تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3<>
فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :
فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .
من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .
رد: هل من السلف من يقول بأن خطبة العيد خطبة واحدة ؟؟؟
جزاك الله خيرا يا أخي الكريم أبا يوسف.. ولكن أنا الآن في البحث هل من السلف من يقول ذلك مع اعتقادي أن الصواب هو خطبة واحدة لا اثنتين.
لأن بعض العلماء كابن حزم يدعي إجماع السلف على أن خطبة العيد اثنتين. والله أعلم..
رد: هل من السلف من يقول بأن خطبة العيد خطبة واحدة ؟؟؟
يا أخي حقيقة لا نعلم أنَّ هناك من السلف من يقول بهذا القول، بل الظاهر أنَّهم ما زالوا على الخطبتين منذ عهد النبوة، ولو كان الأمر على الخطبة الواحدة ثم أُحدثت الخطبتين لتناقل الناس هذا الأمر لأنها من الأمور الظاهرة البينة التي لا تخفى، كما تناقلوا بدعة رفع اليدين في الدعاء في الخطبة في غير استسقاء، فلما لم يُعلم أي من هذا ولم يتكلم أي عالم ولا صحابي ولا تابعي وتابع تابعي على خلاف ما يعرفه الناس ولم ينكروا هذا التغيير دل أنَّ هذا الأمر متوارث على ماهو عليه، وهذا الاستدلال يدخل تحت دليل أصولي يسمى (الاستصحاب المقلوب) ولو تيسر بعض الوقت للخصت كلام العلماء في ذلك ولبينت وجه دلالته على مسألتنا، وإن كان القول بالخطبة الواحدة قد قال به جماعة من المتأخرين كالعثيمين والألباني والوادعي- رحمهم الله - لكن الذي يظهر أنه حادث والله أعلم
تنبيه : أرجو من إخواني اختيار المنبر المناسب لمشاركاتهم ولا تتعبونا بالنقل والله المستعان
رد: هل من السلف من يقول بأن خطبة العيد خطبة واحدة ؟؟؟
طيب جزاكم الله خيرا على مشاركتكم وفوائدكم
- ظاهر الأدلة على أن الخطبة واحدة لا تتعدد
- والفقهاء الذين يرون أنها اثنتين استدلوا بأحاديث ضعيفة وقياس بالجمعة.
والذي تطمئن به نفسي أن الأول هو الصواب وإن كنا لا نستطيع أن نقول بأن خطبة العيد اثنتين بدعة، والأمر واسع إن شاء الله تعالى كما قال ابن العثيمين رحمه الله
رد: هل من السلف من يقول بأن خطبة العيد خطبة واحدة ؟؟؟
هل يَخطب في العيد خطبتين أو خطبة واحدة ؟
ما القول الراجح في خطبة العيدين ، هل هي خطبة أم خطبتين ؟ وما الدليل على ذلك ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة وغيرهم إلى أنه يخطب في العيد بخطبتين ، يفصل بينهما بجلوس ، كما يفعل ذلك في خطبة صلاة الجمعة . جاء في المدونة (1/231) : " وقال مالك : الخطب كلها ، خطبة الإمام في الاستسقاء والعيدين ويوم عرفة والجمعة ، يجلس فيما بينها ، يفصل فيما بين الخطبتين بالجلوس " انتهى . وقال الشافعي رحمه الله في "الأم" (1/272) : "عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس ( قال الشافعي ) : وكذلك خطبة الاستسقاء وخطبة الكسوف ، وخطبة الحج ، وكل خطبة جماعة " انتهى . وينظر : "بدائع الصنائع" (1/276) ، "المغني" (2/121) . قال الشوكاني رحمه الله معلقا على الأثر السابق : " والحديث الثاني يرجحه القياس على الجمعة . وعبيد الله بن عبد الله تابعي كما عرفت ، فلا يكون قوله : "من السنة" دليلا على أنها سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما تقرر في الأصول . وقد ورد في الجلوس بين خطبتي العيد حديث مرفوع رواه ابن ماجه ، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم ، وهو ضعيف " انتهى من "نيل الأوطار" (3/323) . وحديث ابن ماجة (1279) هو ما رواه عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى ، فَخَطَبَ قَائِمًا ، ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ، ثُمَّ قَامَ ) والحديث أورده الألباني في ضعيف ابن ماجه ، وقال عنه : منكر . قال في "عون المعبود" (4/4) : " قال النووي في الخلاصة : وما روي عن ابن مسعود أنه قال : السنة أن يخطب في العيد خطبتين يفصل بينهما بجلوس ، ضعيفٌ غير متصل ، ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء ، والمعتمد فيه القياس على الجمعة " انتهى . فتحصّل من ذلك أن مستند الخطبتين : 1- حديث ابن ماجة ، وأثر ابن مسعود رضي الله عنه ، وكلاهما ضعيف كما سبق . 2- أثر عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وهو تابعي . 