كلمة حق أريد بها باطل [ الدعوة السلفية تفرق ]
بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الأخيار الأطهار وعلى وصحبه الأبرار وعلى من والاهإلى يوم الديندار القرار .
أما بعد:
فهذا سؤال قدم لفضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله فأجاب عليه بما ستراه –إن شاء الله – أنزله الأخ أبو أنس أحمدبن مصطفى الورفلي وفقه الله في منتديات الإمام الآجري المنبر العام تحت عنوان :
[ الجواب على الشبهة التي تقول بأن السلفية تفرق ] ولما رأيت أن هذه الشبهة يتبهاها الحزبيون المميعون للدين ،ويتهمون بها السلفيين ، ورأيت أن في جزاب الشيخ اختصارا أحببت أن أضيف إلى جوابه شدا لأزره ، وتقوية لعضده ، وفتا في عضد من يرفع شعار هذه الشبهة وهذا الاتهام الباطل والرأي العاطل ، وهو غير عاقل ، في هذا الكلمة الحقة التي يريدون بها الباطل .وسميتها بما قصدت منها : كلمة حق أريد بها باطل { السلفية تفرق } كبرت كلمة تخرج من أفواهمم إن يقولون إلا كذبا ، فعلقت عليها في المنتدى المشاؤ إليه آنفا بكلمة قصيرة ،ولكن لما رأيت ان هذه الشبهة قوية عدت وعلقت عليها بما يقطع دابرها إن شاء الله .
السؤال الأول : فصيلة الشيخ ما الجواب على الشبهة التي تقولبأن السلفية تفرق؟
الجواب :أقول هذه المقولةناشئةٌعن أحد شيئين : إمَّاسوء القصد، وإماسوء الفهم؛ وسوء الفهم بمعنى الخطأ أمرُه سهل؛ لأنَّ مَن فهمفهمـًا سيِّئا وكان قصدُه الحق إذا استبان له الأمر قَبِل، إذا بُيِّن له الحقبدليلِه يقبل .
وأماسوء القصد ـ وهو في الحقيقةالهوى والتعصب والعمىعن كل مايخالف مشربَه ـ فهذا ـ في الغالب ـ ليس فيه حيلة، وقلَّ من يهتدي من أصحاب هذاالمسلك؛ فالقوم إما أصحاب أهواء وأصحاب بدع ورأوا أنَّ المنهج السلفي يكشفُ عوارهموزيفَهم ويُجِلِّي حقيقة غِشِّهِم وخداعهم للناس في ادعائهم كذبا أنهم دعاة إلىالله ـ وليسوا كذلك ـ .
وإماأنهم يجهلون المنهج السلفي فهؤلاء ندعوهم إلى العلم، كما قال صلى الله عليه وسلم : ))من يرد الله به خيرا يفقه في الدين((.
منقول منكتاب :
أصول و قواعد في المنهج السلفىفضيلةالشيخ عبيد بن عبدالله بنسليمان الجابري
إلى هنا ينتهي جواب الشيخ حفظه الله ، وهذا تعليقي عليه
بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاهإلى يوم الدين .
السلام عليكم ورحمة الله .
اما بعد :
جزاك الله خيرا يا أخيأبا أنس على هذا النقل الطيب ، وبارك الله في الشيخ عبيد على هذا التفصيل والتأصيل الجيد،ولكنني رأيت أن في جوابه- حفظه الله - بعض النقص ربما غاب عن الشيخ أثناء رده على السؤال ، فأحببتأن أتممه للفائدة ، وليس هذا إعرتاضا على الشيخ حفظه الله أو تنقيصا له حاشا ، فلستبذاك، ولكن من أجل أن تتضح الرؤية لأبنائنا وندحض بذلك شبهتهم هذه .
فأقول وبالله تعالى استعين : هذا الجملة {السلفية تفرق } هي كلمة حق عند أهل الحق ، يستدل بها أهل الأهواء والباطل علىباطلهم ،وتمييعهم ، فهي إذا { كلمة حق أريد بها باطل ...}
فالسلفية تفرق حقا ،ولكن بين الحق والباطل ، فهي الفيصل بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ، وإمامالسلفيين ، ورسول رب العالمين جاء ليفرق بين الحق والباطل ، فمن اسمائه صلى اللهعليه وسلم الثابتة عنه اسمه [[ المفرق ]] وذكر البخاري في كتاب الاعتصام أن محمدا فرقٌ بين الحق والباطل ، أي فرق بين الشرك والتوحيد، والحق والباطل وأتباعه يفرقون كما فرق إمامهم بين الشرك والتوحيد وبين الكفر و الإيمان ،وبينالحق والباطل، وبين السنة والبدعة، وبين الكرامة والدجل، وبين التمييع والاعتدال، وهكذا.. فالسلفيونلتمسكهم بالفرقان وباسم المفرق ومنهجه جملة وتفصيلا يفرقون بين أهل الأهواء
وأهل السنة ،يفرقون بين المناهج الضالة –وما أكثرها – وبين منهج الطائفة المنصورة الرضية أتباع الفرقة الناجية ، ويفرقون بين علماء الخلف ، وعلماء السلف .
