بسم الله الرحمن الرحيم
التقوى لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(( يَاأَيها الذين آمَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمُون ))
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) .
(( يَا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعمالكم وَيَغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطع الله وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيما))
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة أما بعد
إنها لفرصة طيبة مباركة أن نلتقي
بإخواننا وأبنائنا في بيت من بيوت الله لنتذاكر هذا الأمر المهم الذي هو من أخطر الموضوعات وأهمها والذي ترى وتسمع كثيرا ما يدور على الألسن ولكنه قلما يلامس القلوب فالكلام كثير، كثير، وكثير جدا عن تقوى الله تبارك وتعالى يدور على الألسنة وما في القلوب يعلمه الله سبحانه وتعالى تلك القلوب التي تستكن فيها تقواه ومراقبته ، فمن كان منا يكثر الحديث عنها فليتق الله حقا وليباشرهذا الأمر, ينبغي هذا هو المطلوب . فأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الذين توافق أقوالهم أفعالهم وتطابق حقيقة أعمالهم ما يتفوهون به من الكلام ، والذي يضر بالمسلمين هو الثرثرة وكثرة الكلام ، ولكن المنتظر منهم العمل والصدق والإخلاص ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتقين .
موضوع التقوى موضوع عظيم هي كلمة جامعة تجمع كل أصول الإسلام وفروعه ، لأنها هي مثل الإيمان والإسلام والبر مثل هذه الألفاظ الجامعة الذي قد يقترب من غيره فيدل على معنى وفرض وقد يدل على معنى آخر وإلى الفرض شمل معناه ومعنى غيره فهذا اللفظ العظيم معناه القيام بكل أوامر الله تبارك وتعالى تقدير كل أخبار الله عز وجل ، إجتناب كل مناهي الله عز وجل ، وفي اللغة : التقوى هي أن تجعل بينك وبين ما تخشاه وتحذره وقاية تقيك من أذاه وضرره ، وتقوى الله تبارك وتعالى أن تجعل بينك وبين ما يسخطه وقاية ولا يكون ذلك إلا بالإيمان الصادق والعمل الصادق ، الإيمان الصادق والعمل الصالح هو الذي والله يقيك من سخط الله ويقيك غضبه ويقيك عذابه يوم القيامة ،وقد أمر الله تبارك وتعالى بتقواه في آيات كثيرة وأثنى على المتقين وأخبركثيرا عن جزاء المتقين، وعن ثمارتقواه عزوجل ومجال كهذا لا يتسع ، ولكن نستعرض ما منّه الله إياه من النصوص القرآنية والنبوية في هذا الموضوع فالله تبارك وتعالى كما سمعتم فيما تلوناه في هذه المقدمة (( يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته )) ما معنى تقوى الله حق تقاته فسّرها الإمام العظيم والصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود أحد فقهاء الصحابة بأن تقوى الله حق تقواه بأن يُطاع فلا يُعصى وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفر، أن يُطاع فلا يُعصى هذا حق تقواه عز وجل وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفرفلينظر كل واحد منا هل هذا حاله ؟ فإن كانت حاله أضعف ودون هذا المستوى في أي فترة من هذه الفترات فعليه أن يهرع إلى تحقيق تقوى الله عز وجل حق تقاته . نكمّل هذا اللفظ ، وعرّفت أو ننتقل ، إلى آية أخرى من الأوامر، وما سمعناه أيضا (( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا )) . (( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )) أمرهم سبحانه وتعالى بتقواه وحث هذا الأمر بهذه الأمور التي تهيل ذلكم الموقف الرهيب الذي يجب أن يتصوره المسلم ويستحضر تلك الوقائع والأحداث في ذلك اليوم الرهيب ، وكثيرا ما تذكر التقوى ويذكر ما يحث إليها سبحانه وتعالى (( يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )) يأمر الله تبارك وتعالى بهذا الأمر ثم يردفه بالأمر بتقوى الله تبارك وتعالى يأمرهم بالقسط ويؤكد هذا الأمر بالأمر بتقوى الله تبارك وتعالى، هل نحن قوامين بالقسط و شهداء لله الآن ؟ هل كثير منا من حملة العلم ومن طلاب العلم هل هم قائمون بهذا الأمرعلى الوجه الصحيح إذا كان هناك تقصير منا فالنرجع إلى الله تبارك وتعالى ونوطن أنفسنا على القيام بالقسط وعلى أن نكون شهداء لله الشهادة الصحيحة في العقائد وفي الأشخاص وفي الأفكاروفي الأقوال وفي المناهج ، لا نردد كلام الله تبارك وتعالى دون خجل ونردد كلمة تقوى الله عز وجل ثم يكون واقعنا بخلاف ذلك .
