إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

الأنتصار للدعوة السلفية والرد على من زعم أنها دخيلة غلى الأمة الجزائرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأنتصار للدعوة السلفية والرد على من زعم أنها دخيلة غلى الأمة الجزائرية


    الانتصار للدعوة السلفية
    والرد على من زعم أنها دخيلة على الأمة الجزائرية



    كتبه:
    أبو بكر يوسف لعويسي

    الحمد لله مؤيد الحق وناصره ، وداحض الباطل وكاره ، ومعز الطائعين وجابرهم ، ومذل الباغين وخاذلهم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل :]ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرمي به بريئا فقد احتمل بهتانا وإما مبينا[[ النساء : 112] .
    وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل : << .. ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه ، ومن رمى مسلما بما ليس فيه أسكنه الله رذغة الخبال يوم القيامة .. >> الحديث أخرجه أبو داود {ح/3098} والمنذري في الترغيب والترهيب [ج 3/ ص137][ح 3397]وأعاده في [ج3/ص333][ح/4310]وقال : رواه أبو داود واللفظ له ، والطبراني بإسناد جيد نحوه وزاد في آخره [ ليس بخارج ] ورواه الحاكم مطولا ومختصرا وقال : في كل منها صحيح الإسناد .والردغة بفتح الراء وسكون الدال المهملة ، وتحريكها أيضا ، وبالعين المعجمة هي: الوحل ، وردغة الخبال بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة هي: عصارة أهل النار أو عرقهم كما جاء مفسرا في صحيح مسلم وغيسره .أنتهى كلامه رخمه الله .وصلى اللهم وسلم على آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    ص[2]
    أما بعد : فقد اطلعت على ما نشرته جريدة الخبر اليومي الصادر يوم الخميس 13/ سبتمبر 2007 م / الموافق ل /01/رمضان 1428 هـ على صفحة الراهن تحت عنوان " الخبر " تستطلع المختصين في تنامي الظاهرة بالجزائر. " انتشار الوهابية سببه غياب مرجعية وطنية ودار للإفتاء" .. وهذه كلمة حق أريد بها باطل .وجاء في بعض كلام هؤلاء المؤتمرين أن السلفية وليدة ظروف وستزول بزوالها، وأنها دخيلة على هذه البلاد ، وأنها إمتداد للوهابية الحجازية ، وأن خطابها سطحي ظاهري ، والسبب في انتشارها غياب المرجعية الدينية ، وعدم وجود دار الإفتاء ، وضعف مستوى أئمة المساجد ، وتهميش الإطارات ذات المستوى الجامعي إلخ ...
    ولي وقفات مع هؤلاء الذين شاركوا في تلك الندوة التي كانت سببا في نشر هذا المقال ، الذي أعلن أصحابه عما تنطوي عليه سرائرهم من الحقد الدفين اتجاه الدعوة السلفية ، شأنهم في ذلك شأن الكثير ممن أعلن الحرب على هذه الدعوة المباركة ، والتي تطالعنا الجرائد بين الفينة والأخرى بشيء من تلك الحرب العشواء،يريدون أن يطفئوا نور الحق ؛والله غالب على أمره ،ولا راد لقضائه ووعده ..
    وأول تلك الوقفات: مع {م . منير} الذي أدار الندوة ؛وقيم أولئك المشاركين؛ وقدّرهم وقدمهم للأمة على أنهم أهل اختصاص في علوم الدين والشريعة ، والحقيقة أن الأمر ليس كذلك لثلاثة أسباب ، يمكن أن يكون لها رابع وخامس..
    السبب الأول : أن أقوالهم عارية عن أي حقيقة لدراسة هذه الظاهرة ، ولم يذكروا أي دليل أو مستند على الأسباب التي كانت وراء انتشار الفكر السلفي الوهابي – كما يسمونه – وإنما كل واحد
    فيهم ذكر تحليلا من وجهة نظره الثقافية أو السياسية المتشبعة بالعصرنة ،والنزعة الاعتزلية العقلانية ، بعيدا عن الدراسة الاجتماعية ، والدينية ، والسياسية للحقبة التاريخية التي مرت بها الحركة الإسلامية في الجزائر إلى حد ظهور هذا التيار السلفي المبارك على يد طائفة من أهل العلم ..
    السبب الثاني : مواقعهم العلمية من الشريعة ، فليس في التعريف بهم أحد يحفظ كتاب الله ، أو شيئا من كتب السنة ، وعلى رأسها موطأ مالك ، كماليس فيهم من يضبط أصول مذهب مالك - المذهب السائد في البلاد – فأهل الاختصاص في الدين والشريعة ؛ إنما يقدمون للناس على هذا الأساس ، وليس على تضحيم ألقاب – كماضخمت ألقابهم – بتقديمهم بشهادات عجفاء جوفاء من العلم الشرعي الصحيح . وقد أعطيت لبعضهم الخطابة فكانوا سببا في تنفير الناس من المساجد ، وكان بعضهم بوقا للدعوة الحزبية ، وبعضهم حاطب ليل يهرف بما لايعرف ، يجهلون فن الخطابة والوعظ وآداب المسجد، وقد استمعت لبعضهم فكان يأتي بالطوام العظام ، وجالست آخرين منهم ، فكان لايسحن الجلوس ..
    فليعلم هؤلاء أن الشعب الجزائري السني أصبح يميز بين جميع التيارات العاملة في الساحة كما يميز بين من يعمل للإسلام ، وبين من يلهث وراء المناصب ، والرواتب ، وسياسة الأحزاب ..والزلفى لذوى السلطان والتقرب من الأبواب ، وليطمئنوا متيقنين أن القافلة تسير وأن وعد الله آت ..
    ص[3]
    السبب الثالث :
    هؤلاء وإن كانوا يحملون تلك الشهادات فهي فارغة من العلوم الشرعية كما ذكرت ، والدليل على هذا أنه ليس فيهم من ألف كتابا في العلوم الشرعية وأخرجه للأمة لتنتفع به ، وليس فيهم من هو معروف لدى العام والخاص على أنه إمام ، أو محدث ، أو فقيه ، أو داعية ، أو مفتي ، وهذه آثار دعوته بارزة في المجتمع ، فأين ثمرة جهودهم الإصلاحية المقدمة للأمة في اختصاصهم المزعوم ..؟فلم نسمع ولم يشتهر عن أحدهم أن له برنامج دروس علمية ،وله طلاب وتلاميذ يحملون عنه الكفاءة العلمية المتخصص فيها ،فهؤلاء وللأسف الشديد ما تحصلوا على هذه الشهادات إلى من أجل الحصول على وظيفة من أجل الدنيا لا غير .. وأين كانت صيحات هؤلاء المصلحين الغيورين على بلادهم حين كانت بلادنا تحترق بنار الحزبيين والتكفريين المنشقين عن دعوة الإخوان المسلمين التي ينتسبون إليها ..؟ ولعل هؤلاء يجهلون أن الذي ساهم بنسبة كبيرة في توقيف النزيف الدموي طيلة العشرية السوداء ، وإقناع كثير من أفراد الجماعة الإسلامية المسلحة بل أغلبهم ، وأفراد من الجناح العسكري للإنقاذ بوضع السلاح هم علماء المنهج السلفي فحسب ..ولولا الله ثم أولئك العلماء الربانيون ما كان النزيف يتوقف ..
    فهذه الأسباب وغيرها تبين لنا أن أصحاب هذه الأقوال في هذا المقال لا علاقة لهم بالشريعة ، والاعتدال ، وأنهم قُدموا للأمة من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم :<< المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور >> متفق عليه أنظر صحيح الجامع [ح 6551].