3- القياس على الجمعة . 4- وذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أمراً رابعاً قد يُحتج به ، قال رحمه الله : " وقوله : " خطبتين " هذا ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان ؛ لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر ، ظاهره أنه كان يخطب خطبتين . ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة ، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهن ، فإن جعلنا هذا أصلا في مشروعية الخطبتين فمحتمل ، مع أنه بعيد ؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهن لعدم وصول الخطبة إليهن ، وهذا احتمال . ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن ولكن أراد أن يخصهن بخصيصة ، ولهذا ذكرهن ووعظهن بأشياء خاصة بهن " انتهى من "الشرح الممتع" (5/191) . وقد سئلت "اللجنة الدائمة" ما نصه : " هل في خطبة العيدين جلوس بين الخطبتين ؟ فأجابت : " خطبتا العيدين سنة وهي بعد صلاة العيد ، وذلك لما روي النسائي وابن ماجه وأبو داود عن عطاء عن عبد الله بن السائب رضي الله عنهما قال : شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال : ( إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب ) . قال الشوكاني رحمه الله في النيل : " قال المصنف رحمه الله تعالى : وفيه بيان أن الخطبة سنة ، إذ لو وجبت وجب الجلوس لها " اهـ . ويشرع لمن خطب خطبتين في العيد أن يفصل بينهما بجلوس خفيف قياساً على خطبتي الجمعة ، ولما روي الشافعي رحمه الله عن عبيد بن عبد الله بن عتبة رضي الله عنه قال : السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ليس لصلاة العيد إلا خطبة واحدة ؛ لأن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيها إلا خطبة واحدة ، والله أعلم " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (1/425) . وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يخطب الإمام في العيد خطبة واحدة أو خطبتين ؟ فأجاب : " المشهور عند الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان ، لحديث ضعيف ورد في هذا ، لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة ، وأرجو أن الأمر في هذا واسع " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/246) . وقال أيضاً (16/24 : " السنة أن تكون للعيد خطبة واحدة ، وإن جعلها خطبتين فلا حرج ؛ لأنه قد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا ينبغي أن يهمل عظة النساء الخاصة بهن . لأن النبي عليه الصلاة والسلام وعظهن . فإن كان يتكلم من مكبر تسمعه النساء فليخصص آخر الخطبة بموعظة خاصة للنساء ، وإن كان لا يخطب بمكبر وكان النساء لا يسمعن فإنه يذهب إليهن ، ومعه رجل أو رجلان يتكلم معهن بما تيسر " انتهى . وخلاصة الجواب : أن المسألة من مسائل الاجتهاد ، والأمر في هذا واسع ، وليس في السنة النبوية نص فاصل في المسألة ، وإن كان ظاهرها أنها خطبة واحدة ، فيفعل الإمام ما يراه أقرب إلى السنة في نظره . والله أعلم .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 29-Aug-2011, 06:48 PM.
سبب آخر: لا تذكر المصدر عندما يكون لموقع غير سلفي !
رد: هل من السلف من يقول بأن خطبة العيد خطبة واحدة ؟؟؟
دعونا من الأحاديث الضعيفة وفقكم الله، لكن حدثونا عن هذه السنة الماضية منذ العهد الأول فلا نعلم تجدد ما يخالفه وهذا أقوى من نقل الواحد وأقوى من حديث ضعيف بل وصحيح، فهي سنة ماضية في البلدان المختلفة وفي مكة والمدينة ، وهي من الأمور الظاهرة يعني كان في المدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم خلفاؤه ثم من بعده فلو كانت السنة تغيرت لصاح بهم العلماء لأنها شيء كالشمس شيء يفعل مرتين في العام ويشهده كل العلماء، فكيف يُظن أن يغيره أحد الأمراء ولا ينكر عليه الناس، فهذا أقوى من كل شيء ذكرتموه في الأعلى، ثم نقول هاتوا لنا عالم خلال 12 قرنا قال بقولكم ..هل خفيت هذه السنة الظاهرة العامة على الصحابة والتابعين وتابع التابعين ..وعلى قولكم هل خفيت عليهم هذه المخالفة للهدي النبوي فلم ينكروها ولم يقيدوا في التواريخ مصدرها ولا وقت حدوثها..؟! إذا تأملتم هذه المعاني علمتم بأنَّ القول بالخطبة حقيقة مطرح ومخالفة للسنة الماضية.
