حكم مصافحة المرأة العجوز
السؤال: ما حكم مصافحة العجوز (60) سنة أو أكثر؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فإنّه باستثناء محارمه فلا يجوز-شرعا- للرجل أن يصافح امرأة أجنبية لا تحل له سواء شابة كانت أو عجوزا، وسواء بحائل أو بغير حائل لعموم حديث معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»(١) ولم يفرق الحديث بين الوصفين والحالتين، ويؤيد ذلك فعله صلى الله عليه وسلم أنّه لما بايع النساء لم يبايعهن بالمصافحة كما صنع ذلك مع الرجال وإنّما بايعهن بالكلام، قالت عائشة رضي الله عنها:«ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلاّ بالكلام»(٢)، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إني لا أصافح النساء»(٣) والخطاب له خطاب لسائر أمته.
ومن جهة أخرى فإنّ التماس البشرة حال المصافحة يحرك الشهوة بالمس وهو أعظم من النظر، الأمر الذي يحدث فتنة إلاّ في الشيء النادر، والنادر منتف حكمه فليس له اعـتبار، ولا يخفى أنّ مثل هذه الفتن أسبابها ودواعيها حذر منها الشرع كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء»(٤) وقوله صلى الله عليه وسلم:«إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء»(٥) ويحرم ذلك قطعا لأسباب الفتنة وسدا لذريعة الشر والخبث، جريا على قاعدة:"ما أدى إلى حرام فهو حرام" لأنّ الوسائل لها حكم المقاصد.
أمّا ما نقل عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنّه كان في خلافته يخرج إلى بعض القبائل التي كان مسترضعا فيها، فكان يصافح العجائز، فقد استغربه الزيلعي في "نصب الراية"(٦) وقال الحافظ في "الدراية": "لم أجده"(٧)، وأمّا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه كان يصافح النساء من تحت الثوب فضعيف لا ينتهض للاحتجاج فضلا عن معارضته بالصحيح من الأحاديث الصحيحة(٨).
هـذا، وإذا كان مصافحة المرأة الأجنبية لا يجوز فتقبيلها يحرم من باب أولى اتفاقا لما أخرجه أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:«لكل ابن آدم حظه من الزنا... فاليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القُبَل»(٩). أمّا إلقاء السلام عليهن إذا أمنت الفتنة ودعت الحاجة فالأصل فيه الجواز لحديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنهما:"أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مرَّ في المسجد يوما وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم"(١٠) ولحديث أمّ هانيء أنّه لمّا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، سلّمت عليه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"مرحبا"(١١). ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال:" كانت لنا عجوز... فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها.."(١٢) ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام" قالت: قلت وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى"(١٣) وقد كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم على صورة الرجل، وقد بوّب البخاري لهذا الحديث وما قبله: (باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال) قال الحافظ في الشرح: "والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة"(١٤).
والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
http://www.ferkous.com/rep/Bj7.php
السؤال: ما حكم مصافحة العجوز (60) سنة أو أكثر؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فإنّه باستثناء محارمه فلا يجوز-شرعا- للرجل أن يصافح امرأة أجنبية لا تحل له سواء شابة كانت أو عجوزا، وسواء بحائل أو بغير حائل لعموم حديث معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»(١) ولم يفرق الحديث بين الوصفين والحالتين، ويؤيد ذلك فعله صلى الله عليه وسلم أنّه لما بايع النساء لم يبايعهن بالمصافحة كما صنع ذلك مع الرجال وإنّما بايعهن بالكلام، قالت عائشة رضي الله عنها:«ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلاّ بالكلام»(٢)، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إني لا أصافح النساء»(٣) والخطاب له خطاب لسائر أمته.