وأهلالبدع على خلاف ذلك يتباكون على توحيد الأمة ، وهم من كانوا سببا في تفريقها وتمزيقها أشتاتا وعزين ، فتكتلوا أحزابا وجماعات ،وخالفوا منهج الحق واختلفواعليه، ويريدون أن يوحدوا المسلمين على الأهواء والحزبيات بالعواطف والعصبيات ،وهي لا شك تجمع ولكن سرعان ما تعصفبها الأهواء والعواصف . كالقائم على شفا جرف هار يكاد أن ينهار به في مهاوي الضلالة ،نسأل الله السلامة لنا ولأخواننا السلفيين .
وليعلموا أن دعوة النبي – صلى الله عليه و سلم – و أصحابه قائمة على الفرقان ، قال تعالى : " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً " و من أسماء القرآن الفرقان ، و من أسماء النبي – صلى الله عليه و سلم – المفرق ومن أوصافه الفارق ، فالتفريق بين الحق و الباطل من أساس الدين و أصله ، و صفات أهل الحق أنهم مفرقة بين الحق و الباطل ، و هم مميزة يسعون إلى تمييز الحق عن الباطل ، و هذا مستمد من قول
النبي – صلى الله عليه و سلم – في الأصحاب الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : << رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه>>. رواه البخاري ومسلم.
فالتقوى سبيل اجتماع أصحاب المنهج الحق و التقائهم ، و التقوى سبيل للاختلاف مع أصحاب المناهج الباطلة قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً " فالمؤمن يكون عنده فرقان يفرق به بين أصحاب المناهج المنحرفة والأقوال الباطلة و بين أصحاب منهج الحق أصحاب المنهج الأوحد و الصراط المستقيم ، و هكذا نطق أصحاب النبي – صلى الله عليه و سلم – بذلك حيث قال المقداد بن الأسود عن النبي – صلى الله عليه و سلم – : أنه جاء بفرقان فرق به بين الحق و الباطل و فرق بين الوالد وولده " أخرجه الإمام أحمد و صححه الشيخ الألباني .
فالعالم والداعيالسني السلفي يعلم تلامذته وطلابه الفرقان و يجعلهم مفرقة بين الحق و الباطل كما علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأتباعه ذلك ففرق بهم بين الأب والإبن ، والأخ وأخيه ،بالحق وفي الحق .
أما العالم الخلفي البدعي الغاش الذي يجعل مادته تشارك في جلها - أقول جلها لا كلها - أصحاب الدعوات الباطلة من الحزبيات المميعة ، والمتطرفة ،و يتوافق ما يطرحه مع ما يطرحه مشايخ الجماعات المتحزبة الفكرية السياسية الإسلامية ، هذا الشيخ الغاش قد أطفأ نور الفرقان الذي قال الحق سبحانه فيه : {{ و كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان و لكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا}}.
وأصل الفرقان التفريق بين الشيئين والفصل بينهما بإظهار الحجة القاطعة والبرهان الساطع والانتصار للحق ، والتجرد من حظوظ النفس ، ولذلك كانت أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها - تعظم الفرقان لعظمه – فتقول : " و الذي أنزل الفرقان على محمد " أخرجه الإمام أحمد و صححه الشيخ الألباني .
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله فيما صنفه بقلعة دمشق أخيرا في رسالته الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: فصل في الفرقان بين الحق والباطل وأن الله بين ذلك بكتابه ونبيه فمن كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله ونبيه الذي أرسله كان أعظم فرقانا، ومن كان أبعد عن اتباع الكتاب والرسول ،كان أبعد عن الفرقان واشتبه عليه الحق بالباطل كالذين اشتبه عليهم عبادة الرحمن بعبادة الشيطان، والنبي الصادق بالمتنبئ الكاذب،وآيات النبيين بشبهات الكذابين حتى اشتبه عليهم الخالق بالمخلوق فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا بالهدى ودين الحق ; ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ففرق به بين الحق والباطل، والهدى والضلال ،والرشاد والغي، والصدق والكذب والعلم والجهل ،والمعروف والمنكر، وطريق أولياء الله السعداء، وأعداء الله الأشقياء ، وبين ما عليه الناس من الاختلاف وكذلك النبيون قبله قال الله تعالى : {{ كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله
الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}} وقال تعالى : {{ تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم }}وقال: {{ وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون }} وقال سبحانه وتعالى : {{ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا }} وقال تعالى : {{ الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان}}. قلت : أبعد هذه الآيات يقال للمتمسك بها مفرق بالباطل؟ تالله أنها لإحدى الكبر ...
