حدثني عبد الله بن محمد بإسناده عن ميمون بن مهران قال : ( لو أن رجلاً نشر فيكم من السلف ما عرف فيكم غير هذه القبلة ) أخبرنا محمد بن قدامة الهاشمي بإسناده عن أم الدرداء قالت : ( دخل عليّ أبو الدرداء مغضباً فقلت له : ما أغضبك ؟ فقال : والله ما أعرف فيهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنهم يصلون جميعاً ) وفي لفظ ( لو أن رجلاً تعلم الإسلام وأهمه ثم تفقده ما عرف منه شيئاً ) حدثني إبراهيم بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال : ( لو أن رجلين من أوائل هذه الأمة خلياً بمصحفيهما في بعض هذه الأودية لأتيا الناس اليوم ولا يعرفان شيئاً مما كانا عليه ) قال مالك : وبلغني أن أبا هريرة رضي الله عنه تلا : ( إذا جاء نصر الله والفتح* ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ) .الايتان 1،2 النصر
قف تأمل رحمك الله إذا كان هذا في زمن التابعين بحضرة أواخر الصحابة فكيف يغتر المسلم بالكثرة أو تشكل عليه أو يستدل بها على الباطل ( ثم روى ابن وضاح بإسناده ) عن أبي أمية قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تصنع في هذه الآية ؟ قال أية آية ؟ قلت قول الله تعالى : ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )105المائده، قال أما والله لقد سألت عنها خبيراً سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( بل ائتمروا المعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام فإن من ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله قيل : يا رسول الله أجر خمسين منهم قال أجر خمسين منكم ) ثم روى بإسناده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( طوبى للغرباء ثلاثاً قالوا يا رسول الله ومن الغرباء ؟ قال ناس صالحون قليل في أناس سوء كثير من يبغضهم أكثر ممن يحبهم ، أخبرنا محمد بن سعيد بإسناده عن المعافري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( طوبى للغرباء الذين يتمسكون بكتاب الله حين ينكر ويعملون بالسنة حين تطفى ) أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا أسد بإسناده عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بدأ الإسلام غريباً ولا تقوم الساعة حتى يكون غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء حين يفسد الناس ثم طوبى للغرباء حين يفسد الناس ) اخبرنا محمد بن يحيى اخبرنا أسد بإسناده عن عبدالرحمن أنه سمع رسول الله يقول : ( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس ) هذا آخر ما نقلته من كتاب البدع والحوادث للإمام الحافظ محمد بن وضاح رحمه الله فتأمل رحمك الله أحاديث الغربة وبعضها في الصحيح مع كثرتها وشهرتها وتأمل إجماع العلماء كلهم أن هذا قد وقع من زمن طويل حتى قال ابن القيم رحمه الله ( الإسلام في زماننا أغرب منه أول ظهوره ) فتأمل هذا تأملاً جيداً لعلك أن تسلم من هذه الهوة الكبيرة التي هلك فيها أكثر الناس وهي الاقتداء بالكثرة والسواد الأكبر والنفرة من الأٌقل فما أقل من سلم منها ما أقله ما أقله ! !
مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله)ص53-56