بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله, نحمَده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له, ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعد:
فإن من المعروف لدى طلاب القرآن: أن حرف الضاد هو أصعب الحروف وأشدها على اللسان؛ ومن أجل ذلك نجد أنه أكثر الحروف التي يقع الخطأ والتنطُّع في نطقها؛ وهذا يرجع إلى عدة أسباب, منها:
- عدم تلقّيه عن مُعلِّم مُتقِن.
- تلقيه من الكتب.
- عدم التدرُّب عليه جيِّدًا.
- الوسوسة.
وقد وقفت على كلام نفيس للإمام ابن الجزري - رحمه الله - في كتابه "النشر" ينبغي أن يكون نصب عينَيْ كُلِّ مَن يريد تعلُّم تجويد القرآن, حيث قال:
وقد خطر ببالي أن أُفرِدَ موضوعًا أتكلم فيه بتفصيلٍ عن كيفية نطق هذا الحرف؛ لعله يفيد إخواني طلاب القرآن ـ إن شاء الله تعالى ـ, فأقول - مستعينًا بالله سائلًا إياه التوفيق والسداد:
يقول الإمام ابن الجزري في "المقدمة الجزرية":
13) .................................. **** وَالضَّادُ: مِنْ حَافَـتِـهِ إِذْ وَلِـيَـــا
14) لَاضْرَاسَ مِنْ أَيْسَرَ أَوْ يُمْنَاهَـا **** ..................................
(من حافته إذ وليا(1) لاضراس) المعنى: من حافة اللسان التي تلي الأضراس.
(من أيسر أو يمناها) أي من أيسر الحافة - وهو الأكثر والأسهل - أو أيمنها - وهو قليل وعسير - أو من كلا الحافتين - وهو أقل وأعسر -.
آليّة خروج الضاد الساكنة:
عندما ننطق الضاد الساكنة نجعل كل حافتي اللسان - سواء ما يلي الأضراس منهما أم ما يلي غيرها - تقرع ما يليها من الحنك الأعلى, وبمعنى آخر: أن نجعل كل اللسان تلتصق حوافه بما يليها من لثة الأسنان العليا, ولكن هذا الالتصاق من قِبَل حافة اللسان ليس بنفس النسبة, فالجزء منها الذي يلي غير الأضراس يلامس بدون ضغط, بينما الجزء الذي يلي الأضراس يكون منه ضغط واتكاء على لثة الأضراس.
الهواء الخارج من الرئتين سيصل عند المنطقة المحصورة بين اللسان وبين الحنك - والتي قد أُغلِقَت من جميع جوانبها - ثم لن يجد طريقهُ للخروج, ومع زيادة ضغط هذا الهواء في تلك المنطقة سيقوم هذا الهواء بمحاولة الخروج إما من الجانبين(2) - وهي منطقة الضغط والاتكاء - أو من جزءِ الحافة الذي لا يلتصق بلثة الأضراس - وهي منطقة الملامسة من غير ضغط - , فبسبب كون منطقة الملامسة غير محكمة الإغلاق فسيندفعُ اللسان فيها إلى الأمام تحت تأثير ضغط الهواء عليه من الخلف, ولكن هذا الاندفاع إلى الأمام ليس إلا بمقدار ملليمترات قليلة, إلى أن يصل طرف اللسان إلى منطقة التقاء اللحم بالأسنان, حينها ينتهي زمن الضاد الساكنة.
وينبغي هنا التنبيه على أشياء:
1- أنه عند ارتفاع حافة اللسان التي تلي الأضراس لتقرع لثة الأضراس العليا فإن باقي الحافة سيرتفع تلقائياً ليغلق باقي الحنك, فلا داعي عند نطق الضاد إلى التركيز على هذا الأمر فإنه يحدث تلقائياً.
2- إذا طبَّق الإنسان كيفية نطق الضاد بشكل صحيح فإن اندفاع طرف اللسان إلى الأمام سوف يحدث كذلك تلقائياً.
3- على الأنسان أن يحرص على أنه عندما الحنك الأعلى في الجزء الأمامي أن يَقرع قَبْل منطقة التقاء اللحم بالأسنان بمليمترات قليلة - وهي المسافة التي سيتحركها اللسان إلى الأمام تحت تأثير الضغط - لكي يجد طرفُ لسانه مجالاً للتحرك إلى الأمام للوصول إلى منطقة التقاء اللحم بالأسنان.
4- عليه عندما يصل طرف لسانه إلى منطقة التقاء اللحم بالأسنان أن لا يزيد على ذلك لئلا يدخل في حيز حرف الظاء.
5- بالنسبة لمنطقة الضغط والاعتماد يصح أن يكون هذا الضغط وهذا الاعتماد متوزعاً على الجهتين بالتساوي ويصح أن يكون على إحدى الجهتين دون الأخرى.
6- أن قوة اندفاع الهواء الخارج من الرئتين ينبغي أن تكون طبيعية, لا بشكل ضعيف لا يقوى به على دفع اللسان, ولا بشكل قوي يجعله يدفع اللسان بقوة وسرعة فلا يجعل الضاد تأخذ حقها من الزمن, وإنما يكون ضغطاً عادياً لا إفراط فيه ولا تفريط.