قال جماهير المفسرين : هو القرآن . روى ابن أبي حاتم بإسناده عن الربيع بن أنس قال : هو الفرقان فرق بين الحق والباطل . قال : وروي عن عطاء ومجاهد ومقسم وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك وروي بإسناده عن شيبان عن قتادة في قوله: { وأنزل الفرقان }
قال : هو القرآن الذي أنزله الله على محمد ففرق به بين الحق والباطل وبين فيه دينه وشرع فيه شرائعه وأحل حلاله وحرم حرامه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته وعن عباد بن منصور سألت الحسن عن قوله تعالى { وأنزل الفرقان }قال: هو كتاب بحق. و" الفرقان" مصدر فرق فرقانا مثل الرجحان والكفران والخسران.
والمقصود هنا أن لفظ " الفرقان " إذا أريد به المصدر كان المراد أنه أنزل الفصل والفرق بين الحق والباطل وهذا منزل في الكتاب فإن في الكتاب الفصل , وإنزال الفرق هو إنزال الفارق . وإن أريد بالفرقان ما يفرق فهو الفارق أيضا فهما في المعنى سواء وإن أريد بالفرقان نفس المصدر فيكون إنزاله كإنزال الإيمان وإنزال العدل فإنه جعل في القلوب التفريق بين الحق والباطل بالقرآن كما جعل فيها الإيمان والعدل، وهو سبحانه وتعالى أنزل الكتاب والميزان ،والميزان قد فسر بالعدل وفسر بأنه ما يوزن به ليعرف العدل وهو كالفرقان يفسر بالفرق ويفسر بما يحصل به الفرق وهما متلازمان ; فإذا أريد الفرق نفسه فهو نتيجة الكتاب وثمرته ومقتضاه، وإذا أريد الفارق فالكتاب نفسه هو الفارق ويكون له اسمان كل اسم يدل على صفة ليست هي الصفة الأخرى .سمي كتابا باعتبار أنه مجموع مكتوب تحفظ حروفه ويقرأ ويكتب وسمي فرقانا باعتبار أنه يفرق بين الحق والباطل كما تقدم كما سمي هدى باعتبار أنه يهدي إلى الحق وشفاء باعتبار أنه يشفي القلوب من مرض الشبهات
والشهوات ونحو ذلك من أسمائه . وكذلك أسماء " الرسول " كالمقفي والماحي والحاشر . وكذلك " أسماء الله الحسنى " كالرحمن والرحيم والملك والحكيم ونحو ذلك .
وقال : { وأنزل الفرقان } جاء بلفظ الإنزال ; فلهذا شاع بينهم أن القرآن والبرهان يحصل بالعلم والبيان كما حصل بالقرآن ويحصل بالنظر والتمييز بين أهل الحق والباطل بأن ينجي هؤلاء وينصرهم ويعذب هؤلاء فيكون قد فرق بين الطائفتين كما يفرق المفرق بين أولياء الله وأعدائه بالإحسان إلى هؤلاء وعقوبة هؤلاء . [وهذا كقوله في القرآن في قوله : {{ إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير }} قال الوالبي عن ابن عباس { يوم الفرقان } يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل . قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد ومقسم وعبيد الله بن عبد الله والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك ; وبذلك فسر أكثرهم {{ إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }} كما في قوله : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } أي : من كل ما ضاق على الناس.قال الوالبي عن ابن عباس في قوله : { إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } أي مخرجا قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان كذلك غير أن مجاهدا قال مخرجا في الدنيا والآخرة وروي عن الضحاك عن ابن عباس قال نصرا قال : وفي آخر قول ابن عباس والسدي نجاة.
وعن عروة بن الزبير { يجعل لكم فرقانا } أي : فصلا بين الحق والباطل يظهر الله به حقكم ويطفئ به باطل من خالفكم، وذكر البغوي عن مقاتل بن حيان قال :مخرجا في الدنيا من الشبهات. والفرقان المذكور في قوله : { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان } قد ذكر عن ابن زيد أنه قال: هدى في قلوبهم يعرفون به الحق من الباطل ونوعا الفرقان فرقان الهدى والبيان والنصر والنجاة هما نوعا " الظهور "
فمن الفرقان ما نعته الله به في قوله {{ الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم }} ففرق بين المعروف والمنكر، أمر بهذا ونهى عن هذا، وبين الطيب والخبيث أحل هذا وحرم هذا .
ومن " الفرقان " أنه فرق بين أهل الحق المهتدين المؤمنين المصلحين أهل الحسنات وبين أهل الباطل والكفار الضالين المفسدين أهل السيئات قال تعالى: {{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون }}وقال تعالى : {{ أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار }} وقال تعالى : {{ أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون }} أفلا تعقلون ؟ وقال تعالى : {{ مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون }} وقال تعالى : { أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما
يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب }} وقال تعالى : {{ وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور }} وقال تعالى : {{ أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها }}قلت : سبحان الله هل يستويان مثلا؟
وقال تعالى : {{ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون }} فهو سبحانه بين الفرق بين أشخاص أهل الطاعة لله والرسول والمعصية لله والرسول كما بين الفرق بين ما أمر به وبين ما نهى عنه .