أما الزعم بأنَّ قول الجمهور فقط، فنقول : اثبتوا لنا مخالفًا واحدا في هذا الأمر الظاهر المشتهر ، فلا نجد في كتب الفقهاء إلا الخطبتين، وليست هذه مسألة من فروع مسائل الصلاة والطهارة بل هي أصل باب خطبة العيد، فلا يصح التمسك بظاهر بعض النصوص المحتملة مع وجود مثل هذا من العمل المتتابع والظاهر ولا إنكار ولا نكير، ثم بعض الأحاديث الضعيفة المفسرة والمفصلة لما أجملته الأحاديث الأخرى والله المستعان
السـؤال: هل خُطبة العِيدين خُطبة واحدةٌ أم ثنتان كخطبتي الجمعة؟ وإذا أُقيمت صلاة العيد في المسجد فهل يلقي الإمام الخطبةَ على المنبر أو قائمًا على الأرض كما تؤدّى في المصلى؟ وبارك الله فيكم. الجـواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد: فالأقربُ إلى الصواب من قَوْلَيِ العلماءِ أنّ خُطبةَ العيدِ خطبةٌ واحدةٌ لم يَثبتِ الجلوسُ في وسطها كهيئة الجمعة، وهو المنقول عن الخلفاء: أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ والمغيرةِ بنِ شعبةَ رضي الله عنهم، خلافًا لِمَا عليه المذاهبُ الأربعةُ وابنُ حَزْمٍ وهو مذهب الجمهور؛ لأنّ إطلاقَ الخُطبةِ -في الأصل- ينصرف إلى الواحدة إلاّ إذا جاء دليلٌ على أنها خطبتان، وقد ورد في السُّنَّة الصحيحة وغيرِها مثل هذا الإطلاق كما جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ»(1)، وكذا ثبت عن ابن عمر(2) وجابرِ بنِ عبدِ الله(3) رضي الله عنهم، وإطلاقُ الخطبة على خطبتي الجمعة فلوجود ما يرجّحه، ويؤيّد هذا المعنى ما ثبت في الصحيحين من جواز خطبة العيد على الراحلة من حديث أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: «لَمَّا كَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ… أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ…»(4)، ومفاد مشروعية الخطبة على الراحلة عدم الفصل بين الخطبتين بجلوس؛ لأنه إنما خطب جالسًا على راحلته، وقد كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم، فقد نقل إبراهيم النخعي قوله: «كَانَ الإِمَامُ يَوْمَ العِيدِ يَبْدَأُ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَخْطُبُ»(5)، وعن ميسرة أبي جميلة قال: «شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ العِيدَ فَلَمَّا صَلَّى خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: وَكَانَ عُثْمَانُ يَفْعَلُهُ»(6). نعم لو ثبت أثرُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ قال: «السُّنَّةُ أن يخطبَ الإمامُ في العِيدين خُطبتين يفصل بينهما بجلوس»(7)، وما أخرجه ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه قال: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ أَوِ الأَضْحَى فَخَطَبَ قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قَامَ»(8)، للزم حمل الدليلين المتعارضين على تغاير الحال فيجوز الأمران جمعًا بين الأدلة، وهو أَوْلَى من الترجيح، لكن كِلاَ الحديثين ضعيفان لا يُحتجُّ بهما. قال النووي: «ولم يثبت في تكرير الخُطبة شيءٌ، ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة»(9)، وقال الصنعاني: «وليس فيه أنها خطبتان كالجمعة وأنه يقعد بينهما، ولعلّه لم يثبت ذلك من فعله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وإنما صنعه الناس قياسًا على الجمعة»(10). ولا يخفى أنّ الاعتماد على قياس لم تُدْرَكْ عِلَّتُه، وطريق صحّته غير ناهض لعدم معقولية المعنى فيه من جهة؛ ولأنه –من جهة أخرى- ثبتت خطبتا الجمعة بالدليل خروجًا عن الأصل و«مَا ثَبَتَ عَلَى خِلاَفِ القِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لاَ يُقَاسُ»، ولو صحّ القياس للزم ما يلزم الجمعة من جملة أحكامٍ مغايرة للعيد من حيث إيقاعها بعد الخُطبة وجواز صلاتها قبل الزوال وبعده وغيرها من الأحكام، وإذا بَطَلَ اللاَّزِمُ بَطَلَ الملزومُ. ثمّ لِمَ لا يقاس بما هو أقرب منها وهي خُطبة يومِ عَرَفَةَ بِنَمِرَةَ؟ فقد كانت خُطبةً واحدةً على الصحيح(11). هذا، والمعلوم في السنّة أنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ لم يصلّ العيدَ إلاّ في المصلَّى ولم يثبت عنه أنه كان يُخرِجُ المنبرَ إلى أرضية المصلَّى، ولا أنه كان يرتقي على شيء إلاّ على راحلته، فتحقّق أنّ خُطبتَهُ إمّا على الراحلة كما تقدّم، وإمّا قائمًا على الأرض. وقد صحّ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم «كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ فَيَبْدَأُ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا صَلَّى قَامَ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مُصَلاَّهُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثِ ذِكْرِهِ للنَّاسِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِهَا، وَكَانَ يَقُولُ: تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا، وَكَانَ أَكْثَر مَا يَتَصَدَّقُ النِّسَاء، ثُمَّ يَنْصَرِفُ»(12)، وفيه دليل على قيام الإمام في خُطبة العيد على رجليه، فظهر من الحالتين أن لا تعدّدَ في الخطبة ولا فصلَ بينها بالجلوس؛ إذ يتعذّر في الأولى ولم ينقل في الثانية. ويمكن الاستئناس بمرسَلِ عطاء عندما سُئل عن الخروج يوم الفطر إلى الصلاة أنه قال: «مَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرٍ حَتَّى مَاتَ، مَا كَانَ يَخْطُبُ إِلاَّ قَائِمًا، فكيف يخشى أن يحبسوا الناس؟ وإنما كانوا يخطبون قيامًا لا يجلسون، إنما كان النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يَرْتَقِي أَحَدُهُمْ عَلَى المِنْبَرِ فَيَقُومُ كَمَا هُوَ قَائِمًا لاَ يَجْلِسُ عَلَى المِنْبَرِ حَتَّى يَرْتَقِيَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا يَنْزِلُ، وَإِنَّمَا خُطْبَتُهُ جَمِيعًا وَهُوَ قَائِمٌ إِنَّمَا كَانُوا يَتَشَهَّدُونَ مَرَّةً وَاحِدَةً، الأولى قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ إِلاَّ مِنْبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ مُعَاوِيَةُ إِذْ حَجَّ بِالمِنْبَرِ فَتَرَكَهُ، قال: فَلَمْ يَزَالُوا يَخْطُبُونَ عَلَى المَنَابِرِ بَعْدُ»(13). فهذا الأثر يفيد أنّ الخطبةَ كانت واحدةً ولم يكن لهم مِنْبَرٌ في المصلى حيث كانوا يخطبون قيامًا من جلوس. والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 7 ربيع الأول 1428ه
الموافق ل: 26 مارس 2007م
1- أخرجه البخاري في «العيدين»، باب الخطبة بعد العيد (919)، والنسائي في «صلاة العيدين»، باب الخطبة في العيدين بعد الصلاة: (1569)، والدارمي في «سننه»: (1565)، وأحمد: (3215). 2- أخرجه أحمد: (458، والطبراني في «الكبير»: (1320. 3- أخرجه البخاري في «صلاة العيدين»، باب المشي والركوب إلى العيد: (915)، ومسلم في «صلاة العيدين»: (2047)، وأبو داود في «الصلاة»، باب الخطبة يوم العيد: (1141)، والنسائي في «صلاة العيدين»، باب قيام الإمام في الخطبة متوكئا على إنسان: (1575)، وأحمد: (14011). 4- أخرجه البخاري في «العلم»، باب قول النبي رب مبلغ أوعى من سامع: (67)، ومسلم في «القسامة»، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال: (4384)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه. 5- أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (5851). 6-أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (5844). 7- أخرجه الشافعي في «الأم»: (1/273)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (6305)، وضعفه النووي في «الخلاصة»: (2/83. 8- أخرجه ابن ماجه في «الصلاة»، باب ما جاء في الخطبة في العيدين: (1289)، من حديث جابر رضي الله عنه. قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/234): «هذا إسناد فيه إسماعيل بن مسلم وقد أجمعوا على ضعفه، وأبو بحر ضعيف »، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (12/635): «منكر»، وأشار إلى ضعفه ابن رجب الحنبلي في «فتح الباري»: (6/99). 9- الخلاصة للنووي: (2/83. 10- سبل السلام للصنعاني: (2/670). 11- قال ابن القيم في «زاد المعاد»: (2/306): «وَهِمَ من زعم أنه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم خطب بعرفة خطبتين جلس بينهما، ثمّ أذّن المؤذّن، فلمَّا فرغ أخذ في الخطبة الثانية، فلمّا فرغ منها أقام الصلاة، وهذا لم يجئ في شيء من الأحاديث ألبتة، وحديث جابر صريح في أنه لما أكمل خطبته أذّن بلال وأقام الصلاة، فصلى الظهر بعد الخطبة». 12- أخرجه مسلم في «صلاة العيدين»: (2053)، وابن ماجه في «إقامة الصلاة»، باب ما جاء في الخطبة في العيدين: (128، وابن خزيمة في «صحيحه»: (1449)، والحاكم في «المستدرك»: (1101)، وأحمد: (10922). 13- أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»: (5265).
ولقد كتبت هذا البحث المصغر منذ عام 1418هـ ضمن كتاب لي أسميته ( الملاحظات الحسان على بعض أئمة مساجد هذا الزمان )، وقد انتهيت منه من زمن؛ يسر الله طبعه.
فأبدأ بحثي مستعيناً بالله تعالى، وأسأله التوفيق والسداد والصواب في القول والعمل، إنه جواد كريم، فأقول:
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تكرار الخطب في العيدين؛ بخلاف الجمعة، وكل من تكلم وقال بالخطبتين في العيدين؛ إنما قياساً على خطبتي الجمعة، ولم يثبتوا حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً صحيحاً, ولا عن احدٍ من أصحابه رضي الله عنهم .
وغاية ما استدلّوا به: حديث جابر رضي الله عنه قال: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر ـ أو الأضحى – فخطب قائماً, ثم قعد مقعدة، ثم قام ). أخرجه: ابن ماجه: ( 1289 )، والبوصيري في "الزوائد": ( 417 )، وفي "مصباح الزجاجة": ( 1289). قال الشوكاني في "النيْل" (3/305): "وفي إسناده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف". انتهى.
وعلى هذا الحديث ملاحظات:
أولاً: أن قوله: "ثم قام"؛ ليس بصريح أنه قام إلى الخطبة الثانية.
ثانيا:اضطراب المتن. فقد وقع في رواية النسائي في "الصغرى" كما ذكر البوصيرى في "الزوائد" فقال: "رواه النسائي في "الصغرى" من حديث جابر، إلاّ قوله: ( يوم فطر أو أضحى )". و في رواية ابن ماجه (يوم فطر أو أضحى)؛ على الشّكِّ أيضاً بين العيدين .
