وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}
قال العلامة ابن كثير رحمه الله: « يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام، الأحسن والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم، فعداوته ظاهرة بينة؛ ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإن الشيطان ينزغ في يده، أي: فربما أصابه بها ».
ويقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: « وهذا من لطفه بعباده حيث أمرهم بأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال الموجبة للسعادة في الدنيا والآخرة فقال: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وهذا أمر بكل كلام يقرب إلى الله من قراءة وذكر وعلم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم، وأنه إذا دار الأمر بين أمرين حسنين فإنه يأمر بإيثار أحسنهما إن لم يمكن الجمع بينهما.
والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن من ملك لسانه ملك جميع أمره.
وقوله: { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ } أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم.
فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه فإنه يدعوهم { ليكونوا من أصحاب السعير }
وأما إخوانهم فإنهم وإن نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فإن الحزم كل الحزم السعي في ضد عدوهم وأن يقمعوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها فبذلك يطيعون ربهم ويستقيم أمرهم ويهدون لرشدهم».
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والكلمة الطيبة صدقة)) .
وديننا الحنيف يحثنا على حسن الخلق، ومكارم العادات، ومعالي الأمور، ويبغض إلينا سوء الخلق، ومنكرات العادات، وسفاسف الأمور.
والدعوة السلفية دعوة إلى الحق والهدى، دعوة الرحمة والرأفة، دعوة العلم والحلم، دعوة الرفق واللين، دعوة الحكمة والموعظة الحسنة، دعوة الصدع بالحق ورد الباطل، دعوة الغلظة على الكافرين والمنافقين ورحمة المؤمنين .
والشدة واللين : توجب الحكمة وضعهما في مكانهما الصحيح حسب المصلحة الشرعية.
{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه)) .
وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) .
فأدعو إخواني السلفيين إلى أن نرفق بأنفسنا، وأن نرفق بإخواننا الذين حصل منهم ما نقول بخلافه، ونرفق بالمسلمين الذين وقعوا في الغلط والظلم.
إننا نرى إخواناً لنا يصيحون بأنهم سلفيون بملء أفواههم، ويحترمون العلماء الذين نحترمهم، وينادون بمنهج علمائنا السلفيين، ومع ذلك نرى من يعاملهم معاملة أهل البدع والضلال بسبب خلاف في فهم مسألة، أو حصول تنافس في تحصيلٍ، أو بسبب قصور أو تقصير في البحث والسؤال.
لا سيما إذا وجد سوء الظن، وسوء الخلق، والتكبر على الخلق، والترفع على عباد الله، والرضى بالدون .
فكيف مع الكذب وقصد الظلم وقصد الفضيحة، وتتبع عثرات العلماء السلفيين وطلبة العلم السلفيين.
وكذلك كثير ممن انتسب إلى منهج السلف ووقع في مخالفة هذا المنهج المبارك، وحصلت منه أمور لا يرضاها أهل الإيمان، ونصوحوا من قبل جملة من علماء أهل السنة، وما زالوا على الخطأ والمخالفة، لا سيما فيما يتعلق بتزكية بعض أهل الفتن والتلون في الدين، وإحسان الظن ببعض رؤوس الحزبيين والقطبيين والحداديين، فنرجو من الله أن يوفقهم لمراجعة أنفسهم، وتصحيح مسارهم ومسلكهم، وأن يكونوا مع علماء السنة على قلب رجل واحد بعيداً عن المخالفة والمباعدة..
****
إن من الموبقات المهلكات ما يقوم به بعض الناس من جمع زلات العلماء السلفيين، وطلاب العلم السلفيين بحجة الرد على تلك الأخطاء، وبيان الحق في تلك المسائل!
إن جمع مثالب العلماء وزلاتهم وعرضها في مساق واحد لهو من أكبر أسباب الصد عن سبيل الله، ومن أعظم وسائل تشويه سمعة أهل العلم السلفيين، وهو من منهج الروافض وأهل الباطل.
وتعلمون كلام الإمام أحمد في الكرابيسي لما صنف كتابه في المدلسين وذكر فيه أسماء أهل السنة وجمع عثراتهم في كتاب واحد ليكون عوناً لأهل الباطل للطعن في أهل السنة .
مع أن الإمام أحمد قد رمى جماعة منهم بالتدليس، وحذر من أخطائهم لكن دون تتبع لزلاتهم، ولا جمع ذلك في مساق واحد ينفر عنهم، ويوغر الصدور عليهم.