فإن كثيرا من الناس مع الأسف قد يحفظ هذه النصوص ولكن العمل في واد وهم في واد آخر فإياك أيها المسلم أن يصدق عليك قول الله : (( يأيها الذين ءامنوا لما تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون )) تقوى الله أمر عظيم والأوامر به كثيرة في القرآن الكريم ولا نستطيع استقصاءها . ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن ، وخطب رسول الله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع وأمر الناس بتقوى الله عز وجل وفي خطب كثيرة يأمر الناس بتقوى الله عز وجل كما في حديث أبي ذر" اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأطيعوا أمراءكم تدخلوا جنة ربكم " أوامر كثيرة في تقوى الله تبارك وتعالى وردت في القرآن وفي السنة . ننتقل منها إلى أوصاف المتقين فإن الله تبارك وتعالى وصف المتقين ، من هم ؟ ما هي العقائد والأعمال التي يقومون بها والتي يتصفون بها فعلا حتى يصدق عليهم أنهم متقون مستحقون لما وعد الله به المتقين, فلننظر في مثل هذه الأوصاف ومن كان منا فيه تقصير أو خلل في بعضها فليحاول قدرما يستطيع أن يستكمل هذه الأوصاف حتى يكون من المتقين مستحق لوعد الله عز وجل لهؤلاء المتقين ، قال الله تبارك وتعالى : (( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون )) فبين الله أن القرآن هذا الكتاب العظيم المهيمن على كل الرسالات لا يهتدي به إلا المتقون فننظر هل اهتدينا بهذا القرآن حق الإهتداء حتى نكون متقين في عقائدنا ، في عباداتنا في تصرفاتنا كلها في مواقفنا في ولائنا في برائنا في كل شئون حياتنا ؟هل اهتدينا بهذا القرآن حقا فنكون ممن يستحقوا هذه الشهادة من الله تبارك وتعالى لنا ، قد يكون عندنا شيء من هذا ، لضعف ، ضعف شديد فنحاول أن نستكمل هذه الأوصاف وأن نهتدي بكتاب الله حتى نستحق هذه الشهادة أننا على هدى وأننا مخلصون فعلا , الفلاح والفوز بالمطلوب الأعظم يعني الجنة ، ومرضاة الله تبارك وتعالى ورضا الله في الدنيا والآخرة ، وقال الله تبارك وتعالى لما اعترض اليهود والمنافقون ومن تأثر بهم ممن فيه ضعف من المسلمين لما حوّل الله القبلة إلى البيت الحرام بعد أن كانت إلى بيت المقدس وتحدث السفهاء : ((سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) ثم بعدها ما شاء الله قال (( ليس البر بأن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وءاتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وءاتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون )) أولئك صدقوا في دعوة الإيمان وأولئك هم المتقون ، يعني البر والتقوى هنا فالبرهي خصال التقوى , هي نهاية خصال التقوى , إيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وهذه أركان الإيمان التي إذا تخلف واحد منها فلا إيمان أبدا يضاف إلى هذا القدرالوارد في آيات كثيرة وفي أحاديث كثيرة ، يقول مكملا لهذه الخمس الأسس ، الأصول التي ذكرت في هذه الآيات ثم يضيف لها الأعمال من الإنفاق في سبيل الله ومنها الأعمال القلبية كالصبر والوفاء بالعهد فشملت هذه الآيات أركان الإيمان والإسلام وشملت العقائد ، شملت أعمال القلوب وأعمال الجوارح ولا يكون المرء من المتقين إلا إذا توفرت فيه هذه الصفات ،لا يكون من الصادقين في دعوة الإيمان ولا يكون من المتقين حقا إلا إذا رسخت هذه الأعمال في قلبه وانقادت لها جوارحه وامتلأ بها قلبه ورسخت في نفسه وقلبه يكون حينئذ صادقا لا تضره إن شاء الله فتنة مادامت السماوات والأرض ، نسأل الله أن يثبتنا على هذا الإيمان وهذه الأعمال الصادقة المزكية للنفوس .
تفريغ 20 دقيقة من شريط التقوى لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
4 صفر 1431هـ الموافق لـ 18 جانفي 2010 م
قسنطينة
الجزائر
التقوى لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(( يَاأَيها الذين آمَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمُون ))
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) .
