ذكرتم في درس سابق انواع الفراسة انها ثلاثة اه رياضية وخلقية وايمانية وارجو منكم توضيح ذلك هذا ذكرناه في اخر شرح الطحاوية تكلمنا عن الكرامة لان الفراسة الايمانية من الكرامة لان العبد يدرك بها اشياء لا تظهر عادة لعامة الناس واما الفراسة الرياظية هذه تحصل بالرياظة يعني التعليم وبالتدريب كان يقال ان يعلم اشياء بها يكون عنده فراسة والامور الظاهرة ويدخل فيها احكام القيافة ونحو ذلك والخلقية في اه الفراسة متعلقة بالوجه او بالشكل اليد وقال هذا عيونه واسعة معناه ان خلقه كذا هذا اعرج معناه انه من خلقه كذا انفه كذا وجهه مدور معناه ان من اخلاقه كذا يكون عبوس يكون شحيح يكون خداع كذاب هذا وجهه طويل يعني كذا يده صفته هكذا رجله صفتها كذا قد صنف فيها عدد من علماء اه الناس في هذا الفن من اليونان ومن المنتسبين في هذا الاسلام وذكرت لكم ان الشافعي رحمه الله تعالى كان قد عانى هذا النوع من الفراسة1 الفراسة الخلقية فلا ادري ذكرت لكم قصته مع الرجل الذي انزله هو ثم طالبه بثمن او باجرة المبيت كانت الصفة التي في الرجل هذا ارجعون لها القصة طويلة ما يريد ان يكررها المقصود من ذلك ان هذه هي الفراسة الخلقية اما الفراسة الايمانية فهي نور يقذفه الله في قلب العبد الصالح يدرك به ربما ما في نفوس الاخر او ما يريدون بكلامهم او بتصرفاتهم او ما سيعملون وهذا من انواع الكرامة ------- منقول 1 ومن قصص الفراسة عند الإمام الشافعي : قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى في (( آداب الشافعي ومناقبه )) ص(96-97) : ” ثنا أحمد بن سلمة بن عبد الله النيسابوري ، عن أبي بكر بن إدريس – وراق الحميدي – سمعت الحميدي يقول : قال محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه : خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها ، ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في طريقي وهو محتبٍ بفناء داره ، أزرق العينين ناتئ الجبهة سِنَاط – قال محقق الكتاب : هو الكوسج الذي لا لحية له أصلاً كما في المختار. فقلت له : هل من منزل ؟ قال : نعم قال الشافعي : وهذا النعت من أخبث ما يكون في الفراسة !! فأنزلني ، فرأيت أكرم رجل بعث إلي بعشاء وطيبٍ وعلفٍ لدابتي وفراشٍ ولحاف ، فجعلت أتقلَّبُ الليل أجمعَ : ما أصنع بهذه الكتب ؟ ، إذ رأيت هذا النعت في هذا الرجل ، فرأيت أكرم رجل, فقلت : أرمي بهذه الكتب !! فلما أصبحتُ قلتُ للغلام : أسرِج ، فأسرَج . فركبت ومررتُ عليه ، وقلت له : إذا قدمت مكة ومررت بذي طوى فسل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي. فقال لي الرجل : أمولى لأبيك أنا ؟! , قلت : لا ! قال : فهل كانت لك عندي نعمة ؟! , قلت : لا !! قال : أين ما تكلفتُ لك البارحة ؟! , قلت : وما هو ؟! قال : اشتريتُ لك طعاماً بدرهمين ، وإداماً بكذا ، وعطراً بثلاثة دراهم ، وعلفاً لدابتك بدرهمين ، وكراءُ الفراش واللحاف درهمان. قلتُ : يا غلام أعطه ، فهل بقي من شيء ؟! قال : كراء المنزل ، فإني وسَّعتُ عليك وضيَّقتُ على نفسي !! قال الشافعي : فغبطت نفسي بتلك الكتبِ ! فقلت له بعد ذلك : هل بقيَ من شيء ؟! قال : امض أخزاك الله ، فما رأيت قط شراً منك.