فمن منهج السلف بيان خطأ المخطئ، والرد على المخالف سواء كان سلفياً أو خلفياً، ولكن بسلوك المنهج السلفي في الرد والتفريق بين طريقة الرد على أهل السنة والرد على أهل الهوى والبدعة، مع وجوب مراعاة مكانة العالم حين الرد عليه وإلا وقع ما لا تحمد عقباه.
***
إن كثيراً من الفتن الواقعة اليوم بين المنتسبين إلى منهج السلف من أسبابها: حظ النفس، والانتصار لها.
فذلك له أثر كبير في اشتعال تلك الفتن، وزيادة انتشارها.
وإن محاولة إخماد تلك الفتن أو التخفيف منها داخل في قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا))
وإذا كان الصلح مع الكفار لمصلحة الإسلام والمسلمين بالضوابط الشرعية جائز، فكيف بالصلح مع المسلمين؟ فكيف بالصلح مع المنتسبين للسلفية التي ننتسب إليها؟
وفي بادرة أبوية كريمة من شيخنا العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ورعاه طلب بحذف الردود التي بين شبكة سحاب السلفية (ومن كان معها كالبيضاء) وموقع كل السلفيين مع إبقاء رد الشيخ أحمد بازمول المتعلق بكتاب الشيخ علي الحلبي «منهج السلف الصالح..» بغية عرض الكتابين على العلماء لقول كلمة الفصل فيهما.
[وهناك مشاورة حول الردود على كتاب الشيخ أحمد بازمول أسأل الله أن تكون إلى خير. فصبر جميل] .
فاستجاب الإخوة في شبكة سحاب وفي البيضاء لطلب الشيخ ربيع، وحذفوا ما تنبهوا له من مقالات بين الطرفين، وكذلك فعل الإخوة في موقع كل السلفيين مع حاجة إلى استكمال الحذف لجميع المقالات التي في تلك المواقع مما يزيد في الفتنة أو يشغل الشباب عن طلب العلم والدعوة إلى الحق.
وليس فيما سبق تنازل عن حق، ولا نصرة لباطل، بل تهيئة النفوس لسماع الحق واتباعه بعيداً عن التوتر والانفعال، وبعيداً عن الانتصار للنفس على حساب المنهج السلفي.
وإن الواجب على الجميع مراجعة النفس، ومحاسبتها، والنظر فيما صدر مما سبق من قول أو فعل فيه تعد أو ظلم أو مخالفة للمنهج السلفي الذي ننتسب إليه فيتوب إلى الله منه، ويهذب نفسه ويزكيها { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (*) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}
والواجب على السلفيين عدم استغلال هذا الأمر للزعم بأن فلاناً انتصر، وفلاناً اندحر.
والواجب على إخواني السلفيين التمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، ولزوم غرز العلماء، وأن يعرفوا للعلماء وطلبة العلم منزلتهم .
وفي ختام هذه الكلمة أشكر والدنا الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي على جهوده الظاهرة في نصرة السلفية، وعلى هذه المبادرة الكريمة.
كما أشكر الشيخ علي حسن الحلبي على مساعيه للصلح، واستجابته لتلك المبادرة، وحرصه على العمل بها.
وأسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، دعاة خير وهدى.
وأسأل الله جل وعلا أن يوفق الجميع لنصرة السلفية، والرد على أهل الباطل والضلال.
وأن يوفق الجميع للحق والصواب، وأن يكشف الغمة عن الأمة، وأن يؤلف بين قلوب السلفيين في كل مكان، وأن يهدي من ضل وانحرف إلى سواء السبيل.
كما أرجو من كل من يقرأ هذه الكلمة أن يحمل كلامي على أحسن المحامل، وأن يترفع عن سوء الظن، وأن يعلم أني ما قمت بما قمت به من مصالحة لوأد الفتنة وتخفيف الشر إلا اتباعاً لمنهج السلف الصالح، وتحت رعاية شيخنا ووالدنا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله.
أسأل الله أن يعفو عن كل من ظن بي سوءاً وأسأله سبحانه وتعالى أن يحييني ويميتني على السلفية، وأن يختم لي بخير، وأن يعفو عني، وأن يغفر لي، وأن يبصرني بالحق حيثما توجهت.
كما أرجو من كل من رأى مني خطأ أو مخالفة أن يناصحني فرحم الله من أهدى إلي عيوبي.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه: الفقير إلى عفو ربه، المعترف بالتقصير
أسامة بن عطايا العتيبي
21/ 12/ 1430 هـ
منقول من البيضاء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}
قال العلامة ابن كثير رحمه الله: « يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام، الأحسن والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم، فعداوته ظاهرة بينة؛ ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإن الشيطان ينزغ في يده، أي: فربما أصابه بها ».
ويقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: « وهذا من لطفه بعباده حيث أمرهم بأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال الموجبة للسعادة في الدنيا والآخرة فقال: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وهذا أمر بكل كلام يقرب إلى الله من قراءة وذكر وعلم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم، وأنه إذا دار الأمر بين أمرين حسنين فإنه يأمر بإيثار أحسنهما إن لم يمكن الجمع بينهما.
والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن من ملك لسانه ملك جميع أمره.
وقوله: { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ } أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم.
فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه فإنه يدعوهم { ليكونوا من أصحاب السعير }
وأما إخوانهم فإنهم وإن نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فإن الحزم كل الحزم السعي في ضد عدوهم وأن يقمعوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها فبذلك يطيعون ربهم ويستقيم أمرهم ويهدون لرشدهم».
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والكلمة الطيبة صدقة)) .
وديننا الحنيف يحثنا على حسن الخلق، ومكارم العادات، ومعالي الأمور، ويبغض إلينا سوء الخلق، ومنكرات العادات، وسفاسف الأمور.
والدعوة السلفية دعوة إلى الحق والهدى، دعوة الرحمة والرأفة، دعوة العلم والحلم، دعوة الرفق واللين، دعوة الحكمة والموعظة الحسنة، دعوة الصدع بالحق ورد الباطل، دعوة الغلظة على الكافرين والمنافقين ورحمة المؤمنين .
والشدة واللين : توجب الحكمة وضعهما في مكانهما الصحيح حسب المصلحة الشرعية.
{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه)) .
وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) .
فأدعو إخواني السلفيين إلى أن نرفق بأنفسنا، وأن نرفق بإخواننا الذين حصل منهم ما نقول بخلافه، ونرفق بالمسلمين الذين وقعوا في الغلط والظلم.
إننا نرى إخواناً لنا يصيحون بأنهم سلفيون بملء أفواههم، ويحترمون العلماء الذين نحترمهم، وينادون بمنهج علمائنا السلفيين، ومع ذلك نرى من يعاملهم معاملة أهل البدع والضلال بسبب خلاف في فهم مسألة، أو حصول تنافس في تحصيلٍ، أو بسبب قصور أو تقصير في البحث والسؤال.
لا سيما إذا وجد سوء الظن، وسوء الخلق، والتكبر على الخلق، والترفع على عباد الله، والرضى بالدون .
فكيف مع الكذب وقصد الظلم وقصد الفضيحة، وتتبع عثرات العلماء السلفيين وطلبة العلم السلفيين.
وكذلك كثير ممن انتسب إلى منهج السلف ووقع في مخالفة هذا المنهج المبارك، وحصلت منه أمور لا يرضاها أهل الإيمان، ونصوحوا من قبل جملة من علماء أهل السنة، وما زالوا على الخطأ والمخالفة، لا سيما فيما يتعلق بتزكية بعض أهل الفتن والتلون في الدين، وإحسان الظن ببعض رؤوس الحزبيين والقطبيين والحداديين، فنرجو من الله أن يوفقهم لمراجعة أنفسهم، وتصحيح مسارهم ومسلكهم، وأن يكونوا مع علماء السنة على قلب رجل واحد بعيداً عن المخالفة والمباعدة..
****
إن من الموبقات المهلكات ما يقوم به بعض الناس من جمع زلات العلماء السلفيين، وطلاب العلم السلفيين بحجة الرد على تلك الأخطاء، وبيان الحق في تلك المسائل!
إن جمع مثالب العلماء وزلاتهم وعرضها في مساق واحد لهو من أكبر أسباب الصد عن سبيل الله، ومن أعظم وسائل تشويه سمعة أهل العلم السلفيين، وهو من منهج الروافض وأهل الباطل.
وتعلمون كلام الإمام أحمد في الكرابيسي لما صنف كتابه في المدلسين وذكر فيه أسماء أهل السنة وجمع عثراتهم في كتاب واحد ليكون عوناً لأهل الباطل للطعن في أهل السنة .
مع أن الإمام أحمد قد رمى جماعة منهم بالتدليس، وحذر من أخطائهم لكن دون تتبع لزلاتهم، ولا جمع ذلك في مساق واحد ينفر عنهم، ويوغر الصدور عليهم.