(( يَا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعمالكم وَيَغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطع الله وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيما))
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة أما بعد
إنها لفرصة طيبة مباركة أن نلتقي
بإخواننا وأبنائنا في بيت من بيوت الله لنتذاكر هذا الأمر المهم الذي هو من أخطر الموضوعات وأهمها والذي ترى وتسمع كثيرا ما يدور على الألسن ولكنه قلما يلامس القلوب فالكلام كثير، كثير، وكثير جدا عن تقوى الله تبارك وتعالى يدور على الألسنة وما في القلوب يعلمه الله سبحانه وتعالى تلك القلوب التي تستكن فيها تقواه ومراقبته ، فمن كان منا يكثر الحديث عنها فليتق الله حقا وليباشرهذا الأمر, ينبغي هذا هو المطلوب . فأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الذين توافق أقوالهم أفعالهم وتطابق حقيقة أعمالهم ما يتفوهون به من الكلام ، والذي يضر بالمسلمين هو الثرثرة وكثرة الكلام ، ولكن المنتظر منهم العمل والصدق والإخلاص ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتقين .
موضوع التقوى موضوع عظيم هي كلمة جامعة تجمع كل أصول الإسلام وفروعه ، لأنها هي مثل الإيمان والإسلام والبر مثل هذه الألفاظ الجامعة الذي قد يقترب من غيره فيدل على معنى وفرض وقد يدل على معنى آخر وإلى الفرض شمل معناه ومعنى غيره فهذا اللفظ العظيم معناه القيام بكل أوامر الله تبارك وتعالى تقدير كل أخبار الله عز وجل ، إجتناب كل مناهي الله عز وجل ، وفي اللغة : التقوى هي أن تجعل بينك وبين ما تخشاه وتحذره وقاية تقيك من أذاه وضرره ، وتقوى الله تبارك وتعالى أن تجعل بينك وبين ما يسخطه وقاية ولا يكون ذلك إلا بالإيمان الصادق والعمل الصادق ، الإيمان الصادق والعمل الصالح هو الذي والله يقيك من سخط الله ويقيك غضبه ويقيك عذابه يوم القيامة ،وقد أمر الله تبارك وتعالى بتقواه في آيات كثيرة وأثنى على المتقين وأخبركثيرا عن جزاء المتقين، وعن ثمارتقواه عزوجل ومجال كهذا لا يتسع ، ولكن نستعرض ما منّه الله إياه من النصوص القرآنية والنبوية في هذا الموضوع فالله تبارك وتعالى كما سمعتم فيما تلوناه في هذه المقدمة (( يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته )) ما معنى تقوى الله حق تقاته فسّرها الإمام العظيم والصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود أحد فقهاء الصحابة بأن تقوى الله حق تقواه بأن يُطاع فلا يُعصى وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفر، أن يُطاع فلا يُعصى هذا حق تقواه عز وجل وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفرفلينظر كل واحد منا هل هذا حاله ؟ فإن كانت حاله أضعف ودون هذا المستوى في أي فترة من هذه الفترات فعليه أن يهرع إلى تحقيق تقوى الله عز وجل حق تقاته . نكمّل هذا اللفظ ، وعرّفت أو ننتقل ، إلى آية أخرى من الأوامر، وما سمعناه أيضا (( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا )) . (( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )) أمرهم سبحانه وتعالى بتقواه وحث هذا الأمر بهذه الأمور التي تهيل ذلكم الموقف الرهيب الذي يجب أن يتصوره المسلم ويستحضر تلك الوقائع والأحداث في ذلك اليوم الرهيب ، وكثيرا ما تذكر التقوى ويذكر ما يحث إليها سبحانه وتعالى (( يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )) يأمر الله تبارك وتعالى بهذا الأمر ثم يردفه بالأمر بتقوى الله تبارك وتعالى يأمرهم بالقسط ويؤكد هذا الأمر بالأمر بتقوى الله تبارك وتعالى، هل نحن قوامين بالقسط و شهداء لله الآن ؟ هل كثير منا من حملة العلم ومن طلاب العلم هل هم قائمون بهذا الأمرعلى الوجه الصحيح إذا كان هناك تقصير منا فالنرجع إلى الله تبارك وتعالى ونوطن أنفسنا على القيام بالقسط وعلى أن نكون شهداء لله الشهادة الصحيحة في العقائد وفي الأشخاص وفي الأفكاروفي الأقوال وفي المناهج ، لا نردد كلام الله تبارك وتعالى دون خجل ونردد كلمة تقوى الله عز وجل ثم يكون واقعنا بخلاف ذلك .
