تخريج وتحقيق أَثَرَيْ ابن مسعود وحنظلة بن حِذْيَم -رضي الله عنهما - في رقية العجماوات (الدواب)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد
فهذا تخريج وتحقيق لأثر ابن مسعود-رضي الله عنه- في رقية الفرس الذي يصيبه العين، وهكذا ما ورد عن حنظلة بن حِذْيَم -رضي الله عنه- في رقية الدواب.
أسوق أولا لفظ أثر ابن مسعود-رضي الله عنه- ، قال محمد بن فضيل الضبي في كتابه الدعاء (ر 117) : حدثنا حصين بن عبد الرحمن ، عن هلال بن يساف ، عن سحيم بن نوفل قال : بينا نحن عند عبد الله إذ جاءت جارية إلى سيدها ، وقالت : ما يقعدك ؟ قم فابتغ راقيا ، فإن فلانا قد لقع فرسك ، فتركه يدور كأنه فلك.
فقال عبد الله : « لا تبتغ راقيا ، ولكن ائته فاتفل في منخره الأيمن أربعا ، وفي الأيسر ثلاثا ، وقل : بسم الله ، لا بأس ، أذهب البأس ، رب الناس ، واشف ، أنت الشافي ، لا يكشف الضر إلا أنت » .
قال : فما قمنا من عند عبد الله حتى جاء فقال : قلت الذي قلت ، فلم أبرح حتى أكل وشرب وراث وبال ا.هـ
وهذا الأثر قد ورد على وجوه:
الوجه الأول:
أخرجه ابن فضيل في "الدعاء"(ر 117)، وأخرجه ابن أبي شيبة (ر30002) عن عبد الله بن إدريس ، وهكذا البيهقي في "الدعوات الكبير" (ر 614) والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (1107) و ابن عبد البر في "التمهيد" (6/23 و "الاستذكار"[8/ 402] وابن جرير في "تهذيب الآثار" كما أفاده الحافظ في "إتحاف المهرة" (ر 12606) أربعتهم عن الثوري ، وابن عبد البر في "الاستذكار" [8/ 401] أيضًا والطبري في "تهذيب الآثار" كما أفاده الحافظ عن شعبة، كلهم (ابن إدريس، وابن فضيل، والثوري، وشعبة) كلهم عن (حصين بن عبد الرحمن السلمي عن هلال بن يساف عن سحيم بن نوفل قال كنا عند عبد الله بن مسعود...) بألفاظ متقاربة، ومدار طرق الأثر كما ترى على سحيم بن نوفل رحمه الله.
الوجه الثاني:
ورواه مجاهد بن موسى وهو الخوارمي الختلي ثقة رواه بإسقاط سحيم فقال: عن يزيد، عن أبي مالك الأشجعي، عن هلال بن يساف قال: جاءت جارية إلى مولى وهو عند عبد الله ا.هـ أفاده الحافظ في "إتحاف المهرة".
الوجه الثالث:
وقد وقفت على رواية أخرى تخالف ما سبق فقد روى ابن قتيبة في "عيون الأخبار" (1/ 159) روايةً فيها الحكاية بالعطف قال ابن قتيبة: "حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن سفيان عن حصين بن عبد الرحمن (عن هلال بن إساف وعن سحيم بن نوفل ) (قالا): (كنا جلوساً) عند عبد اللّه بن مسعود ونحن نعرض المصاحف..ا.هـــ فهذه الرواية فيها أنهما كانا سويا عند ابن مسعود -رضي الله عنه- ، وسيأتي تحرير صواب الروايات فيما يأتي.
فنبدأ بأشهر الأسانيد لهذا الأثر وهي التي انتشرت بين المسندين وهي الرواية الموصولة عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن سحيم بن نوفل قال كنا عند ابن مسعود..الأثر، ولهذه الطريق وجوه عديدة إلى حصين بن عبد الرحمن فهي صحيحة إليه وهو ثقة عالم وهلال بن يساف ثقة ويبقى الكلام في أصل راوي القصة وهو (سحيم بن نوف).