    ص[4]
    الوقفة الثانية : معهم جميعا ..
    فأقول : في الوقت الذي تسعى فيه الدول والشعوب الإسلامية للم الشمل ، وتوحيد الصفوف وتضميد الجراح عن طريق الجامعة العربية ، والمجمع الفقهي الإسلامي ، والمؤتمر العالمي الإسلامي ، ورابطة العالم الإسلامي ، وجهود الخيرين من أبناء هذه الأمة التي وصفها الله بأنها أمة واحدة ، وربها واحد ، ونبيها واحد ، وكتابها واحد، بقوله تعالى : ]وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون [ وأمرها بالإعتصام بكتابها الواحد ، بقوله تعالى : ]واعتصموا بحبل الله جميعا ..[
    ونهاها عن التفرق.].ولا تفرقوا [ كما نهاها عن الاختلاف بقوله: ] ولا تكونوا كالذين اختلفوا وتفرقوا من بعد ما جاءهم البينات ..[ في هذا الوقت الذي تكالبت فيه علينا الأعداء من كل حدب وصوب ،وتداعت علينا الأمم بكل قواها ؛ نجد من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ويهدون بغير هدي نبينا ، يفتّون في عضد هذه الأمة ويمزقونها{ أيدي سبأ }في هذه الظروف يطلع علينا هؤلاء المرجفون – وما أكثرهم في عصرنا – ليزيدوا الطين بلة ، والأمة فرقة ، ويحجموا سعة الإسلام حاملين الحقد والبغضاء – الحالقة – لإخوانهم في الدين والعقيدة الذين يسعون جاهدين لنشر المنهج الصحيح الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فكم ابتلي المسلمون بمثل هؤلاء العقلانيين الذين تشبعوا بالغزو الفكري العلماني ، وسفسطة الحداثة العصرية ، بحجة الإسلام المعتدل الذي تنادي به أمريكا وأوروبا ، وهم في الحقيقة أبعد الناس عن الوسطية ، لأن الاعتدال عندهم هو ما يخدم مصالحهم ، ويوافق طرقهم ومناهجهم الحزبية ، وليس الوقوف عند قوله تعالى وهو يخاطب هذه الأمة : ] وكذلك جعلناكم أمة وسطا..[ أي عدلا .
    ص[5]
    ولست أدري أي اعتدال يقصدون من وراء هذا ، إن لم يكن التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته هو الوسطية والاعتدال ، فإن كان هناك اعتدال غير هذا فليبينوه لنا؛ وليصرحوا أن المنهج الذي كان عليه المصطفى وصحابته منهج متطرف لا يصلح لهذا الزمان ، كما يصرح به غيرهم من أعداء الإسلام ، فالمنهج السلفي يقوم على الأخذ بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؛ وهو عين الوسطية التي أمرنا بالاتصاف بها ، والسير على منهجها والوقوف عند حدودها ، فقد قال تعالى : ] ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا [ وقال صلى الله عليه وسلم : << وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة >> وورد بلفظ << وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة ، هي الجماعة >> أخرجه أبو داود، والترمذي ،وابن ماجة ، والإمام أحمد، وغيرهم أنظر السلسلة الصحيحة [ ج203 - 204] ونحن نقول لهؤلاء من منكم يستطيع أن يبين لنا سبيل المؤمنين الذي حذرنا الله من مخالفته ، ومن منكم يستطيع أن يبين لنا تلك الفرقة الواحدة الناجية من النار من بين تلك الفرق ..؟ فهل هناك فرقة غير تلك التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : << من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي >> مع قولنا آنفا أن الطائفة المعتدلة هي "النبي صلى اللع عليه وسلم وأصحابه " فهم خير القرون ، فالمنتسب إليهم منتسب إلى الخيرية ، والمقتدي بهم متطلع إلى المثالية ، إلى أكمل صفة طبق بها الإسلام ، فلم يعرف التاريخ تطبيقا صحيحا للإسلام مثل ما عرف في زمانهم ، فهذا هو سبيل المؤمنين الذي ينبغي أن نتبعه ، وغيره سبيل المجرمين الذي ينبغي أن نتحراه بقوله تعالى : ] ولتستبين سبيل المجرمين [ فنجتنبه ، ولكن من جهل شيئا عاداه .. ومن تكلم في غير فنه أتى بالغرائب والعجائب ، ومن تدخل فيما لا يعنيه سمع مالا يرضيه .
    ص[6]
    الوقفة الثالثة : المنهج السلفي هو وصل لحلقات المد الإسلامي عبر تاريخ هذه الأمة :
    ولعل هؤلاء القوم لم يدرسوا التاريخ الإسلامي لهذه الأمة ، وكيف وصل المد الإسلامي من الجزيرة العربية إلى الشمال الإفريقي ، وكيف انتشر منهج الكتاب والسنة على أيدي الفاتحين من التابعين بقيادة أبي المهاجر دينار ، إلى أن استقر الحال على مذهب مالك السني السلفي إلى عهد الاستعمار
    الفرنسي ، وكيف كانت تظهر بين الفينة والأخرى صيحات المصلحين المجددين هنا وهناك على هذه الأرض تنادي بالإصلاح منتهجة في ذلك المنهج السلفي؛داعية الأمة إلى التمسك بالدين الصحيح الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، محاربة للبدع والخرافات التي كانت تنخر في جسم الأمة يدعمها الإستعمار ، إلى أن جاء دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي أبلت بلاء حسنا في إرسال قواعد الملة على المنهج السني الصريح ،ودعت المسلمين إلى الرجوع لدينهم الصحيح ، وقد استفادت كثيرا من تجارب ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأن الأسباب التي أدت إلى ظهور هاتين الدعوتين هي نفس الأمراض التي أصيبت بها الأمة هنا وهناك ، فإذا كان الفكر الوهابي السلفي دخيل على الجزائر على حد تعبير بعض هؤلاء السفسطائيين فنقول لهم : إن الإسلام وافد على هذه البلاد ، وإن مذهب مالك دخيل عليها كذلك لأنه قادم من الحجاز ، فانبذوهما وتمسكوا بأصالتكم البربرية .. أو بإخوانيتكم الدخيلة علينا من مصر أيضا..
    وأيضا نقول لهم :إن أغلب العلماء وطلبة العلم الذين نقلوا مذهب مالك إلى إفريقيا ليسوا من هذا الوطن ، وإذا كان فيهم جزائري فإنه ممن سافر إلى مالك وأخذ عنه أو عن أصحابه ثم عاد إلى بلاده ،فأدخل عليهم ماجاء به .. أو أنه ممن سافر إلى القيروان قديما والزيتونة حديثا ثم رجع إلى بلاده عاملا بما تعلم داعيا إلى مذهب مالك .
    كما نقول لهم : إن الديمقراطية دخيلة على بلادنا ، وأن أغلب هذه الحركات الفكرية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية التي تنادي باستصلاح الأمم والشعوب وافدة علينا ،وما العولمة التي تنادي بعلمنة العالم عنا ببعيدة ..
    ص[7]
    وأيضا نقول لهم : إن معظم الكتب المعتدة في المذهب ليست جزائرية التأليف ، كالمدونة[1] لسحنون وهو قيرواني، والواضحة [2] وهي من تأليف عبد الملك بن حبيب الأندلسي .
    ------------------------
    1 – المدونة : هي من الكتب المعتمدة في مذهب مالك ، وهي مسائل جمعها فقيه المغرب أبو سعيد عبد السلام بن حبيب بن حسان الحمصي الأصل المغربي القيرواني المالكي ، قاضي القيروان ، ويلقب ب [ سحنون ] المتوفى سنة [240 هـ ] والمدونة هي أسئلة سألها أسد بن الفرت بن القاسم ، بعضها سمعها من مالك وبعضها من كلام ابن القاسم وأصحاب مالك ، وسمعها سحنون من أسد بن الفرات ثم عرضها على ابن القاسم ، فأصلح فيها كثيرا وأسقط ، ثم رتبها سحنون وبروبها واحتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته ، مع أن فيها أشياء لا ينهض دليلها بل رأي محض ، وحكوا أن سحنون في أو اخر الأمر علّم عليها ، وهم بإسقاطها وتهذيبها ، فأدركته المنية رحمه الله .أنظر ترتيب المدارك [ج2/585 – 625]والسير [ج12/63-69].
    2 – الواضحة : وهي من تاليف فقيه الندلس ، أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان السلمي العباسي الأندلسي القرطبي المالكي ، المكتوفى [سنة 238هـ] وهي مسائل سمعها من عدد من أصحاب مالك قال القاضي عياض وهو يعدد كتب ابن حيبيب : ومنها الكتاب المسماة بالواضحة في السنن والفقه لم يؤلف مثله .أنظر ترتيب المدارك [ج3/30-48].
    ص[8]
    والعتبية وتسمى المستخرجة[1]،وسميت بالعتبية نسبة لمن جمعها وهو وهو محمد بن أحمد بن عبد العزيز الأموي العتبي القرطبي ، والموزاية [2]وهي من تأليف فقيه الديار المصرية ابن المواز الاسكندراني، والرسالة [3]لأبن أبي زيد القيرواني التونسي،والاستذكار لابن عبد البر الأندلسي.
    ------------------------
    1 – العتبية : وهي مجموعة مسائل أيضا عن افمام مالم مسموعة من أصحابه ، وسميت بالعتبية نسبة إلى من جمع هذه المسائل وهو محمدبن أحمد بن عبد العزيز الأموي العتبي القرطبي المتوفى [سنة 255هـ] وقيل : سميت بالمستخرجة ، لأنه استخرجها من الواضحة ، وقد شرحها ابن رشد الجد – المتوفى [سنة 520] في كتاب سماه[[ البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة]] وهو مطبوع وقد نقد كتاب العتبية وجرحه بعض العلماء . قال محمد بن عبد الحكم : رأيت جلها كذبا . وقال ابن وضاح : وفي المستخرجة خطأ كثير .وقال ابن لبابة : أكثر فيها من الروايات المطروحة والمسائل الشاذة .وقال ابن حزم : لها بإفريقية القدر العالي .أنظر ترتيب المادرك [ج3/144-146]والسير [ج12335-336].
    2 – الموازية :وهي من تأليف فقيه الديار المصرية أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني المالكي ، ابن المواز المتوفى [سنة 269هـ] قال القاضي عياض : وهو أجل كتاب ألفه قدماء المالكيين ، وأصحها مسائل ، وابسطها كلاما واوعبها .أنظر ترتيب المدارك [ج3/72-74]والسير [ج13/6] وأنظر مقدمة ابن خلدون في الكلام على هذه المؤلفات [ص449 -451].
    3 - الرسالة : ابن أبي زيد القرواني ، وهي أشهر من أن تذكر .
    ص[9]
    وهكذا فإن جل فقهاء المالكية عيال على هذه الكتب في الفقه ، وكذلك القول في الحديث ، فإن الموطأ هو العمدة ، وصاحبه مدني وأصله من ذي أصبح ، وشروحه كثيرة ،أعظمها التمهيد لابن عبد البر النمري القرطبي ،والمنتقى للباجي ،ولم يذكر في تاريخ هذا البلد أنهم اتخذوا شرحا من شروح الموطأ عمدة ومرجعا لأحد أبناء هذا الوطن من العلماء الأفاضل الذين أخذوا عن مالك مباشرة ، أو عن أصحابه، سواء في المدينة، أو مصر، أو بغداد ،أوالقيروان، أو الأندلس،أو غيرها..لا يُخرج عنه؛ وإنما العمدة على شروح الموطأ المشهورة ؛وعلى العلماء المشهورين بالعلم والفضل والورع ليس إلا ..
    ونقول لهم أيضا : فإن علماء وطلبة العلم المسلمين في كل زمان ومكان من جميع أنحاء المعمورة مازالوا يستفيدون من بعضهم البعض ، وينتفع بعضهم ببعض ، ويرحل بعضهم إلى بعض ، والدليل أن كثيرا من طلبة العلم من المغرب العربي رحلوا إلى مالك وأخذوا عنه وأعن أصحابه ، واستمرت الرحلة في طلب العلم إلى العلماء إلى يوم الناس هذا .. فلماذا هذا التهويل ، وهذا العويل ، وأهل الإسلام على اختلافهم بلادانهم ومشاربهم ، ومذاهبهم أمة واحدة كما وصفهم الله تعالى :{{ وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون }}ووصفهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم << مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الوحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرالجسد بالسهر والحمى >> متفق عليه .
    ص[10]
    فإذا تفرقت الأمة- أيدي سبأ- واختلفت على ثلاث وسبعين فرقة ، وأخذت كل طائفة بمنهج وسبيل – زعمت أنه الحق - فهذا ليس مسوغ لنا أن زيدها فرقة ، وتصدعا ، وخاصة ونحن نعلم أن الحق في الاجتماع؛ وليس في الافتراق، وأنه في الألفة ، والمحبة ، والأخوة ، والتراحم ، والتوادد والتقارب ، وأن هذا هو السبيل الذي أمرنا الله به ،طاعة الله وطاعة ورسوله ، واتباع ما جائنا به؛ بالفهم الصحيح الذي فهمته الفرقة الناجية في عصر الخيرية التي انتصر بها الإسلام؛حتى تتساقط الحدود ، وتنفجر السدود المملوءة بالحسد والحقد والبغضاء الحالقة.. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
    ونقول لهم أيضا : إن المذهب لم يكن معروفا ولا موجودا بين المسلمين في عصر الأئمة – أصحاب المذاهب – فمالك وغيره من أئمة الاجتهاد لم يكونوا يعرفون معنى المذهب ، وإنما كانوا ينشرون علم السنة وفقه الصحابة والتابعين ، ولذا قيل إن نسبة المذهب إلى صاحبه لا يخلو من تسامح ،فما كان مالك ولا غيره من أئمة المذاهب يدعون أحدا إلى التمسك بمنهجهم وفتاويهم في الاجتهاد ، بل كانوا يحثون أتباعهم على التمسك بالدليل من الكتاب والسنة ، ولا كان عندهم منهج محدد في اجتهادهم ، وإنما كانوا يتبعون في ذلك منهج من سبقهم من علماء التابعين وهؤلاء من الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .أنظر حجة الله البالغة للدهلوي [ج1/438] ورفع الملام عن الأئمة العلام لشيخ الإسلام ابن تيمية .
    ولم يحدث هذا التمذهب إلا في القرن الرابع الهجري ، عندما دعت الظروف إلى هذا النوع من الإلتزام بمنهاج معين في الفقه والتشريع ، ولم تكن المذاهب قد استقرت على رأس المائة الثالثة رغم ما قيل من أنه في هذا التاريخ كان قد بطل نحو من خمسمائة مذهب . أنظر كتاب اختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري [ص14].
    ص[11]
    ثم إن التمذهب بمذهب معين ليس من أصول الدين وقواعده الواجبة على المسلمين ، إنما الذي يجب أن يتبع هو كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وإنما أئمة المذاهب مفسرون لما ورد في الأصلين ، مستنبطون منهما الأحكام ، تسهيلا للناس على ما لم يستطيعوا فهمه منهما ،فالذي يقلدمالكا إنما يقلد في الحقيقة ما فهمه مالك من النصوص في الكتاب والسنة . محاضرات في تاريخ المذهب المالكي [ ص7-8 ] لعمر الجيدي .
    قلت : وهذا الذي قاله الجيدي يختص بالعوام في المسائل الدقيقة ، والمشتبهات ، وإلا فالحلال بين والحرام بيّن ... وعلى من كان من أهل العربية أن يفهم الخطاب كما فهمه أهل اللسان الأوائل الذين نزل القرآن بلغتهم ، فإنه نزل بلسان عربي مبين أي فصيح وليس بألغاز لايفهمها إلا خواص الناس.فالأحكام التي وقع إجماع الأمة عليها استنادا إلى ما جاء عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لاتختص بمذهب دون آخر ، ولا بعالم دون غيره ، وإنما هي سنة وطريقة ماضية لكل المسلمين ؛ فلا اجتهاد فيها ولا تمذهب ، ولا تقليد . فلا يقال مثلا : وجوب الصلوات الخمس هو مذهب مالك وعلى هذا لا يقال هذا مذهب مالك إلا فيما يختص به من اجتهادات قد يصيب فيها وقد يخطئ ؛ فإذا أخطأ وانتقده مجتهد آخر في زمانه أو بعده فكيف تسوغون تقليده فيما أخطأ فيه وتلزمون الناس بذلك ؟؟ وتجعلون ذلك هو المرجعية التي تدين بها الأمة .
    يتبع إن شاء الله ... الجزء الثاني والثالث .

