[بداية النقل]
2128- (1) حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال حدثنا علي بن محمد ، قال حدثنا أحمد بن داود ، قال حدثنا سحنون ، قال حدثنا ابن وهب ، قال حدثني عبد العزيز ابن حازم ، قال سمعت أبي يقول:
(( العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقى العالِم مَن هو فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة، وإذا لقى من هو مثله ذاكره، و إذا لقى من هو دونه لم يَزهُ عليه حتى كان هذا الزمان فصار الرجل يعيب من هو فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى يرى الناس أنه ليس به حاجة إليه، ولا يذاكر من هو مثله، ويزهى على من هو دونه فهلك الناس )).
قال أبو عمر [ ابن عبد البر] هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس، وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب [تصديقه فيما قاله لبراءته من الغل و الحسد و العداوة و المنافسة، و سلامته من ذلك كله، فذلك كله يوجب قبول] قوله من جهة الفقه والنظر،
وأما من لم تثبت أمامته ولا عرفت عدالته ولا صحت - لعدم الحفظ والاتقان - روايته، فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه، ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه، والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماماً في الدين قول أحد من الطاعنين : أن السلف - رضوان الله عليهم - قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير في حال الغضب، ومنه ما حمل عليه الحسد كما قال ابن عباس ومالك بن دينار وابن حازم، ومنه على جهة التأويل مما لا يلزم [المقول] فيه ما قال القائل فيه، وقد حمل بعضهم على بعض بالسيف تأويلاً و اجتهاداً ، لا يلزم تقليدهم في شيء منه دون برهان ولا حجة توجبه ... .
_______________
(1) 2128- إِسنادُهُ حسنٌ.
[انتهى النقل]
من كتاب جَامِعُ بَيانِ العِلم و فضله لأبي عمر يوسف بن عبد البر - رحمه الله - المتوفى 463 هـ ، المجلد الثاني ، الصفحة 250-251 ، الطبعة السابعة لدار ابن الجوزي عام 1427 هـ ، بتحقيق أبي الأشبال الزهيري.
2128- (1) حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال حدثنا علي بن محمد ، قال حدثنا أحمد بن داود ، قال حدثنا سحنون ، قال حدثنا ابن وهب ، قال حدثني عبد العزيز ابن حازم ، قال سمعت أبي يقول:
(( العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقى العالِم مَن هو فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة، وإذا لقى من هو مثله ذاكره، و إذا لقى من هو دونه لم يَزهُ عليه حتى كان هذا الزمان فصار الرجل يعيب من هو فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى يرى الناس أنه ليس به حاجة إليه، ولا يذاكر من هو مثله، ويزهى على من هو دونه فهلك الناس )).
قال أبو عمر [ ابن عبد البر] هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس، وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب [تصديقه فيما قاله لبراءته من الغل و الحسد و العداوة و المنافسة، و سلامته من ذلك كله، فذلك كله يوجب قبول] قوله من جهة الفقه والنظر،
وأما من لم تثبت أمامته ولا عرفت عدالته ولا صحت - لعدم الحفظ والاتقان - روايته، فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه، ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه، والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماماً في الدين قول أحد من الطاعنين : أن السلف - رضوان الله عليهم - قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير في حال الغضب، ومنه ما حمل عليه الحسد كما قال ابن عباس ومالك بن دينار وابن حازم، ومنه على جهة التأويل مما لا يلزم [المقول] فيه ما قال القائل فيه، وقد حمل بعضهم على بعض بالسيف تأويلاً و اجتهاداً ، لا يلزم تقليدهم في شيء منه دون برهان ولا حجة توجبه ... .
_______________
(1) 2128- إِسنادُهُ حسنٌ.
[انتهى النقل]
من كتاب جَامِعُ بَيانِ العِلم و فضله لأبي عمر يوسف بن عبد البر - رحمه الله - المتوفى 463 هـ ، المجلد الثاني ، الصفحة 250-251 ، الطبعة السابعة لدار ابن الجوزي عام 1427 هـ ، بتحقيق أبي الأشبال الزهيري.
تعليق