وسحيم هذا قد ذكره البخاري في "التأريخ الكبير" وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ، وابن سعد في "الطبقات" ولم يذكروا في ترجمته شيئا يُشعر بتوثيقه، وأما ابن حبان فقد أورده في ثقاته، وهذه الطبقة خصوصًا يتساهل فيها ابن حبان ثم هو لم يذكر فيه ما يدل على سبر حاله ، خاصة مع ما ذُكر من إقلاله في الرواية حيث قال ابن سعد " وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ"، وذكره مسلم في "الوحدان" مُعتمدًا تفرد هلال بن يساف بالرواية عنه، لكن وجدت غيره ، حيث روى عنه سُليم بن قيس العامري كما عند ابن أبي شيبة قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْعَامِرِيِّ ، عَنْ سُحَيْمِ بْنِ نَوْفَلٍ ، قَالَ : قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ : كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا اقْتَتَلَ الْمُصَلُّونَ قُلْتُ : وَيَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : وَكَيْفَ أَصْنَعُ ، قَالَ : كُفَّ لِسَانَك وَأَخِفَّ مَكَانَك ، وَعَلَيْك بِمَا تَعْرِفُ ، وَلاَ تَدَعْ مَا تَعْرِفُ لِمَا تُنْكِرُ. ا.هــــ
لكن سُليم هذا هو نفسه لا تكاد تقف له على توثيق، وظاهر كلام الزركلي في الأعلام أنّه ممن تشيعوا لعلي -رضي الله عنه- ولعل هذا سبب اهتمامه برواية هذا الأثر لما فيه من ذكر القتال الذي وقع بين الصحابة-رضي الله عنهم-
فائدة: أخو سحيم (فروة بن نوفل) ممن أخرج له الجماعة سوى البخاري ، وكان ممن خرج على معاوية -رضي الله عنه- فليت هذه النصيحة في الاقتتال كانت له ولعل أخاه انتفع بها إن صحت الرواية، وأبوهما (نوفل الأشجعي) صحابي رضي الله عنه.
ثم إني لم أجد لسحيم بن نوفل رواية في الكتب المسندة غير هذين الآثرين، وهناك ثالثة لكني في شك منها، حيث روى عبد الرزاق في مصنفه (ر3757) قال:
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سُحَيْمِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «لَا تُبَادِرُوا أَئِمَّتَكُمْ بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَإِنْ سَبَقَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَلْيَضَعْ قَدْرَ مَا يَسْبِقُ بِهِ» ا.هـــ
وهذا الأثر علقه البخاري في صحيحه فقال: وَقَالَ ابْن مَسْعُود إِذا رفع قبل الإِمَام يعود فيمكث بِقدر مَا رفع ا.هـــ
وهذا كما ترى بصيغة الجزم لكن اعتماد البخاري على رواية ابن أبي شيبة فأخرجه من طريق هشيم (ر4654) وابن إدريس (ر4655) عن حصين عن هلال عن أبي حيان الأشجعي به.
وهكذا جاءت رواية أبي عوانة عن حصين قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (14/29) : حدثنا أحمد بن داود ، حدثنا سهل بن بكار ، حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن هلال بن يساف ، عن أبي حيان ، عن عبد الله بن مسعود قال. ا.هـ
فهؤلاء ثلاثة رووه هكذا عن أبي حيان الأشجعي ، ورواه ابن عيينة كما عند عبد الرزاق ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (4 /192) عن (سحيم بن نوفل) ، ومما يزيدني ريبة في هذه الرواية أنّ كنية (سحيم بن نوفل) (أبو حبان) بالباء الموحدة والرواية مشهورة عن (أبي حيان) بالمثناة التحتية، والطريق واحدة في الإسنادين، فالتصحيف بينهما وارد جدًا فكأنها تصحفت من (حيان) إلى (حبان) ثم أبدل بالكنية الاسم، وهذا قد وقع لبعض الأئمة كما ذكره السيوطي في "التدريب"، فلذا أنّا في شك من كون هذا الأثر من حديثه أصلًا، ومع هذا لا أجزم بهذا فقد سكت عنه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" ولم يعقب والله أعلم.