ثالثاً :نكارة المتن والسند. قال الألباني في ضعيف ابن ماجه ( ص/94 )؛ عن هذا الحديث: " (منكر) ـ سنداً ومتناً، والمحفوظ أن ذلك في خطبة الجمعة, ومن حديث جابر بن سمُرة كما في (م)، والتعليق على ابن خزيمة (2/349)، وانظر الحديث المتقدم: (1105-1106)، وهما في صحيح ابن ماجه برقم (:907, 90". انتهى كلام الألباني – حفظه الله . أما حديث جابر بن سمره فهو من سِمَاك قال :" أنبأني جابر بن سمره: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطُب قائماً, ثم يجلِس، ثم يقوم فيخطُب قائماً، فمن نبّأك أنه كان يخطُب جالساً فقد كذب، فقد- والله ـ صلّيتُ معه أكثر من ألفيْ صلاة ). أخرجه: مسلم ( 862 )، وابن ماجه (110، 1106)، والنسائي ( 1416)، و ابن خزيمة (1447).
قال الألباني في تعليقه على ابن خزيمة: " قلت: هذا الحديث في خطبتي الجمعة، بدليل: رواية خالد بن الحارث: حدثنا عبيد الله به، ولفظه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُب يوم الجمعة قائماً ...) الحديث. فقوله في الكتاب (الخطبتين)؛ اللاّم فيه للعهد وليس للاستغراق، فتنبّه".ا.هـ.
وفى لفظ من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُب يوم الجمعة قائماً، ثم يجلس, ثم يقوم. قال: كما تفعلون اليوم ). مسلم (861).
رابعا :ضعف الإسناد . أما إسناد الحديث ففيه: عبد الرحمن بن عثمان أبو بحر البصري.
قال أحمد بن حنبل: "طرح الناسُ حديثه".
وقال يحيى بن معين: " ضعيف".
وقال ابن المديني: "ذهب حديثه"
وقال أبو حاتم: " ليس بقويّ؛ يُكتبُ حديثُه، ولا يحتج به".
وقال النسائي: " ضعيف".
وقال ابن حبّان: " يروي المقلوبات عن الأثْبات، ويأتي عن الثّقات ما لا يشبه أحاديثهم؛ فلا يجوز الاحتجاج به"
وقال أبو داود: "وتركوا حديثه".
وقال ابن حجر: "ضعيف، من التاسعة".
وقال ابن عديّ: "له أحاديث غرائب عن شُعبة، وعن غيره من البصريّين".
انظر ترجمته في: ( تاريخيْ البخاري "الكبير والصغير" على التوالي:5/331،2/253 )، و (ضعفاء النسائي: ترجمة/357)، و(جرح ابن أبي حاتم:5/264)، و (كامل ابن عدي:4/296)، و ( مجروحين ابن حبان:2/61)، و (تهذيب المزي:17/271)، و (ميزان، مغني، كاشف الذهبي على الترتيب: 2/578، 2/383، 1/363)، و (تهذيب، تقريب ابن حجر على التوالي:6/205، ترجمة/3943).
وفي الإسناد- أيضاً -: إسماعيل بن مسلم المكّي, أجمعوا على ضعفه.
قال أحمد: "منكر الحديث "
وقال يحيى القطّان: "لم يزل مخلِّطاً يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة أضراب".
وقال عمرو بن علي: " ضعيف في الحديث يَهِمُ فيه؛ وكان صدوقاً يكثر الغلط".
وقال إبراهيم بن يعقوب السعدي: "واهي الحديث جداً".
وقال أبو زُرْعة: "ضعيف الحديث".
وقال البخاري: "تركه يحيى وابن مهدي وابن مبارَك".
وقال النسائي: "متروك الحديث".
راجع ترجمته في: (ابن سعد: 7/274)، و(تاريخ البخاري:1/372)، و (الضعفاء والمتروكين، الضعفاء الصغير ؛كلاهما للنسائي على التوالي: ترجمة:36، 19)، و (ضعفاء الدارقطني: ترجمة: 77)، و (ضعفاء العقيلي: 1/91)، بالإضافة للمراجع السابقة في ترجمة "أبو بحر"، مع ملاحظ البحث عنه في الأجزاء.
وفي سند الحديث – أيضاً – أبو الزبير؛ وهو مدلس، وقد عنعن.
فالحديث ضعيف، لا تقوم به حجة.
وممّا استدل به من قال بالخطبتين في العيدين:
اثر ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقعُد يوم الجمعة والفطر و الأضحى على المنبر, فإذا سكت المؤذن يوم الجمعة؛ قام فخطب ثم جلس، ثم يقوم فيخطُب ثم ينزل فيصلّي ). وهو: ضعيف.
أخرجه: البيهقي (3/299)، وقال عقبه: "فجمع ـ إنْ كان محفوظاً ـ بين الجمعة والعيدين في القعدة، ثم رجع إلى حكاية الجمعة" انتهى.
ففي هذا الحديث؛ اضطرابٌ في المتن:
فصدرُ الحديث جمع بين الجمعة والعيدين، و عجز الخبر في الجمعة فقط .
وأيضاً: فليس للعيدين أذان، ثم إنّ صلاه العيدين قبل الخطبة، و وقع في الخبر أنّ الصلاة بعد الخطبة !! فتنبه !.
