حَوْلَ الاِنْتِقَاد عَلَى: تحقيقِ صَحَفِيِّ جريدة"الشروق"؛ في فضائح:"وَعْدَةِ سيدي الحسني بوهران":
حِوَارٌ مَعَ إِعْلاَمِيٍّ (نَاقِمٍ)!
كتب هذا المقال الأخ الفاضل : سمير سمراد
ـ الحلقة الأولى:
* مدخلٌ: إعلاميٌّ(ناقمٌ)! وسببُ(نقمتِهِ):
* مثالٌ للاِعتبار: الصحافةُ ومفترياتُ التجانيَّةُ:
* الصَّحَافَةُ الصادقة!:
* ما هو الخلافُ السَّائغ؟:
* هيَ السَّلفيَّة؟:
ـ الحلقة الثانية:
* مثالٌ معاصر:الوَلِيُّ المَجْنُون!
* هل حقًّا هُمْ مُحَايِدُون؟!:
* عقيدةُ العامة في "رجال الغيب"!:
* بدعُ الطرقية, والعلماء!:
* اعتمادُ الطرقيين على الخرافات:
ـ الحلقة الثالثة:
* ماذا ينقمون على رجال"جمعية العلماء"؟!:
* مظاهرُ لانحطاط العقول!:
* العلماءُ المصلحون, وتحريرُ العقول:
* المصلحون الجزائريون, وتُهْمَةُ(الوهابيَّة)!:
* (الْعَامَّةُ) بين المصلحين والمُخَرِّفِين!:
* شهادةُ التاريخ, على أنَّ الشعب الجزائري, كان مع العلماء المصلحين:
* مظاهرُ قَبُول الإصلاح (السَّلَفيّ) في المجتمع الجزائري:
ـ الحلقة الرابعة:
* ماذا لَوْ عاش الشيخ حماني, ليرى ويَسْمَعَ مَا يَبُثُّهُ (الإعلامُ)المُحَايِد؟!, وينصُرُهُ(الإعلاميُّ النَّاقم)؟!:
* لماذا الاستدلالُ بـ:(الكوثريّ)؟:
* خاتمة:
[ الحلقة الأولى]
مدخلٌ: إعلاميٌّ(ناقمٌ)! وسببُ(نقمتِهِ):
نشرت جريدة"المحقق"الأسبوعية, في (أوراق)ـها, لعدد(130)[من السبت06إلى الجمعة12سبتمبر2008م][ص:19], للكاتب(سعيد جاب الخير) مقالةً؛ هي عبارة عن (نقاط على الحروف) كما سمَّاهَا صاحِبُهَا, جعلها في نَقْدِ مَا وَرَدَ في (التحقيق) أو(الملف) الذي أعدَّهُ ونشره زميلُهُ(الصحفي: صالح فلاق شبرة) في جريدة"الشروق" اليومي بتاريخ[25أوت2008م], لم يَرْتَضِ(جاب الخير) طريقةَ مُعَالجَةِ زميلِهِ الصّحفي, لموضوع(الممارسات الشعبية في بعض الزوايا بمنطقة وهران ومن بينها زاوية سيدي الحسني), كما لم يَرْتَضِ تلك العناوين البارزة, أو أسماء الفصول الظاهرة, التي أرادها الصحفي لمقالِهِ أو أرادها(صاحبُ الجريدة؛ أو رئيسُ التحرير) لها-على رَأْيِ(جاب الخير)!-...
عَتَبَ الزَّمِيلُ على زَمِيلِهِ؛ وحَمَّلَهُ مسؤوليةَ مَضْمُونِ (التَّحقيق) و(عناوينِهِ) كذلك!, وعَدَّهَا مِنَ الأمور المرفوضات, بلْ وخُرُوجًا عن مِهْنَةِ الصَّحَافة, ومُهِمَّةِ الصحفي!!
1 ـ نَعَى عليه استعمال مصطلح أو لفظة"الشعوذة", في وصف بعض السلوكات التي تقع في الزاوية,
2 ـ ونعى عليه (وصف زيارة الأضرحة والتبرك بها بأنها"شرك" ),
لم يَرْتَضِ هذا الصحفيُّ والإعلاميُّ(النَّاقِدُ)بل(النَّاقِمُ): أن يكون هذان المصطلحان في واجهة الجريدة, وفي الصفحة الأولى منها, وذلك لأنها عنده (جريدة يومية)؛ ولأنها(إخباريةٌ بالدرجة الأولى).
وقد أوضح مقصودَهُ أكثر بقوله بعد سطور: مُعَقِّبًا على زَميله في وصفه تلك السلوكات (بالشرك) بأن ذلك(تصدير لحكمٍ قِيمِي أخلاقيّ ديني ضدَّ سُلُوك ثقافي روحاني شعبي ينطلق من موقع عفوي ذي مقاصد خَيِّرَة, فكيف يمكن لنا كإعلاميين أن نعطي الحق لأنفسنا في تصدير الأحكام الدينية القيميّة والأخلاقية حول سلوك الناس أفرادًا وجماعات, في الوقت الذي يعرف الجميع أن مهمة الإعلام هي نقلُ الخبر أو نقل ما يجري وليس تصدير الأحكام القِيمِيَّة والأخلاقية والفتاوى, الأمر الذي يعتبر من شأن الهيئات الدينية), ثم قال: (من حق الإعلامي أن ينقل ما يحدث, كل ما يحدث, لكن ليس من حقه إطلاقا أن يحكم على ما يجري قِيمِيًّا أو أخلاقيا أو دينيا بالسلب أو بالإيجاب. كان من واجب المحقق أن رؤيته وأحكامه الشخصية جانبا ثم يستطلع آراء المختصين والمسؤولين في هذا الجانب ومن جميع الاتجاهات, لا أن يكتفي برأي واحد فقط لأن ذلك يدخل في باب التضليل الإعلامي)انتهـىكلامه حول هذه النقطة من (نقاطه).
أقول:
ـ عَجَبًا لهذا (الإعلامي)(الناقم)!؛ لَوْ كان مُحَايِدًا حِيَادَ الإعلاميين-كما وصفهم وحَدَّدَ مهامَّهُمْ-, لَقُلْنَا إِنَّهُ مِنَ الصِّنْفِ الذين أشرتُ إليهم في مقالتي التي بَنَيْتُهَا على (تحقيقِ) زميله الصحفي؛ الذي لم يُعْجِبْهُ صنيعُهُ, وخَطَّأَهُ في خُرُوجه عن مُهِمَّتِهِ الإعلامية(المحايدة)! إلى نوعٍ! من (التضليل الإعلامي) للناس, بِتَلَبُّسِهِ بِمُهِمَّةٍ هِيَ لغيرِهِ مِنْ أهلِ الاختصاص وأصحاب الفتوى وإِبْدَاءِ الرأي, ليست له؛ فهو(إعلاميٌّ) تَقِفُ مُهمَّتُهُ وتَنْتَهِي عندَ النَّقْلِ, وحكايةِ الواقع, وليس الحكم!.
أقول: أَعْنِي مَنْ ذَكَرْتُهُمْ تحت عنوان: (أَإِنْكَارٌ على المُنْكِرِ وسُكُوتٌ عَلَى المُبْطِلِ؟!), ولكنَّهُ هُنَا: ليسَ مُنكرًا على المنكِرِ فحَسْبُ, بلْ وَمُتَهَجِّمًا على المُحِقّ, مُدَافِعًا ومُحَامِيًا عن الباطل والمُبْطِلِ كِلَيْهِمَا!
ـ أَلاَ لقد كان من حَقِّ الإعلاميِّ والصحفي(فلاق شبرة) أن يُشْكَرَ صنيعُهُ, ويُستحْسن فعلُهُ, لا أن يُعاب ويُخَطَّأَ ويُلام على (شذوذه) كإعلاميّ! حَادَ عن الطريقة الإعلامية-التي حَصَرَ (النَّاقِمُ) نِطاقها, وضيَّقَ مجالها-, أمَّا نحنُ فشكرناه وحَمِدْنَا صنيعَهُ, ورَجَوْنَا زملاءَهُ أن يَحْتَذُو حَذْوَهُ في إنارة الحقيقة, وكشف المستور والخبيئة, والمشاركة في(تنوير الرأي العام) وإيقاظ(النِّيَام) وإنقاذ(الجهلة الطّغَام), أَوَ لَيْسَ مِنْ مُهمة الصحافة ورجالها أن يُسهمُوا في كُلِّ ذلك, وأن يُبَيِّنُوا لأقوامهم وبَنِي وَطَنهم هاتيك المهالك, وزَيْفَ تلكم المَسَالِك, التي هِيَ عندَ كثيرين ومنهم للأسف الإعلاميُّ(الناقم): ارتقاءٌ روحي, وسلوكٌ إيماني أخلاقي, مُتَجَذِّرٌ في أُمَّتِنَا! ومِنْ صَمِيمِ أصالتنا!!
إذا كان مِنْ مهامِّ الصحافة والإعلام, ومن أولوياتها-كما نفهم-أن تُطَهِّرَ أخلاق المجتمع من السلوكات المُعْوَجَّة, والتَّصرفات الضَّارَّة, التي تَسْلِبُ عقله, وتَضُرُّ بجسده, وتَهْوِي إلى أسفل الحضيضِ بِرُوحِهِ ونَفْسِهِ,
إذا كان من مهامِّ (الصحفيّ) أن يرتقيَ بأخلاق بني وطنه إلى معالي الأمور, ويَسْتَصْلِحَ ما فَسَدَ منها, ويُقَوِّمَ ما اعْوَجَّ وما اخْتَلَّ,
إذا كان من مهامه أن يُنبِّهَهُمْ إلى مصادرِ تلك الشرور, ومنابعِ تلكم الآثام, ويحذرهم غوائلها, ونتائجها الخطيرة, وثمارها المريرة,
وهو في كلِّ ذلك يُحمد ويُشكر, ويُعَدُّ عملُهُ إسهامًا في(رُقِيِّ) الأمة, ودفعًا لها إلى النهوض, بتشييد الأُسُسِ الصالحةِ وتَمْتِينِهَا, وبحمايتها مما يُوَهِّنُهَا, أو يُخِلُّ بانْتِظَامِهَا,
إذا كانَ كُلُّ ذَلِك,
أفلا كان مِنَ الأَجْدَرِ أن يُسْهِمَ أهل الصحافة والإعلام في رُقِيِّ الأمة والنهوض بأبنائها بتنوير عقولهم, وإِجْلاَء ظُلمات الشرك والخرافة والانحطاط العقلي والانتكاس التفكيري عن بصائرهم!
أفلا كان من أولى أَوْلَوِيَّاتِ مُنَوِّرِي (الرأي), وأهلِ الصدق في النصح, والدَّلاَلَةِ على مواضع الدَّاء, والإرشاد إلى أماكن البلاء, أن يُسهموا في تطهير عقائِدِ بني وطنهم, وتصحيح أفكارهم, ونَفْيِ السُّمُومِ التي تفتك بعقولهم وبدينهم, وسَيُنَازِعُنَا مثلُ الإعلامي(الناقم)في هذه الأخيرة, بأنَّ ذلك من اختصاص علماء الدين, وأهل الشريعة والحقيقة!, فليكن إذن: ما يَفْتِكُ بالعقول.
