زاد المستقنع كتاب القضاء
قول المؤلف رحمه الله تعالى : [ ولا يحكم بعلمه ]
قوله : « ولا يحكم بعلمه » يعني لو تخاصم إليه اثنان ، وهو يعلم أن المدعي صادق فيما ادعاه ، فهل يحكم بعلمه ؟ المؤلف يقول : لا يحكم بعلمه ، ولو كان يعلم مثل الشمس أنه صادق ؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول : « إنما أقضي بنحو ما أسمع » [(219)] ، ولم يقل : بنحو ما أعلم ، فجعل الحكم مبنياً على الأمور الحسية الظاهرة ؛ لئلا يكون القاضي محل تهمة ؛ لأنه إذا حكم بعلمه قال الناس : حكم لفلان على فلان ، وهو مدعٍ بدون شهود فيتهمونه .
ثم لو فتحنا الباب وقلنا : إن هذا القاضي من أعدل عباد الله ولا يحكم إلا بالحق ، يأتي قاضٍ آخر ويحكم بالباطل ، ويقول : هذا الذي أعلمه ! وهذا ممكن ، فلو فتح الحكم للقاضي بعلمه لفسدت أحوال الناس ؛ لأنه ليس كل إنسان ثقة ، فَسدُّ الباب هو الأولى .
فإذا تحاكم إليَّ خصمان وأنا أعلم أن الحق مع المدعي علم اليقين ؛ لأن المدعى عليه جاء عندي البارحة وأقر ، فماذا أعمل ؟ أحوِّل القضية إلى قاضٍ آخر ، وأكون شاهداً .
وظاهر كلام المؤلف أن القاضي لا يحكم بعلمه مطلقاً ، ولكن هنا ثلاث مسائل استثناها العلماء ، قالوا : إنه يحكم بعلمه فيها :
الأولى : عدالة الشهود وجرح الشهود ، فإذا كان يعلم عدالة الشاهدين حكم بشهادتهما بدون طلب تزكية ، وإذا كان يعلم جرحهما رد شهادتهما بدون جارح ؛ لأن هذا ليس حكماً مباشراً حتى يتهم القاضي فيه ، وإنما هو حكم بسبب الحكم ، أو حكم بالذي ينبني عليه الحكم .
الثانية : ما علمه في مجلس الحكم فإنه يحكم به ، مثل أن يتحاكم إليه اثنان ، وفي أول الجلسة أقر المدعى عليه بالحق ، ثم بعد ذلك أنكر ، فيحكم عليه ؛ لأنه ما زال في مجلس الحكم ، وقد سمع من المدعى عليه الإقرار فوجب عليه أن يحكم به ، حتى لو أنكر بعد ذلك ما يقبل .
الثالثة: إذا كان الأمر مشتهراً واضحاً بيناً ، يستوي في علمه الخاص والعام ، القاضي وغيره ، فهنا يحكم بعلمه ، مثال ذلك : اشتهر في البلد أن هذا الملْك وَقْفٌ على الفقراء من أزمان طويلة ، فجاءت ذرية الواقف ، وقالوا: هذا لنا ، هذا لأبينا ولجدنا ، وكان القاضي يعلم كما يعلم سائر الناس أن هذا الملْك وقف ، فهنا يحكم بعلمه ؛ لأنه مشتهر والاتهام منتفٍ ، ودخول من لا يوثق فيه ـ أيضاً ـ منتفٍ .(1)
قول المؤلف رحمه الله تعالى : [ ولا يحكم بعلمه ]
قوله : « ولا يحكم بعلمه » يعني لو تخاصم إليه اثنان ، وهو يعلم أن المدعي صادق فيما ادعاه ، فهل يحكم بعلمه ؟ المؤلف يقول : لا يحكم بعلمه ، ولو كان يعلم مثل الشمس أنه صادق ؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول : « إنما أقضي بنحو ما أسمع » [(219)] ، ولم يقل : بنحو ما أعلم ، فجعل الحكم مبنياً على الأمور الحسية الظاهرة ؛ لئلا يكون القاضي محل تهمة ؛ لأنه إذا حكم بعلمه قال الناس : حكم لفلان على فلان ، وهو مدعٍ بدون شهود فيتهمونه .
ثم لو فتحنا الباب وقلنا : إن هذا القاضي من أعدل عباد الله ولا يحكم إلا بالحق ، يأتي قاضٍ آخر ويحكم بالباطل ، ويقول : هذا الذي أعلمه ! وهذا ممكن ، فلو فتح الحكم للقاضي بعلمه لفسدت أحوال الناس ؛ لأنه ليس كل إنسان ثقة ، فَسدُّ الباب هو الأولى .
فإذا تحاكم إليَّ خصمان وأنا أعلم أن الحق مع المدعي علم اليقين ؛ لأن المدعى عليه جاء عندي البارحة وأقر ، فماذا أعمل ؟ أحوِّل القضية إلى قاضٍ آخر ، وأكون شاهداً .
وظاهر كلام المؤلف أن القاضي لا يحكم بعلمه مطلقاً ، ولكن هنا ثلاث مسائل استثناها العلماء ، قالوا : إنه يحكم بعلمه فيها :
الأولى : عدالة الشهود وجرح الشهود ، فإذا كان يعلم عدالة الشاهدين حكم بشهادتهما بدون طلب تزكية ، وإذا كان يعلم جرحهما رد شهادتهما بدون جارح ؛ لأن هذا ليس حكماً مباشراً حتى يتهم القاضي فيه ، وإنما هو حكم بسبب الحكم ، أو حكم بالذي ينبني عليه الحكم .
الثانية : ما علمه في مجلس الحكم فإنه يحكم به ، مثل أن يتحاكم إليه اثنان ، وفي أول الجلسة أقر المدعى عليه بالحق ، ثم بعد ذلك أنكر ، فيحكم عليه ؛ لأنه ما زال في مجلس الحكم ، وقد سمع من المدعى عليه الإقرار فوجب عليه أن يحكم به ، حتى لو أنكر بعد ذلك ما يقبل .
الثالثة: إذا كان الأمر مشتهراً واضحاً بيناً ، يستوي في علمه الخاص والعام ، القاضي وغيره ، فهنا يحكم بعلمه ، مثال ذلك : اشتهر في البلد أن هذا الملْك وَقْفٌ على الفقراء من أزمان طويلة ، فجاءت ذرية الواقف ، وقالوا: هذا لنا ، هذا لأبينا ولجدنا ، وكان القاضي يعلم كما يعلم سائر الناس أن هذا الملْك وقف ، فهنا يحكم بعلمه ؛ لأنه مشتهر والاتهام منتفٍ ، ودخول من لا يوثق فيه ـ أيضاً ـ منتفٍ .(1)
(1) زاد المستقنع = كتاب الايمان والقضاء والشهادات والاقرار = شريط رقم 10 الوجه ب شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين .
[ 219 ] رواه البخاري ، كتاب الأحكام ، باب موعظة الإمام للخصوم ، رقم ( 7169 ) ، ومسلم ، كتاب الأقضية ، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة ، رقم ( 1713 ) .