  • #2
    الانتصار للدعوة السلفية والرد على من زعم أنها دخيلة على الأمة الجزائرية [2]
    الوقفة الرابعة : أخوة الأمة الإسلامية لا تكون إلا على منهج السلف، المنهج الحق ، وليس على الحزبيات والطائفيات ، أو المذهبية ؛لأن المذهب ليس هو الإسلام كله ، وتحجيم الإسلام في المذهب يعتبر تحجيرا لواسع ؛ولأن المسلم حيث كان فهو أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يحقره ولا يسلمه ، ولا يخذله ، ويحق لكل فرد من هذه الأمة أن يتغنى بقول خباب : " أبي الإسلام لا أبا لي سواه وإن افتخروا بقيس أو تميم.." وقول النبي صلى الله عليه وسلم :<< سلمان منا آل البيت >> .[1]ولعل هؤلاء القوم يتألمون لما يجري لإخوانهم المسلمين في فلسطين ، والعراق ، والبوسنة والشيشان وأفغنستان ،واندونسيا ، وغيرها من أرض الله، كما يتألم إخوانهم في الحجاز ، ولعلكم أيها القوم تسمعونهم يدعون لهم على مرأى ومسمع من العالم في الحرمين في دعاء القنوت ، فبأي حق تألمتم لهؤلاء وبغضتم أولئك وهم إخوانكم في الإسلام ؟ فيا قوم دعوا التغني بالحدود الجغرافية ، والقوميات
    ------------------------
    1- أخرجه ابن سعد في الطبقات [ج4/83] والحاكم [ج3/598] كلاهما من طريق ابن أبي فديك عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده , وأورد الذهبي في السير في ترجمته سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال[ج1/540]: سلمان الفارسي ، وكان قويا ، فقال المهاجرون: سلمان منا ، وقالت الأنصار : سلمان منا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :<< سلمان منا آل البيت >> وسنده ضعيف .وفي الطبقات لابن سعد [ج4/86]عن علي ابن أبي طالب قال : سلمان الفارسي ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت ، من لكم بمثل لقمان الحكيم علم العلم الأول ،والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأول وقرأ الكتاب الآخر وكان بحرا لا ينزف .


