بسم الله الرحمن الرحيم
سمعت قبل أيام أن بعض أثرياء العرب ينوي شراء عربة الشاب الذي حرق نفسه في تونس قبل مدة بمبلغ طائل ، ووجدت هذه الفتوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهي مفيدة في هذا الموضوع ، نفع الله بها.
"
سؤال: مضمونه: استنكار بعض الغيورين ما يصرف من الأموال الطائلة في شراء ما يسمونه المخلفات الأثرية لبعض الأشخاص المشاهير أو المعظمين من ملابس ومقتنيات كان يقتنيها أو يستعملها ذلك الشهير أو المعظم في حياته، ويدفعون في مقابل الحصول على ذلك مبالغ طائلة قد تصل إلى الملايين.
ج: لا شك أن هذا عمل محرم من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا العمل نوع من الوثنية ؛ لأنه قد يفضي إلى الشرك، والتبرك بتلك الآثار، والتعلق بأصحابها من دون الله عز وجل، وما وقع الشرك في الأمم السابقة إلا بسبب تعظيم آثار عظمائهم وصالحيهم، كما حصل لقوم نوح وغيرهم.
الوجه الثاني: أن بذل الأموال في الحصول على تلك الآثار هو من أعظم الإسراف والتبذير ، اللذين حرمهما الله في محكم كتابه ، كما قال تعالى : { وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } (1) { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } (2) وقال تعالى : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } (3)
الوجه الثالث : أنه قد جاء الشرع المطهر بوجوب الحجر على السفهاء والمبذرين ، لمنعهم من ذلك ، قال تعالى : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا } (4)
فالواجب على ولاة الأمور وفقهم الله وضع حد لمثل هذا التصرف المشين ، والتوجيه بصرف هذه المبالغ في سبيل الله عز وجل من كفالة الأيتام وإطعام الفقراء والمساكين وسد عوز المعوزين ، وتمويل المشاريع الخيرية العامة . وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
الفتوى رقم ( 21064 )
فتاوى اللجنة الدائمة - 1 - (26 / -125-126)
__________
(1) سورة الإسراء الآية 26
(2) سورة الإسراء الآية 27
(3) سورة الأعراف الآية 31
(4) سورة النساء الآية 5