أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بن مُحَمَد بنْ سَلَامَة الأُزْدِيّ الطَحَاوِيّ
(( مجلة البيان ـ العدد [ 7 ] صــ 33 ذو الحجة 1407 ـ أغسطس 1987 ))
من أعلام الإسلام الطحاوي 229-321 هـ[1](( مجلة البيان ـ العدد [ 7 ] صــ 33 ذو الحجة 1407 ـ أغسطس 1987 ))
أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي ، نسبة إلى ( طحا ) في قرى مصر ، ولد سنة تسع وعشرينومائتين . تفقه على مذهب الإمام الشافعي ثم انتقل إلى مذهب الإمام أبي حنيفة .
وقد ذكر ابن خلكان في الوفيات : أن سبب انتقاله إلى مذهب أبي حنيفة ورجوعه عن مذهب الشافعي لأن خاله المزني قال له يوماً : والله لا يجيء منك شيء .
فغضب وتركه واشتغل على أبي جعفر بن أبي عمران الحنفي ، حتى برع وفاق أهل زمانه ، وانتهت إليه رئاسة الحنفية في مصر .
شيوخه :
تخرج -رحمه الله- على كثير من الشيوخ ، وأفاد منهم ، وقد أربى عددهم
على ثلاثمائة شيخ ، فقد سمع من هارون بن سعيد الأيلي ، وعبد الغني بن رفاعة ،ويونس بن عبد الأعلى ، وعيسى بن مثرود ، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم ،
وبحر بن نصر الخولاني ، وخاله أبي إبراهيم المزني ، فقد روى عنه مسند الشافعي ،وسليمان ابن شعيب الكيساني ، ووالده محمد بن سلامة ، وإبراهيم بن منقذ ،والربيع بن سليمان المُرَادي ، وبكار بن قُتيبة ، ومقدام بن داوود الرُعيني ، وأحمد ابن عبد الله بن البرقي ، ومحمد بن عقيل الفريابي ، ويزيد بن سنان البصري وغيرهم .
تلاميذه :
وروى عنه خلق منهم : أحمد بن القاسم الخشاب ، وأبو الحسن محمد ابن أحمد الأخميمي ، ويوسف الميانجي ، وأبو بكر بن المقريء ، وأبو القاسم الطبراني ، وأحمد بن عبد الوارث الزجاج ، وعبد العزيز بن محمد الجوهري ، قاضي
الصعيد ، ومحمد بن بكر بن مطروح ، ومحمد بن الحسن ابن عمر التنوخي ،ومحمد بن المظفر الحافظ ، و غيرهم .
وارتحل إلى الشام في سنة ثمان وستين ومائتين ، فلقي القاضي أبا خازم وتفقه عليه .
عقيدته ومنهجه :
الإمام الطحاوي من أئمة السلف الصالح ، العاملين على هدي من الله وبصيرة ،الذين لا يألون جهداً في نشر مذهب السلف في العقيدة المستمدة من الكتاب والسنة ،
وخير شاهد على ذلك كتابه العظيم -والذي تلقاه العلماء سلفاً وخلفاً بالقبول-(العقيدة الطحاوية) فإن الدارس لهذا الكتاب يتبين له من خلال دراسته أن مؤلفه - رحمه الله- قد التزم بمنهج أهل السنة والجماعة ، في مفهوم الاعتقاد ، وخاصة فيما يتعلق بالأسماء والصفات ، والتي جنحت فيها كثير من الفرق ، من مشبهة ، ومعطلة ، ومؤولة إلا ما أخذ عليه في بعض المواطن النادرة (وأبى الله أن يتم إلاكتابه) .
أما منهجه في المذهب وترجيحه للأقوال فإنه يعتبر قدوة ومدرسة في ذلك ،فلم يمنعه التزامه بمذهب ( أبي حنيفة رحمه الله ) النظر في الأدلة والأقوال المخالفة لمذهبه ، وترجيح بعضها على بعض بحسب ما يراه راجحاً ، وما يتبين له من الحق ، وهذا من أمثل المناهج في التفقه والنظر ، وذلك لمن حصلت له الأهلية في ذلك .
ومما يؤيد ذلك ما قاله ابن زولاق : » سمعت أبا الحسن علي بن أبي جعفر الطحاوي يقول : سمعت أبي يقول : وذكر فضل أبي عبيد بن جرثومة وفقهه ، فقال :كان يذاكرني في المسائل فأجبته يوماً في مسألة فقال لي : ما هذا قول أبي حنيفة !
فقلت له : أيها القاضي أو كل ما قاله أبو حنيفة أقول به ؟ فقال : ما ظننتك إلا مقلداً ، فقلت له : وهل يقلد إلا عصبي ، فقال لي : أو غبي ، قال : فطارت هذه بمصر حتى صارت مثلاً وحفظها الناس « [2] .
ثناء العلماء عليه :
لقد أثنى على الإمام الطحاوي غير واحد من أهل العلم ، والفقه ، والحديث ، وعلماء الجرح والتعديل . قال ابن يونس : وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً ، لم يخلف مثله .
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء : الإمام العلامة ، الحافظ الكبير ، محدث الديار المصرية وفقيهها . وقال ابن كثير في البداية والنهاية : الفقيه الحنفي ، صاحب التصانيف المفيدة ، والفوائد الغزيرة ، وهو أحد الثقات الأثبات ، والحفاظ الجهابذة .
وقال ابن الجوزي في المنتظم : كان الطحاوي ثبتاً ، فقيهاً ، عاقلاً . وقال الصلاح الصفدي في الوافي : كان ثقة نبيلاً ، ثبتاً ، فقيهاً ، عاقلاً لم يخلف بعده مثله .
وقال السيوطي في طبقات الحفاظ : الإمام العلامة الحافظ ، صاحب التصانيف البديعة .
مصنفاته :
أما تصانيفه فقد كانت غاية في التحقيق ، وحوت من الفوائد وحسن العرض والتصنيف ما جعلها جديرة بالاهتمام منها :
1- العقيدة الطحاوية : والتي قال عنها السبكي : (جمهور المذاهب الأربعة
على الحق يقرؤون عقيدة الطحاوي التي تلقاها العلماء سلفاً وخلفاً بالقبول ) [3] .
2- اختلاف العلماء .
3- بيان السنة والجماعة في العقيدة .
4- حكم أراضي مكة المكرمة .
5- شرح الجامع الصغير والكبير للشيباني في الفروع .
6- عقود المرجان في مناقب أبي حنيفة النعمان .
7- الفرائض .
8- قسمة الفيء والغنائم .
9- كتاب التاريخ .
10- كتاب التسوية بين حدثنا وأخبرنا .
11- الشروط الصغير .
12- الشروط الكبير .
13- المحاضرات والسجلات .
14- المختصر في الفروع .
15- نقد المدلسين على الكرابيسي .
16- اختلاف الروايات علي مذهب الكوفيين .
17- مشكل الآثار .
18- شرح معاني الآثار .
وفاته :
توفي -رحمه الله- سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، ليلة الخميس مستهل ذي القعدة . بمصر ، ودفن بالقرافة .
إعداد : سليمان الحرش
________________________(1) انظر ترجمته في طبقات الشيرازي 8/218 ، الأنساب 8 / 218 ، تاريخ ابن عساكر 2 /189-190 المنتظم 6 / 186 ، وفيات الأعيان 1 / 71- 72 ، الوافي بالوفيات 8 / 9 -10 ، مرآت الجنان 2 / 281 ، تذكرة الحفاظ 3 / 808 ، البداية والنهاية 11/174 العبر 2 / 11 ، سير أعلام النبلاء 15 / 27-32 ، لسان الميزان 1 / 174-282 ، شذرات الذهب 2 / 288 ، طبقات الحفاظ 339 ، حسن المحاضرة 198 ، اللباب 2 / 275 ، كشف الظنون 5 / 58 ، النجوم الزاهرة 3 /239 ، مقدمة العقيدة الطحاوية ، مقدمة شرح معاني الآثار ، وكتب أخرى .
(2) لسان الميزان لابن حجر في ترجمته للطحاوي 1 / 280 .
(3) من كتابه معيد النعم ومبيد النقم .
تعليق