ومن جهة أخرى فإنّ التماس البشرة حال المصافحة يحرك الشهوة بالمس وهو أعظم من النظر، الأمر الذي يحدث فتنة إلاّ في الشيء النادر، والنادر منتف حكمه فليس له اعـتبار، ولا يخفى أنّ مثل هذه الفتن أسبابها ودواعيها حذر منها الشرع كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء»(٤) وقوله صلى الله عليه وسلم:«إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء»(٥) ويحرم ذلك قطعا لأسباب الفتنة وسدا لذريعة الشر والخبث، جريا على قاعدة:"ما أدى إلى حرام فهو حرام" لأنّ الوسائل لها حكم المقاصد.
أمّا ما نقل عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنّه كان في خلافته يخرج إلى بعض القبائل التي كان مسترضعا فيها، فكان يصافح العجائز، فقد استغربه الزيلعي في "نصب الراية"(٦) وقال الحافظ في "الدراية": "لم أجده"(٧)، وأمّا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه كان يصافح النساء من تحت الثوب فضعيف لا ينتهض للاحتجاج فضلا عن معارضته بالصحيح من الأحاديث الصحيحة(٨).
هـذا، وإذا كان مصافحة المرأة الأجنبية لا يجوز فتقبيلها يحرم من باب أولى اتفاقا لما أخرجه أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:«لكل ابن آدم حظه من الزنا... فاليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القُبَل»(٩). أمّا إلقاء السلام عليهن إذا أمنت الفتنة ودعت الحاجة فالأصل فيه الجواز لحديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنهما:"أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مرَّ في المسجد يوما وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم"(١٠) ولحديث أمّ هانيء أنّه لمّا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، سلّمت عليه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"مرحبا"(١١). ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال:" كانت لنا عجوز... فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها.."(١٢) ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام" قالت: قلت وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى"(١٣) وقد كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم على صورة الرجل، وقد بوّب البخاري لهذا الحديث وما قبله: (باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال) قال الحافظ في الشرح: "والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة"(١٤).
والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
http://www.ferkous.com/rep/Bj7.php
١- أخرجه الروياني في مسنده (227/2)، والطبراني في الكبير(20/210)، من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/44 رقم (226)
٢- أخرجه البخاري في الشروط (2713)، ومسلم في الإمارة (4941)، وأحمد (27080)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٣- أخرجه الترمذي في السير(1597)، والنسائي في البيعة (4181)، وابن ماجه في الجهاد (2874)، ومالك في الموطأ (1812)، وأحمد (27765)، والدارقطني في السنن (4327)، والبيهقي (17010)، من حديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/63) رقم (529).
٤- أخرجه البخاري في النكاح (480، ومسلم في الذكر والدعاء (6945)، والترمذي في الأدب (2780)، وابن ماجه في الفتن (399، وأحمد (22463)، والحميدي في مسنده (574)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
٥- أخرجه مسلم في الذكر والدعاء (694، والترمذي في الفتن (2191)، وابن حبان (3221)، وأحمد (10785)، والبيهقي (6746)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
٦- نصب الراية للزيلعي:(4/240).
٧- الدراية لابن حجر:(2/225).
٨- انظر السلسلة الصحيحة للألباني (2/64).
٩- أخرجه البخاري في الاستئذان (6243)، ومسلم في القدر (6925)، وأبو داود في النكاح (2152)، وأحمد (11209)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
١٠- أخرجه أبو داود في الأدب (5204)، والترمذي في الاستئذان (2697)،وابن ماجه في الأدب (3701) وأحمد (28356)، من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها. وصححه الألباني دون الإلواء باليد في جلباب المرأة المسلمة (194).
١١- أخرجه البخاري في الصلاة (357)، ومسلم في صلاة المسافرين (1702)، من حديث أمّ هانئ رضي الله عنها.
١٢- أخرجه البخاري في الاستئذان (624، والبيهقي (6160)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.
١٣- أخرجه البخاري في الاستئذان (6249)، والترمذي في الاستئذان (3882)، وأحمد (26494)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٤- فتح الباري لابن حجر (11/41).