حمل " عقيدة الإمام الأزهري " صاحب كتاب "تهذيب اللغة"
[دراسة وافية عن عقيدة هذا الإمام السلفي]
[دراسة وافية عن عقيدة هذا الإمام السلفي]
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، أما بعد
فهذه دراسة وافية ، وجمع رائق لنصوص منثورة في كتب الإمام اللغوي الشهير محمد بن أحمد الأزهري (ت 370) ، حيث بينت هذه الدراسة بجلاء عقيدة هذا الإمام السلفي -رحمة الله عليه- ، وبيّنت كذلك غيرته على السنة ، ودفاعه عن صفاء المنهج والتلقي.
وقد جمع المؤلف هذه النصوص من كتب الأزهري القليلة التي وصلت إلينا ، وهي:
1- تهذيب اللغة.
2- الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي.
3- معاني القراءات.
ولكن من فضل الله أنْ أَلهَم الإمام الأزهري إلى عرض عقيدته ورد الأقوال المنحرفة في كل مناسبة ،فكان يستطرد في ذلك عند التعرض للأوجه اللغوية.
وأحببت قبل وضع الكتاب تزيين هذه الصفحة ببعض النقول التي تُبين عقيدة هذا الإمام في باب الأسماء والصفات، وقد جعلت كل قول تحت عنوان يناسبه [وهو مستفاد من دراسة المؤلف]:
*ألا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- قال:
قال -[قلت (عاصم): أي الليث]: والله هو النَّفَّاحُ المُنْعِمُ على عبَادِه . قلت : لم أَسْمَعْ النَّفَّاحَ في صفات الله التي جاءت في القرآن ثُمَّ في سُنَّةِ المصطفى عليه السلام ، ولا يجوز عند أَهْلِ العِلْم أن يُوصف الله جل وعز بصفة لم يُنْزِلْها في كتابه ، ولم يبينْهَا على لسان نَبِيه ا.هــ
وقال:
فإني لا أُحِبُّ أن ألْفِظَ بلفْظٍ في صفة الله لم يصِفْ به نَفْسه في التنزيل أو في السنة ولم أجد المتوحد ولا المتفرد في صفاته، وإنما تَنْتَهي في صفات الله إلى ما وصف به نفسه ، ولا تجاوزه إلى غيره لجوازه في العربية تعالى الله عن التمثيل والتشبيه علوّاً كبيراً . ا.هــ
* إثبات الصفات وعدم التعرض للكيفية، قال:
قلت : والعَجَب من قوم فسَّروا السَمِيع بمعنى المُسْمِع ، فراراً من وصف الله بأن له سَمْعاً . وقد ذكر الله الفعل في غير موضع من كتابه . فهو سَمِيعٌ : ذو سَمْعٍ بلا تكييف ولا تشبيه بالسميع من خَلْقه ، ولا سَمْعُه كسمع خَلْقه ، ونحن نَصِفُهُ بما وصف به نفسه بلا تحديد ولا تكييف . ا.هـ
* إمرار الصفات على ظاهرها دون تأويل:
وأخبرني محمد بن إسحاق السعديّ عن العباس الدُّورِيّ أنه سأل أبا عبيدٍ عن تفسيره وتفسير غيره من حديث النزول والرؤية فقال : هذه أحاديثُ رواها لنا الثِّقاتُ عن الثّقات حتى رفعوها إلى النبي عليه السلام ؛ وما رأينا أحداً يفسِّرها ، فنحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسِّرها . أراد أنها تُترك على ظاهرها كما جاءت . ا.هـ
فأقره على كلامه، وجميع النقول السابقة هي من كتابه "تهذيب اللغة" -رحمة الله عليه-
وقال في "الزاهر":
وملحدوا زماننا هذا هؤلاء الذين تلقبوا بالباطنيه وادعوا ان للقرآن ظاهرا وباطنا وان علم الباطن فيه معهم، فأحالوا شرائع الاسلام بما تأولوا فيها من الباطن الذي يخالف ظاهر العربيه التي بها نزل القرآن ، وكل باطن يدعيه مدع في كتاب الله عز و جل يخالف ظاهر كلام العرب الذي خوطبوا به فهو باطل؛ لأنه إذا جاز لهم أن يدعوا فيه باطنا خلاف الظاهر جاز لغيرهم ذلك ، وهو إبطال للأصل وإنما زاغوا عن إنكار القرآن ولاذوا بالباطن الذي تأولوه ليغروا به الغر الجاهل ولئلا يُنسبوا إلى التعطيل والزندقه ا.هــــ
فانظر إلى هذا الكلام الرائق المتين، فرحم الله علماء الإسلام والسنة وأسكنهم فسيح جناته.
* تقرير كون الأسماء الحسنى مشتملة على صفات لله عز وجل، قال:
وأما قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ( إن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحْصَاها دخلَ الجَنّة ) فمعْناه والله أعلم من أحْصَاهَا عِلْماً وإيماناً بها ويقيناً بأنها صفاتُ الله جلّ وعزّ ..ا.هـ
ونقل عن ابن عرفة نحوا من هذا فقال:
وقال ابن عَرَفَة المُلَقَّب بِنِفْطَوَيْه في قول الله : ( لِّلْمُقْوِينَ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) ( الواقِعَة : 74 ) أي سبِّحه بأسمائه ونزِّهه عن التَّسمِيَة بغيْرِ ما سَمّى به نفسه .
قال : ومَنْ سَمّى الله بغير ما سَمّى به نفسه فهو مُلْحِد في أسمائه ، وكلّ من دعاه بأسمائه فمسبِّح له بها إذْ كانت أسماؤه مدائحَ له وأوْصافاً .
قال الله جلّ وعزّ : ( ُوَللَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (ِ ( الأعرَاف : 180 ) وهي صفاته التي وصف بها نفسه ، فكل من دعا الله بأسمائه فقد أطاعه ومدحه ولَحِقَه ثوابُه . ا.هــــ
فيا لذة هذا الكلام وحسنه! ولو ذهبت أنقل ما نقله المؤلف من كتب الأزهري في باب رؤية الله ، والقرآن، وصفة العلو، والقدر، وهكذا توحيد الألوهية وخصوص معنى اسم "الله" واشتقاقه، فقد نقل كلامًا طويلا مستحسنا حبذا أن يرجع إليه الطالب ، بل قد أجاد حتى في فروع ذلك كقوله في التمائم ، والرقى ، والطيرة، والاستسقاء بالأنواء، والذبح عند سكنى البيت الجديد..الخ، وهكذا بقية أبواب الاعتقاد كباب الأسماء والأحكام، وباب الإيمان باليوم الآخر وتفاصيله، وهكذا باب النبوات..الخ فرحمه الله ورفع درجته في العليين!
وأنبه إلى أنّ الدراسة لم تقتصر على جانب اعتقاده في الصفات بل تعرضت للجوانب المختلفة في أبواب الاعتقاد، بل خصص المؤلف فصلا يبدأ من ص217 دفاعا عن المؤلف مما رماه بعض المعاصرين، حيث رموه بالتشيع ، وقد بيّن المؤلف بُعد هذا الكلام عن حقيقة الحال ، فالله المستعان على ما يصفون ودونكم الكتاب: