شيخ الإسلام ابن تيمية و الاحتفال بالمولد النبوي
للشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ
للشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ
من ضمن أسئلة موجهة من المجلة العربية بإملاء سماحته في 29/ 5 / 1417هـ .
السؤال : الأخ أ . م . م من الكويت يقول في سؤاله : ذكر أحد العلماء أن الإمام ابن تيمية رحمه الله يستحسن الاحتفال بذكرى المولد النبوي فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ .
جواب الشيخ ـ رحمه الله ـ : الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم بدعة لا تجوز في أصح قولي العلماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله وهكذا خلفاؤه الراشدون , وصحابته جميعا رضي الله عنهم وهكذا العلماء وولاة الأمور في القرون الثلاثة المفضلة وإنما حدث بعد ذلك بسبب الشيعة ومن قلدهم , فلا يجوز فعله ولا تقليد من فعله , والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله ممن ينكر ذلك ويرى أنه بدعة . ولكنه في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) ذكر في حق من فعله جاهلا ولا ينبغي لأحد أن يغتر بمن فعله من الناس أو حبذ فعله أو دعا إليه كمحمد علوي مالكي وغيره لأن الحجة ليست في أقوال الرجال وإنما الحجة فيما قال الله سبحانه أو قاله رسوله صلى الله عليه وسلم أو أجمع عليه سلف الأمة , لقول الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [ سورة النساء الآية 59 ] وقوله سبحانه : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [سورة الشورى الآية 10 ] الآية . وقوله سبحانه : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }[ سورة الأحزاب الآية 21]
وهو عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك , وقد بلغ البلاغ المبين بأقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم , وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك , ولو كان خيرا لسبقونا إليه , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته [1], وقال عليه الصلاة والسلام :(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )[2]أخرجه مسلم في صحيحه , وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه : ( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ) [3] أخرجه مسلم في صحيحه . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد كتبت في ذلك كتابة مطولة بعض الطول , وفي بدع أخرى كبدع الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج , وليلة النصف من شعبان , وقد طبعت كلها في كتيب بعنوان ( التحذير من البدع ) وهو يوزع من دار الإفتاء ومن وزارة الشئون الإسلامية , وهو موجود في كتابي بعنوان ( مجموع فتاوى ومقالات ) في المجلد الأول صـ 227 فمن أحب أن يراجع ذلك فليفعل .
ونسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لمعرفة الحق واتباعه وأن يعيذنا جميعا من البدع والمنكرات ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .[4]
حاشية :
[1] - صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (171,سنن أبو داود السنة (4606),سنن ابن ماجه المقدمة (14),مسند أحمد بن حنبل (6/270).
[2] - صحيح مسلم الأقضية (171,مسند أحمد بن حنبل (6/256).
[3] - صحيح مسلم الجمعة (867),سنن النسائي صلاة العيدين (157,سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954),سنن ابن ماجه المقدمة (45),مسند أحمد بن حنبل (3/311),سنن الدارمي المقدمة (206).
[4] - مجموع فتاوى ومقالات ج6 ص 211-213