فتبقى لنا إذن روايتان عن سحيم بن نوفل - محل بحثنا، وأثر آخر فيه خبر اقتتال الصحابة، وهذا الأخير لم أجد أحدا رواه غير سحيم ، وقد ورد بنحوه من كلام حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كما عند ابن أبي شيبة والحاكم وظاهر إسناده الصحة.
فليس عندنا مرويات أُخر لنتلمس ضبطه سوى ما ذُكر في بعض ألفاظ الحديث أنّه قال: وَنَحْنُ نَعْرِضُ مُصْحَفًا ا.هـ وفي هذا أنّه كان ممن يجلس عند ابن مسعود ويقرأ عليه، وفي هذا نوع تزكية لكنها في عدالته وعلمه، ومع أن النفس تميل إلى التساهل في باب الآثار إذا كانت في باب الترغيب والترهيب ونحوه، فالأمر بخلافه هنا، فهو يتضمن حكمًا شرعيًا بل كما قال الحافظ في "إتحاف المهرة" (10/ 212) عن هذا الأثر: وحكمه الرفع إذ مثله لا مجال للرأي فيه ا.هـ
فلا اعتبار به إذن على هذا الوجه، أما قول الأخ خالد سنده صحيح ففيه بعد والله أعلم.
تحرير الاختلاف في الرواية على هلال:
أما الرواية التي أوردها الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" عن مجاهد بن موسى يرويه عن يزيد، عن أبي مالك الأشجعي، عن هلال بن يساف قال: جاءت جارية إلى مولى وهو عند عبد الله ا.هـ
ففيه مخالفة أبي مالك الأشجعي لحصين بن عبد الرحمن بإسقاط سحيم من السند ، وأبو مالك الأشجعي وإن كان ثقة عالم إلا أنّ حصين بن عبد الرحمن السلمي أرفع منه علمًا وثقة لولا تغير حصين بأخرة، فإمّا أن نصحح الروايتين (مرسلة وموصولة) رجحنا رواية حصين لمنزلته.
ثم هناك اختلاف آخر:
فقد وجدت عند ابن قتيبة في "عيون الأخبار" [1/ 159] رواية فيها الحكاية بالعطف قال ابن قتيبة: "حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن سفيان عن حصين بن عبد الرحمن عن (هلال بن إساف) وعن (سحيم بن نوفل) (قالا): كنا جلوساً عند عبد اللّه بن مسعود ونحن نعرض المصاحف..ا.هـــ
فهذه الرواية تحكي أنهما كانا سويا عند ابن مسعود -رضي الله عنه-، وهلال بن يساف قد قيل إنّه سمع من أبي الدرداء وقد توفي في سنة ابن مسعود (32هـ)، فعليه يمكن سماع هلال منه مباشرة وهذا احتمال، وبعضهم نفى سماعته منه بل نفى سماعه من حذيفة بن اليمان -رضي الله عن الجميع-، لكن يبقى هذه الرواية فيها إشكال من جهة:
1- سماع حصين من سحيم بن نوفل! فهذا لا يعرف ، والمشهور عند المحدثين في كتبهم أنّ سحيمًا هذا إنما روى عنه هلال بن يساف.