    ص[2]
    المتناحرة ، والطائفيات الحقودة فإنها نعرات جاهلية ، ودعوا التنابز بالألقاب ،والتسمي بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان ، فقد اعتاد الكثير ممن حجموا الإسلام في هذه الزوايا الضيقة ، وحجروا واسعا وجهلوا تاريخ أمتهم وعلمائهم المجيد أن يطلقوا على من خالف مذاهبهم الضيقة ، وحزبياتهم المقيتة أسماء مخترعة ، وينسبونهم إلى ألقاب مشعرة للذم ، ويلصقون بهم التهم حتى ينفروا الناس من الحق الذي جاءوا به ، أو كانوا عليه ، ومن ذلكم لقب الوهابية التي اخترعه العثمانيون الأتراك ليحاربوا به دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لمّا خافوا من انتشارها ، وقبول الناس لها ، وقد وصفوها بأنها دعوة جديدة متشددة منحرفة عن الإسلام المعتدل وأنها ما تحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تصلي عليه ، وتحرم زيارة قبره ، وتكره الأولياء وتنفي ثبوت الكرامات لهم إلى غير ذلك من الافتراءات التي فندها الشيخ ورد عليها واقع هذه الدعوة .
    الوقفة الخامسة : اتهام الوهابية بالأباطيل وإلصاقها بكل مصلح تمسك بالمنهج السلفي .
    وليعلم هؤلاء أنه قد اتهم بالوهابة- المفترى عليها- كثير من المصلحين منهم الشيخ عبد الخميد ابن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ورمي بها ، وكان رده واضحا وقوله عادلا فكتب يقول تحت عنوان : " عبداويون " ثم " وهابيون" ثم ماذا ؟ لا ندري والله .
    لما قفلنا من الحجاز وحللنا بقسنطينة عام 32م ، وعزمنا على القيام بالتدريس أدخلنا في برنامج دروسنا تعليم اللغة وأدبها ، والتفسير ، والحديث ، والأصول ، ومبادئ التاريخ ، ومبادئ الجغرافية ، ومبادئ الحساب ، وغير هذا .. ونحبب الناس في فهم القرآن ، وندعو الطلبة إلى الفكر والنظر في الفروع الفقهية ، والعمل على ربطها بأدلتها الشرعية ، ونرغبهم في مطالعة كتب الأقدمين ،ص[3]
    ومؤلفات المعاصرين ، لما قمنا بهذا وأعلناه قامت علينا وعلى من وافقنا قيامة أهل الجمود والركود ، وصاروا يدعوننا – للتنفير والحط منا – [[ عبداويين]] دون أن أكون – والله – يوم جئت قسنطينة قرأت كتب الشيخ محمد عبده إلا القليل ، فلم نلتفت لإلى قولهم ، ولم نكترث لإنكارهم ، على كثرة سوادهم ، وشدة مكرهم ، وعظيم كيدهم ، ومضينا على ما رسمنا من خطة ، وصمدنا إلى ما قصدنا من غاية ، وقضيناها عشر سنوات في الدرس لتكوين نشئ علمي لم نخلط به غيره من عمل آخر .فلما كملت العشر وظهرت – بحمد الله – نتيجتها ، رأينا واجبا علينا أن نقوم بالدعوة العامة إلى الإسلام الخالص ، والعلم الصحيح ، إلى الكتاب و السنة وهدي صالح سلف الأمة ، وطرح البدع و الضلالات ، ومفاسد العادات ، فكان لزاما أن نؤسس لدعوتنا صحافة تبلغها الناس فكان المنتقد ، وكان الشهاب ، ونهض كتاب القطر ، ومفكرون في تلك الصحف بالدعوة خير قيام ، وفتحوا بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا ، وكانت هذه المرة غضبة الباطل أشد ، ونطاق فتنته أوسع ، وسواد أتباعه أكثر ، وتمالأ علينا دعاة الجمود والبدعة ، وعليهما بنيت صروح من الجاه ، ومنها جرت أنهارالمال ، وأصبحت الجماعة الداعية إلى الله بدعون من الداعين إلى أنفسهم ((الوهابيين )) وو الله ما كنت أملك يومئذ كتابا لابن عبد الوهاب ، ولا أعرف من ترجمة حياته إلا القليل ، ووالله إنما هي أفيكات قوم يهرفون بما لا يعرفون ، ويحاولون من إطفاء نور الله مالا يستطيعون ، وسنعرض عنهم اليوم ، وهم يدعوننا وهابيين، كما أعرضنا عنهم بالأمس وهم يدعوننا عبدواويين ولنا أسوة بمواقف أمثالنا مع أمثالهم من الماضين. آثار ابن باديس ( ج 5/.. )