فإن كثيرا من الناس مع الأسف قد يحفظ هذه النصوص ولكن العمل في واد وهم في واد آخر فإياك أيها المسلم أن يصدق عليك قول الله : (( يأيها الذين ءامنوا لما تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون )) تقوى الله أمر عظيم والأوامر به كثيرة في القرآن الكريم ولا نستطيع استقصاءها . ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن ، وخطب رسول الله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع وأمر الناس بتقوى الله عز وجل وفي خطب كثيرة يأمر الناس بتقوى الله عز وجل كما في حديث أبي ذر" اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأطيعوا أمراءكم تدخلوا جنة ربكم " أوامر كثيرة في تقوى الله تبارك وتعالى وردت في القرآن وفي السنة . ننتقل منها إلى أوصاف المتقين فإن الله تبارك وتعالى وصف المتقين ، من هم ؟ ما هي العقائد والأعمال التي يقومون بها والتي يتصفون بها فعلا حتى يصدق عليهم أنهم متقون مستحقون لما وعد الله به المتقين, فلننظر في مثل هذه الأوصاف ومن كان منا فيه تقصير أو خلل في بعضها فليحاول قدرما يستطيع أن يستكمل هذه الأوصاف حتى يكون من المتقين مستحق لوعد الله عز وجل لهؤلاء المتقين ، قال الله تبارك وتعالى : (( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون )) فبين الله أن القرآن هذا الكتاب العظيم المهيمن على كل الرسالات لا يهتدي به إلا المتقون فننظر هل اهتدينا بهذا القرآن حق الإهتداء حتى نكون متقين في عقائدنا ، في عباداتنا في تصرفاتنا كلها في مواقفنا في ولائنا في برائنا في كل شئون حياتنا ؟هل اهتدينا بهذا القرآن حقا فنكون ممن يستحقوا هذه الشهادة من الله تبارك وتعالى لنا ، قد يكون عندنا شيء من هذا ، لضعف ، ضعف شديد فنحاول أن نستكمل هذه الأوصاف وأن نهتدي بكتاب الله حتى نستحق هذه الشهادة أننا على هدى وأننا مخلصون فعلا , الفلاح والفوز بالمطلوب الأعظم يعني الجنة ، ومرضاة الله تبارك وتعالى ورضا الله في الدنيا والآخرة ، وقال الله تبارك وتعالى لما اعترض اليهود والمنافقون ومن تأثر بهم ممن فيه ضعف من المسلمين لما حوّل الله القبلة إلى البيت الحرام بعد أن كانت إلى بيت المقدس وتحدث السفهاء : ((سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) ثم بعدها ما شاء الله قال (( ليس البر بأن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وءاتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وءاتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون )) أولئك صدقوا في دعوة الإيمان وأولئك هم المتقون ، يعني البر والتقوى هنا فالبرهي خصال التقوى , هي نهاية خصال التقوى , إيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وهذه أركان الإيمان التي إذا تخلف واحد منها فلا إيمان أبدا يضاف إلى هذا القدرالوارد في آيات كثيرة وفي أحاديث كثيرة ، يقول مكملا لهذه الخمس الأسس ، الأصول التي ذكرت في هذه الآيات ثم يضيف لها الأعمال من الإنفاق في سبيل الله ومنها الأعمال القلبية كالصبر والوفاء بالعهد فشملت هذه الآيات أركان الإيمان والإسلام وشملت العقائد ، شملت أعمال القلوب وأعمال الجوارح ولا يكون المرء من المتقين إلا إذا توفرت فيه هذه الصفات ،لا يكون من الصادقين في دعوة الإيمان ولا يكون من المتقين حقا إلا إذا رسخت هذه الأعمال في قلبه وانقادت لها جوارحه وامتلأ بها قلبه ورسخت في نفسه وقلبه يكون حينئذ صادقا لا تضره إن شاء الله فتنة مادامت السماوات والأرض ، نسأل الله أن يثبتنا على هذا الإيمان وهذه الأعمال الصادقة المزكية للنفوس .
تفريغ 20 دقيقة من شريط التقوى لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
4 صفر 1431هـ الموافق لـ 18 جانفي 2010 م
قسنطينة
الجزائر