فهل تقولون أن هذه القرآن فرق بين الناس ، أم تقولون إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم بالتفريق بين الناس بالحق وليس بالباطل ؟
فيا قوم من الذين يوصفون بأنهم فرقوا الأمة ، الذين تحزبوا وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ، الذين ميعوا الدين ،ولم ينقادوا لفرقان رب العالمين ،وما جاء به سيد المرسلين ،الذين جعلوا الطواف بالقبور ودعاء المقبورين ليس بشرك ، والتوسل لله بالمخلوق كذلك ، وتعاطي السحر والشعوذة والدجل كرامات ، والدعوة إلى وحدة الأديان التي يدعوا أصحابها إلى طمس الإسلام ،والحكم للشعب وللأغلبية ، والإسلام الشورقراطي والأسلام الديمقراطي ، والولاء والبراء صداقة مع عباد الصليب ، ودعوة الأنبياء فيها الجفاء ، والتوحيد دعوة إلى نبش القبور وإلى ما لا يصلح لهذا العصر ، والدخول في البرلمانات والخوض في نفاق السياسة والكذب وزبالة البشر في التشريع ، وتحليل االغناء والموسيقى ، والتلفزيون وما فيه من فساد عريض ،والقنوات الفضائية وما فيها من سموم وفضائح ، والتبرج والسفور ، والاختلاط بلا حدود ،والطعن في أهل الحق المتمسكين بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح ، الذين يدعون لأحياء ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ،ولمزهم وغمزهم وبث الفرقة بينهم ووسمهم بشتى الألقاب المنفرة منهم وغير... هذا مما يبيحه مشايخ ودعاة القوم من الجماعات الإسلامية أهؤلاء هم المفرقون ،أم الذين يعرفون بالعلم كتابا وسنة وعلى فهم سلف الأمة ، والدعوة إلى إصلاح الأمة على ما صلح عليه أمرها الأول ،ويدافعون عن السنة ، ويذوذون عن حياضها ، ويردون البدع التي تنخر في جسم هذا الدين كما ينخر السوس في الخشب وينادون بملء أفوافهم الرجوع ، الرجوع للدين والوقوف عند حدود الله والاعتصام بحبله ، ويصلحون ما أفسد الناس من التوحيد والسنة ، وهم غرباء بين أهاليهم وإخوانيهم المؤمنين فضلا عن غربتهم بين المسلمين، فضلا عن غربتهم بين ملل الكفر ،وهم القابضون على الجمر النزاع من القبائل الصالحون المصلحون والقائمون على الحق الراحمون للخلق ،الذين يدعون إلى التوحيد الذي وحد الله به أول هذه الأمة ،وينبذون التفرق والتحزب ممتثلين أمر الله تعالى :{{ واعتصوموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم اعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا }} متصفين بقول النبي صلى الله عليه وسلم :<< مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ..>> متفق عليه .فالسني السلفي المؤمن الحق هو مؤلأفة يألف ويؤلف ، غر كريم بين إخوانه، كيس فطن ، يميز بين الحق والباطل ،ويفرق بين السنة والبدعة ،وبين السم والعسل ، ، لايدس السم في العسل ، يغش به أمة محمد فشتان بين التفريقين كماهو الوصف للفريقين ، فمن يفرق بين الحق والباطل ،والسنة والبدعة ،وأهل الفسق وأهل الطاعة ، وأهل العدالة ، وأهل الجرح والرذالة ، وبين من يفرق بين المؤمنين بالحزبية والعصبية والطرقية، والنعرات الجاهلية ، والبدع ،النزع ، بالتطرف أحيانا وأخرى بالتميع .فقارن بين الفريقين في هذا الحديث لتعلم الفرق بين التفريقين .وانصف نفسك حتى لاتكن من الهالكين ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال صلى الله عليه وسلم :
<< إن أحبكم إلي ، أحاسنكم أخلاقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون ، وإن أبغضكم إلي ؛ المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ؛ الملتمسون للبرآء العيب >>.
صحيح الترغيب للشيخالألباني– [ح 2658] وقال حسن لغيره، وسلسلة الأحاديث الصحيحة [ 2/378].
فمن من الفريقين كان أكثر اتباعاً و تمسكاً بما كان عليه أصحاب النبي – صلى الله عليه و سلم – كان أعظم فرقاناً ، ففرق بين الحق والباطل ، وبين الوسطية والعدل من طرفي النقيض ، ومن كان منهما أبعد عن اتباع منهج الكتاب والسنة وفهم الصحابة كان أبعد عن الفرقان وتداخل عليه وعلى اتباعه نور الحق بظلمة الباطل ، فتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً.
فأسأل الله العلي العظيم أن يوفق علماءنا ومشايخنا وإخواننا السلفيين على إظهار الفرقان بين الحق و الباطل و يسددهم في ذلك، ويثبتنا وإياهم على عليه إلى يوم تبلى السرائر ويظهر أولياء الرحمن ومن أولياء الشيطان ،ويقال كل يتبع من كان له متبوعا ، والحمد لله رب العالمين على توفيقه ، والصلاة والصلام على نبيه وعلى آله وصحبه .
بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الأخيار الأطهار وعلى وصحبه الأبرار وعلى من والاهإلى يوم الديندار القرار .
أما بعد:
فهذا سؤال قدم لفضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله فأجاب عليه بما ستراه –إن شاء الله – أنزله الأخ أبو أنس أحمدبن مصطفى الورفلي وفقه الله في منتديات الإمام الآجري المنبر العام تحت عنوان :
[ الجواب على الشبهة التي تقول بأن السلفية تفرق ] ولما رأيت أن هذه الشبهة يتبهاها الحزبيون المميعون للدين ،ويتهمون بها السلفيين ، ورأيت أن في جزاب الشيخ اختصارا أحببت أن أضيف إلى جوابه شدا لأزره ، وتقوية لعضده ، وفتا في عضد من يرفع شعار هذه الشبهة وهذا الاتهام الباطل والرأي العاطل ، وهو غير عاقل ، في هذا الكلمة الحقة التي يريدون بها الباطل .وسميتها بما قصدت منها : كلمة حق أريد بها باطل { السلفية تفرق } كبرت كلمة تخرج من أفواهمم إن يقولون إلا كذبا ، فعلقت عليها في المنتدى المشاؤ إليه آنفا بكلمة قصيرة ،ولكن لما رأيت ان هذه الشبهة قوية عدت وعلقت عليها بما يقطع دابرها إن شاء الله .
السؤال الأول : فصيلة الشيخ ما الجواب على الشبهة التي تقولبأن السلفية تفرق؟
الجواب :أقول هذه المقولةناشئةٌعن أحد شيئين : إمَّاسوء القصد، وإماسوء الفهم؛ وسوء الفهم بمعنى الخطأ أمرُه سهل؛ لأنَّ مَن فهمفهمـًا سيِّئا وكان قصدُه الحق إذا استبان له الأمر قَبِل، إذا بُيِّن له الحقبدليلِه يقبل .
وأماسوء القصد ـ وهو في الحقيقةالهوى والتعصب والعمىعن كل مايخالف مشربَه ـ فهذا ـ في الغالب ـ ليس فيه حيلة، وقلَّ من يهتدي من أصحاب هذاالمسلك؛ فالقوم إما أصحاب أهواء وأصحاب بدع ورأوا أنَّ المنهج السلفي يكشفُ عوارهموزيفَهم ويُجِلِّي حقيقة غِشِّهِم وخداعهم للناس في ادعائهم كذبا أنهم دعاة إلىالله ـ وليسوا كذلك ـ .
وإماأنهم يجهلون المنهج السلفي فهؤلاء ندعوهم إلى العلم، كما قال صلى الله عليه وسلم : ))من يرد الله به خيرا يفقه في الدين((.
منقول منكتاب :
أصول و قواعد في المنهج السلفىفضيلةالشيخ عبيد بن عبدالله بنسليمان الجابري
إلى هنا ينتهي جواب الشيخ حفظه الله ، وهذا تعليقي عليه
بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاهإلى يوم الدين .
السلام عليكم ورحمة الله .
اما بعد :
جزاك الله خيرا يا أخيأبا أنس على هذا النقل الطيب ، وبارك الله في الشيخ عبيد على هذا التفصيل والتأصيل الجيد،ولكنني رأيت أن في جوابه- حفظه الله - بعض النقص ربما غاب عن الشيخ أثناء رده على السؤال ، فأحببتأن أتممه للفائدة ، وليس هذا إعرتاضا على الشيخ حفظه الله أو تنقيصا له حاشا ، فلستبذاك، ولكن من أجل أن تتضح الرؤية لأبنائنا وندحض بذلك شبهتهم هذه .
فأقول وبالله تعالى استعين : هذا الجملة {السلفية تفرق } هي كلمة حق عند أهل الحق ، يستدل بها أهل الأهواء والباطل علىباطلهم ،وتمييعهم ، فهي إذا { كلمة حق أريد بها باطل ...}
فالسلفية تفرق حقا ،ولكن بين الحق والباطل ، فهي الفيصل بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ، وإمامالسلفيين ، ورسول رب العالمين جاء ليفرق بين الحق والباطل ، فمن اسمائه صلى اللهعليه وسلم الثابتة عنه اسمه [[ المفرق ]] وذكر البخاري في كتاب الاعتصام أن محمدا فرقٌ بين الحق والباطل ، أي فرق بين الشرك والتوحيد، والحق والباطل وأتباعه يفرقون كما فرق إمامهم بين الشرك والتوحيد وبين الكفر و الإيمان ،وبينالحق والباطل، وبين السنة والبدعة، وبين الكرامة والدجل، وبين التمييع والاعتدال، وهكذا.. فالسلفيونلتمسكهم بالفرقان وباسم المفرق ومنهجه جملة وتفصيلا يفرقون بين أهل الأهواء
وأهل السنة ،يفرقون بين المناهج الضالة –وما أكثرها – وبين منهج الطائفة المنصورة الرضية أتباع الفرقة الناجية ، ويفرقون بين علماء الخلف ، وعلماء السلف .
