قال العلامة صالح السحيمي ( نصر الله به الإسلام والمسلمين ) :
أود أن أنبه طلبة العلم خاصةً ، إلى أمر مهم عند النصيحة :أُحذِّر نفسي وإياكم من أمور :
أحذر من الإلزامات ، فإن كثيراً من الإلزامات تجعل الشخص يتخيل الخطأ في غير موضع الخطأ ، وإياك وبتر كلام أخيك فإن ذلك يحدث شرخاً لا تُحمد عقباه ، وإياك أن تتسرع في الأحكام على الآخرين ، وإياك وقَبُول الشائعات :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) ( الحجرات الآية 6 )
ويقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (النساء الآية94)
وارجع إلى العلماء الكبار فيما يُشكل عليك ، وإياك أن تكون ممن يتزبب قبل أن يتحصرم !، وإياك وأصحاب الإلزامات والإستعلاء ، والتعالم وقلة الحياء مع العلماء ، ومع طلبة العلم ؛ فإن ذلك من أدواء هذا العصر ، إن ذلك من أدواء هذا العصر ؛ فقد تصدى الكثير إلى مسائل لا يُحسنونها ، وقد اقتحم البعض أبوابا لا يحسنون فتحها ، ولا التعامل معها ؛ فنتج عن ذلك خلافٌ وهرجٌ واختلافٌ ، وتوسع دائرةٍ وبغضٌ وحسدٌ ، وتفرقٌ وضياعٌ ، لاسيما إذا أُسند الأمر إلى غير أهله ؛ فإنه من علامات الساعة .
فاحذر يا عبد الله من هذا المسلك ، إحذر من هذا المسلك ، وارجع إلى العلماء الكبار فيما أشكل عليك ، وإياك أن تحمل قول أخيك على خلاف مراده ، أو على هواك ، البعض يتعسف في فهم الأقوال ؛ بحيث يلوي أعناق النصوص والأقوال ، على ما يريد ؛ ففيه شبه من اليهود أحيانا ، لما قال الله لهم حطة قالوا حنطة !.
فاحذر يا عبد الله من هذا المسلك ، بلّغ ما عرفت بيقين ، وما أتقنته تماما ، أما ما كان عندك فيه شك - أو لم تتقنه - فأدِّ الحق إلى نصابه ، وأعط الليث منيع غابه ، وإياك والتزبب المبكر ، وإياك والتسرع في الأحكام على الآخرين ، وإياك أن تتسرع بمجرد أن تجد خطأً على أخيك !.
البعض من الناس يتسرعون في الحكم على إخوانهم ، وهم أصحاب منهج واحد ؛ فيُلزمون بما لا يلزم ، ويضعون النصوص في غير موضعها ، ويستدلون بالنصوص على غير ما تدل عليه ، ويحملون أقوال إخوانهم ما لا تحتمل ، وعنده من التعالم والاستعلاء والغلظة في القول وما إلى ذلك ما لا يمكن تصوره ؛ فإياكم وهذا المسلك .
(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (النحل الآية125)
وأحذركم من ليِّ أعناق أقوال العلماء ، وحملها عما لم يريدون الحمل عليه ، يأتي أحدهم إلى عالم فاضل، وشيخ جليل ، ثم يطرح مسألة علمية في ظاهرها ، ويقولون يا شيخ ما رأيك فيمن يقول كذا وكذا ؟ والشيخ وفقه الله يجيب إجابة مسددة ، وجميلة وقوية وفي مكانها ، ثم يأتي عبر بعض المواقع ، عبر بعض زبالات الأنترنت ؛ فيضع عنواناً لهذا الجواب ظلماً وعدواناً " سماحة الشيخ فلان يرد على فلان " وقد يكون من يُزعم أنه يُرد عليه عالماً من العلماء ، أو طالب علم يسير على منهج العلماء ؛ فهذا في غاية الخطورة أيضا ، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه والمواقع تمتلئ بمثل هذا الغثاء الكثير ، فاحذروا منه ، احذروا منه كل الحذر ، احذروا منه كل الحذر .
كل المواقع التي تسلك هذا المسلك قاطعوها ، وابتعدوا عنها ، كل المواقع التي لا هم لها إلا النشر للصغار ، صغار العقول والخفافيش ؛ الذين شوَّهوا سمعة طلبة العلم ، وهم يُغِيرون مع هذا وهذا ، على نحو المثل القائل ( وهو مثل بدوي ) : " فلان يعدو مع الذئب ، ويصيح مع الراعي" فلان يعدو مع الذئب ، ويصيح مع الراعي !.
كثير من الناس يسلكون هذا المسلك ، وتجده مُتقلبا لا قرار له ، اليوم مع فلان ، وغدا مع فلان .
وإياكم أن تُعلقوا الأحكام ، أو أن تكون دعوتكم متعلقة بالذوات ، فإن هذا لون من ألوان الحزبية المقيتة ؛ التي نحذر منها ، وقد نقع فيها من حيث لا ندري ، إحذروا من ذلك ، واسلكوا مسلك السلف الصالح ، سيروا على نهج مشايخنا في الدعوة إلى الله جل وعلا ، من أمثال : الشيخ شيخنا ابن باز ، وشيخنا العثيمين وشيخنا الأمين ، وشيخنا الألباني ، يرحمهم الله ، و شيخنا الشيخ حماد ،وشيخنا الشيخ عمر بن محمد فلاتة ، والشيخ محمد أمان وغيرهم ممن انتقل إلى ربه ، نسأل الله أن يرحمه ، وكذلك مشايخنا المعاصرون : سماحة شيخنا المفتي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، وسماحة شيخنا الشيخ صالح الفوزان ، وسماحة شيخنا الشيخ صالح اللحيدان ، وسماحة شيخنا الشيخ عبد الله الغديان ، ومعالي الشيخ صالح بن عبد الله آل الشيخ ، وفضيلة شيخنا الشيخ عبد المحسن العباد البدر ، وفضيلة شيخنا الشيخ علي بن ناصر فقيهي ، وفضيلة شيخنا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ، وفضيلة شيخنا الشيخ زيد بن هادي المدخلي ، وفضيلة شيخنا الشيخ النجمي يرحمه الله ، وغيرهم ممن لم أذكر على سبيل الاختصار ، وبحسب ما سمح به الوقت .
أما نحن الصغار - أو بعضنا - فإياكم أن تجعلوهم هم المرجع فيما تَصدُرُون عنه ؛ إلا من سلك مسلك هؤلاء العلماء ؛ الذين أشرت إليهم ، أو ذكرت بعضهم ، من سلك مسلكهم نأخذ عنه ، ومن حاد عن سبيلهم ؛ فلنبتعد عنه ، ومن أراد الشهرة بما ينشر من الإلزامات والتتبع ، وتشويه سمعة إخوانه ، وما إلى ذلك ؛ فهذا أمر غاية الخطورة ؛ فابتعدوا عنه .
وفق الله الجميع للعلم النافع ، والعمل الصالح ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله .
تعليق