا من خصال المرأة الصالحة في الجملة, وإذا نظرتَ إلى هذا الزمن وما فيه، فإن قرار المرأة في بيتها قد لا توافق عليه كثير من النساء, وكثير من النساء ربما إذا أكثرت المكث في البيت تولدت عندها أشياء ارتدت على العلاقة بينها وبين زوجها في البيت بأشياء غير محمودة، فهذه يُخرَج بها بما يحصل الخير ويجتنب الشر؛ فمثلا إذا كان لها رغبة في حضور مجالس الخير يحضر بها إلى مجالس الخير، إذا كان لها رغبة تُدرِّس القرآن أ و تدرُس القرآن يُذهب بها إلى المدرسة والذهاب بها منها، وهكذا إذن الأصل في مسألة خروج المرأة أنّ المرأة لا تخرج إلا لمصلحة؛ لمصلحة شرعية، وخروجها للمباحات هذا مختلف فيه بين أهل العلم هل هو مباح أو مكروه؟ والظاهر الكراهة في هذه؛ لأن الأصل عدم الخروج، فإذا كان الخروج ليس لمصلحة؛ يعني ليس فيه تحقيق مستحب ولا واجب، فإنه يكون مكروها، لكن إذا كان سيصاب بهذا الخروج مفاسد أخر وسيحصل منه مصالح فإن خروج المرأة على ذلك يكون مشروعا.
السؤال الخامس : هل إحضار الخادمة حسب طلب الزوجة يكون من حسن العشرة ؟
الجواب : إحضار الخادمة إلى البيت لاشك أنه محفوف بمصالح ومحفوف بمخاطر أيضا، والخادمة كما قال أهل العلم لا يجوز أن تُحضَر إلى البيت إلا إذا كان ثَم حاجة لها؛ مثل أن تكون أشغال البيت كثيرة لا تستطيع المرأة أن تقوم بها من كثرة الأولاد مثلا أو انشغالها بخدمة زوجها, الرجل مثلا مِضياف أو كثير الطلبات منها، أو نحو ذلك من الأسباب، أو امرأة مريضة فإذا كان ثم سبب يجعل إحضار لها خادم فإنه يجوز إحضار الخادمة للمرأة، وقد قال الفقهاء أن الرجل يلزمه أن يُحضر للمرأة من يخدمها ويخدمه إذا كان من عادتها ذلك؛ يعني إذا كانت المرأة في بيت أهلها تُخدم إذا كانت في بيت أهلها معتادة على أنها لا تقوم بمثل هذه الأعمال فإنه من المعروف أن يؤتى لها بمثل ما كانت عليه, لأنها إنما تعاشر بالمعروف يعني ما كانت تعرفه هي في بيت أهلها, وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى ذكر أنه مما يستفاد من قوله تعالى ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء:19]، يعني مما يتعارفه الناس في كل زمان؛ مما يتعارفه الناس في كل زمن تحصل العشرة بالمعروف فليست مقيدة بزمن .
والفقهاء تكلموا هل يجب على المرأة أن تخدم زوجها؟ ففقهاء الحنابلة رحمهم الله يقولون:لا، المرأة إنما هي معقود عليها للاستمتاع ليس عليها واجبا شرعيا أن تخدم زوجها؛ يعني أن تفعل له كذا، أو أن تطهو له، إلى آخره، أو أن تعمل له بيته، لكن هو أخذها للاستمتاع فهذا حظه منها.
وشيخ الإسلام ابن تيمية اختار، قال: هذا القول مرجوح والصواب أن قوله تعالى ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء:19]يعم كل أنواع المعروف، فإذا كانت المرأة من المعروف عنها في بلد من البلدان إنما تُطلب زوجة للعشرة يعني للاستمتاع وللخدمة أيضا، يعني تكون مع زوجها تطبخ له وتنظف له وتكون معه وترعى الأولاد إلى آخره، فإذا كان هذا من المعروف فهو داخل في قول الله تعالى ﴿وَلَهَّن مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾[البقرة:228]فعليها هذا لأن هذا من المعروف.
وهذا القول هو المفتى به وهو الصحيح، فحصل من ذلك أنه إذا كان من عادة المرأة أنها تُخدم، أو أنها لا تستطيع أن تقوم بعمل البيت لسبب من الأسباب أو كثرة أولادٍ فإن للزوج أن يأتي لزوجته من يخدمها، هذا من جهة الحكم.
لكن وجود الخادمة في البيت له أضرار كثيرة من جهة الزوج، فعليه إذا حضرت أن يلزمها بالحجاب الشرعي عنه وعن غيره، وأن يبتعد معها عن الخَلوة، وعن الكلام فيما لا يعني، وأن ينتبه من المحاذير التي قد تكون من جهة الخادمة.