ثانياً:ضعف الإسناد.
في سند الحديث: الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبّاس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي.
قال أحمد: " له أشياء منكرة "
وقال البخاري: "قال علي: تركتُ حديثه وتركه أحمد".
وقال أبو زرعة: "ليس بالقوي".
وقال أبو حاتم: "ضعيف لا يُحتجُّ بحديثه".
وقال الجوزجاني: "لا يُشتغل بحديثه".
وقال النسائي: " متروك".
وقال ابن حبّان: "يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل".
وقال يحيى ابن معين: "ضعيف".
وقال ابن حجر: "ضعيف، من الخامسة".
راجع ترجمته في المراجع السابقة، وتكفي عن الإعادة. فالحديث لا يصحُّ مرفوعاً، ولا موقوفاً، ومن ثَمَّ؛ لا يصحُّ الاحتجاج به.
ومما قد يتشبّث به من تشبّت:
أثر عبيد الله بن عبدالله بن عتبة أنه قال: " السنّة: أنْ يخطُب الإمام في العيدين خطبتين؛ يفصل بينهما بجلوس". رواه الشافعي في "مسنده" (77)، وأنظره في "شفاء العي بتخريج وتحقيق مسند الإمام الشافعي؛ بترتيب العلامة السندي": (1/324) لأبي عمرو مجدي ابن محمد المصري، وأخرجه: البيهقي (3/299).
في هذا الأثر عدة ملاحظات:
أولا:إسناده؛ ضعيف جداً، وهو مرسل . فمثله لا يُحتجُّ به، ولا حتى في المتابعات. فيه: إبراهيم بن محمد بن يحيى – شيخ الإمام الشافعي -: قال عنه الإمام أحمد: "قدري معتزلي جهميّ؛ كل بلاء فيه، ترك الناس حديثه"
وقال يحيى القطان: "كذاب"
وقال البخاري: "كان يرى القدر جهميّ، تركه ابن المبارك والناس"
وقال أحمدٌ مرّة: "يروى أحاديث ليس لها أصل"
وقال ابن معين: "كذابٌ رافضي قدري"
وقال ابن حبّان: "كان مالك وابن المبارك ينهيان عنه، وتركه يحيى القطّان وابن مهدي؛ وكان يري القدر، ويذهب إلى كلام جهم، ويكذب في الحديث".
انظر ترجمته في المراجع السابقة الخاصة بتراجم الرجال، حتى لا أطيل.
ثانيا: "عبيد الله بن عبدالله من فقهاء التابعين، وليس قولٌُ التابعي (من السنّة ) ظاهراً في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يكون قولُه من السنّة؛ دليلاً على أنّها سنّة النبي صلى الله عليه وسلم كما تقرر في الأصول".
قاله الشوكاني في "نيْل الأوطار": (3/305). وبعد أنْ عرفنا ضعف أسانيد الآثار التي جاءت بخبر خطبتين للعيدين، فإنّه لا حجّة لأحدٍ فيها؛ بتعليق الحكم عليها .
و بهذا لم تثبت خطبتين للعيدين، وكل من قال بالخطبتين إنما هو قياس على خطبتي الجمعة وإليك أقوالهم:
قال البيهقي: " ثم قيامه وخطبته بينهما جلسة خفيفة؛ قياساً على خطبتي الجمعة". (السنن الكبرى: 3/299).
قال ابن حجر متعقّباً قول الرافعي: "قوله: (ويجلس بينهما كما في الجمعة)؛ متقضاه: أنه احتجّ بالقياس". ( تلخيص الحبير: 2/86).
قال شمس الدين السرخسي: "والخطبة في العيد كهي في الجمعة، يخطُب خطبتين يجلس بينهما جلسة خفيفة". ( المبسوط: 2/37).
قال النووي في "الخلاصة" وما روي عن ابن مسعود أنه قال: (السنّة أن يخطب في العيد خطبتين يفصل بينها بجلوس)؛ ضعيف غير متصل، ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء، ولكن؛ المعتمد فيه القياس على الجمعة ". انتهى كلام النووي؛ نقلا عن الزيلعي في"نصب الراية": (2/221)، و الآبادي في "عون المعبود": (4/4).
قال الشوكاني في أثر عبيد الله بن عبدالله المتقدم: "يرجّحه القياس على الجمعة ". (النيْل:3/305).
وقد سألت شيخي ـ رحمه الله ـ الإمام عبد العزيز بن باز، وذلك على مائدته في مدينة الطائف صيف عام 1418هـ في الوقت الذي أنا أكتب وأبحث في هذه المسألة، فقلت له: يا شيخ ـ حفظك الله ـ هل صح حديث في خطبتين للعيدين ؟
فقال ـ رحمه الله ـ: "لم يصح فيها حديث".
فقلت له: إلى ماذا يذهبون في الخطبتين؟
فأجابني قائلاً: "قياساً على الجمعة، أو يقيسون على الجمعة" الشك مني.
وقد فاتني شياً كبيراً، ـ وذلك لأن الوقت لا يسمح بكثرة الأسئلة والمناقشة؛ فقد كنّا على المائدة "غداءَ" ـ وهو أني لم أسأله ـ رحمه الله ـ: هل هذا القياس معتبر؟ وإلى ماذا تذهب أنت ـ شيخنا الفاضل ـ؟ فالحمد لله على كل حال.