فمن منهج السلف بيان خطأ المخطئ، والرد على المخالف سواء كان سلفياً أو خلفياً، ولكن بسلوك المنهج السلفي في الرد والتفريق بين طريقة الرد على أهل السنة والرد على أهل الهوى والبدعة، مع وجوب مراعاة مكانة العالم حين الرد عليه وإلا وقع ما لا تحمد عقباه.
***
إن كثيراً من الفتن الواقعة اليوم بين المنتسبين إلى منهج السلف من أسبابها: حظ النفس، والانتصار لها.
فذلك له أثر كبير في اشتعال تلك الفتن، وزيادة انتشارها.
وإن محاولة إخماد تلك الفتن أو التخفيف منها داخل في قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا))
وإذا كان الصلح مع الكفار لمصلحة الإسلام والمسلمين بالضوابط الشرعية جائز، فكيف بالصلح مع المسلمين؟ فكيف بالصلح مع المنتسبين للسلفية التي ننتسب إليها؟
وفي بادرة أبوية كريمة من شيخنا العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ورعاه طلب بحذف الردود التي بين شبكة سحاب السلفية (ومن كان معها كالبيضاء) وموقع كل السلفيين مع إبقاء رد الشيخ أحمد بازمول المتعلق بكتاب الشيخ علي الحلبي «منهج السلف الصالح..» بغية عرض الكتابين على العلماء لقول كلمة الفصل فيهما.
[وهناك مشاورة حول الردود على كتاب الشيخ أحمد بازمول أسأل الله أن تكون إلى خير. فصبر جميل] .
فاستجاب الإخوة في شبكة سحاب وفي البيضاء لطلب الشيخ ربيع، وحذفوا ما تنبهوا له من مقالات بين الطرفين، وكذلك فعل الإخوة في موقع كل السلفيين مع حاجة إلى استكمال الحذف لجميع المقالات التي في تلك المواقع مما يزيد في الفتنة أو يشغل الشباب عن طلب العلم والدعوة إلى الحق.
وليس فيما سبق تنازل عن حق، ولا نصرة لباطل، بل تهيئة النفوس لسماع الحق واتباعه بعيداً عن التوتر والانفعال، وبعيداً عن الانتصار للنفس على حساب المنهج السلفي.
وإن الواجب على الجميع مراجعة النفس، ومحاسبتها، والنظر فيما صدر مما سبق من قول أو فعل فيه تعد أو ظلم أو مخالفة للمنهج السلفي الذي ننتسب إليه فيتوب إلى الله منه، ويهذب نفسه ويزكيها { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (*) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}
والواجب على السلفيين عدم استغلال هذا الأمر للزعم بأن فلاناً انتصر، وفلاناً اندحر.
والواجب على إخواني السلفيين التمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، ولزوم غرز العلماء، وأن يعرفوا للعلماء وطلبة العلم منزلتهم .
وفي ختام هذه الكلمة أشكر والدنا الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي على جهوده الظاهرة في نصرة السلفية، وعلى هذه المبادرة الكريمة.
كما أشكر الشيخ علي حسن الحلبي على مساعيه للصلح، واستجابته لتلك المبادرة، وحرصه على العمل بها.
وأسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، دعاة خير وهدى.
وأسأل الله جل وعلا أن يوفق الجميع لنصرة السلفية، والرد على أهل الباطل والضلال.
وأن يوفق الجميع للحق والصواب، وأن يكشف الغمة عن الأمة، وأن يؤلف بين قلوب السلفيين في كل مكان، وأن يهدي من ضل وانحرف إلى سواء السبيل.
كما أرجو من كل من يقرأ هذه الكلمة أن يحمل كلامي على أحسن المحامل، وأن يترفع عن سوء الظن، وأن يعلم أني ما قمت بما قمت به من مصالحة لوأد الفتنة وتخفيف الشر إلا اتباعاً لمنهج السلف الصالح، وتحت رعاية شيخنا ووالدنا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله.
أسأل الله أن يعفو عن كل من ظن بي سوءاً وأسأله سبحانه وتعالى أن يحييني ويميتني على السلفية، وأن يختم لي بخير، وأن يعفو عني، وأن يغفر لي، وأن يبصرني بالحق حيثما توجهت.
كما أرجو من كل من رأى مني خطأ أو مخالفة أن يناصحني فرحم الله من أهدى إلي عيوبي.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه: الفقير إلى عفو ربه، المعترف بالتقصير
أسامة بن عطايا العتيبي
21/ 12/ 1430 هـ
منقول من البيضاء
تعليق