أَلَيْسَ مِنْ حَقِّ الصحفي والإعلامي, بل وحتى مَنْ لاَ مِهْنَةَ له, وحتى العامِّيّ, أليس من حقهم أن يَحْذَروا ويُحَذِّرُوا-كُلٌّ بما هيئ له من أبواب التبليغ-مِمَّا يُصادم القطعيات, ويتعارض مع البديهيَّات,
ألا يحقُّ له, أن يَكشف ويَفضح مَنْ يَلعبون بعُقُولِ الناس!, ويَسلبون منهم الأموال بعد سَلْبِ عقولهم,
أتريد منهم أيها(الناقم)!, أن يسكتوا على فضائح وألاعيب, ودَجَلٍ و(تخاريف), وعَبَثٍ بالحُرُمات, ودَوْسٍ على المُرُوءَات!, بِدَعْوَى(الحِياد), وبزعم (عدَمِ الاختصاص)!
فهلاَّ نَكَرْتُمْ على كُلِّ صحفي, وكُلِّ إعلاميّ, فَضَحَ سلوكات أخلاقية, انتشر وباؤُهَا, وَعَمَّ فسادُها, فسَمَّاهَا باسْمِهَا, ونَعَتَهَا بنُعُوتِهَا, مُنَفِّرًا منها, مُخْطِرًا بضررها على الفرد والمجتمع, سيقولون: هذه أجمعت الإنسانية بأسرها على ضررها, وقام العقلاء من بني الإنسان, بالعالمِ كُلِّهِ على إدانتها ومحاربتها, ليس منهم مَنْ يُخالف في ذلك, أو يماري فيه, إلاَّ السفهاء والمجانين, و(الشُّذَّاذُ) مِمَّنْ لا يُعْتَدُّ بخلافهم, ولا يُؤْبَهُ لاعتراضاتهم,
ومن عجائب الزمان, أنه: حتَّى هذه! التي ضربنا المَثَلَ بها, لم تَعُدْ من المسلَّمَات, ولا من المحرمات, ولا من ينتهكها ممن انتهك الحُرمات, بلْ هي(حُرِّيَّةُ التصرفات), وعدَمُ التَّحْجِيرِ والكَتْمِ على(الإرادات والرغبات)! فإياك أيها (الإعلامي)!, وأنت أيها (الصحفي)! أن تُجَرِّمَ سلوكًا من هذه السلوكات, أو تجعله في مصافِّ الأمراض والأوبئة والقاذورات, لا عن طريق التصريحات أو التلويحات, فذلك اعتداءٌ على الحريات وممارسةٌ للضغط في المباحات, وإنما هي اختلاف في الرؤى والنظرات! فإياك أن تُحَرِّمَ التصرفات الأخلاقية من زنا وفاحشة ولواط وشذوذ, واتخاذ أخدان, وشرب المسكرات... , لأنها حرامٌ محظورٌ عند قوم, حلالٌ مباحٌ عند آخرين,
فما عاد يُجْدِي بَعْدَ هذا! الحديثُ عن إجماع بني الإنسان, واتفاقِ كلمة نُظُمِ العالم وأفراده ومجتمعاته, لاختلاف الأهواء والمآرب!! و النَّزَعَاتِ والمَشَارِب!!
أقول: فإذا جاز النُّكْرُ على فسادِ الأخلاق, والنكيرُ على العاملين على إفسادها, لأن فسادها يُدركُ بالفِطَرِ السويّة, التي لم يُصِبْها المرض!, جَازَ النُّكْرُ-بلْ هو أوجبُ- على الفساد الطارئ على العقول والتفكير والقَطْعِيِّ مِنَ الدين, الذي هو كذلك فسادٌ ظاهرٌ تُدركهُ النفوسُ التي لم تبتلَ بأوهام, ولم يمسَّها مرضٌ ولا سِقام!, وليس تطهيرُ الأخلاق وحمايتُهَا بأَوْلَى مِنْ تطهيرِ العقول وحمايةِ أصولِ العقائدِ والأديان.
وإذا جاز للإعلاميِّ العملُ والمشاركةُ في الميدان الأول, جاز-بلْ وَجَبَ عليه, وهو أَجْدَرُ بِهِ- أن يعملَ ويُشاركَ في الميدان الآخر-وهو أَوْلَى وَأَهَمُّ-.