2- عنعنة أبي إسحاق
ويبقى التأكد كذلك من صحة هذا الإسناد وانتفاء التصحيف، وقد حاولت الرجوع للمخطوط المنشور في الشابكة عن النسخة الأزهرية لكن لم أجد فيه إلا الجزء الثاني من "كتاب الحرب" من (عيون الأخبار) ، وتشتد الحاجة إلى التأكد من المخطوط حيث إنّ التصحيفات في الأسانيد تكثر في كتب الأدب واللغة لقلة عناية القائمين على تحقيقها بالأسانيد، وهكذا غالب مَن يتصدر لتحقيقها لهم عناية باللغة دون الحديث، فالله أعلم بصحة هذا الإسناد فضلا عن المغمز في العالم الكبير ابن قتيبة -رحمه الله- في باب الرواية قال الذهبي في ترجمته من "تأريخ الإسلام" (غير أن ابنُ قُتَيْبَةَ كثير النقل من الصُّحف كَدَأب الإخباريّين، وقلَّ ما روى من الحدَّيث) ا.هـ والأخذ من الصحف مظنة التصحيف، وزاد في "السير" قوله (وَالرَّجُلُ لَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيْثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ المَشْهُوْرِيْنَ، عِنْدَهُ فُنُوْنٌ جَمَّةٌ، وَعُلُوْمٌ مُهِمَّةٌ) ا.هـ
فعليه لا اعتماد على هذه الرواية مع قيام الاحتمال بثبوتها، فيبقى الأثر ضعيفًا لا سيّما وقد تضمن حكمًا شرعيًا بالنفث أربعا في الأنف اليمنى أو ثلاثًا كما في بعض الروايات، وثلاثا في اليسرى.
* لكن قد يقوى عند الناظر ثبوت أصل القصة وهو جواز رقية الحيوان اعتمادًا على الأثر الوارد في المسند: قال: حَدَّثنا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثنا ذَيَّالُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ بْنَ حِذْيَمٍ جَدِّي أَنَّ جَدَّهُ حَنِيفَةَ قَالَ لِحِذْيَمٍ اجْمَعْ لِي بَنِيَّ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ -وفيه-:..قَالَ حَنْظَلَةُ فَدَنَا بِي إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم فَقَالَ إِنَّ لِي بَنِينَ ذَوِي لِحًى وَدُونَ ذَلِكَ، وَإِنَّ ذَا أَصْغَرُهُمْ فَادْعُ اللهَ لَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَقَالَ بَارَكَ اللهُ فِيكَ، أَوْ بُورِكَ فِيهِ.
قَالَ قَالَ ذَيَّالٌ فَلَقَدْ رَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتَى بِالإِنْسَانِ الْوَارِمِ وَجْهُهُ، أَوْ بِالْبَهِيمَةِ الْوَارِمَةِ الضَّرْعِ فَيَتْفُلُ عَلَى يَدَيْهِ وَيَقُولُ بِاسْمِ اللهِ وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيَقُولُ عَلَى مَوْضِعِ كَفِّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم فَيَمْسَحُهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ذَيَّالٌ فَيَذْهَبُ الْوَرَمُ. حديث أَبِي غَادِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم. ا.هــ
قلت: الذي تفل على يديه ورقى هو (حنظلة بن حِذيم) وهو صحابي صغير ، لا النبي-صلى الله عليه وسلم- كما يُوهم كلام مَن استدل بهذا الحديث وفهمه خطأً، ثم إنّه كان بعد أن ينفث ويُسمّي يضع يده على رأسه ؛ لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم-مسح على رأسه بيديه ودعا له بالبركة فكان يرجو من ذلك بقاء البركة على رأسه، فهذا غايته فعل صحابي وليس من قبيل المرفوع، وليس المعنى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمسح بيده على ضرع الدابة فهذا فهم بعيد ولا يستقيم مع لفظ الروايات.
تخريج الأثر وتحقيقه:
- إسناد أحمد فيه ذيال بن عبيد وثقه ابن معين ، وقال ابن أبي حاتم سألت أبى عن الذيال بن عبيد فقال: تابعي، قلت يحتج بحديثه ؟ فقال: شيخ أعرابي ا.هـ ، فهو إلى الحُسن أقرب كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" : صدوق ا.هـ ، أما شيخ أحمد أبو سعيد فهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري نُقل عن أحمد توثيقه وفي موضع قوله : كان كثير الخطأ أ.هـ أسنده العقيلي عن شيخه الخضر بن داود، وأما أبو حاتم فقال:ما كان به بأس ا.هـ قال ابن حجر في "التقريب": صدوق ربما أخطأ ا.هـ
- وقد أخرجه كذلك الطبراني في "الأوسط" وابن قانع في "معجم الصحابة" مختصرًا -وعندهما محل الشاهد - من طريق محمد بن عباد عن أبي سعيد مولى بني هاشم به.