وأهلالبدع على خلاف ذلك يتباكون على توحيد الأمة ، وهم من كانوا سببا في تفريقها وتمزيقها أشتاتا وعزين ، فتكتلوا أحزابا وجماعات ،وخالفوا منهج الحق واختلفواعليه، ويريدون أن يوحدوا المسلمين على الأهواء والحزبيات بالعواطف والعصبيات ،وهي لا شك تجمع ولكن سرعان ما تعصفبها الأهواء والعواصف . كالقائم على شفا جرف هار يكاد أن ينهار به في مهاوي الضلالة ،نسأل الله السلامة لنا ولأخواننا السلفيين .
وليعلموا أن دعوة النبي – صلى الله عليه و سلم – و أصحابه قائمة على الفرقان ، قال تعالى : " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً " و من أسماء القرآن الفرقان ، و من أسماء النبي – صلى الله عليه و سلم – المفرق ومن أوصافه الفارق ، فالتفريق بين الحق و الباطل من أساس الدين و أصله ، و صفات أهل الحق أنهم مفرقة بين الحق و الباطل ، و هم مميزة يسعون إلى تمييز الحق عن الباطل ، و هذا مستمد من قول
النبي – صلى الله عليه و سلم – في الأصحاب الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : << رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه>>. رواه البخاري ومسلم.
فالتقوى سبيل اجتماع أصحاب المنهج الحق و التقائهم ، و التقوى سبيل للاختلاف مع أصحاب المناهج الباطلة قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً " فالمؤمن يكون عنده فرقان يفرق به بين أصحاب المناهج المنحرفة والأقوال الباطلة و بين أصحاب منهج الحق أصحاب المنهج الأوحد و الصراط المستقيم ، و هكذا نطق أصحاب النبي – صلى الله عليه و سلم – بذلك حيث قال المقداد بن الأسود عن النبي – صلى الله عليه و سلم – : أنه جاء بفرقان فرق به بين الحق و الباطل و فرق بين الوالد وولده " أخرجه الإمام أحمد و صححه الشيخ الألباني .
فالعالم والداعيالسني السلفي يعلم تلامذته وطلابه الفرقان و يجعلهم مفرقة بين الحق و الباطل كما علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأتباعه ذلك ففرق بهم بين الأب والإبن ، والأخ وأخيه ،بالحق وفي الحق .
أما العالم الخلفي البدعي الغاش الذي يجعل مادته تشارك في جلها - أقول جلها لا كلها - أصحاب الدعوات الباطلة من الحزبيات المميعة ، والمتطرفة ،و يتوافق ما يطرحه مع ما يطرحه مشايخ الجماعات المتحزبة الفكرية السياسية الإسلامية ، هذا الشيخ الغاش قد أطفأ نور الفرقان الذي قال الحق سبحانه فيه : {{ و كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان و لكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا}}.
وأصل الفرقان التفريق بين الشيئين والفصل بينهما بإظهار الحجة القاطعة والبرهان الساطع والانتصار للحق ، والتجرد من حظوظ النفس ، ولذلك كانت أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها - تعظم الفرقان لعظمه – فتقول : " و الذي أنزل الفرقان على محمد " أخرجه الإمام أحمد و صححه الشيخ الألباني .
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله فيما صنفه بقلعة دمشق أخيرا في رسالته الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: فصل في الفرقان بين الحق والباطل وأن الله بين ذلك بكتابه ونبيه فمن كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله ونبيه الذي أرسله كان أعظم فرقانا، ومن كان أبعد عن اتباع الكتاب والرسول ،كان أبعد عن الفرقان واشتبه عليه الحق بالباطل كالذين اشتبه عليهم عبادة الرحمن بعبادة الشيطان، والنبي الصادق بالمتنبئ الكاذب،وآيات النبيين بشبهات الكذابين حتى اشتبه عليهم الخالق بالمخلوق فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا بالهدى ودين الحق ; ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ففرق به بين الحق والباطل، والهدى والضلال ،والرشاد والغي، والصدق والكذب والعلم والجهل ،والمعروف والمنكر، وطريق أولياء الله السعداء، وأعداء الله الأشقياء ، وبين ما عليه الناس من الاختلاف وكذلك النبيون قبله قال الله تعالى : {{ كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله
الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}} وقال تعالى : {{ تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم }}وقال: {{ وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون }} وقال سبحانه وتعالى : {{ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا }} وقال تعالى : {{ الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان}}. قلت : أبعد هذه الآيات يقال للمتمسك بها مفرق بالباطل؟ تالله أنها لإحدى الكبر ...