    ص[4]
    وممن اتهم بها الشيخ العلامة السلفي البشير الإبراهيمي رحمه الله / راجع كلامه كاملا في كتاب آثار محمد البشير الإبراهيمي [ج1/ ص123] وما بعدها قال فيه : ويقولون عنا إننا وهابيون ، كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الخيرة حتى انست ما قبلها من كلمات : عبداويين ، وغباضيين وخوارج ...فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحدوهو مستقر الحق ...
    وممن اتهم بها الشيخ محمد جميل زينو فكتب يقول : كنت أقرأ على شيخ حديث ابن عباس في الأربعين النووية ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : << إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله .. >> حديث حسن صحيح رواه الترمذي . فأعجبني شرح النووي حين قال : ثم إن كانت الحاجة التي يسألها ، لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه ، طلب الهداية والعلم .. وشفاء المريض وحصول العافية .. سأل ربه ذلك .فقلت للشيخ هذا الحديث وشرحه يفيد عدم جواز الاستعانة بغير الله ، فقال لي : بل يجوز . فقلت : وما دليلك ؟ فغضب الشيخ وصاح قائلا : إن عمتي تقول : يا شيخ سعد (( وهو مدفون في مسجده تستعين به )) ، فأقول لها يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول : أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني . قلت له : إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب ثم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة ؟ فقال لي : عندك أفكار وهابية ، أنت تذهب للعمرة و تأتي بكتب الوهابية .. قلت : سبحان الله !!! ما أشبه الليلة بالبارحة .


    ص[5]
    يقول الشيخ : وكنت لا أعرف شيئا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ ، الوهابية نصف كفار لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم ، ولا يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم ، وغيرها من الاتهامات الكاذبة . فقلت في نفسي إن كانت الوهابية تؤمن بالإستعانة بالله وحده وأن الشافي هو الله وحده فيجب أن أتعرف عليها . سألت عن جماعتها ، فقالوا : لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس ، لإلقاء دروس في التفسير والحديث والفقه ، فذهبت إليهم مع أولادي ، وبعض الشباب المثقف ، فدخلت غرفة كبيرة وجلسنا ننتظر الدرس ، وبعد فترة دخل علينا شيخ كبير السن فسلم علينا وصافحنا جميعا مبتدئا بيمينه ثم جلس على مقعد ، ولم يقم له أحد ، فقلت في نفسي هذا شيخ متواضع لا يحب القيام .
    وكنت أنكر على بعض المشايخ الذين يقومون الناس لهم حتى في المساجد ، فبدأ الدرس بقوله : إن الحمد لله نحمده و نستعينه ، ونستغفره ، إلى آخر الخطبة التي كان رسول الله يفتتح بها خطبه ودروسه ، ثم بدأ يتكلم باللغة العربية ، ويورد الأحاديث ويبن صحتها وراويها ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر اسمه ، وأخيرا وجهت له الأسئلة على الأوراق ، فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن والسنة ، ويناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلا ، وقد قال في آخر دروسه : الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون وبعض الناس يقولون أننا وهابيون فهذا تنابز بالألقاب ، وقد نهانا الله عن هذا بقوله : (( ولا تنابزوا بالألقاب ..)) سورة الحجرات : وقديما اتهموا الإمام الشافعي بالرفض فرد عليهم قائلا : إن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافض .
    ونحن نرد على من يتهمنا بالوهابية بقول أحد الشعراء :
    إن كان تابع أحمد متوهبا فأنا المقر بأنني وهابي .
    ولما انتهى خرجنا مع بعض الشباب معجبين بعلمه وتواضعه ، وسمعت أحدهم يقول :هذا هو الشيخ الحقيقي !!! والشيخ هو الألباني.رسالته القيمة [ الفرقة الناجية ( ص 35) .
    وممن اتهم بها الشيخ الألباني رحمه الله :كما ذكر هو عن نفسه في آخر الدرس الذي أخبر عنه الشيخ جميل زينو في رسالته المشار إليها آنفا ، وتمثل الشيخ بذلك البيت من الشعر :


    إن كان تابع احمد متوهبا فأنا المقر بأنني وهابي.



    ص[6]
    وقد وجه إليه رحمه الله هذا السؤال . يقول السائل : نسمع كثيرا عن الوهابية ، ونسمع أنهم يكرهون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يزورون قبره ، ويقول بعض المشايخ : إن الرسول تنبأ عنهم حينما قال : << نجد قرن الشيطان .. >> {1} فما هو جوابكم على هذا الكلام ؟ .
    فأجاب رحمه الله قائلا: الحقيقة أن هذا السؤال – مع الأسف الشديد – راسخ أثره في كثير من المسلمين ، والوازع عليه قديما هي السياسة ، لكن هذه السياسة مضى زمنها وانقضى ، لأنها كانت سياسة من دولة الأتراك ، ولا أصل في هذا إنما لفتة نظر ، كانت سياسية من دولة الأتراك ، يوم خرج رجل من أهل العلم والإصلاح وهو المسمى (( بمحمد بن عبد الوهاب )) في بعض البلاد النجدية يدعوا من حوله إلى الإخلاص الذي أشرنا إليه آنفا ، في عبادة الله وحده ، فلا يشرك معه غيره ، ومن ذلك مثلا : مما هو لا يزال مع الأسف الشديد آثاره قائمة في بعض البلاد الإسلامية
    ------------------------
    1 - تنبيه : ورد في الحديث : << اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا ، قالوا : وفي نجدنا . قال : من هنا يطلع قرن الشيطان >> البخاري . قال الحافظ ابن حجر وغيره أن نجد الوارد في الحديث هو نجد العراق ، فقد ظهرت الفتن هناك حيث قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ، وهذا خلافا لما يظنه بعض الناس أن المراد بنجد في الحديث ن نجد الحجاز حيث لم يظهر فيها شيء من الفتن التي ظهرت في العراق ، بل ظهر من نجد الحجاز التوحيد. قلت : لا توجد فتنة ظهرت في الجزيرة العربية إلا وكان وراءها محرك من العراق وقد ذكر أهل العلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب من مجددي القرن الثاني عشر الهجري .


    ص[7]
    خلافا لذلك الإقليم الذي خرج فيه ذلك المصلح محمد بن عبد الوهاب ، هذا الإقليم الآن والحمد لله لا يوجد فيه نوع من الشرك بينما ذلك يوجد في كثير من البلاد الإسلامية ، وما خبر الخميني ووفاته والإعلان عن انتخاذ قبره كعبة يحج إليها الإيرانيون وما ذلك عنكم ببعيد ، هذا الرجل محمد بن عبد الوهاب ، لما خرج ودعا إلى عبادة الله عزو جل وحده ، اتفق بحكمة يريدها الله عز وجل ، أنه كان هناك أمير من أمراء نجد وهو سعود جد العائلة القائمة الآن ، فتعاون الشيخ مع الأمير ، تعاون العلم مع السيف ، وأخذوا ينشرون التوحيد ، ودعوة التوحيد في بلاد نجد ، يدعون الناس تارة بالكلام ، وتارة بالسنان ، من أجاب بالكلام فهذا هو المطلوب ، وإلا لم يأت إلا بالقوة فانتشرت هذه الدعوة حتى وصلت إلى بعض البلاد الأخرى ، علما أن بلاد نجد وسائر البلاد الإسلامية التي حولها من العراق والأردن ... إلخ كانت كلها محكومة بحكم الأتراك الخلافة المتوارثة ، ثم بدأ اسم هذا الرجل بعلمه ، وذلكم الأمير بإدارته ينشر وينتشر ، فخشي الأتراك أن تظهر هناك في العالم الإسلامي دولة تناقض دولتهم ، فأرادوا أن يقضوا عليها ، وهي لا تزال بعقر دارها ، بإشاعة الشائعات الباطلة عنهم ، مما جاء في السؤال أو نحو ذلك مما نسمعه كثيرا وكثيرا . فأنا قلت آنفا : أن السبب الأساسي سياسي ، هذا هو، . لكن السياسة هذه قضي عليها ، ولسنا الآن في بحث تاريخي ، ولكن السبب الآخر هو جهل الناس بحقيقة الدعوة ، وهذا الجهل يذكرني ، بقصة كنت قرأتها من بعض المجلات : أن رجلين وهما يتناقشان في الطريق ، حول دعوة محمد بن عبد الوهاب التي يسمونها (( الوهابية )) يدعي أحدهما أن هؤلاء ما يعتقدون إلا بالله فقط ، أما محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعتقدون فيه ، ما يقولوا إلا : لا إله إلا الله – ويقوا الآخر هذا غير صحيح ، وأثنائها مرت سيارة


    ص[8]
    للسفير السعودي ، وإذا بالعلم يرفرف على السيارة بصورة واضحة : لا إله إلا الله محمد رسول الله . يا جماعة اتقوا الله ، كيف تقولون أن هؤلاء الناس لا يؤمنون إلا بالله ، وعلمهم هو العلم الوحيد في الدنيا الذي يكتب عليه إشارة التوحيد الذي قال عليه الصلاة و السلام فيها : << أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله . فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم و أموالهم وحسابهم على الله >> متفق عليه . فكيف تقولون في هؤلاء الجماعة وتفترون عليهم ، هذا علمهم المرفوع يقضي عما في صدورهم من إيمان بالرسول .
    هذا الشيء ، والشيء الأكبر والأهم ، هذا علم ممكن أن يقال أنه مزور ، يعني دعاية مغرضة .. الخ ، لكن ما بالهم حتى اليوم يحجون كل عام بأمان و يعتمرون كل سنة بأمان و اطمئنان ، لم يكن ذلك يحظ به من زمن الأتراك الذين أشاعوا عنهم تلك الفرية الكاذبة ، أنتم تعلمون أنه في كثير من السنين بالنسبة لآبائنا فضلا عن أجدادنا كان لابد أن يصاحب كل قافلة حجاج من أي بلد جماعة مقاتلة ، مستعدون للمحافظة عليها ممن ؟ .. من قطاع الطرق .
    يا سبحان الله! هذا الشيء مضى وانقضى ، وأصبح الأمن بأي سياسة ؟ بالسياسة التي يسمونها السياسة الوهابية ، حتى هذه الساعة ..
    فإذا فرضنا أن هذا العلم الذي يلوح بالإيمان الصحيح والتوحيد الصحيح المقرون بالإيمان بأن محمد رسول الله ، زورا وبهتانا ، ألا ترونهم في المساجد هناك يعبدون الله ، ويؤذنون كما يؤذن في كل البلاد ، فإلى الآن يحج الناس ، ويسمعون هذا الآذان بالشهادة لله بالوحدانية ، ولنبيه بالرسالة ، ثم يصلون صلاتنا ، ويذكرون الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكلما ذكر يصلون عليه ، وربما أكثر من


    ص[9]
    هؤلاء الناس الذين يقولون عنهم : هؤلاء وهابيون ما يحبون الرسول ، وما يصلون على الرسول ، ياجماعة اتقوا الله ، هذه فرية يبطلها واقع هؤلاء الجماعة ، بحيث لا يمكن أن يقال أنهم في بلادهم يداهنون الساكنين خارج بلادهم ، وإنما هذا نابع من قلوبهم بالإيمان بلا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والسير على منهاج رسول الله ، بدون زيادة ، ولا أقول دون نقص ، لأن هذا النقص طبيعة الإنسان ، لكن من حيث العقيدة دون زيادة ولا نقصان ، أما من حيث العبادة دون زيادة ، وقد يكون هناك نقصان ، فهذه الكلمة حتى اليوم فيها اتهام للجماعة بما هم بريئون منه كما يقال براءة الذئب من دم ابن يعقوب .
    وممن اتهم بها الشيخ البرقاوي ، والعبوشي : فكتبا يقولان : أوهابية أم قرآن وسنة ؟ قبل نحو قرنين ظهر في نجد عالم مصلح اسمه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، طلب العلم في نجد والإحساء والعراق ، والحجاز ، ثم استقر في نجد ، وعندما رأى ما عليه الناس هناك من الحلف بأصحاب المزارات ، وتقديم النذور لهم والطلب منهم مالايطلب إلا من الله سبحانه ونحو ذلك قام يدعو إلى الإصلاح ، وكان الرجل على مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله ، وعلى عقيدة السلف الصالح رضي الله عنهم ، هذه النهضة التي قامت على يد محمد بن عبد الوهاب في نجد وما حولها ، نجحت نجاحا تاما ، واستلم أنصارها الحكم من جميع تلك المناطق باسم الحكومة السعودية ، حينها خاف العثمانيون الأتراك أن يؤثر نفوذ السعوديين على سلطتهم من الأقطار العربية الأخرى ، فصاروا يحاربون


    ص[10]
    السعوديين بشتى الأساليب * حاربوهم عسكريا بأن شجعوا إبراهيم باشا المصري فغزا بلادهم وحاربوهم فكريا بأن استغلوا العداء الموجود بينهم وبين المتصوفة ، فرفعوا من شأن المتصوفة حتى يلتف الناس حولهم ويكرهوا السعوديين ، وصار العثمانيون والمتصوفة يتهمون السعوديين بأنهم جاءوا بنحلة جديدة سموها هم الوهابية ، نسبة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وصاروا يشيعون أن الوهابية لا تحترم الرسول ، ولا تحترم الأولياء .
    وكان ممن باع نفسه للضلال ومناصرة التصوف الغالي علماء لهم مراكز رسمية كثيرة، منهم مفتي مكة أحمد زيني دحلان، ومنهم بعض كبار علماء الأزهر، ومنهم إسماعيل النبهاني، وكان موظفا دينيا كبيرا في بيروت، صار هؤلاء العلماء يؤلفون الكتب في ذم السعوديين، وينشرونها، وناهيك بكتب يحملها الحجاج قادمة من مفتي مكة ، ويحملها طلبة الأزهر قادمة من علماء الزهر ، في وقت كان دعاة الإصلاح فيهم قلائل ، وأولياء الأمر في صف غير صفهم ، أضف إلى هذا تفاني الصوفيين في مقاومة حركة الإصلاح، حرصا على ما ينالونه من جاه ونذور وهدايا، بطرق محمرمة، هذه هي الأسباب التي ساعدت على وجود كلمة وهابية، وعلى نفرة الناس من المتهمين بها.أنظر آثار ابن باديس [ص103].
    وهي كما ترى أسباب باطلة ، واهية لم تنهض لأقناع الناس ؛ لذلك سرعان ما تلاشت أمام دعوة الحق التي أقبل عليها الناس واحدانا وزرافات .
    ------------------------
    *- هذه طريقة كل من كان على طريق الباطل ، إذا إعوزته الحجة والبرهان ، وعجز عن مقارعة الحق ، لجأ إلى القوى وإلى الحرب بشتى الوسائل ، خوفا من دعوة الحق والدليل ، كما أخبر الله عن فرعون حيث قال لقومه :{{ إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد }} والله غالب على أمره ولو كره الكافرون .

    تعليق

    يعمل...
    X