السؤال السابع : يقول هل الدعوة إلى منهج السلف الصالح والابتعاد عن الحزبيات، مما يدعو إليه كل أحد أو العلماء فقط، وإذا كان ذلك لكل أحد فكيف يكون ذلك ؟
الجواب : الدعوة إلى منهج السلف الصالح والابتعاد عن الحزبيات هذا مطلبٌ للجميع, لأن الواقع يدلّ على أن ضيق العمل الإسلامي وضيق الدعوة إلى الله إنما جاء من جهة الحزبيات, الحزبيات هذه تجعل المرء يتحرك في دائرة ضيقة، وأنا أذكر زمنا مرت به هذه البلاد من نحو عشرين سنة ما كان الشاب يخالط إلا شابا، ما كان يعرف يدعو أهله بل كان إذا أتاه بعض زملائه يريد أن يجتمع بهم ليقرؤوا في كتاب أو نحو ذلك ربما أغلق الباب، وهذا من الفهم الخاطئ للدعوة، وسببه الحزبيات, الحزبيات فيها إعطاء نفسية من بداخل تلك الجماعات نفسية الانغلاق، طبعا هذا تغيّر في الفترة الأخيرة يعني من نحو عشرة، اثنا عشر سنة، فصار هناك انفتاح على الناس في ذلك، لكن يبقى أثر الحزبيات في النفوس أنه يبقى المرء منغلقا، يبقى المرء ضيقا، إذا أراد أن يتوجه لشيء وجد ثم من يمنعه لرؤية غيره، وهناك أشياء من الخير كثيرة يمكن أن يسلكها المرء، لكن لأجل وجود تلك الإطارات ربما حُدّ ذلك من نشاطه، فالدعوة إلى منهج السلف الصالح والابتعاد عن الحزبيات هذه عند العقلاء والمصلحين هذا مطلب عام يشترك فيه الجميع؛ لأننا وجدنا في مسيرة الدعوة في هذه البلاد أنها تسير ولله الحمد إلى وقتنا هذا وفيما نستقبل من الأيام والسنين إن شاء الله، تسير إلى التخلص من الحزبيات شيئا فشيئا، لكن التخلص من الشيء مرة واحدة هذا ليس بالسهل، لكن شيئا فشيئا ستنتهي ويكون الناس جميعا متحابين في جماعة واحدة، كلهم يدعون إلى شيء واحد ويحكمون عقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم.
الناس يختلفون في طرح هذه الموضوعات عليهم، ولهذا من يطرح هذه الموضوعات أحيانا يكون مصيبا، وأحيانا يكون مخطئا، لأن المدعو ما حاله حتى تَطرحَ عليه موضوع جماعات أو حزبيات أو نحو ذلك، ربما لا يكون عنده فكرة أصلا عن الحزب، ليس عنده شيء من ذلك حتى تنقله إلى غيره، ومن التصور الخاطئ الذي في أذهان بعض الإخوة أن هذه الصحوة -التي تراها- الكبيرة، وهؤلاء الشباب ولله الحمد والشيب والنساء في إقبالهم على الخير، أنّ الأكثر عنده جماعة أو عنده حزب ونحو ذلك، إما متحزب أو في جماعة أو عنده اجتماع فهذا ليس صحيح، إنما الجماعات أو الاجتماعات في خضم هذا الموج ولله الحمد أو هذا الانتشار العظيم للدين قد لا يمثل عشرين في المائة، لكن هذا التأثر العظيم، هم يتأثرون بمن حولهم، يتأثرون بمن يقول لهم، الجميع مقبل على الخير ومقبل له، فمن الذي يبلغهم الخير؟ هم مع من يبلغهم، فإن بلغهم بطريقة صحيحة كانوا معه، وإن بلّغهم بطريقة غير صحيحة كانوا معه؛ لأنهم ليس عندهم من العلم ما يميزون به بين الحق والباطل، رأوا شيئا من الفساد، ورأوا شيئا من المخالفات وأنواع من المنكرات التي لا يقرها الدين ولا أهل العلم ولا يقول أحد بجواز وجودها، فيأتي من يقول لهم إن هذا منكر ولا يجوز ويثير فيه الغيرة فيقبل عليه سواء كان في حزب أو جماعة أو لم يكن كذلك.
إذن النظرة إلى وجود الحزبيات أو وجود الجماعات عندنا أو في العالم الإسلامي بعامة ينبغي أن تكون في إطارها الصحيح، وأن لا يُتَصوَّر أنَّ كل شخص يتكلم بكلام قد يشترك فيه مع بعض الجماعات أنه يكون منهم، لا، هذه تأثرات عامة في المجتمع، وأهل الاجتماع والجماعات قليلون جدا.
وهؤلاء كيف تعرفهم؟ كيف تعرف أن هذا من الجماعة الفلانية وينتمي لها؟
لا يمكن أن تجزم على أحد بعينه إلا بشروط خاصة أن هذا فعلا من الجماعة الفلانية، ومنتمي، إلى آخره، وأكثرها ظنون، ومعلوم أن الشرعيات لا تُبنى على الظنون، وإنما تبنى على الحقائق، فمجال الدعوة أن تحذر من هذه الأمور، يعني من الحزبيات ونحو ذلك، أن تحذِّر من هو واقع فيها، وترى عنده بُعْد عن الصواب فيها، عند التعصب لجماعة من الجماعات، عنده غلو، عنده دعوة إلى أن ينتمي الناس إلى هذه الجماعة، ونحو ذلك، دفاعٌ عنها وعن أصولها ومبادئها، هذا هنا يخاطب بنفسه، أمّا تخاطب العامة جميعا بمسألة ربما ما يدري وهو في الحالة هذه، ما يعرف جماعة أو غير جماعة، فيسبب شيء في نفسه من الشكوك في الالتزام كما حصل ذلك فعلا.