قال جماهير المفسرين : هو القرآن . روى ابن أبي حاتم بإسناده عن الربيع بن أنس قال : هو الفرقان فرق بين الحق والباطل . قال : وروي عن عطاء ومجاهد ومقسم وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك وروي بإسناده عن شيبان عن قتادة في قوله: { وأنزل الفرقان }
قال : هو القرآن الذي أنزله الله على محمد ففرق به بين الحق والباطل وبين فيه دينه وشرع فيه شرائعه وأحل حلاله وحرم حرامه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته وعن عباد بن منصور سألت الحسن عن قوله تعالى { وأنزل الفرقان }قال: هو كتاب بحق. و" الفرقان" مصدر فرق فرقانا مثل الرجحان والكفران والخسران.
والمقصود هنا أن لفظ " الفرقان " إذا أريد به المصدر كان المراد أنه أنزل الفصل والفرق بين الحق والباطل وهذا منزل في الكتاب فإن في الكتاب الفصل , وإنزال الفرق هو إنزال الفارق . وإن أريد بالفرقان ما يفرق فهو الفارق أيضا فهما في المعنى سواء وإن أريد بالفرقان نفس المصدر فيكون إنزاله كإنزال الإيمان وإنزال العدل فإنه جعل في القلوب التفريق بين الحق والباطل بالقرآن كما جعل فيها الإيمان والعدل، وهو سبحانه وتعالى أنزل الكتاب والميزان ،والميزان قد فسر بالعدل وفسر بأنه ما يوزن به ليعرف العدل وهو كالفرقان يفسر بالفرق ويفسر بما يحصل به الفرق وهما متلازمان ; فإذا أريد الفرق نفسه فهو نتيجة الكتاب وثمرته ومقتضاه، وإذا أريد الفارق فالكتاب نفسه هو الفارق ويكون له اسمان كل اسم يدل على صفة ليست هي الصفة الأخرى .سمي كتابا باعتبار أنه مجموع مكتوب تحفظ حروفه ويقرأ ويكتب وسمي فرقانا باعتبار أنه يفرق بين الحق والباطل كما تقدم كما سمي هدى باعتبار أنه يهدي إلى الحق وشفاء باعتبار أنه يشفي القلوب من مرض الشبهات
والشهوات ونحو ذلك من أسمائه . وكذلك أسماء " الرسول " كالمقفي والماحي والحاشر . وكذلك " أسماء الله الحسنى " كالرحمن والرحيم والملك والحكيم ونحو ذلك .
وقال : { وأنزل الفرقان } جاء بلفظ الإنزال ; فلهذا شاع بينهم أن القرآن والبرهان يحصل بالعلم والبيان كما حصل بالقرآن ويحصل بالنظر والتمييز بين أهل الحق والباطل بأن ينجي هؤلاء وينصرهم ويعذب هؤلاء فيكون قد فرق بين الطائفتين كما يفرق المفرق بين أولياء الله وأعدائه بالإحسان إلى هؤلاء وعقوبة هؤلاء . [وهذا كقوله في القرآن في قوله : {{ إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير }} قال الوالبي عن ابن عباس { يوم الفرقان } يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل . قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد ومقسم وعبيد الله بن عبد الله والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك ; وبذلك فسر أكثرهم {{ إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }} كما في قوله : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } أي : من كل ما ضاق على الناس.قال الوالبي عن ابن عباس في قوله : { إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } أي مخرجا قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان كذلك غير أن مجاهدا قال مخرجا في الدنيا والآخرة وروي عن الضحاك عن ابن عباس قال نصرا قال : وفي آخر قول ابن عباس والسدي نجاة.
وعن عروة بن الزبير { يجعل لكم فرقانا } أي : فصلا بين الحق والباطل يظهر الله به حقكم ويطفئ به باطل من خالفكم، وذكر البغوي عن مقاتل بن حيان قال :مخرجا في الدنيا من الشبهات. والفرقان المذكور في قوله : { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان } قد ذكر عن ابن زيد أنه قال: هدى في قلوبهم يعرفون به الحق من الباطل ونوعا الفرقان فرقان الهدى والبيان والنصر والنجاة هما نوعا " الظهور "
فمن الفرقان ما نعته الله به في قوله {{ الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم }} ففرق بين المعروف والمنكر، أمر بهذا ونهى عن هذا، وبين الطيب والخبيث أحل هذا وحرم هذا .
ومن " الفرقان " أنه فرق بين أهل الحق المهتدين المؤمنين المصلحين أهل الحسنات وبين أهل الباطل والكفار الضالين المفسدين أهل السيئات قال تعالى: {{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون }}وقال تعالى : {{ أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار }} وقال تعالى : {{ أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون }} أفلا تعقلون ؟ وقال تعالى : {{ مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون }} وقال تعالى : { أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما
يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب }} وقال تعالى : {{ وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور }} وقال تعالى : {{ أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها }}قلت : سبحان الله هل يستويان مثلا؟
وقال تعالى : {{ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون }} فهو سبحانه بين الفرق بين أشخاص أهل الطاعة لله والرسول والمعصية لله والرسول كما بين الفرق بين ما أمر به وبين ما نهى عنه .