آلية خروج الضاد المتحركة:
يتم العكس هنا, بحيث إنه بدل أن تخرج هذه الضاد بالتصادم بين طرفي عضو النطق فإنها تخرج بالتباعد بين طرفي عضو النطق - كما هي القاعدة في حدوث الحروف المتحركة -.
ثم إن هذا الابتعاد لابد أن يكون أولاً لجزء الحافة الذي لي الأضراس - سواء من الجهة اليمنى أو اليسرى أو الجهتين معاً - , ولا يكون لجزء الحافة الذي لا يلي الأضراس, ثم بعد ذلك يبتعد بقية اللسان, فتخرج بذلك من الجزء الذي يلي الأضراس أكثرُ كميةِ الهواء المضغوط خلف اللسان, ثم يخرج الباقي بتجافي باقي اللسان عن الحنك.
وهذه الصور توضح لنا أكثر آليةَ النطق بحرف الضاد:
أولاً: يرتفع اللسان إلى الأعلى لتلتصف حوافه بلثة الأسنان العليا
(ولاحظ أنه عند الاصطدام يكون بين طرف اللسان وبين منطقة التقاء اللحم بالأسنان مسافةٌ بسيطة)
ثانياً: يزامن الاصطدام خروج الهواء من الرئتين فيصعد للحيز الفموي
ثالثاً: تزداد كمية الهواء خلف اللسان فتحدث ضغطاً على مقدمته
فتتقدم إلى الأمام كما ذكرنا آنفاً
وهذه اللوحة تبين منطقة الضغط ومنطقة التلامس
كيفية ومكان خروج الهواء عند النطق بالضاد المتحركة
وإلى هناك ينتهي ما أردتُ بيانَه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
علي بن أمير المالكي
_________________________
(1) الألف هنا للإطلاق وليست للتثنية.
(2) أي من الجزء الذي التصقت فيه حافة اللسان مع ما يليها من الأضراس.
إنَّ الحمدَ لله, نحمَده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له, ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعد:
فإن من المعروف لدى طلاب القرآن: أن حرف الضاد هو أصعب الحروف وأشدها على اللسان؛ ومن أجل ذلك نجد أنه أكثر الحروف التي يقع الخطأ والتنطُّع في نطقها؛ وهذا يرجع إلى عدة أسباب, منها:
- عدم تلقّيه عن مُعلِّم مُتقِن.
- تلقيه من الكتب.
- عدم التدرُّب عليه جيِّدًا.
- الوسوسة.
وقد وقفت على كلام نفيس للإمام ابن الجزري - رحمه الله - في كتابه "النشر" ينبغي أن يكون نصب عينَيْ كُلِّ مَن يريد تعلُّم تجويد القرآن, حيث قال:
ولا أعلم سبباً لبلوغ نهاية الإتقان والتجويد، ووصول غاية التصحيح والتشديد، مثل رياضة الألسن، والتكرارِ على اللفظ المتلقى من فم المحسن، وأنت ترى تجويدَ حروف الكتابة كيف يبلغ الكاتب بها بالرياضة وتوقيف الأستاذ، ولله در الحافظ أبي عمرو الداني رحمه الله حيث يقول: ((ليس بين التجويد وتركه، إلا رياضةٌ لمن تدبره بفكه)), فلقد صدق وبصَّر، وأوجز في القول وما قصَّر. فليس التجويد بتمضيغ اللسان، ولا بتقعير الفم، ولا بتعويج الفك، ولا بترعيد الصوت، ولا بتمطيط الشد، ولا بتقطيع المد، ولا بتطنين الغنات، ولا بحصرمة الراءات، قراءة تنفر عنها الطباع، وتمجها القلوب والأسماع، بل القراءة السهلة العذبة الحلوة اللطيفة، التي لا مَضْغٌ فيها ولا لَوْكٌ، ولا تعسف ولا تكلف، ولا تصنُّع ولا تنطُّع، لا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء بوجه من وجوه القراءات والأداء...
يقول الإمام ابن الجزري في "المقدمة الجزرية":
13) .................................. **** وَالضَّادُ: مِنْ حَافَـتِـهِ إِذْ وَلِـيَـــا
14) لَاضْرَاسَ مِنْ أَيْسَرَ أَوْ يُمْنَاهَـا **** ..................................
(من حافته إذ وليا(1) لاضراس) المعنى: من حافة اللسان التي تلي الأضراس.
(من أيسر أو يمناها) أي من أيسر الحافة - وهو الأكثر والأسهل - أو أيمنها - وهو قليل وعسير - أو من كلا الحافتين - وهو أقل وأعسر -.