مثالٌللاِعتبار: الصحافةُ ومفترياتُ التجانيَّةُ:
ـ كَتَبَ(موحد) (من المغرب الأقصى), في"الشهاب"[(744), (ص:7-12)](حول مقالة "الجراري")؛ وهو يَرُدُّ عليه تمجيده للتجانية! والشيخ التجاني!؛ فكان مما قال: (وقد تصفحنا بعض الكتب التي ألفها أصحابه, وأيدها أتباعه, فإذا كلها تحض على التمسك بأقوال شيخهم والإعراض عمَّا عداها؛ وممن أَلَّفَ وألقى نفسه للهدف؛ محمد بن عبد الواحد النظيفي المراكشي أَلَّفَ كتابا سماه (الطيب الفائح في صلاة الفاتح) ويعلم الله ما فيه من الزيغ والهذيان, الحَرِيِّ بالهجران؛ ولو أُحْرِقَ لنال المتسبب في إحراقه الغفران, غير أن شرر الضلال ينمو في هذه الأزمان....)(ص:9), وقال في(ص:11): (...وقال في"الطيب الفائح"(ص:25): إنَّ الله صلَّى على النبي بصيغة صلاةِ الفاتح...), هذا وقد قال الإبراهيمي: (وإن انتشار هذه الدفاتر في هذه الأمة المسلمة يفوق انتشار الأوبئة والطواعين فيها, وإن الواجب على علماء هذه الأمة أن يحموها من تلك الكتب كما يحمى المريض من بعض الأطعمة وبعض المياه التي تمدّ المرض وتزيده إعضالاً, وإن أيسر ما تستحقُّه تلك الكتب هو الإحراق)["الآثار" (1/123)]وقد ثارت حول هذا الكتاب ضَجَّةٌ!
ـ فكان أَنْ كتب الشيخ المولود الحافظي الأزهري في"المنتقد"(العدد:4), مقالةً بعنوان:(في عالم الصحافة)؛ أشاد فيها بمنزلة الصحافة, وبقيمة(الجرائد والصحف الكبرى[التي] تخدم الأمة والوطن في هذه الظروف وغيرها خدمة لا تقدر وكيف لا وهي لسان الشعب تعبر عن الفكر العام وتكشف الغطاء عن الخفايا وتبين الحقائق بإيضاح وترفع اللثام عن الحوادث المتحدة وتنبه الجمهور إلى الواجبات الوطنية في الداخل والخارج.),ثم تكلم عن تأخر الجزائر في (ميدان الصحافة), وبعد أن وجه نصيحة للأفراد من الأمة, وجه نصيحة للكتاب؛ فقال: (وهناك واجب آخر أيضا لا يسوغ إهماله وهو أن قلم الكاتب يتحتم عليه أن يتجافى عن الأغراض الشخصية وعن الموضوعات القليلة الجدوى وعن القضايا المشهورة كقضية النظيفي في صفة صلاة الفاتح للشيخ التيجاني التي نقل"النجاح" حكايتها ثم تلاها الرد وبيان حقيقة. بل الذي ينبغي أن يهتم به الكتاب هي الموضوعات العامّة الجديرة بالالتفات فإن في ذلك مجالاَ واسعا لمن أراد أن يلفت أنظار الجمهور إلى الصالح العام في الحقوق المقدسة والواجبات القومية والتربية النفسية حتى أنه لو كان لنا مئات من الجرائد اليومية لما استطاعت أن توفي بالحاجيات الضرورية من تلك الأغراض الصحيحة التي تمتد ما دام الميدان ميدانًا والقلم قلمًا)اهـ.