أما الأخبار الصحيحة التي جاءت بخبر خطبته صلى الله عليه وسلم في العيدين فإنها لم تذكر الجلسة، ولا الخطبة الثانية:
فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم قام فبدأ بالصلاة، ثم خطب الناس بعدُ؛ فلمّا فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل، فأتى النساء فذكّرَهُنَّ؛ وهو يتوكّأُ على يد بلال، و بلالٌ باسطٌ ثوبه، يلقى فيه النساء صدقةً". (البخاري: 91.
وقد صرح جابر رضي الله عنه بـ "يوم الفطر" في لفظ الحديث الذي قبله ( رقم 915)؛ وهو حديثٌ مخرجه واحد؛ فقال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر ..) الحديث.
ومثل الجلسة بين الخطبتين، والخطبة الثانية؛ أمرٌ ظاهرٌ، ولا بدّ من نقل الصحابة له لو حدث ـ في العيدين ـ، فلمّا لم يفعلوا؛ عُلِمَ أنه لم يكن ثمَّ جلسة، ولا خطبة ثانية للعيدين.
وقد نقل الصحابة الكرام؛ خبر الجلسة بين الخطبتين في الجمعة، وكذا لم يفُتْهم أن يذكروا "... يخطُب يوم الجمعة قائماً، ثم يجلس, ثم يقوم".
وخطبة العيدين من العبادات الحولية، ولها مكانة عظيمة في نفوس الصحابة، وذو أهمية كبيرة ـ حيث يتقرر فيها من الأحكام والتشريعات؛ ما لم يكن في غيرها من الأوقات، كالتكبير ،والنهي عن صوم يومي العيدين، والندب إلى صوم يوم عرفة لغير الحاج، والأعظم من ذلك كله: تعَلُم مناسك الحج؛ دقيقها وجليلها ـ ؛ فمن المؤكد أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ لو حدثت الخطبتين في العيدين؛ لما غاب ذلك عنهم، ولنقلوه لنا؛ ولو من آحادهم، كما نقلوا ما هو أدق من الخطبتين والجلسة بينهما ـ للعيدين لو حدثت ـ.
فمن ذلك: أنهم نقلوا لنا، أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالصلاة قبل الخطبة في العيدين، وخطب على ناقته في الحج، وقام على رجليه في الفطر يتوكأ على بلال، واستقبل الناس بوجهه، وتوجهه للنساء ووعظه لهنّ.
كل هذا وأكثر وأدق منه؛ نقله الصحابة الأمناء الكرام ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ ، فكيف يُهمِلون نقل خبر الخطبة الثانية والجلوس قبلها في العيدين لو فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ، وحاشاهم أن يُهملوا ذلك أو أقل منه، لأنهم هم الخيرة الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم حتى يبلغ رسالة ربه عز وجل.
ثُمّ أن هناك؛ لفتة مهمة في الحديث، في قوله: ( ثُمّ خطب الناس بعدُ، فلما فرغ نبي الله نزل)؛ وهي:
أنه لا يتبادر إلى الذهن في أول وهلة؛ إلاّ أنه صلى الله عليه وسلم خطب خطبة واحدة، لا خطبتين. وفي قوله: ( فأتى النساء فذكرهن ).
هل يستطيع أحداً؛ أن يقول: أنها الخطبة الثانية؟!!
وإن قلنا أنه خطب على المنبر خطبتين!!،
فهل يستطيع أحداً؛ أن يقول: أن تذكيره صلى الله عليه وسلم النساء ووعظهنّ؛ خطبة ثالثة؟!!
وهل تذكير النساء ووعظهنّ في العيدين ـ مستقلين عن الرجال ـ واجب على الإمام؟!
وهل جرى على ذلك السلف الصالح ـ أعني؛وعْظ النساء مستقلين في العيدين ـ؟
فإذا لم يثبت حديث صحيح صريح في خطبتين للعيدين، وأن الآثار التي وردة في ذلك كلها لا تخلُ من ضعف في السند، ونكارة في المتن.
والحديث الصحيح، لم يذكر خطبتين للعيدين؛ بل وشِبه التصريح في الحديث بأنه: ثَمّ خطبة واحدة في "الفطر"؛ وذلك مفهوم قوله: ( ...خطب الناس... فلما فرغ... نزل فأتى النساء...) فلا يُفهم من سياق هذا الحديث الصحيح إلا خطبة واحدة للعيدين.
ومثل هذا جاء في الأثر من فعل الصحابي الجليل عبد الله الزبير رضي الله عنه فقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" والفاكهي في "أخبار مكة" وغيرهما وهب بن كيسان ، قال : "اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير رضي الله عنهما ، فأخر الخروج حتى تعالى النهار ، ثم خرج ، فخطب ، فأطال الخطبة ، ثم نزل ، فصلى ركعتين ولم يصل بالناس يومئذ الجمعة".
ومفهوم الأثر أنه خطب خطبة واحدة أطالها، ولو كان خطب خطبتين لذرها الراوي كما ذكر بعد ذلك بيان عدد الركعات، فقال: " فصلى ركعتين". والله اعلم.