إذن الكلام على هذه المسألة لا يقال الداعية يتكلم فيها بإطلاق، ولا يقال يتركها بإطلاق، بل يتكلم عنها في حدودها الشرعية، والكلام في هذه المسائل يحتاج إلى علم وحكمة وبصيرة، والشريعة -كما هو من القواعد- جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وجاءت بدرء المفاسد وتقليلها، فالكلام في هذه الأمور بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد مطلوب؛ لأن تحقيق المصالح الشرعية أمر متفق عليه، ودرء المفاسد أمر متفق عليه، أمّا أن تحدث مصلحة ويكون معها مفاسد كثيرة فهذه لا تجوز؛ يأتي واحد وتدعوه وهو مقبل على الخير وتجعل في نفسه الكلام على فلان وفلان، وفلان أو الجماعة الفلانية والجماعة الفلانية ربما ما تَحَمَّلَ عَقْلَه ذلك فَكَرِهَ الخيرَ كلَّه.
فإذن هذه المسائل لا يُتكلَّم فيها إلا مع من كان واقعا في تلك الاجتماعات أو الجماعات رغبة في إصلاحه وإسداء الخير له بالكلام عام أيضا وخاص.
نرجو أن يكون هناك كلمة في أحد الدروس أو درس من الدروس في علاج هذه المسألة من جوانبها المختلفة.
السؤال الثامن : في هذا العصر كثرت وسائل الدعوة إلى الله وفي بعضها شبهة عندي مثل التمثيل والأناشيد فهل هي جائزة أم لا مع أن بعضهم قيد.....؟
الجواب : جواب هذه المسائل مُورِست في الدعوة التي هي التمثيل والأناشيد ونحو ذلك..
والأناشيد تختلف عن التمثيل, الأناشيد فيما أعلم من كلام علمائنا الذين يُصار إلى كلامهم في الفتوى أنهم على عدم جوازها؛ لأن الأناشيد أتت عن طريق – يعني في الخارج- الإخوان المسلمين, والإخوان المسلمون كان من أنواع التربية عندهم بالأناشيد، والأناشيد كانت ممارسة في الطرق الصوفية كنوع من التأثير على المريدين، فدخلت كوسيلة من الوسائل، وبحكم التجارب أو نقل الوسائل دخلت هاهنا في هذه البلاد، ومورست في عدد من الأنشطة، أفتى أهل العلم لما ظهرت هذه الظاهرة لا تجوز، قد قال الإمام أحمد في التغبير الذي أحدثه الصوفية، وهو شبيه الأناشيد الموجودة حاليا، قال إنه محدث وبدعة وإنما يراد منه-هذا كلام الإمام أحمد- الصدّ عن القرآن وكانوا يسمونه بالسماع المحمود وهو ليس بسماع محمود بل مذموم. هذا بالنسبة للأناشيد.
أما التمثيل فبحكم ما سمعت من فتاوى المشايخ فإنهم اختلفوا: فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، ومنهم من أجازه بشروط -هؤلاء علماؤنا- ومنهم من قال ممنوع بجميع أنواعه، منهم من أجازه بشروط منها أن لا يشتمل على كذب ونحو ذلك، ومنهم من أجازه لأن فيه المصلحة.
فالتمثيل من جهة الحكم صار فيه اختلاف، ولكن من جهة العمل الذي ينبغي أن يُجعل الشباب على -يعني في وسائل الدعوة- أن يأتوا إلى المتفق عليه؛ لأننا في هذا الزمن نحتاج إلى الائتلاف، نحتاج إلى الاجتماع، نحتاج إلى عدم الفرقة، وأن نسعى إلى ذلك ما استطعنا، وإذا كان كذلك فإن استعمال وسائل قد يكون فيها اختلاف مثل التمثيل؛ وهذا يحتج يقول أفتاني الشيخ فلان، وذاك يقول أمنع لأنه أفتى الشيخ فلان، فيعود في الحقيقة تضارب بين أقوال المشايخ، نقول هذا تركه فيه مصلحة شرعية من هذه الجهة؛ لأننا إن قلنا يمنع التمثيل فسيقول القائل أفتى الشيخ الفلاني بجوازه، وإن قلنا يجوز سيقول القائل أفتى الشيخ الفلاني بمنعه, فبقي التمثيل من هذه الجهة على أنه من المصلحة الشرعية المتحققة أن يُترك درءا للاختلاف ودرءا للافتراء.
مع أن كلامي أنا الذي أكرره في باب التمثيل والأناشيد أنهم جميعا من باب واحد، وأنه لا يجوز جعلها من وسائل الدعوة أصلا لأن في الوسائل الشرعية ما يكفي ويفي ولله الحمد.
تعليق