ـ ثم أعقبه الشيخُ ابن باديس بالردِّ في العددِ نفسِهِ؛ بقوله:(ملاحظاتي: كره الأستاذ الحافظي للصحف أن تشتغل بمثل مسألة الشيخ النظيفي لتتفرغ لما هو أهم منها. ونلاحظ لحضرته أن هذه المسألة وأمثالها مما يمس بالعقائد التي هي مبنى الأخلاق والأعمال وحاجة العقائد إلى تطهير ليس دون حاجة الأخلاق إلى التقويم والأعمال إلى تسديد, ولا سيما إذا قام من يدافع عنها على ما فيها بمثل المقالين المنشورين في جريدة النجاح الغراء مع تصدير صاحبها لأولهما بما يدل على استحسانه له وإعجابه بإحكام أدلته! وأنتم يا سيدي من أعرف الناس بمنزلة المقالين في العلم والاستدلال لهذا نرى من واجب أهل العلم أمثالكم أن يتصدّوا لمثل هاته المسائل فيمحصوها بالعلم الصحيح والعلم النظيف وفي ذلك رضى الله ورسوله وصالحي المؤمنين.)اهـ.
الصَّحَافَةُ الصادقة!:
ـ كتب صحفيٌّ وطنيٌّ غيورٌ على دينه ووطنه؛ هو: (مصطفى بن شعبان التونسي), قال في مقالةٍ له بعنوان: (الصحافة الصادقة: واجباتها نحو قرائها, وواجباتهم نحوها)-نشرت في جريدة"البرق", التي كانت تصدر ببسكرة, سنة(1927م)-: (إن الصحافة الصادقة هي لسان الأمة وترجمان الشعور وصدى الحقيقة وصدى الشعب وعنوان النهوض وسلم الرقي وعامل معتبر من عوامل الترقي والتقدم وساعد أيمن في السير إلى الأمام....ومن واجباتها النصح والإرشاد وكشف الغطاء عن الحقيقة وتهذيب ذوي النفوس الشريرة والأجسام المريضة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبث الأخلاق الكريمة التي جاء بها الإسلام ومقاومة فساد الأخلاق بكل ما لديها من قوة والتحريض على التمسك بأهداب الفضيلة والتنفير من الرذيلة فإنها بذلك تخدم أمتها وتنصر دينها وترفع شرفها وتذب عن كرامتها....), ثم تكلم عن: (الصحافة الساقطة), ليقول: (فإذا انتهجت الصحافة مسلك الصدق والإخلاص نحو دينها وقومها ووطنها, والصراحة فيما تنشر وتقول واتبعت طريق العمل في دائرة الدين والوطن والدفاع بالحجة والبرهان على أبناء الإسلام وخطت الخطوات الشاسعة في ظل الفضيلة ومحاربة الرذيلة ومقاومة البدع الضالة التي ما أنزل الله بها من سلطان. فإن قامت بذا فإنها تسمى صحافة صادقة وإلاَّ فأوراقُ الخريفِ كثيرة...!إذن فالواجبُ الأكيد على الصحافة هو رد كيد أصحاب الضلال في نحورهم وهذا فيما نرى ونعتقد آكد واجب ديني ووطني وإنساني والعمل في هذا السبيل المستقيم وترك النابحين يصرخون وراء المارين في طريقهم المضيء الموصل إلى السعادة الأبدية والنعيم السرمدي-هو ما جاء به الدين والله شهيد على ما نقول. هذا بعض الواجب على الصحافة الصادقة نحو قرائها وأمتها ودينها...)اهـ ["البرق", العدد(5), 1شوال1345هـ/4أفريل1927م/(ص:1-2)]
ـ وقد أشار الشيخ مبارك الميلي [تحت إمضاء:"بيضاوي"] في جريدة:"البرق" إلى ما كان مِنَ الشيخ الحافظي-الذي تقدَّم نقله قريبًا!-, بقوله عن إرادة شبيبة الإصلاح: (يريدون أن يكونوا فكرًا عاما في الشعب غير الفكر القديم, وهذا الكاتب الممضي مقالاته من مكانين يريد احترام فكر العوام وتركهم في سباتهم يتخيلون ما شاءوا من غير أن نزعجهم في هذا الحلم اللذيذ..! فنحن نريد أن يكون الفكرُ العامي تابعا لفكر العلماء الأحرار, ونعلم ما في هذا من مصلحة للشعب ولذلك لا نبالي بالعراقيل الكثيرة في سبيل تحقيق غايتنا, وهذا المخلوق يريد منا-كما أراد لنفسه-أن يكون فكر العلماء الأحرار تابعًا لفكر العوام, وكفى بهذا الفكر ضررًا على الحياة الاجتماعية...)["البرق", العدد(9), 30شوال1345هـ/2ماي1927م/(ص:2), مقال: (حي على الصلاح, حي على الحرب والكفاح)]
ما هو الخلافُ السَّائغ؟:
ـ لا نقصد بحديثنا ما قد يكون فيه خلافٌ سائغ, أو اجتهادٌ مقبول, أو آراءُ تتجاذبها أدلةٌ ونصوص؛ هي محطُّ أنظار, وميدانٌ رَحْبٌ لاجتهادٍ وإعمالِ أفكار!
