مقتطف من شريط التناصر والإخوة في الله للشيخ أحمد السبيعي حفظه الله :
عدم تفريق كثير من الإخوة بين حق الله عز وجل وحظ النفس أو بعبارة أخرى عدم إدراك اختلاف الطباع والأمزجة والشخصيات هذا رجل شخصيته لا يميل إلى كثرة الحديث ويحب لو جلس الساعات الطوال إلا تكلم قليلا والآخر رجل من طبيعته وشخصيته كثرة الكلام فهذا لا يجالس ولا يؤانس هذا فكون هذا لا يؤانسك هذا حظ الدنيا هذا حظ النفس ليس له علاقة بالدين هذا ليس له علاقة بالدين فبعض الإخوة يبني العلاقات قصرا بمعنى أنه يختلط غير المتجانسين فيحصل بينهم خلافات أو خصومات فتأثر هذه الخصومات والخلافات في تدينهم أو في غير ذلك هذا غير صحيح الأمزجة مختلفة فرق بين حق الله وحظ النفس ( قلت بل بعض الإخوة للأسف لا يفرق بين حق الله وحظ النفس فيخلط بين هذا وهذا فتجده في تصرفاته لا يعامل إخوانه معاملة شرعية بل تجده يقدم حظ نفسه وما تهواها على النصوص الشرعية يترك قال الله قال رسول الله فيحكم عقله ويكون بذلك قد قدم العقل على النقل وإن لم يقصد ذلك فتجده لما تكون بينه وبين إنسان صداقة خاصة فعندما تنتهي هذه العلاقة بأي سبب كان حتى آل أمرهما إلى أن يترك أحدهما الأخر فتجد أن حظ النفس يبدأ بالعمل فيأتي أحدهما فيقوم بالتحذير من أفعال صديقه أو ينتقدها ولا يسميه ويكثر منه ذلك حتى يصل الأمر إلى أن يسميه باسمه ولو وقف الأمر إلى عدم تسميته لكان أهون شرا ولكن المشكلة أن يصبغ كلامه في صديقه بصبغة شرعية فإما يأتي لك بقالب التحذير وهنا خلط بين معاملة الموافق له على المنهج والمخالف فالرجل الذي لا تعرفه وتسأل عن منهجه فأي شيء تعرفه عنه ستقوله وتبين ما عليه من حال فيضع في ذهنه أن هذا الأمر كذلك في شأن من يسأله عن صحبة شخص من الأشخاص إذا سألت عنه لا بد في نظره أن يبين مساوئ هذا الرجل وأن فيه كذا وكذا وينسى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ستر المسلم وفي فضل ذلك أو يأتي بقالب النصيحة أن لا تصحب فلانا لأنني لا أريدك أن تجرب مثل تجربتي وما يدرك ؟ لعل الله يصلح على يد الصاحب الجديد حال من ترى أن فيه كذا وكذا من المساوئ التي تراها عليه فيذكره في الله ويأمره وينهاه وإن لم ينفع معه التذكير فسيترك صحبته كما تركت أنت صحبته فلو لم يصبغ خلافه الشخصي بصبغة شرعية في الكلام على صديقه لافتضح أمره وعلم مراده ولكن سبحان الله كثير من الإخوة إلا من رحم الله هكذا يفعلون وبئس ما يفعلون والله المستعان ) ليس كل سلفي يلزم أنك تؤانسه بمعنى أنك تجالسه في مجالسك الخاصة أو نزولاتك أو ما أشبه ذلك لا ما يلزم قد يكون سلفيا من خيرة الناس وأنت ترى في شخصيته أنه ما يتراكب مع مزاجك هذه قضية أخرى الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف تختلف الطبائع تختلف الأمزجة تختلف الشخصيات تختلف الألسن لكن الشيء المشترك بين المؤمنين هو الدين هو الإيمان ففي مطالب الإيمان والدين هو أخوك تناصره ظاهرا وباطنا تدعوا له بظهر الغيب لكن في مطالب الحياة ومطالب مجالس اللهو ومجالس النزهات وما أشبه ذلك هذا أمر آخر باب آخر فرق بين الأمرين تماما يجب أن يفرق بين الأمرين لا يلزم أن يكون سلفيا وأن يكون على السنة أن يكون مؤانسا لك في كل شيء لا ما هو صحيح الذي يجمع المؤمنين كلهم المجتمع كله يجمعه الإيمان والدين ثم بعد ذلك تفرق بينه الطباع والعلاقات والمسؤوليات وغير ذلك فهذا أمر ينبغي أن يتنبه له وأن يستأصل مدخل الشيطان منه هذا أمر مهم لا بد للمؤمنين والمسلمين أن يكونوا على اعتقاد واحد وعلى حب في الله ولقد كان من هدي سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى أنهم يدعوا بعضهم لبعض في ظهر الغيب الإمام أحمد يقول عن الشافعي أنه أحد ستة يدعوا لهم في ظهر الغيب والنبي صلى الله عليه وسلم شرع لنا أنك إذا دعوت لأخيك بظهر الغيب يوكل الله عز وجل ملكا يقول لك مثله يعني أنت تدعوا لأخيك والملك يؤمن لك بمثله باب عظيم يعني لو أردت أن تتحرى إجابة الدعاء تدعوا لأخيك بما تشتهي لنفسك فلا بد أن يدعوا بعضنا لبعض لا بد أن نعرف أن الذي جمعنا هو حب الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس شيئا آخر لا إرادة للعلو في الأرض ولا إرادة لأي شيء إلا لأن يخلص الدين لله عز وجل وأن يرضى عنا الله جل وعلا فيجب أن نأخذ بالأسباب التي تؤدي بنا إلى هذا المطلب ...
فأقول في نهاية الموضوع مالي إلا أن أعزي نفسي بكلام يحيى بن معين رحمه الله فقد قال : ( ما رأيت على رجل خطأ إلا سترته وأحببت أن أزين أمره وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه فإن قبل ذلك وإلا تركته ) سير أعلام النبلاء (11/83)