وقال الطبراني بعدما أخرجه : لا يروى هذا الحديث عن حنظلة إلا بهذا الإسناد تفرد به أبو سعيد ا.هـ
قلت : بل قد أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (ر 2237) فقال: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا هَانِئُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الذَّيَّالُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي حَنْظَلَةَ بْنَ حِذْيَمِ بْنِ حَنِيفَةَ قَالَ ....
فهذه متابعة تامة لأبي سعيد تابعه هانئ بن يحيى (جيد الحديث)، والسند إليه صحيح فكلهم ثقات أئمة، وقد علقه ابن سعد في الطبقات عن هانئ فساقه، وحُقّ أن تكون هذه الطريق هي المعتمدة ؛ فهي أقوى من طريق أحمد وسياقها أتم ، ومما فيها من الزيادات في محل بحثنا قوله:
- فرفع يديه فوضعها على رأسه ، ثم قال : «بارك الله فيه» ا.هــ فيه أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم -مسح على رأسه بكلتا يديه.
- فيتفل في كفه ، ثم يضعها على صلعته ا.هـ فيه أنّ حنظلة أصابه الصلع، وفي هذه التفاصيل دلالة على ضبط القصة.
* ثم إنّ أبا نعيم قال بعد أنّ ساق الحديث: رواه زيد بن أبي الزرقاء عن الذيال ، نحوه ا.هـ فهذه متابعة ثانية.
* وهناك متابعة ثالثة عند الطبراني في "الكبير" قال العلامة الألباني -رحمه الله- بعد أن أورده في "الصحيحة" من طريق أحمد (ر 2955) وقال : إسناده صحيح ا.هـ
قلت : قد سبق بيان حال أبي سعيد مولى بني هاشم و ذيال بن عبيد-رحمهما الله- وأنّ فيهما بعض الكلام، ثم ذكر الشيخ الألباني -رحمه الله- متابعًا لأبي سعيد فقال:
و قد تابعه محمد بن عثمان : حدثنا ذيال بن عبيد به مع اختصار الطرف الأول من القصة . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 15 / 3499 و 3500 ) . و رجاله ثقات أيضا غير محمد بن عثمان و هو القرشي ، و قد عرفت حاله مما سبق بيانه في الحديث الذي قبله . ا.هــ
قلت: محمد بن عثمان هو الواسطي قال الدراقطني "مجهول".
وليس عند الطبراني أول الحديث ولكن عنده محل الشاهد.
وقد أتى الحديث من وجوه أُخر قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة "حنظلة بن حذيم" : ورواه الحسن بن سفيان في مسنده من وجه آخر، عَن الذيال وزاد أن اسم اليتيم ضريس بن قطيعة وأنّه كان شبيه المحتلم. ورواه الطَّبَرَانِيُّ بطوله منقطعا ورواه أَبو يعلى من هذا الوجه وليس بتمامه وكذا رواه يعقوب بن سفيان والمنجنيقي في مسنده وغيرهم. ا.هــــ
الخلاصة:
الحديث مع ما اتصل به من أثر حنظلة ثابت إن شاء الله، ومداره على الذيال بن عبيد وهو حسن الحديث إن شاء الله، ومحل الشاهد كذلك ثابت ، أما الأثر فقد بينت فيما سبق وجه ضعفه خاصة إن حكمنا عليه بالرفع حكما ، لكن يُستأنس بما فيه من جواز رقية العجماوات بالإضافة لأثر حنظلة وهو صحابي صغير -رضي الله عن جميع الصحابة- هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
[/color]
تعليق