فهل تقولون أن هذه القرآن فرق بين الناس ، أم تقولون إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم بالتفريق بين الناس بالحق وليس بالباطل ؟
فيا قوم من الذين يوصفون بأنهم فرقوا الأمة ، الذين تحزبوا وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ، الذين ميعوا الدين ،ولم ينقادوا لفرقان رب العالمين ،وما جاء به سيد المرسلين ،الذين جعلوا الطواف بالقبور ودعاء المقبورين ليس بشرك ، والتوسل لله بالمخلوق كذلك ، وتعاطي السحر والشعوذة والدجل كرامات ، والدعوة إلى وحدة الأديان التي يدعوا أصحابها إلى طمس الإسلام ،والحكم للشعب وللأغلبية ، والإسلام الشورقراطي والأسلام الديمقراطي ، والولاء والبراء صداقة مع عباد الصليب ، ودعوة الأنبياء فيها الجفاء ، والتوحيد دعوة إلى نبش القبور وإلى ما لا يصلح لهذا العصر ، والدخول في البرلمانات والخوض في نفاق السياسة والكذب وزبالة البشر في التشريع ، وتحليل االغناء والموسيقى ، والتلفزيون وما فيه من فساد عريض ،والقنوات الفضائية وما فيها من سموم وفضائح ، والتبرج والسفور ، والاختلاط بلا حدود ،والطعن في أهل الحق المتمسكين بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح ، الذين يدعون لأحياء ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ،ولمزهم وغمزهم وبث الفرقة بينهم ووسمهم بشتى الألقاب المنفرة منهم وغير... هذا مما يبيحه مشايخ ودعاة القوم من الجماعات الإسلامية أهؤلاء هم المفرقون ،أم الذين يعرفون بالعلم كتابا وسنة وعلى فهم سلف الأمة ، والدعوة إلى إصلاح الأمة على ما صلح عليه أمرها الأول ،ويدافعون عن السنة ، ويذوذون عن حياضها ، ويردون البدع التي تنخر في جسم هذا الدين كما ينخر السوس في الخشب وينادون بملء أفوافهم الرجوع ، الرجوع للدين والوقوف عند حدود الله والاعتصام بحبله ، ويصلحون ما أفسد الناس من التوحيد والسنة ، وهم غرباء بين أهاليهم وإخوانيهم المؤمنين فضلا عن غربتهم بين المسلمين، فضلا عن غربتهم بين ملل الكفر ،وهم القابضون على الجمر النزاع من القبائل الصالحون المصلحون والقائمون على الحق الراحمون للخلق ،الذين يدعون إلى التوحيد الذي وحد الله به أول هذه الأمة ،وينبذون التفرق والتحزب ممتثلين أمر الله تعالى :{{ واعتصوموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم اعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا }} متصفين بقول النبي صلى الله عليه وسلم :<< مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ..>> متفق عليه .فالسني السلفي المؤمن الحق هو مؤلأفة يألف ويؤلف ، غر كريم بين إخوانه، كيس فطن ، يميز بين الحق والباطل ،ويفرق بين السنة والبدعة ،وبين السم والعسل ، ، لايدس السم في العسل ، يغش به أمة محمد فشتان بين التفريقين كماهو الوصف للفريقين ، فمن يفرق بين الحق والباطل ،والسنة والبدعة ،وأهل الفسق وأهل الطاعة ، وأهل العدالة ، وأهل الجرح والرذالة ، وبين من يفرق بين المؤمنين بالحزبية والعصبية والطرقية، والنعرات الجاهلية ، والبدع ،النزع ، بالتطرف أحيانا وأخرى بالتميع .فقارن بين الفريقين في هذا الحديث لتعلم الفرق بين التفريقين .وانصف نفسك حتى لاتكن من الهالكين ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال صلى الله عليه وسلم :
<< إن أحبكم إلي ، أحاسنكم أخلاقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون ، وإن أبغضكم إلي ؛ المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ؛ الملتمسون للبرآء العيب >>.
صحيح الترغيب للشيخالألباني– [ح 2658] وقال حسن لغيره، وسلسلة الأحاديث الصحيحة [ 2/378].
فمن من الفريقين كان أكثر اتباعاً و تمسكاً بما كان عليه أصحاب النبي – صلى الله عليه و سلم – كان أعظم فرقاناً ، ففرق بين الحق والباطل ، وبين الوسطية والعدل من طرفي النقيض ، ومن كان منهما أبعد عن اتباع منهج الكتاب والسنة وفهم الصحابة كان أبعد عن الفرقان وتداخل عليه وعلى اتباعه نور الحق بظلمة الباطل ، فتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً.
فأسأل الله العلي العظيم أن يوفق علماءنا ومشايخنا وإخواننا السلفيين على إظهار الفرقان بين الحق و الباطل و يسددهم في ذلك، ويثبتنا وإياهم على عليه إلى يوم تبلى السرائر ويظهر أولياء الرحمن ومن أولياء الشيطان ،ويقال كل يتبع من كان له متبوعا ، والحمد لله رب العالمين على توفيقه ، والصلاة والصلام على نبيه وعلى آله وصحبه .