ـ وإنما نريدُ بحديثنا: ما يُصَادِمُ القطعيات-والتي للأسف صار يُجادلُ فيها من يجادل, ويعملُ على دفعها أو رفعها بطريقة أو بأخرى!-, وما تُنكره العقول التي سلمت مِنْ وَبَاءِ الطرقية, ولم تَذِلَّ لسُلْطَانِ(الْمْرَابْطِيَّة), والتي نُسِجَتْ حَوْلَهَا تهاويل, وأُحيطت بسياجاتٍ من التقديس والتدجيل!, غَلَّفُوهَا بغِلاَفِ(الحقيقة)الخادع, وما هيَ إلاَّ وساوسُ وتخاييل!!
هيَ السَّلفيَّة؟:
ـ نريدُ بحديثنا: ما لم يقُمْ عليه حُجَّةٌ من كتاب ولا سنة, ولم يَجْرِ عليه عملُ سلف الأمة-نعني بهم الصحابة والتابعين وأتباع التابعين؛ الذين شهد لهم رسول البرية, بالفضل والخيرية, أما الخلْف, فيتبجَّحُون باتباع السلف!, ويريدون بهم الذين أحدثوا ما أَحْدَثُوهُ لهم, فهم سلفُهُمْ في تلكم المحدثات!, ومنهم من يريدُ بالسَّلف: جَدَّهُ القريب أو البعيد!![أخذت المعنى من الإبراهيمي, انظر:"آثاره"(1/176)]- فالحجةُ الدينية: ما قام في زمان أهل القرون الثلاثة المفضلة, وعُرف على عهدهم, وتَعَبَّدُوا اللهَ بِهِ, فما لا, فليس من الدين, بل هو مرفوضٌ بالنص؛
ـ يقولُ ابن باديس رحمه الله : "الإسلام إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وما كان عليه سلفها من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق المصدوق".
وليس كُلُّ خلافٍ يُعْتَدُّ بِهِ, ولا كُلُّ رَأْيٍ ممَّا يُقْبَلُ ويُعْتَبَر, فإذا كان مصادمًا للنصوص القطعية, والأصول التي انبنى عليها دينُ الإسلام, وقامت عليها المِلَّةُ التوحيديَّة, كان مرفوضًا بالقطع.
فإذا لم يَسْتَبِنْ (لمن عَمِيَتْ بصيرتُهُ, وغطَّتْ الغشاوةُ بَصَرِهِ) مُصادَمَة ما هُوَ عَلَيْهِ للقطعيات من الدين؛ إِذْ خَفِيَتْ عليه من شدَّةِ التلبيس! فلا أقَلَّ مِنْ أن يُدرك بعقله-إنْ سلم له من تأثير خارجي,-فسادَ هذا الرأي, وتساقطَ هذا الفكر.
....يتبع
ـ يمكنك تحميل النسخة الكاملة مع جميع الحلقات من المرفقات (انظر الأسفل):
رابط التحميل: http://www.ajurry.com/vb/attachment....1&d=1266670764
كتب هذا المقال الأخ الفاضل : سمير سمراد ـ وفقه الله ـ
تعليق