آليّة خروج الضاد الساكنة:
عندما ننطق الضاد الساكنة نجعل كل حافتي اللسان - سواء ما يلي الأضراس منهما أم ما يلي غيرها - تقرع ما يليها من الحنك الأعلى, وبمعنى آخر: أن نجعل كل اللسان تلتصق حوافه بما يليها من لثة الأسنان العليا, ولكن هذا الالتصاق من قِبَل حافة اللسان ليس بنفس النسبة, فالجزء منها الذي يلي غير الأضراس يلامس بدون ضغط, بينما الجزء الذي يلي الأضراس يكون منه ضغط واتكاء على لثة الأضراس.
الهواء الخارج من الرئتين سيصل عند المنطقة المحصورة بين اللسان وبين الحنك - والتي قد أُغلِقَت من جميع جوانبها - ثم لن يجد طريقهُ للخروج, ومع زيادة ضغط هذا الهواء في تلك المنطقة سيقوم هذا الهواء بمحاولة الخروج إما من الجانبين(2) - وهي منطقة الضغط والاتكاء - أو من جزءِ الحافة الذي لا يلتصق بلثة الأضراس - وهي منطقة الملامسة من غير ضغط - , فبسبب كون منطقة الملامسة غير محكمة الإغلاق فسيندفعُ اللسان فيها إلى الأمام تحت تأثير ضغط الهواء عليه من الخلف, ولكن هذا الاندفاع إلى الأمام ليس إلا بمقدار ملليمترات قليلة, إلى أن يصل طرف اللسان إلى منطقة التقاء اللحم بالأسنان, حينها ينتهي زمن الضاد الساكنة.
وينبغي هنا التنبيه على أشياء:
1- أنه عند ارتفاع حافة اللسان التي تلي الأضراس لتقرع لثة الأضراس العليا فإن باقي الحافة سيرتفع تلقائياً ليغلق باقي الحنك, فلا داعي عند نطق الضاد إلى التركيز على هذا الأمر فإنه يحدث تلقائياً.
2- إذا طبَّق الإنسان كيفية نطق الضاد بشكل صحيح فإن اندفاع طرف اللسان إلى الأمام سوف يحدث كذلك تلقائياً.
3- على الأنسان أن يحرص على أنه عندما الحنك الأعلى في الجزء الأمامي أن يَقرع قَبْل منطقة التقاء اللحم بالأسنان بمليمترات قليلة - وهي المسافة التي سيتحركها اللسان إلى الأمام تحت تأثير الضغط - لكي يجد طرفُ لسانه مجالاً للتحرك إلى الأمام للوصول إلى منطقة التقاء اللحم بالأسنان.
4- عليه عندما يصل طرف لسانه إلى منطقة التقاء اللحم بالأسنان أن لا يزيد على ذلك لئلا يدخل في حيز حرف الظاء.
5- بالنسبة لمنطقة الضغط والاعتماد يصح أن يكون هذا الضغط وهذا الاعتماد متوزعاً على الجهتين بالتساوي ويصح أن يكون على إحدى الجهتين دون الأخرى.
6- أن قوة اندفاع الهواء الخارج من الرئتين ينبغي أن تكون طبيعية, لا بشكل ضعيف لا يقوى به على دفع اللسان, ولا بشكل قوي يجعله يدفع اللسان بقوة وسرعة فلا يجعل الضاد تأخذ حقها من الزمن, وإنما يكون ضغطاً عادياً لا إفراط فيه ولا تفريط.
آلية خروج الضاد المتحركة:
يتم العكس هنا, بحيث إنه بدل أن تخرج هذه الضاد بالتصادم بين طرفي عضو النطق فإنها تخرج بالتباعد بين طرفي عضو النطق - كما هي القاعدة في حدوث الحروف المتحركة -.
ثم إن هذا الابتعاد لابد أن يكون أولاً لجزء الحافة الذي لي الأضراس - سواء من الجهة اليمنى أو اليسرى أو الجهتين معاً - , ولا يكون لجزء الحافة الذي لا يلي الأضراس, ثم بعد ذلك يبتعد بقية اللسان, فتخرج بذلك من الجزء الذي يلي الأضراس أكثرُ كميةِ الهواء المضغوط خلف اللسان, ثم يخرج الباقي بتجافي باقي اللسان عن الحنك.
وهذه الصور توضح لنا أكثر آليةَ النطق بحرف الضاد:
أولاً: يرتفع اللسان إلى الأعلى لتلتصف حوافه بلثة الأسنان العليا
(ولاحظ أنه عند الاصطدام يكون بين طرف اللسان وبين منطقة التقاء اللحم بالأسنان مسافةٌ بسيطة)
ثانياً: يزامن الاصطدام خروج الهواء من الرئتين فيصعد للحيز الفموي
ثالثاً: تزداد كمية الهواء خلف اللسان فتحدث ضغطاً على مقدمته
فتتقدم إلى الأمام كما ذكرنا آنفاً
وهذه اللوحة تبين منطقة الضغط ومنطقة التلامس
كيفية ومكان خروج الهواء عند النطق بالضاد المتحركة
وإلى هناك ينتهي ما أردتُ بيانَه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
علي بن أمير المالكي
_________________________
(1) الألف هنا للإطلاق وليست للتثنية.
(2) أي من الجزء الذي التصقت فيه حافة اللسان مع ما يليها من الأضراس.
تعليق