قال محقق العصر الشيخ العثيمين رحمه الله : " وقوله: " خطبتين " هذا ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان؛ لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر، ظاهره أنه كان يخطب خطبتين .
ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهن، فإن جعلنا هذا أصلا في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه بعيد ؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهن لعدم وصول الخطبة إليهن،وهذا احتمال .
ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن ولكن أراد أن يخصهن بخصيصة ، ولهذا ذكرهن ووعظهن بأشياء خاصة بهن " انتهى من "الشرح الممتع" (5/191) .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيضاً: هل يخطب الإمام في العيد خطبة واحدة أو خطبتين؟
فأجاب:
" المشهور عند الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان، لحديث ضعيف ورد في هذا، لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، وأرجو أن الأمر في هذا واسع " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/246) .
وقال أيضاً (16/24 :
" السنة أن تكون للعيد خطبة واحدة، وإن جعلها خطبتين فلا حرج؛ لأنه قد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا ينبغي أن يهمل عظة النساء الخاصة بهن . لأن النبي عليه الصلاة والسلام وعظهن .
فإن كان يتكلم من مكبر تسمعه النساء فليخصص آخر الخطبة بموعظة خاصة للنساء، وإن كان لا يخطب بمكبر وكان النساء لا يسمعن فإنه يذهب إليهن، ومعه رجل أو رجلان يتكلم معهن بما تيسر " انتهى .
رد: هل من السلف من يقول بأن خطبة العيد خطبة واحدة ؟؟؟
جزى الله خيراً الإخوة الفضلاء على إثرائهم للموضوع ..
بيد أن نسبة القول بأن خطبة العيد واحدة إلى الخلفاء الأربعة والصحابة فيه نظر شديد .. فالنصوص التي يستشهد بها بعض فضلاء المعاصرين لم تزل تحت أنظار جهابذة الفقهاء متقدمهم ومتأخرهم ولم يفهم أحد منهم من عهد الحسن البصري وسعيد بن المسيِّب وعطاء إلى زمن ابن تيمية وتلامذته وابن حجر وحتى من بعدهم مروراً بالأئمة الأربعة وكبار تلامذتهم كل أولاء لم يفهموا هذا الفهم من النصوص كحديث ابن عباس وغيره بل أطبقوا على قول واحد فالمصير إليه دون غيره حتم واجب علينا في هذه الأعصر والقول بوجود الخلاف فرع عن إثباته بين من ذكرت من الأئمة والفقهاء من السلف والخلف .. والأمر يعدو مجرد إعمال القواعد الأصولية على ما صح من النصوص مجرداً من النظر إلى أقوالهم وفهومهم ..
وقديماً قال الإمام أحمد ناصحاً أحد طلابه: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام .. وقال أيضاً :كيف أقول ما لم يُقَل؟ ..
وروي عن محمد بن أبي بكر بن حزم أنه قيل له : لِم لم تقض بحديث كذا ؟ فيقول : " لم أجد الناس عليه" ...
ونُقل عن النخعي قوله :" لو رأيت الصحابة يتوضؤون إلى الكوعين (أي: الرسغين) لتوضأت كذلك ، وأنا أقرؤها إلى المرافق ". فتأمل كيف اتهم النخعي وهو من أعلام الفقه والحديث فهمه للنص الواضح الصريح وجعله تبعاً لفهوم من سلفه من أهل العلم غير خارجاً عنهم فيه ..
وقَالَ مَالِكٌ رحمه الله تعالى الْعِلْمُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ مَعْرِفَةُ السُّنَنِ وَالْأَمْرِ الْمَاضِي الْمَعْرُوفِ الْمَعْمُولِ بِهِ .
وقد نقل الذهبي _ رحمه الله _ في السير كلاماً لابن خلكان في ترجمة الداركي ثم تعقبه بكلام نفيس جِدُّ نفيس إليكه:" قال ابن خلكان عن الداركي: ... وكان ربما يختار في الفتوى، فيقال له في ذلك، فيقول:ويحكم! حدث فلان عن فلان، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا وكذا، والأخذ بالحديث أولى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة.
قلت (أي الذهبي) :هذا جيد، لكن بشرط أن يكون قد قال بذلك الحديث إمام من نظراء الإمامين مثل مالك، أو سفيان، أو الأوزاعي، وبأن يكون الحديث ثابتا سالما من علة، وبأن لا يكون حجة أبي حنيفة والشافعي حديثا صحيحا معارضا للآخر. أما من أخذ بحديث صحيح وقد تنكبه سائر أئمة الاجتهاد، فلا، كخبر:(فإن شرب في الرابعة فاقتلوه)، وكحديث (لعن الله السارق، يسرق البيضة، فتقطع يده).".
هذا كله مع الاعتراف بفضل علمائنا المعاصرين ممن ذهبوا للقول بأن خطبة العيد واحدة ... لكنهم هم أنفسهم من علمنا لزوم الرجوع للسلف واقتفاء آثارهم وعدم التفرد بأقوال لم نجدها عندهم وكذا عدم الجمود على قولٍ استبان لنا ضعفه وترك التعصب ونبذه .. والله الموفق وهو أعلى وأعلم ...
تعليق